Skip to main content

Full text of "مكتبة محمد علي الصابوني"

See other formats


ا ممه .ممست اعحس د سه : 





٠.‏ مخاضرات فيعلوم القرا من ْبحث عن نزوله وتد وينه 
وجمعهو إججازه وعر التفسيروامفسرير. مهم رذشبهات المستشرقين 
بأسلوبيجِمك بين الجدة والتحقيق 


اشح مهدي الضابو زمه 
الأستاذ بكلية الشربية والرراسات الإسلامية 
ببلةالكهرة (سابتا) 


- >2 :جر 4 مسد 








محاضرات في علوم القرآ رن ؟بحث عن نزوله وتد ويينه 
وجمعه وإجازه وك التفسيروالمفسرر._هح رذشبهات المستشرقين 
بأسلوب يجمع بين الجدة والتحقيق 


للشيماح محتدكا الضما بو ل حفظه الله 
الأستاذبكلية الشربية والرراسات الإسلاسية 
بملة الكرة (سابقا) 


طبعة وريرة #اية ماوئة 





اسم الكتاب 
تأليف 

الطبعة الأولى 
الطبعة الجديدة : 
عدد الصفحات : 


: التبيان في علوم القرآن 

: للشيخ محمد علي الصابوني حنظ الله 

ء”م٠١/ه‎ ١ : 

؟ه/) أاواء 

5 السعر -/150 (وبية 





ٍّ ) 
محم بقع 
دور 
للطباعة والنشر والتوزيع 


”7 515111684-لق 


©3] ةط الثم 7230المقطملا أقطلنمط6 
(.58690) أؤ5ل11 

,731أنا0ل-1-6هأذ5أانات 5/لأ208/10ل8 01/658685 ,2-3 
مهاذاكاة2 -أداع33)! 


الهاتف: 92-21-37740738+ ,92-21-34541739+ 

الفاكس: 92-21-34023113+ 

الموقع على الإنترنت: 6ام.5/98.6000 ناا -انا!- 13161868 بببدييا 
ام .6010 . 853518 طق (اطاأ. بعيياييا 

البريد الإلكتررني: >ام.)©511:8©26[/567.0ناماه 

يطلب من 

مكتبة البشرئء كراتشي. باكستان 92-321-2196170+ 

مككتبة الحرمينء اردو بازارء لاهور. 92-321-4399313+ 

المصباحء -١١‏ اردو بازارء لاهور. 92-42-7124656,7223210+ 

بك ليدل» سي بلازه كالج روةء راولبتذى. 5557926 ,92-51-5773341+ 

دار الإخلاصء نزرد قصه خخوانى بازار» يشاور. 92-91-2567539+ 

مكتبة رشيدية» سركي روةء كولته. 92-333-7825484+ 


وأيضًا يوجد عند جميع المكتبات المشهورة 


مقدمة الطبعة الرابعة ف 
بسو الله الرحمن الرحيه 


مقدمة الطبعة الرابعة 

الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجاء والصلاة والسلام على 
عبده ورسوله محمد المبعوث هاديا ورحمة للعالمين» فكان نعم المبلغ للرسالة ونعم المؤدي 
للأمانة» وكان بالمؤمنين رؤوفا رحيما. 
وبعدء فالقرآن الكريم هي المعجزة الخالدة وآحر الكتب السماوية الذي لا يأتيه الباطل من بين 
يديه ولا من خلفه. فقد اعتئئ به العلماء اعتناء خاصا منذ الرعيل الأول للمسلمين» وتناولوه 
قراءة وحفظا وتعليما وتفسيراء وإبرازا لغامضه وما خحفي من المعاني» وإظهارا لوجوه بيانه. 
ومعرفة لأسباب نزوله» وناسخه ومنسوخه. ورسمهء وتأريخ نزوله وتدوينه إلى أن نضحت 
العلوم والفنونء وتقدم موكب الحضارة والتمدن» فتشعبت العلوم والفنون؛ء فأصبح كل فرع 
متشعب يصب في مصبه. 
ومادة علوم القرآن أيضا وليدة هذا التطور العلمي والتشعب الفئ؛ وألفت مئثات الكتب في 
هذا الموضوع قديما وحديثاء والكتاب هذا أي "التبيان في علوم القرآن" في الحقيقة مجموعة 
محاضراته الى ألقيتها على طلاب الجامعة» ثم رتبت هذه المحاضرات وطبعت لعموم الفائدة» 
وقد منحها الله سبحانه وتعالى قبولا حسنا فانتشرت ف العالمء وبدأ الناس يطبعوفها في بلاد 
أخرى أيضا بعد المملكة العربية السعودية» والتفت إليها بعض الناس في باكستان أيضا 
فطيعوهاء فوحجدها العلماء والطلاب نافعة ومفيدة» ورأوها بنظر الإعجاب. 
وما أن أصحاب مكتبة البشرى تحمّلوا على عواتقهم مسؤولية إخراج الكتب الدينية في ثياب 
حديدة وحلل قشيبة» فالتفتوا إلى طباعة هذا الكتاب أيضاء فأخرجوه في طبعته الرابعة مع 
بعض التعديلات الى رأها بعض العلماء مفيدة ونافعة للقراء» واستشارون في هذا الأمر أيضاء 


مقدمة الطبعة الرابعة 0 
وكانوا معي دائم الاتصال عبر الحاتف, فالتعديلات الي تم إنحازها في هذا الكتاب كالتالي: 

© الترتيب الحديد للفصول. 

» تعديل بسيط ف علامات الترقيم. 

توضيح الكلمات الصعبة في الحوامش. 

٠‏ تخريج أحاديث الكتاب. 

ذكر عناوين رئيسية وفرعية على رأس كل صفحة. 
ولم يتم أي تغيير بعد في هذا الكتاب على ما كان عليه في الطبعة الثالثة. 
وأخيراً أشكر لفضيلة رئيس وفاق المدارس العربية بباكستان ومسؤوليه بأفهم احتاروا هذا 
الكتاب لمنهجهم ف مادة علوم القرآن» وأشكر لأصحاب مكتبة البشرى أيضا على طباعته 
قوب اذيك وبورق: أنيق» واعكيواا بيه اعسناء: كيرا يمعكته» وأسال اه «سبحانه وتفال أن 
يحزيهم حير الجزاء على هذا العمل الحليل؛ والله ولي التوفيق. 


لتمٍمٍس٠عمسشا‏ لله 


ا عام 
الجيع بيد على الضابوي 


هاه 


مقدمة الطبعة الثالثة 0 


يس الله الرحمن الرحيه 
مقدمة الطبعة الثالئة 

الحمد لله أنزل كتابه المبين» تبيانا لكل شيءء وهدى ورحمة للمؤمنين» والصلاة والسلام 
على أشرف الأنبياء والمرسلين» المبعوث رحمة للعالمين» وعلى آله وأصحابه, شموس الهداية» ونحوم 
العرفان» والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين» وسلّم تسليماً كثيرا. 
أما بعد» فإن القرآن العظيم معجز ة "محمد" وي الخالدة» وحجته الدائمة؛ الناطقة يبصدق رسالته؛ 
وهو البرهان على أنه الوحي الإلمي» المنزل على هذا النبي الأميّ» الذي لم يتلق علما على يد 
إنسان» ولا عرف له صلة بأحد من علماء أهل الكتاب؛ وهو مع ذلك لا يعرف القراءة ولا 
الكتابة» وجاء يمهذا الكتاب المعجزء كبرهان ساطعء ودليل قاطع؛ على أنه وحي من عند رب 
انب وزو "تن كر بون لديز كات دلا خط حفولت إذا لأذكات اللطارد اح 
آيَاتٌ ينات فِي صُدور لذن ونوا العلم وما يَححَد يآياتِنا إل الظَالِمُونَ» (العنكبوت: 49)148). 
وقد حوى هذا القرآن العظيم علوماً ومعارف» وجاء بأحكام وتشريعات في معابجخة الأمراض 
الاحتماعية» والاقتصادية؛ والسياسية» تحير الألباب. ويعجز عن محاكاتها ويجحاراتها فطاحا") 
النبغاء والعلماء» وفيه من الوحوه الييانية والبلاغية ما لا يستطيعه فرسان البلاغة» وفحول الأدباء, 
وأهل الكلام» ولهذا كان من الجدير بالمشتغلين بالدراسات القرآنية أن ييّنوا للناس ما حواه 
هذا القرآن المحيد من أصول العلوم والمعارفء وأن يوضحوا وجوه الإعجاز في سوره وآياته. 
وقصصه وأخباره» وف أسلوبه وبيانه» وسائر ما حواه من كنوز ودقائق. 
هذا وقد تناولت ف هذا الكتاب "التبيان في علوم القرآن" بعض هذه النصائص والمزاياء 
وفصلت فيه شيئأ من أسرار هذا الكتاب المعجز في دراسي لعلوم القرآن» وأخرحته في فصول 


قطاجل جمع فِطحَل؛ السيد العظيم والضّححةٌ الممتلىئ الجسم والغزيدُ العلم. (المنجد: 4 19). 


مقدهمة الطعة العالثة 5 
عشرة؛ هي كما يراه القارئ: 
الفصل الأول: التعريف بعلوم القرآنء وبيان فضائل القرآن» وآداب حملته وحفظته. 
الفصل الثاني : معرفة أسباب النزول» وفوائد معرفة الأسباب في فهم آيات الكتاب» وأمثلة ذلك. 
الفصل الثالث: في حكمة نزول القرآن ابحيد مفرّقاء واحتلافه عن الكتب السماوية السابقة المئزّلة جملة. 
الفصل الرابع: جمع القرآن العظيم في عصر النبوة» وجمعه في مصاحف متعددة في زمن أي بكرطه. 
ثم في مصحف واحد زمن عثمان دأنه. 
الفصل الخامس: النسخ في القرآن الكريم؛ ومعيئ النسخ. والحكمة التشريعية من نسخ الأحكام. 
الفصل السادس: التفسير والمفسرون. وأنواع التفسير بالرواية والدراية» وشروط المفسر 
لكتاب الله الحليل. 
الفصل السابع: في التفسير الإشاري» وموقف العلماء منه» والفرق بين الإشاري والتفسير 
الباطبي» وغرائب التفسير. 
الفصل الثامن: في أشهر كتب التفسير "بالرواية والدراية والإشارة"؛ والتعريف .زايا كنب التفسير. 
الفصل التاسع: بحث حول ترجمة القرآن العظيم؛ وما يحل منهاء وما يحرم» وشروط الترجمة. 
الفصل العاشر: نزول القرآن على سبعة أحرفء والقراءات السبع المتواترة» وأشهر القرّاء من 
الصحابة والتابعين ها . 
والله أسألٌ أن يجعله خالصاً لوحهه الكريم» وأن ينفع به إخواننا المؤمنين؛ ويرزقنا العمل الصالح 
بكتابه المبين؛ ليكون لنا ذخخرا يوم الدين يوم لا ينفع مال ولا بنونء إلا من أتى الله بقلب 
سليمء وهو حسبنا ونعم الوكيل. 
مكة المكرمة / غرة رحب الفرد سئة )١14٠04(‏ هل 
وكتبه نخادم الكتاب والسنة 
تشبخ جه على العتابوي 
الأستاذ يجامعة أم القرى بمكة المكرمة 


الفصل الأول ١‏ علوم القرآن 
الفصل الأول: 

علوم القرآن 
نيد : 
يقتضينا علم التفسير أن ثلم إلمامة موجحزة ب "علوم القرآن": وأن نعرف ما رافق هذا الكتاب 
المجيد من عناية فائقة» وجهود واسعة, وأبحاث مستفيضة, بُذلت كلها في سبيل خدمة هذا 
الكتاب العزيز على أيدي أساتذة أعلام» وعلماء فطاحلء أفنوا أعمارهم في سبيل الحفاظ على 
هذا التراث الكريم, والكنز الثمين من لدن عصر نزول القرآن إلى يومنا هذاء ثم انتقلوا إلى 
حوار الله» وقد خلفوا لنا ثروة علمية هائلة» لاينضب معينهاء ولا تنتهي دررها على كر الدهور 
وم الأزمان» ومع كل هذه الجهود المبذولة - في القدم والحديث - فإن القرآن يبقى بحرا 
ذاخراء يحتاج إلى من يغوص في أعماقه؛ ليستخرج منه اللآلي والدرر. 
ولقد تسابق الفصحاء والبلغاء» والحكماء والشعراء في وصف هذا القرآن؛ وسرد محاسنه 
وفضائله: ولكننا لا بحد أبلغ ولا أسمى من وصف صاحب الرسالة "محمد بن عبد الله" صلوات 
الله وسلامه عليه حيث يقول: 
"كتاب الله فيه نبأ من قبلكم» وخبر ما بعدكمء وحكم ما بينكم؛ هو الفصلء ليس بالمزل» من 
تركه من جبّار قصمه الله» ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله هو حبل الله المتين» وهو الذكر 
الحكيم» وهو الصراط المستقيم» وهو الذي لا تزيغ به الأهواء» ولا تلتبس به الألسنة» ولا يشبع منه 
العلماء» ولا يخلق7" على كثرة الردء ولا تنقضي عجائبه» وهو الذي ادلم تنته الجن إذ سمعته 
حى قالوا: إإنا سَمِعْناقْآنأَعَحَبايَهْدِي ِلَى الرُشْدٍ فَآمنَاب» الحن:٠-»؛‏ من قال به صدق» ومن عمل 
به أحرء ومن حكم به عدل» ومن دعا إليه هدي إلى صراط مسستقيم". (رواه لترمذيء في باب: "فضائل القرآن”). 


أي: لا ييلى ولا تذهب حدته على كثرة القراءة والترداد. 


علوم القرآن / تعريف القرآن 
ما المقصود بعلوم القرآن؟ 
يقصد بعلوم القرآن الأبحاث ال تتعلق يمذا الكتاب المحيد الخالد من حيث النزول والجمع؛ 
والترتيب والتدوين» ومعرفة أسباب النزول» والمكيّ منه والمدنيٌ» ومعرفة الناسخ والمنسوخ. 
والمحكم والمتشابه» وغير ذلك من الأبحاث الكثيرة الي تتعلق بالقرآن العظيم» أو لها صلة به. 
والغرض من هذه النتراتة فهب. كلام الله عن وجل على ضوء هما خاء عن الرسول ك3 من 
توضيح وبيان» وما نقل عن الصحابة والتابعين دّد حول تفسيرهم لآيات القرآن» ومعرفة 
طريقة المفسرين» وأساليبهم في التفسير مع بيان مشاهيرهم» ومعرفة خصائص كل من 
المفسرين» وشروط التفسيرء وغير ذلك من دقائق هذا العلم. 
تعريف القرآن: 
"هو كلام الله المعجز المنزّل على خاتم الأنبياء والمرسلين بواسطة الأمين جبريل عفك؛ المكتوب 
في المصاحفء المنقول إلينا بالتواتر» المتعبد بتلاوته» المبدوء بسورة الفاتحة» المختتم بسورة الناس". 
وهذا التعريف متفق عليه بين العلماء والأصوليين. 
أنزله الله تبارك وتعالى؛ ليكون دستورا للأمة» وهداية للخلق» وليكون دليلا على صدق 
الرسول ف وبرهانا ساطعا على نبوته ورسالته» وحجة قائمة إلى يوم الدين» تشهد بأنه تنزيل 
الحكيم الحميد» بلى هو المعجزة الخالدة» الى تتحدى الأحيال والأمم على كر الأزمان ومرٌ 
الدهور, ولله در "شوقي" حيث يقول: 

جاء النبيُون بالآياتِ9" فانصرمت”> ١‏ وحثتنًا بكتاب غير هنصرم 

آيائه كلما طال المدى"” حددٌ ‏ يزيُنهن جمال العتق والقدم 
('' المراد بالآيات هنا: المعجزات ال أيد الله كما رسله الكرام. 


)0 انصرمت: أي ذهبت بذهابهم وانقصت بوفاتهم» فلم يعد لها وجود. 


(" المدى: الزمان الطويل. 


علوم القرآن . فضائل القرآن 
فضائل القرآن: 

وقد وردت آثار كثيرة في فضائل القرآن وعلومه؛ منها ما هو متعلق بفضل التعلّم والتعليم؛ 
ومنها ما هو متعلق بالقراءة والترتيل: ومنها ما له علاقة بحفظه وترحيعه. كما وردت آيات 
عديدة في كتاب الله عزوجلء تدعو المؤمنين إلى تدبره وتطبيق أحكامه» وإلى الاستماع 
والإنصات عند تلاوته» نذكر بعض هذه الآيات الكرية» والأحاديث الشريفة. 

الأيات الكرعة: 

أولا: قال تعالى: «إن لدي يتْلُونَ كِتَاب الله وَأقَامُوا الصّلاة وَأنفقوا مِما رَرْقنَاهَجْ مسرا وَعَلانِيَة 
دحوت تَحَارَ ل نبور (فاطر:1). 

ثانيا: وقال تعالى: #وَإِذَاقر القن فَاسْتَمِعُو اله وَأَنْصِيُو الك سكو ن# (لأعراف: ١4‏ 1). 

ثالغا: وقال تعالى: لأفلا يَتَدبَرُونَ الْقدآنَ أَمْ عَلَى قوب أََقَالّهَا» رصد:.ى. 

الأحاديث الشريفة: 

أولا: وقال كَل "خيركم من تعلّم القرآنَ وعلّمه" «رواه البحاري). ثانيا: وقال يلد "الماهر 
بالقرآن مع السّفرة الكرام البررة» والذي يقرأ القرآن» ويتعتع فيه - أي تصعب قراءته عليه لِعَىّ 
لسانه - وهو عليه شاق له أحران”". (رواه البحاري ومسلم). ثالثا: وقال أيضا: "أشراف أمي حملة 
القرآن". (رواه الترمذي).رابعا: وقال أيضا: "اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأ يوم القيامة شفيعا لأصحابه". 
(رواه اترمذي). خخامسا: وقال أيضا: "مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن» كمثل الأتدجة 27 ريحها 
طيب» وطعمها طيب" . (متفق عليه). 

سادسا: وقال أيضا: "إن هذا القرآن مأدبة الله فتعلموا من مأدبته ما استطعتم..." دفن عليم. 

وينبغي للدارس لعلوم القرآن أن يتأدّب بآداب القرآن» ويتخلق بأخلاقه» ويكون غرضه من 


9 ار ج: شحر يعلوء ناعم الأغصان والورق والثمرء وثمره كالليمون الكبارء وهو ذهبي اللون» ذ كي الرائحة؛ 
حامض الماء. (المعجم الوسيط: 4). 


علوم القرآن 1 وجه الدسمية 
وراء العلم رضوان الله والدار الآخرة» لا حطام الدنياء وأن يعمل .ما فيه؛ ليكون حجة له يوم 
القيامة» فقد صح في الحديث الشريف: "القرآن 38 لك أو عليك"”0"©. 
قال شيخ الإسلام ابن تيمية سقه: "من لم يقرأ القرآن فقد هحرهء ومن قرأ القرآن ولم يتدبر 
معانيه فقد هجره؛ ومن قرأه وتدبره ول يعمل هما فيه فقد هجره". يشير بذلك إلى قوله تعالى: 
لقال الدشول ا رب إن قَوْمِي انَحَذُوا هذا القَءآنَ مهجورا»ك (الفرقان: . 7). 
أسماء القرآن: 
للقرآن الكرع أسماء عديدة» كلها تدل على رفعة شأنه وعْلو مكانته» وعلى أنه أشرف كتاب 
سماوي على الإطلاق» فيسمى: "القرآن" و"الفرقان" و"التنزيل" و"الذكر" و"الكتاب"...1. 
كما وصفه الله تبارك وتعالى بأوصاف جليلة عديدة. 
منها: "نور" و"هدى”" و" رحمة" و"شفاء" و"موعظة" و"عزيز” و"مبارك" و'بشير" و'نذير"... 
إلى غير ذلك من الأوصاف الى تشعر بعظمته وقدسيته. 
وجه التسمية: 
أ- أما تسميته ب"القرآن" فقد جاء في آيات كثيرة» منها: 
قوله تعالى: إقء وَالْقَرَآنِ الْمَحِيدِ» رق:0). 
وقوله تعالى: إن هذا الْقرّآنَ يهدِي لني هي قوم (الإسراء: 9). 
ب-._أما تسميته ب" الفرقان" ققد حاء في قوله تعالى: تار اي ّلق على عند 
ليكوت لِلْعَالَمينَ نَذِير أ (الفرقان:١).‏ 
ج- وأما تسميته ب"التنزيل" ففي قوله تعالى: ونه ريل رَبٌ الْعَالْمِينَ» نَزْل به 
الوح مين 4 (الشعراء: 88-185 .)١‏ 


)0 انظر "تفسير القرطي" ازع الأول. 


علوم القرآن ١‏ وجه التسمية 
د- وأما تسميته ب"الذكر" ففي قوله تعالى: نا نحن حنم نُرلنَا الذّكْرَ وَإِنا لَهُ َحَافِظونَ4 
(الحجر: ؟). 
ه- وأما تسميته ب"الكتاب" ففي قوله تعالى: «#حم وَالْكُتَابِ الْمُِينِ نا أنْرَلْنَاهُ في يل 
مبَاركة. .. :© (الدخحان: ؟8-9). 


وأما الأوصاف فقد ورد فيها آيات عديدة» وقلما تخلو سورة من سور القرآن من وصف رائع 
بحيد لهذا الكتاب الذي أنزله رب العزة؛ ليكون معجزةٌ حالدة لخاتم الأنبياء. نذكر منها: 

أولا: قوله تعالى: «يآ أيه الثاس قد جَاءَ كم يهان مِن رَبك وَأَنَْنَا يكم : نور مُبين» (النساء: 4 11). 
ثانيا: وقوله تعالى: «إو من 41[ واقا نطو قناء ورخمة للتزعي ولا ردي الطالهين إلا 
حَسَارا»# (الإإسراء: 5 8). 

ثالغا: وقوله تعالى: ظفل هو لِلَِّينَ آمنُوا هُدىّ وَشِفَاءٌ (نصلت:44). 

رابعا: وقوله تعالى: فيا أيهَا الَّاسسّ قد جَاءَنْكَمْ مَوْعِظة مِنْ رَبَكُمْ وَشَِاءً لما في الصَدُور وَهُدىّ 
وَرَحْمَة لَلَمُوْ مِنِينَ]» (يونس:07). 

والقرآن كالقراءة» مصدر: قرأ قراءة وقرآناء هكذا يرى بعض العلماء» ويستدلون بقوله تعالى: 
«إن عَلَينَ حَمْعَه وَقَرْآنَهُ فَإذَا قرَأَناهُ فَاتَبعْ قرْآنَهُ)4 (القيامةه17.1) أي: قراءته. فالقرآن على هذا 
الرأي يكون مشتقا. 

ويرى بعض العلماء: أنه ليس مشتقا من قرأء وإنما هو "اسم علم" لهذا الكتاب المحيد» فهو مثل 
"التوراة"» ومثل اسم "الإنحيل"؛ وهذا رأي الإمام الشافعي دلهه. انظر كتاب "مباحث القرآن" 
للأستاذ منّاع القطان. 

مي ابتدأ نزول القرآن؟ 

كان بدء نزول القرآن الكريم في السابع عشر من رمضان لأربعين سنة خلت من حياة النبي 
الأمي محمد كد فبينما كان رسول الله يكُةٌ يتتحنث - أي يتعبد - في غار حراءء إذ نزل 


علوم القرآن ١‏ ابتداء نزول القرآن 
عليه الوحي - جبريل الأمين - بآيات الذكر الحكيم؛ فضمّه إلى صدره ثم أفلته - فعل ذلك به 
ثلاث مرات - وهو يقول له في كل مرة: قرأ والرسول الكرم لد يجيبه: : "ما أنا بقارعع" 
أي: لست أعرف القراعة؛ وف لمر الثالئة قال له: مطاقرا يام رم َ الذي حلق» حَلقَ الْإنْسَانَ مِنْ 
عَلَق الرَأوَرَبكَ لمكم 7 الَذِي عَلَمباَْلَم لم الإنسَانَ مالم يعْلم4 (العلق: .)0-١‏ 

فكان ذلك بدء الوحيء وبدء نزول القرآن؛ ولقد سبق نزوله بعض الإرهاصات - أي الإشارات 
والدلائل - الي تدل على قرب الوحيء وتحقق النبوة للرسول الكريم يل. 

من هذه الدلائل: "الرؤيا الصادقة” ف النوم, فكان و لا يرى رؤيا إلا وقعت» كما رآاها 
في منامه. ومنها: "حبه للعزلة والخلوة". فكان يخلو بغار حراء» يتعبد ربه فيه. 

رواية البخاري: 

وقد أحرج البحاري في صحيحه. في باب "بدء الوحي”" ما يشير إلى هذاء وإلى كيفية نزول 
القرآن» حيث روى بسنده عن عائشة أم المؤمنين ها أنما قالت: 

"آول ها بدعةايه .سول الله م الوحي: الرؤيا الصالحة في النومء فكان لا يرى رؤيا إلا 
حاءت مثل فلق الصبحء”2؟ ثم حُيّب إليه الخلاءء”" وكان يخلو بغار حراء» فيتحنث فيه - وهو 
التعبد - الليالي ذوات اليد قبل أن ينزع”" إلى أهله. ويتزود لذلك؛ ثم يرحع إلى خديجة 
فيتزود لمثلهاء حي جاءه الحق وهو في غار حراءء فجاءه الملك7" فقال: اقرأء قال: ما أنا 
بقارئ؛ قال: فأحذن فغطّني ”2 حى بلغ مين الجهدء ثم أرسلين» فقال: اقرأء فقلت: ما أنا 
بقارئ» فأحذني» فغطي الثانية» حب بلغ مئ الجهد» ثم أرسلنء فقال: اقرأء قلت: ما أنا 
بقارئ» فأحذي», فغطئ الثالثة» ثم أرسلئ» فقال: افر | .ياشم رَبك الى حَلقَ (العلق: ))١‏ 
فرجع يما رسول الله ود يرجف فؤاده..." (صحيح البخاريء الجزء الأول). 


أي وو الصباح وضياؤه. 7" الخلاء: أي العزلة. 5 ينرع: أي يرجمع. 
الملك: المراد به حبريل مكل زه فغطين: أي ضمئ إلى صذرهة. 


علوم القرآن لذ أول ما نزل, وآخر ما نزل 
ونزول القرآن في شهر رمضانء وفيه نص صريح واضح في كتاب الله عز وجل» حيث 
يقول عز من قائل: ظشَهْرُ رَمَضَانَ الَذِي أَنْزِلَ فيه الْقَرْآنْ هُدىّ لَلنّْسٍ وَيِيَْاتٍ مِنَ 
الْهُدى وَالمَرْقَانِ» (البقرة: 426 .)١‏ 

وأما كون الملك الذي نزل به هو "حبرئيل' عقكلا» فقد ثبت أيضا بنص صريح في القرآن» وهو: 

قوله تعلق: تر به السرُوخ الم عَلَى َلك كود مِنَ امن بلتَافٍ مسر 
مين 4 (الشعراء: 56-1915 ,)١‏ 

وقوله تعالى: #قل نرَّلَهُ رُوحُ الْقدْسٍ من رَبك بالْحَقَّ ليت الذِينَ آمَبُوا وَصُدي وَبُشْرَى 
لِلْمُسْلِمِينَ4 (النحل: .)٠١ ١‏ 

والمراد بالروح الأمين أو روح القدسء إنما هو "حبرئيل" ع3 باتفاق المفسرين» فهو أمين الله 
على وحيه. وهو الذي نزل بالوحي على جميع الأنبياء والمرسلين» صلوات الله عليهم أجمعين. 


أول ما نزلء» وآحر ما نزل: 

أول ما نزل من القرآن الكريم الآيات الأولى من سورة العلق: اقرأ يام رَبك ...© (العلق:١-ه)‏ 
كما مر سابقا في حديث البخاري» وأما آخر ما نزل من القرآن» فهو قوله تعالى: «واتقوايؤماً 
وْحَعُونَ فيه إلى الى كُلُنَفْس ما كسَبَتْ وَهُحْ لايُظلَمُونَ» (البقرة: .)181١‏ 

هذا هو الصحيح الراحح الذي اختاره العلماء» وعلى رأسهم "السيوطي"؛ وهو منقول عن 
حبر هذه الأمة عبد الله بن عباس دحّفاء فقد أخرج النسائي عن عكرمة عن ابن عباس هما أنه 
قال: "آحر شيء نزل من القرآن: «إوَائَقوا يَوْما ُوْجَعُونَ فيه إلى اللّه...4 (لبقرة:١»)»وقد‏ عاش 
النبي يعد بعد نزول هذه الآية تسع ليالء ثم مات ليلة الاثنين في الثالث من ربيع الأول"2"0. 
وأما قول بعضهم: إن آخحر ما نزل من القرآن قوله تعالى: ##الْيوْم أَكْمَلْتُ لكمْ يكم وَأَنْمَمْتُ 
عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلام ديناً...4 (المائدة:)» فهو رأي غير صحيح؛ لأن هذه الآية 


27 انظر كتاب "الإتقان في علوم القرآن" للسيوطي: .)87/١(‏ 


علوم القرآن ١‏ آية المائدة 
الكريمة نزلت على رسول الله 26 في حجة الوداع» وهو واقف بعرفة» وقد عاش كك بعدها 
واحدا وثمانين يوماء وقبل وفاته بتسع ليال نزلت آية البقرة: «إوّاتَقوا يَؤْماً...4» فتكون هي 
آخر ما نزل» لا آية المائدة» وهذا هو الرأي الصحيحء وبنزول هذه الآية الكريعة انقطع الوحي» 
فكان ذلك آخر اتصال السماء بالأرضء وانتقل الرسول كك إلى الرفيق الأعلى بعد نزول نختام 
القرآن» بعد أن أدى الأمانة» وبلغ الرسالة» وهدى الناس إلى دين الله. 

آية المائدة متأخرة في النزول: 

وتما يدل على أن آية المائدة نزلت في حجة الوداع ما ورد في "صحيح البحاري" أن يهوديا حاء 
إلى عمر بن الخطاب ذه فقال: يا أمير المؤمنين! آية في كتابكم, لو علينا -- معشراليهود - 
نزلت» لاتخذنا ذلك اليوم عيداء فقال عمر: وأي آية تعين؟ قال: قول الله تبارك وتعالى: 
فيزم أختلث لم مك وسنت عَكُمْ تي وَرَضيتُ كم إلا دينا...4, فقال له 
عمر: "والله إن لأعلم المكان الذي نزلت فيه؛ والساعة الي نزلت فيهاء نزلت هذه الآية 
ورسول الله ود بعرفة في يوم الدمعة بعد العصر””: أي إفها نزلت في يوم» هو من أعظم 
الأعياد الإسلامية» فهو عيد على عيد. 


لنبيه : 

أورد العلامة السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" بعض الإشكالات على أول ما نزل 
من القرآن وآحر ما نزل؛ وأحاب عنها بأحوبة سديدة» نلخصها فيما يلي: 9 

-١‏ الإشكال الأول: أنه روي ف الصحيحين من حديث حابر بن عبد الله فقن أنه سكل: أي 
القرآن أنزل قبل؟ قال: يا أَيُهَا الْمَدء رج «المدثر: ١‏ فقيل له: بل ٠اقرَا‏ إباسم بك الّذِي 
خَلقَ (العلق: ,)١‏ فقال: أحدثكم ما حدثنا به رسول الله كل قال رسول الله كك "إن حاورت 


)1( انظر صحيح البخاري؛ باب التفسير. 
انظر "الاتقان في علوم القرآن" للسيوطي: (0/9/1. 


علوم القرآن 18 تنبيه 
بحراء» فلما قضيت جواري» نزلت» فاستبطنت الوادي» فنظرت أمامي وخلفي» وعن عي 
وشمالي» ثم نظرت 3 السماء» فإذا جبرئيل» فأخذتئ رحفة: فأتيت خديجة» فأمرقم, فدثروني» 
فأنزل الله هيآ أَيّهَا ١ل‏ لمُدنّدُ". فهذا الحديث يدل على أن سورة المدثر هي أول ما نزل من 
القرآن. وقد أجاب عن ذلك السيوطي بقوله: 

ويجاب عن هذا الحديث بأحوبة: 

أحدها: أن السؤال كان عن نزول سورة كاملة» فبين أن "سورة المدثر" نزلت بكماها قبل 
نزول ثمام سورة ة #اقراً4؛ ها أول ما نزل منها صدرهاء ويؤيد هذا ما في الصحيحين عن 
حابر بن عبد الله أنه قال: سمحت رسول الله كُ - وهو يحدث عن فترة الوحي - فقال في 
حديثه: "بينا أنا أمشي معت صوتنا من السماءء فرفعت رأسيء فإذا الملك الذي جاءني بحراء 
حالس على كرسي بين السماء والأرض» فرجعت» فقلت: زملوئء فأنزل الله «إيَا أَيْهَا 
الْمُدنّدك".”" فقوله: الملك الذي جاءن بحراء» يدل على أن هذه القصة متأخرة عن قصة حراء 
ابي نزل فيها: ظاقرأ بام رَبك ؛ ثم سرد أجوبة أخخرى؛ لا حاجة إلى ذكرها. 

- وأما الإشكال الثاني: فهو أن أية المائدة وهي قوله تعالى: اليم أَكْمَلْتُ لك ديتكة....4 تدل 
على أن الدين قد كمل وتم فكي فكيف تنزل بعد ذلك آيات» ونقول: إنها حتام القرآن؟ 

والجواب عن ذلك أن الله عز 1 قد أكمل الدين ببيان الفرائض والأحكام, وبيان الحلال 
والحرام» فما تحتاج إليه رار وفصل أحكامه, حي أصبحوا على "المحجة 
البيضاء"» وهذا لا ينافي أن تنزل بعض الآيات الكريمة الي فيها التذكير والتحذير من عذاب 
الله وفيها تذكير الناس بالوقفة الكبرى بين يدي أحكم الحاكمين في ذلك اليوم الرهيب» الذي 
لا ينفع فيه مال ولا بنونء إلا من أتى الله بقلب سليم؛ وقد صرح بهذا جماعة من العلماء حى 
قال السدي: "لم ينزل بعدها حلال» ولا حراه".9) 


('» انظر 5 البخاري» باب التفسير. 0 انظر "الإتقان": (85/1). 


علوم القرآن 0000١‏ أول ما نزل أول ما نزل في القعال 


أول ما نزل في القتال» والخمر» والأطعمة: 

أولا: نزلت ف القتال آيات عديدة» ولكن هذه الآيات الي نزلت ف شأن القتال كلها مدنية؛ 
لأن المسلمين - في مكة - كانوا في حالة ضعف, فكان جهادهم للأعداء باللسان لا بالسنان» 
ولم يسمح لهم بقتال الأعداء إلا بعد ال هجرة بعد أن تقوى المسلمين وكثرواء وأصبح لهم دولة في 
المدينة المنورة» فتزل عند ذلك الإذن بالقتال» وأول آية نزلت في القتال: هي قول الله تبارك وتعالى 
في سورة الحج: ٍأؤد دين فاو نّم ظُلمُوا ون على ضرح دير نِمو من 
دارم بر حق إلا أن يووا ربا اله وَلوْلا دف ال لتم بَعضّهُم يبغض لَهَدّمَتْ صوَاوع وي 
وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاحِديذْكرُ يها اسْمٌاللّهكبيراوَلينْصرَن الم ينْصرُة إن اهموي عير (الحج: ١:55‏ 4). 
فأنت ترى في هذا النص الكريم ما يوضح الحكمة من مشروعية الإذن بالقتال» فلم يكن القتال 
إلا دفعا للظلمء ودفعا للعدوان» ولم يشرع إلا دفاعا عن المظلومين» وردعا للمعتدين كما هو 
صريح النص الكريم. 

ثانيا: وأما الخمرء فقد نزلت فيها آيات عديدة؛ وكان أول ما نزل فيها: قول الله تعالى في 
سورة البقرة 9يَسْأَلونَكَ عَنٍ الْحَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قل فيهما إنْمْ كبر وَمََافِعُ لئاس وَِنمُهُمَا أكْبرُ من 
نفعهِمًا. ...© (البقرة:5 .)171١‏ روي عن أبن عمر ضام أنه قال: نزل ف الخمر ثلاث آيات» فأول 
شيء: «يُسْأَلونكَ عَنِ الْحَمْرِ وَالْمَيَسِر...4. إلخ 

ثالثا: وأما أول ما نزل من الأطعمة في مكة, فقوله تعالى في سورة الأنعام: قل لا أَجِدُ ني ما 
اباو دج لفو واو عد 1 
0 ل ا 
على سد التشريع الإسلامي الدقيق؛ الذي راعى حاجات الناس ومصالح البشرء وال معرفته؛ هي 
أحد الأسس الحكيمة الى سلكها الإسلام في معالحة الأوضاع الاحتماعية» والأمراض الخلقية الي 
كان عليها الناس في الجاهلية» كما سنوضح ذلك في بحث آخخر إن شاء الله. 


حكمة نزول القرآن مفرقا بف نزول القرآن الكريم 
الفصل الغابي: 
حكمة نزول القرآن مفرقا 
نزول القرآن الكريم: 
شرف الله هذه الأمة المحمدية» فأنزل عليها كتابه المعجز - خاتمة الكتب السماوية - ليكون 
دستورا حياتهاء وعلاحا لمشاكلهاء وبلسما”2 شافيا لعللها وأمراضهاء وآية مجدٍ وفخخار على 
اصطفاء هذه الأمة» واحتيارها لحمل أقدس الرسالات السماوية» حيث أكرمها الله بإنزال 
أشرف كتاب» ونخصها بالانتساب إلى أشرف مخلوق محمد بن عبد الله يل 
وبنزول هذا القرآن اكتمل عقد الرسالات السماوية» فشع النور على العالم» وسطع الضياء على 
الكون؛ ووصلت هداية الله إلى الخلق» وكان هذا النزول بواسطة أمين السماء حبريل عفكلا: 
يهبط به على قلب الني ل ليبلغه وحي الله» وفي ذلك يقول الله جل ثناؤه: «إنرّلَ به الرُوحٌ 
الأميرة 0 عَلَى لِك لتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ © بِلِسَانٍ عرب مين 4 (الشعراء: 95 .)١98-١‏ 
كيف نزل القرآن الكريم؟ 
للقرآن الكريم تنزلان: 
الأول: من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا (جملة واحدة) في ليلة القدر. 
الغاني: من السماء الدنيا إلى الأرض "مفرقا" في مدة ثلاث وعشرين سنة. 
أما التنزل الأول: فقد كان في ليلة مباركة من ليالي الدهرء هي: "ليلة القدر" أنزل فيه القرآن 
كاملا إلى "بيت العزة" في السماء الدنياء ويدل عليه عدة نصوص وهي: 
أ- قوله تعالى: «إحج 9 وَالْكتَاب الْمُين© إِذا ناه في لَيلَِمبَاركة إن كنا مُْذِرينَ وسدسانةد.ىم. 
>6 وقوله تعالى: إن ْلَه ني َيل اَذه وَمَاأَدْرَاكَ مَالَيْله الْقذْر» (القدر: 9201). 


)غ0( ل مادّة صمغيّة تُضِمد يها الجراحات» سائل عطري (يونانية): المنحد:86 . 


حكمة نزول القرآن مفرقا 18 كيف نزل القرآن الكريم 
ج- وقوله تعالى: طشَهْرُ رَمَضَانَ الَذِي انل فيه الَْرْآنُ هُدئ لئاس وَييْنَاتٍ من الْمُدَى 
َالْفرْقَانٍ 4 (البقرة: 1/26). 
فقد دلت هذه الآيات الثلاث على أن القرآن أنزل في ليلة واحدة» توصف بأها مباركة» 
وتسمى "ليلة القدر"» وهي من ليالى شهر رمضان. ويتعين أن يكون هذا النزول هو النزول 
الأول إلى بيت العزة في السماء؛ لأنه لو أريد به النزول الثاني على البي كلد لا صح أن يكون 
في ليلة واحدة» وق شهر واحد هو "شهر رمضان"!؛ لأن القرآن إنما نزل في مدة طويلة» هي 
مدة البعثة "7" سنة» ونزل في غير رمضان في جميع الأشهرء فتعين أن يكون المراد به "النزول 
الأول" وقد جاءت الأحبار الصحيحة تؤيد ذلكء منها: 
أ- عن ابن عباس ما أنه قال: "فصل القرآن من الذكرء فوّضع في بيت العزة 
من السماء الدنياء فجعل جبريل ينزل به على البي كلل" © 
ب- وعن ابن عباس يما أنه قال: "أنزل القرآن جملة واحدة إلى سماء الدنياء وكان 
مواقع النجوم؛ وكان الله يُنزّله على رسوله يق بعضّه في إثر بعض".0©) 
وروي عن ابن عباس هما أنه قال: "أنزل القرآن في ليلة القدر في شهر 
ج- رمضان إلى سماء الدنيا جملة واحدة, ثم أنزل بحوما".7") 


فهذه الروايات الثلاث: رواها السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن".”؟ وبين أنها كلها 
صحيحة؛ كما روى السيوطي أيضا عن ابن عباس دما أنه سأله عطية بن الأسود فقال: أوقع 
في قلبي الشك قوله تعالى: لشَهْرُ رَمَضَانَ لي أَْرلَ فيه القَرَآن» وقوله: «إإنا ْرَلْنَاهُ في َيل اَذه 
وهذا أنزل ف شوال» وفي ذي القعدة» وفي ذي الحجة» وفي الحرم» وصفرء وشهر ربيع؛ فقال 
ابن عباسكُا: إنه أنزل في رمضان في ليلة القدر جملة واحدة» ثم أنزل على مواقع النجوم 
رسلا ف الشهور والأيام. 


© رواه الحاكم. ”2 رواه الحاكم والبيهقي. ”" رواه الطبراق. © انظر "الإتقان": .49)40/١‏ 


حكمة نزول القرآن مفرقا 15 كيف نزل القرآن الكريم 
يريد بقوله: "مواقع النجوم" وبقوله: "رسلا أي أنه أنزل منجما مفرقء يتلو بعضه بعضا 
على تؤدة ورفق» وذكر السيوطي أن القرطبي نقل حكاية الإجماع على نزول القرآن جملة من 
اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا. 
ولعل الحكمة في هذا النرول هي تفخيم أمر القران. وأمر من نزل عليه. بإعلام سكان 
السموات السبع: أن هذا آخر الكتب المنزلة على خخاتم الرسل لأشرف الأمم؛ قد قربناه إل 
لننزله عليهم. 
قال السيوطي: ولولا أن الحكمة الإلحية اقتضت وصوله إليهم منجما بحسب الوقائع لهبط به 
وبينهاء فجعل له الأمرين: إنزاله جملة» ثم إنزاله مفرقاء» تشريفا للمنزل عليه. 29 
التنزيل الثابي: وأما التنزل الثاني فقد كان من السماء الدنيا على قلب البي يد منجماء أي 
مفرقا ف مدة ثلاث وعشرين سنة. وهي من حين البعثة إلى حين وفاته صلوات الله وسلامه 
عليه. والدليل على هذا النزول» وأنه نزل منجما: 
أ- قول الله تعالى في سورة الإسراء: 
وَقرْآنا فرَقتاهلِمَقَرَأَهُ على التّاس عَلَى مُككث وَترَلْنَاهُ تيلا «الإسراء: ه٠٠0‏ . 
ب - وقوله تعالى في سورة الفرقان: 

وَقالَ الّذِينَ كَفرُوا لَوْلا نُزّلَ عَلَيْه المَرَآنْ جُمْلة وَاجِدَةٌ كَذلِكَ لِنكبتَ به فوَادَاءَ 

وَرَتَلنَاةُ ترْتيلا © (الفرقان: 77). 
روي أن اليهود والمشركين عابوا على البي يُُُ نزول القرآن مفرقاء واقترحوا عليه أن ينزل 
جملة واحدةء حى قال اليهود له: يا أبا القاسم! لولا أنزل هذا القرآن جملة واحدة كما أنزلت 
التوراة على موسى عقتلاء فأنزل الله هاتين الآيتين ردا عليهم» وهذا الرد - كما يقول الرّرقاني - 


(' الإتقان: ص:7 . 


حكمة نزول القرآن مفرقا 9" حكمة نزول القرآن مرجما 
يدل على أمرين: 

أحدثما: أن القرآن نزرل مفرقا على الببي وظهٌ. 

والثابي: أن الكتب السماوية قبله نزلت جملة» كما اشتهر ذلك بين جمهور العلماء» حى كاد يكون إجماعا. 
ووحه الدلالة على هذين الأمرين: أن الله تعالى مم يكذبهم فيما ادعوا من نزول الكتب 
السماوية حجملة» بل أجابهم ببيان الحكمة في نزول القرآن مفرقاء ولو كان نزول الكتب 
السماوية مفرقا كالقرآن؛ لرد عليهم بالتكذيبء وبإعلان أن التنجيم هو سنة الله فيما أنزل 
على الأنبياء من قبل» كما رد عليهم حين طعنوا على الرسول وقالوا: «إمًا لِهَذَا الدَسُولٍ يَأَكُلُ 
العام وَيمْشِي فِي الْأَسْوَاق) (لفرقان:/0» رد عليهم بقوله: وما أَرْسَلْنَا قَبَِكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ل 
إنْهِهْ ليا كُلونَ 5 الْأَسْوَاقٍ 4 (الفرقان: ٠.‏ +). 17 

حكمة نزول القرآن منجما: 

لنزول القرآن الكريم منجماء أي مفرقا كم جليلة» وأسرار عديدة عرفها العالمون» وغفل 
عنها الجاهلون» ونستطيع أن نحملها فيما يأتي. وهي: 

أولا: تنبيت قلب الني يلد أمام أذى المش ركين. 

ثانيا: التلطف بالني يد عند نزول الوحي. 

ثالنا: التدرج في تشريع الأحكام السماوية. 

رابعا: تسهيل حفظ القرآن وفهمه على المسلمين. 

خامسا: مسايرة الحوادث والوقائع» والتنبيه عليها في حينها. 

سادسا: الإرشاد إلى مصدر القرآن» وأنه تنزيل الحكيم الحميد. 

ولنبداً بشيء من التفصيل عن هذه الجكم العديدة الي أجملناها فيما سبق» فنقول - ومن الله 
نستمد العون - : 


7" مناهل العرفان» ص:5 4 . 


حكمة نزول القرآن مفرقا دك" حكمة نزول القرآن منجما 
أولا: أما الحكمة الأولى وهي: "تثبيت قلب البي كن فقد ذكرئها الآية الكررعة ف معرض 
ل 1 ينزل القرآن جملة واحدة» كما نزلت الكتئب السماوية 
السابقة» فرد الله عليهم بقوله: «كذلِك لِنتيِتَ به فوادك وَرَتَلَاُ تَزْتيلا# (الفرقان: 1 )2 و تثبيت 
قلب البي يعد إنما هو رعاية من الله وتأييد لرسوله أمام تكذيب خصومه لهء وإيذائهم 
الشديد له ولأتباعه» فقد كانت الآيات الكريمة تنزل على رسول الله يم تسلية له وشحذا 
همته؛ للمضي في طريق الدعوة مهما اعترضه المصاعب والشدائدء وتقوية لقلبه الشريف» فقد 
تعهّده الله سبحانه وتعالى بما يخفف عنه الشدائد والآلام: فكان إذا اشتد الأذى عليه» نزلت 
الآيات تسلية له وتخفيفا عما يلقاه» وكانت التسلية تارة عن طريق قصص الأنبياء وامرسلين؛ 
ليقتدي 5 ف صبرهم وحهادهم؛ كما قال تعالى: ظوَلقَدَ كُذَبْتثْ رُسُلّ من قَْلِكَ قم فَصَبرُوا على 
ما كَذَيُوا وَأُودُوا حَنَّى أَنَاهُمْ نَصْدْنًا. 6.٠‏ (الأنعام: 4 ) 
وقول تعالى: لفَاصْيئٌ كُمَا صَبْرَ أُولُوا الْعَزْم مِنَ الرّسْلِ «الأحقاف:ه» وقوله: لإوَاصْيرْ لِحُكم 
رَبك فنك يناه (الطور:48) . 
وقد أوضح الباري - حلت عظمته - الحكمة من ذكر قصص الأنبياء» فقال - وهو أصدق 
القائلين - : «إوَكُلَا تقصنٌ عَلَيِكَ مِنْ أَْباءِ السْل ما نُقِتٌ به فوَادَكَ وَجَاءَكَ في مَل الْحَقوَموْعِظَة 
َذكرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (هرد:.١0)‏ . 
وتارة كانت التسلية عن طريق الوعد بالنصر» والتأييد لبي يد كقوله تعالى : وينصرَك الله نصرا 
عزيزا» (الفتح:7)) و كقوله: لوَلْقَدَ سَ م سَبَقتٌ كَلِمَتُنَا لعبّادنا الْمدْسَلِينَ © نهم لَهُهُ أ منص رُون 0 
وَإِنَ جندنا لهم الْعَاليُون» (الصافات:17/1١175-1)‏ . 
وأحرى تكون التسلية عن طريق إخبار الرسول باندحار أعدائه وافزامهم» كما في قوله تعالى : 
مهرم الحَلع 10 لدبر» (لقمر:ه4)» وقوله: "قل لِلَّذِينَ كَمَوُوا سمُغليُونَ وَتَحْشَرُونَ إِلَى 
جَهْنَمْ وَبِفْسَ الْمِهَادُ آل عمران:؟00)» إلى آخر ما هنالك من ألوان في التخفيف عن قلب 
الرسول» وتطيبب نفسه وفوؤاده. 


حكمة نزول القرآن مفرقا 5" حكمة نزول القرآن منجما 
ولا شك أن في تحدّد نزول الوحيء وتكرر هبوط الأمين جبريل بالآيات البينات الي فيها 
تسلية للببي يط وفيها الوعد بالنصر والحفظ والتأبيد» كان لا أعظم الأثر في تثبيت قلب 
الرسول لمتابعة الدعوة» والمضيٌ في تبليغ الرسالة الإلهية؛ لأن الله معه» وهل يشعر بالخذلان 
والفتور من كانت عناية الله تحوطهء وعينه ترعاه؟ 

ثانيا: أما الحكمة الثانية» وهي "التلطف بالنبي كلد عند تزول الوحي» فقد كانت بسبب روعة 
القرآن وهيبته» كما قال تعالى: إِنا سَئلَْي عَلَيكَ فَوْلا تّقيلا» «للزمل:ه). فالقرآن - كما 
هو مقطوع به - كلام الله المعجز الذي له جلال ووقار» وهيبة وروعة؛ وهو الكتاب الذي لو 
نزل على جبل لتَفنّت وتصدع من هيبته وحلاله. كما قال تعالى: ناهذا الْقرْآنَ عَلَى جَبَلٍ 
أيه حَاشِعا مُتَصَدّعا مِنْ حَشْيَّةِ اللو «لشر:م» فكيف إذا بقلب النبي الرقيق؟ هل يستطيع 
أن يتلقى جميع القرآن دون أن يتأثر ويضطرب»ء ويشعر بروعة القرآن وجلاله؟ 

ولقد أوضحت السيدة عائشة هم حالة الرسول حين نزل عليه القرآن» وما يلاقيه من شدة 
وهول من أثر التنزيلء فقالت - كما رواه البخاري -: "ولقد رأيته حين ينزل عليه 
الوحي في اليوم الشديد البردء فيفصم عنه - أي ينفصل-» وإن جبينه ليتفصد عرقا". يتفصد: 
أي: يتصبب عرقاء وذلك من شدة الوحي ووطأته على البي كَلدٌ. 

ثالغا: وأما الحكمة الثالثة وهي: "التدرج في تشريع الأحكام". فقد كانت جليّة واضحة؛ حيث 
سلك القرآن الكريم مع البشرية - وخاصة منهم العرب - طريق الحكمة» ففطمهم عن الشرك؛ 
وأحيا قلوهم بنور الإيمان» وغرس في نفوسهم حب الله ورسوله. والإيمان بالبعث والجزاء» ثم 
انتقل يهم بعد هذه المرحلة - مرحلة تثبيت دعائم الإبمان - إلى العبادات» فبدأهم بالصلاة قبل 
الحجرة؛ ثم ثنى بالصومء وبالزكاة في السنة الثانية من الهحرة؛ ثم خحتم بالحج في السنة السادسة 
منهاء وكذلك فعل في العادات المتوارثة: زحرهم أولا عن الكبائر, ثم فهاهم عن الصغائر في شيء 
من الرفق» وتدرج يهم في تحريم ما كان مستأصلا في نفوسهم: الخمرء والرباء والميسر تدرجا 


" الزلال: الماء العذب الصا البارد السلس (المعجم الوسيط:55/8). 


حكمة نزول القرآن مفرقا يذ حكمة نزول القرآن منجما 
حكيماء استطاع بذلك أن يقتلع الشر والفساد من حذوره اقتلاعا كاملا. 

ولنأحذ بعض الأمثلة على ذلك التشريع الحكيم؛ الذي مح في انتهاحه القرآن» ف معابحة 
الأمراض الاجتماعية: تحريم الخمرء الذي كان داء مستشربا عند العرب» كيف استطاع أن 
بمحوه ويقضي عليه الإسلام؟ 

المرحلة الأولى: لقد انتهج القرآن في تحرعه أربعة مراحل؛ كما هو الشأن في تحريم الرباء فلم 
يحرمه دفعة واحدة؛ لأنهم كانوا يتعاطون شرب الخمرء كما يشرب الواحد منا الماء الزلال» "© 
فلم يكن من الحكمة أن يحرمه عليهم دفعة واحدة» وإنما حرمه بالتدريج» فبدأ أولا بالتنفير منه 
بطريق غير مباشر» فنزل قوله تعالى: «#وومن ُمَرَات النَحِيلٍ وَالَعْنَاب تُحَذُونَ من سكرا 
وَرزّقا حَسَنا («لنحل:707). 

فقد أحبر تعالى أنه قد أنعم على الناس هاتين الشجرتين: "النخيل» والأعناب"» يستخر حون منهما 
"السكر", أي الخمر الذي يسكرء و"الرزق الحسن"» الذي ينتفع منه الناس من مأكول ومشروب» 
فمدح الثاني؛ ووصفه بأنه رزق حسنء» وأخبر عن الأول بأنه "سكر”. أي شيء يسكر ويذهب 
بعقل الإنسانء ويهذه المباينة في الوصف يتضح لكل عاقل الفارق الكبير بين الأمرين المذكورين. 
المرحلة الثانية: جاء التنفير المباشر عن طريق المقارنة العملية بين شيئين: شيء فيه نفع مادي 
ضئيل؛ وشيء فيه ضرر جسمي وصحي وعقلي جسيمء وفيه كذلك زيادة على الأضرار العظيمة 
مهلكة للإنسان عن طريق وقوعه في الإثم الكبير» استمع إلى قوله تعالى: 9ِيَسْأَلونَكَ عَنِ 
الْحَمْرِوَالْمَيِِرٍ قل فمِهمًاِنْمٌ كر وَمَافع لِلنَْس وَإنْمُهُما كبر من تَفعِهمَا «لبقرة:001. 
والمراد بالمنافع هنا المنافع المادية الي كانوا يستفيدوهها من وراء التجارة والبيع للخمر» حيث 
يربحون منهاء كما يربحون من وراء الميسر» وقد جمع القرآن بين الخمر والميسر في الآية الكريمة: 
ولاشك أن النفع في الميسر "مادي" بحمت»”2 حيث يربح بعض المقامرين» فكذلك في الخمر. 


بَحْتٌ: الصرف الخالص لا يخالطه غيره؛ يقال: شرابٌ بحتٌء غير ممزوج. (المعجم الوسيط: 78). 


حكمة نزول القرآن مفرقا 1 حكمة نزول القرآن منجما 
قال العلامة القرطي في تفسيره عند تفسير قوله تعالى: وَمَنَافِمُ لِلنّاس»4: أما في الخمر فربح 
التحارة» فإفهم كانوا يجلبونما من الشام برٌّخصء فيبيعونها في الحجاز بربح» هذا أصح ما 
وبالمقارنة بين هذين الشيئين تبين أن الإسلام نفر من الخمر عن طريق بيان أضرارها اللدسيمة, 
ولكنهلم يحرمهاء وقد روي في سبب نزول هذه الآية: أن جماعة من المسلمين - فيهم عمر بن 
الخنطاب - جاءوا إلى الرسول الكريم, فقالوا: يا رسول الله! أخبرنا عن الخمر؟ فَإِهها مذهبة 
للعقل؛ مضيعة للمال؛ منهكة للحسم؟ فأنزل الله عز وجل: لإيَسْأَلونَكَ عَن الْحَمْرِ وَالْمَيسرٍ». 
وف المرحلة الثالثة: كان التحريم للخمرء ولكنه كان "تحربما حزئيا" 5 نزل قوله تعالى: 
فيا أيه الَّذِينَ آمَنُوا لا تقرَبُوا الصلاة وَأ سُكارَى حَتَّى تَعْلَمُوامَا تقولون» (النساء: 47). 

فقد حرم الله عليهم الخمر وقت الصلاة فقطء حين يصحوا من .سكرهمء فكان المسلمون 
يشربوفنها ليلاء وفي غير أوقات الصلاة» وقد روي في سبب نزول هذه الآية: أن عبد الرحمن 
ابن عوف صنع وليمة» فدعا إليها بعض الصحابة؛ قال علي بن أبي طالب: فدعاناء وسقانا 
الخمرء فأحذت الخمر مِناء وحضرت الصلاة: فقدموني لأصلي ّم إماماء فقرأت: "قل 
يا أيها الكافرون, أعبد ما تعبدون» ونحن نعبد ما عبدتم" إلى آخر ذلك» أي: إنه لسكره غيّر 
فيهاء فنزلت الآية الكريعة. 

وف المرحلة الرابعة: وهي المرحلة الأخخيرة» كان التحريم الكلي, القاطع المانع» حيث نزل 
قوله تعالى: «يا يها الذِينَ آمو ١‏ ِنَم الجن والمفية والا لساب َالأَزلامُ رحس مِنْعَمَلِ الشيْطانٍ 
َاجتيوهلَعلَكُمْتفْلِحُونَ: ِنَم يريد السَيْطَانَ أن يُوقعَ يَِنَكمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَْضَاءَ ِي الْحَمْرِ وَالْمَيْسِرٍ 
وَيَصدَكُمْعَنْ ذِكْر اللهوَعْن الصَّلاةٍ فَهَل أنه منتَهُون4 (المائدة: .)61١ ١3 ١‏ 

وسبب نزول هذه الآيات الكريمة» على ما ذكره المفسرون هو: أن بعض الصحابة صلوا 
العشاءء ثم شربوا الخمر؛ وجلسوا يتسامرون. فلعبت الخمر ف رؤوسهم, وكان فيهم حمزة بن 
عبد المطلب عم البي يك وكانت جارية صغيرة تنشدهم وتغنيهم: فقالت ضمن نشيدها: 


حكمة نزول القرآن مفرقا 3 حكمة نزول القرآن منجما 
ألا يا حمرٌ للشءف النواء ون معقلاتٌ بالفناء 
تميّجٍ حمزة على النوق الإبل؛ الي كانت بجحوار الدار» فقام حمزة» فحب(2" أسنمة ناقيَ علي, 
وبقر خاصرتيهما - وهو ف حالة السكر -؛ فأخبر علي بذلكء فتألم أشد الألم» وذهب إلى 
ابي كلد يشكو إليه ما فعل عمه حمزة» فحاء البي يد إليه يعاتبه» ويلومه على صنيعه» فجعل 
حمزة ينظر إليه نظرة غريبة» يصوب بصره ويُخفضه. ثم حاطب البي وُةٌ ومن معه» بقوله: 
وهل أنتم إلا عبيد لأبي؟ فعلم رسول الله كلد أن عمه ثمل - أي سكران - فلم يؤاخذه 
فقال عمر عندئذ: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافياء فأنزل الله: «إنمًا الْحَمْ وَالْحْعد وَالأنماتك 
وَالَْرْلام رحس مِنْ عمل الشْئِطانٍ» (المائدة: ٠‏ ). 
وهكذا تم تحريم الخمر تحرها "بالتدرج"» فكان في ذلك أعظم حكمة جليلة» سلكها الإسلام 
في معاللحة الأمراض الاحتماعية. 
وقد جاء في كتاب "مناهل العرفان" للزرقاني ما نصه: "وتدرج الإسلام يهم في تحريم ما كان 
مستأصلا فيهم؛ كالخمر تدرجا حكيما حقق الغاية» وأنقذهم من كابوسه”" في النهاية» وكان 
الإسلام في انتهاج هذه الخطة المثلى أبعد نظراء وأهدى سبيلاء وأنمح تشريعاء وأبجع سياسة 
من تلكم الأمم المتمدنة المتحضرة, الى أفلست في تحريم الخمر على شعوبًا أفظع إفلاس» 
وفشلت أمرّ فشل» وما عهد أمريكا في مهزلة تحريمها الخمر يبعيدء أليس ذلك إعجازا للإسلام 
في سياسة الشعوب» وهذيب الجماعات؟ بلى! والتاريخ من الشاهدين. 
رابعا: أما الحكمة الرابعة: فهي تسهيل حفظ القرآن على المسلمين» وفهمهم وتدبرهم له 
فمن المعلوم أن العرب كانوا أميين» أي لا يقرؤؤون ولا يكتبون» وقد سحل القرآن الكريم عليهم 
ذلك في قوله تعالى: طهُوَ لَذِي بَعَتَ فِي اْأُمَبِنَ رَسُولا مِنْهُمْيَلُوعَلَيْهِمْآيَات» (الجمعة::»» كما 


"'حَب: أي قطع. (المعجم الوسيط: 4 .)٠١‏ ”" الكابوس: ضغط يقع على صدر النائم لا يقدر معه أن يتحرك. 
قيل: ليس بعربي وهو بالعربية: الحاثوم. (المعجم الوسيط: "/ا/ا). 


حكمة نزول القرآن مفرقا 5" حكمة نزول القرآن منجما 
كان صلوات الله عليه أميا كذلك «الْذِينَ يتعُونَ الرسول التي لمر (الأعراف :لاه »)١‏ فاقتتضت 
حكمة الله أن ينزل كتابه المجيد "منجما"؛ ليسهل حفظه على المسلمين؛ لأنهم كانوا يعتمدون على 
ذاكرتهم» فكانت صدورهم أناحيلهم كما ورد في وصف أمة محمد ود وأدوات الكتابة لم تكن 
ميسورة لدى الكاتبين منهم على ندرم, فلو نزل القرآن جملة واحدة لعجزوا عن حفظه. 
وعجزوا بالتالي عن تدبره وفهمه. 

خامسا: أما الحكمة الخامسة: فهي مسايرة الحوادث والوقائع ف حينهاء والتنبيه على الأطاء ف 
وقتهاء فإن ذلك أوقع في النفس» وأدعى إلى أخذ العظة والعبرة منها عن طريق "الدرس العملي"؛ 
فكلما جد منهم جديد نزل من القرآن ما يناسبه؛ وكلما حصل منهم خطأء أو انحراف نزل 
القرآن بتعريفهم وتنبيههم إلى ما ينبغي احتنابه» وطلب عمله؛ وتبّههم إلى مواطن الخطأ في ذلك 
الوقت والحين» خذ مثلا على ذلك: غزوة حنين» فقد دخل الغرور إلى نفوس المسلمين» وقالوا 
قولة الإعجاب والاغترارء لمّا رأوا عددهم يزيد على عدد المشركين أضعافا مضاعفة» حين ذاك 
داخلهم العجبء. فقالوا: "لن نغلب اليوم من قلة"» وكانت النتيجة انكسارهمء وافزامهم 
وتوليتهم 0 وق ذلك يقول القرآن الكريم: وَيومَ حتيْنِ إذ َعْجبدْكُم كرككُمْ فلم عن عَذَكُمْ 
شيّها وَضَاقَتْ ع كع الْأَرْضٍ' ِمَارَحْبَتَ 4 رك مُدِيرين» (التوبة: © 7), 

ولو أن القرآن ا 25000 إذ كيف يتصور أن تنزل 
الآيات في شأن المومنين واغترارهم» ولم تحدث بعد تلك الواقعة أو الغزوة؟ 

وكذلك الحال في أذ الفداء من الأسرى في "بدر"» حيث نزل التوجيه السماوي الرائع: «إمًا كان 
لتبى] أن يَكُون لَه أَسْرَى حَتَّى يُفْحنَ في الْأَرْض....» (الأنفال:7107). 

سادسا: أما الحكمة السادسة: فهي الإرشاد إلى مصدر القرآن الكريمء وأنه تنزيل الحكيم الحميد: 
وي هذه الحكمة الجليلة يحدر بنا أن ننقل نص ما كتبه العالم الفاضل الشيخ محمد عبد العظيم 
الزّرقاني في كتابه "مناهل العرفان" حيث حاء برائع البيان» فقال مللهه: 

"الإرشاد إلى مصدر القرآنء وأنه كلام الله وحده وأنه لا يمكن أن يكون كلام محمد و 


حكمة نزول القرآن مفرقا يف حكمة نزول القرآن منجما 
ولا كلام مخلوق سواهء وبيان ذلك: أن القرآن الكريم نقرؤه من أوله إلى آحره فإذا هو محكم 
السرد» دقيق السبك,ء متين الأسلوبء قوي الاتصال. آحذ بعضه برقاب بعض في سوره وآياته 
رعله غيم مسار نيه كله من إلقه إلبببائفة كانه ميك أواحدة» ولا يكاد يوحد بين 
أجحزائه تفكك ولا تخاذل: كأنه سمط وحيدء وعقد فريدء. يأحذ بالأبصار, المت حروفه 
وكلماته» ونُسّقت جمله وآياته...؛ وهنا نتساءل: كيف اتسق للقرآن هذا التأليف المعجر؟ 
وكيف استقام له هذا التناسق المدهش؟ على حين أنه لم يتنزل جملة واحدة؛ بل تنزل آحادا 
مفرقة تفرق الوقائع والحوادث في أكثر من عشرين عاما؟ 

الجواب: إننا نلمح هنا سرا جديدا من أسرار الإعجاز» ونشهد سمة فذة0"من سِمات الربوبية؛ 
ونقرأ دليلا ساطعا على مصدر القرآن؛ وأنه كلام الواحد الديان: وَل كان مِنْ عِنْدٍ غير الله 
لوَجَدوا فيه اختلافا كثيرا» (لساء:؟م) وإلا فحدّثني بربك كيف تستطيع أنت؟ أم كيف 
يستطيع الخلق جميعا أن يأتوا بكتاب محكم الاتصال والترابط» متين النسج والسردء متآلف 
البدايات والنهايات» مع خضوعه في التأليف لعوامل خارحة عن مقدور البشرء وهي وقائع 
الزمن وأحداثه الى يجيء كل جزء من أجزاء هذا الكتاب تبعا لهاء ومتحدثا عنهاء سببا بعد 
سببء وداعية إثر داعية» مع احتلاف ما بين هذه الدواعي؛ وتغاير ما بين تلك الأسباب» ومع 
ترامي زمان هذا التأليف» وتطاول آماد هذه النجوم إلى أكثر من عشرين عاما؟ لا ريب أن هذا 
الانفصال الزماني» وذاك الاختلاف الملحوظ بين هاتيك الدواعي: يستلزمان في بمجحرى العادة 
التفكك والانحلال» ولا يدعان بحالا للارتباط والاتصال بين بحوم هذا الكلام. 

أما القرآن الكريم فقد خرق العادة في هذه الناحية أيضا نزل مفرقا منجماء ولكنه تم مترابطا 
محكماء أليس ذلك برهانا ساطعا على أنه كلام حالق القوّى والقدّرء ومالك الأسباب والمسببات» 


(') سبيكة: من الذه ب أو الفضة كثلة من الذهب أو الفضة مصبوبة على صورة معلومة» كالقضبان ونحوهاء 
وحمعها سبائك. (المعجم الوسيط 5١6:‏ ). 
إفة الفذ: الفرد والمتفرد ف مكانته أو كفايته» والجمع أفذاذ دوذ والفذة: الشّاذة. (المعجم الوسيط خلا ), 


حكمة نزول القرآن مفرقا 4" حكمة نزول القرآن مدجما 
ومدبر الخلق والكائنات» وقيوم الأرض والسماوات» العليم ما كان وما سيكون, الخبير 
بالزمان وما يحدث فيه من شؤون؟ 

لاحظ فوق ما أسلفنا أن رسول الله كه كان إذا أنزلت عليه آية» أو آيات قال: "ضعوها ف 
مكان كذاء من سورة كذا" وهو بشر لا يدري طبعا ما ستجيء به الأيام» ولا يعلم ما سيكون 
في مستقبل الزمان» ولا يدرك ما سيحدث من الدواعي والأحداث» فضلا عما سينزل من الله 
فيها... وهكذا مضي العمر الطويل؛ والرسول على هذا العهدء يأتيه الوحي بالقرآن بحما بعد 
نحم» وإذا القرآن كله بعد هذا العمر الطويل يكمل ويتم؛ وينتظم ويتآحى» ويأتلف ويلتثم» 
ولا يؤخذ عليه أدن تخاذل ولا تفاوت» بل يُعُجز الخلق طرًاء ما فيه من انسحام ووحدة 
وترابط: اكتَابٌ أَحْكمَت آيَائهُ نُّدَفْصّلَتْ مِنْ لَدْنْ حَكِيم خبيرٍ © (هود: .)١‏ 

وإنه ليتيين لك سر هذا الإعجاز إذا ما علمت أن محاولة مثل هذا الاتساق والانسجام» لن 
يمكن أن يأق على هذا النمط الذي نزل به القرآن» ولا على قريب من هذا النمط» لا في 
كلام الرسول نك ولا كلام غيره من البلغاء وغير البلغاء. مذ مثلا (حديث البي وُتكٌ), وهو 
ما هو في روعته وبلاغته وطهره وسموه؛ لقد قاله الرسول 25 ف مناسبات مختلفة» لدواع 
متباينة في أزمان متطاولة» فهل في مكنتك ومكنة البشر معك أن ينظموا من هذا السرد 
الشتيت وحده. كتابا واحدا يصقله الاسترسال والوحدة» من غير أن ينقصوا منهء أو يتزيدوا 
عليه أو يتصرفوا فيه؟ 

ذلك ما لن يكونء ولا يمكن أن يكونء ومن حاول ذلك فإنما يحاول العبث» ويخرج للناس 
بثوب مرقع» وكلام ملفق» ينقصه الترابط والانسجام؛ ويعوزه الوحدة والاسترسال؛ وتمجه 
الأسماع والأفهام, إذن فالقرآن الكريم ينطق نزوله منجما بأنه كلام الله وحدهء وتلك حكمة 
وتلك حكمة جليلة الشأن» تدل الخلق على الحق في مصدر القرآن؛ #قل أَنْرَلَهُ الذي يَعْلَُ الشء 
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضٍ نه كَانَ غَفو را رّحِيما م (الفرقان:1). 


حكمة نزول القرآن مفرقا ؟ كيف تلقى النبي القرآن 


كيف تلقى البي و القرآن؟ 

تلقى البي يد القرآن بواسطة أمين الوحي جبريل عفتا» وجبريل تلقاه عن رب العزة جل جلاله. 
وليس بريل الأمين سوى تبليغ كلام الله وإيحائه للرسول كد فالله - جلت حكمته - قد أتزل 
كتابه المقدس على خباتم أنبيائه بواسطة أمين الوحي جبريل» وعلمه جبريل للرسولء وبلغه الرسول 
لأمته» وقد وصف جبريل عقت بأنه أمين على الوحي, ييلغه كما سمعه عن الله تعالى: «إنه لقَوْلُ 
رَسُولٍ كربو» ذي قَوَّة عند ذِي اْمَْش مَككين» مُطاعٍ َمأمِين» (التكوير:+١-201).‏ وقال تعالى في وصفه 
أيضا: تل به وخ المي عَلَى لِك لِتَكُون مِنَّالْمنذرينَ (الشعراء: 917 .)١41421‏ 

أما حقيقة الكلام وحقيقة المنزلء فإنما هو كلام الله وتنزيل رب العالمين» كما قال تعالى: 
9وَإنكَ لقَى الْقَْآنَ مِنْ لَدّنْ حَكيم عَلِيم» «دمل:» وقد كان - صلوات الله عليه - يعاني عند 
نزول القرآن شدة» وكان يحاول أن يجهد نفسه من أجل حفظ القرآن» فيكرر القراءة مع حبريل 
حين يتلو عليه القرآن» خحشية أن ينساه أو يضيع عليه شيء منه. فأمره الله تعالى بالإنصات 
والسكوت عند قراءة حبريل عليه» واطمأنه بأنه تعالى سيجعل هذا القرآن محفوظا في صدرهء 
فلا يتعحل في أمره» ولا يجهد نفسه في تلقّيه: «إوَلا تَعْجَل بالْقرْآنٍ مِنْ قبل أن يُقضَّى إِلَيِكَ وَحْيهُ 
وَل ربت زنِي عِلْما (طه:؛١١).‏ 

وأما تكفلٌ الله تعالى له الحفظء فقد حاء في قوله سبحانه: «إلا ترك بهِ لِسَانَكَ لتَعْحَلَ به إن 
يه ونه فإذًا رَأََاهُ بع آنه دإ عابنا يانه (القيامة:5١9-1١).‏ 

وقد كان حبريل يدارس البي كك القرآن في رمضانء فينزل جبريل على رسول الله ويستمع له 
القرآن» فيقرأ الرسول بين يديه وحيريل يستمع؛ ويقرأ حبريل والبي يستمع؛ وهكذا يدارسه 
في كل رمضان ما نزل من القرآن مرة واحدة وقبل وفاته وَتدٌ نزل عليه حبريل مرتين في 
رمضانء فدارسه القران» حى لقد شعر عليه الصلاة والسلام - من نزول جبريل مرتين عليه - 
بدنوٌ أحله» وقال لعائشة ّيا: "إن جبريل كان ينزل على فيدارسين القرآن مرة واحدة في 
رمضانء وقد نزل على هذا العام مرتين» وما أراني إلا قد اقترب أجلي". وقد كان الأمر كذلكء 


حكمة نزول القرآن مفرقا كك كيف تلقى النبي القرآن 
فقد انتقل في ذلك العام إلى جوار ربه؛ صلوات الله وسلامه عليه» وانقطع بوفاته نزول الوحي. 

أما كيف تلقى جبريل القرآن عن الله عزوجل؟ فقد تقدم معنا أنه كان سماعاء حيث سمع من الله 
عزوحل هذه الآيات؛ فنزل يما على رسول الله قال البيهقي في معئئ قوله تعالى: «إإنا أَنرلَاُ في 
َيل القدر» «لقدر:, يريد - الله أعلم - : إنا أسمعنا المَلّك وأفهمناه إياه» وأنزلناه بما سمع. 
ومعين هذا: أن جبريل أحذ القرآن عن الله تعالى سماعاء ويؤيده ما روي في الحديث الشريف: 
"إذا تكلم الله بالوحي أخذت السماء رحفة شديدة من خوف الله فإذا سمع أهل السماء صعقواء 
وخروا سجداء فيكون أولهم يرفع رأسه "جبريل"؛ فيكلمه الله بوحيه بما أراد» فينتهي به إلى 
الملائكة» فكلما مر بسماء سأله أهلها: ماذا قال ربنا؟ قال: الحق؛ فينتهي به حيث أُمر".(0© 

قال الزّرقاني في كتابه "مناهل العرفان": 

"وقد أسفّ بعض الناس» فزعم أن جبريل كان ينزل على الي ين.معاني القرآن» والرسول يعبر 
عنها بلغة العرب» وزعم آحرون أن اللفظ لحبريل» وأن الله كان يوحي إليه المع فقطء وكلاهما 
قول باطل أثيم» مصادم لصريح الككتاب والسنة والإجماعء ولا يساوي قيمة المداد الذي يكتب 
به» وعقيدنيٍ أنه مدسوس على المسلمين في كتبهم؛ وإلا فكيف يكون القرآن حيثذ معجزاء 
واللفظ لمحمد أو لجبريل؟ ثم كيف تصح نسبته إلى الله» واللفظ ليس لله؟ مع أن الله يقول: 
حَتى يسْمَّعٌ كلام الو «لتوبة:م إلى غير ذلك مما يطول بنا تفصيله". 9) 

هل السنة النبوية بوحي من اللّه؟ 

تقدم معنا أن القرآن الكريم "كلام الله" ومع ذلك أن اللفظ والمعئ هو من عند اللهء ولا دخل 
لجبريل أو محمد يُدٌ فيه سُوى التبليغ عن الله عزوجلء أما السنة النبوية» فا بوحي كذلك 
من الله» ولكن اللفظ للرسول والمعيئ من عند الله؛ لأن الله تعالى يقول: «إوَما يَنْطِقٌ عَن الْهَوَّى. 
إن هُوَإِلَاوَحْي يُوحَى» (النحمنم,4). 


("؟ رواه الطبراق. '؟ مناهل العرفان» ص: 7١‏ 5 . 


حكمة نزول القرآن مفرقا "١‏ هل السنة النبوية بوحي من الله 
وقد نقل السيوطي عن الحويي”" أنه قال: "كلام الله المنزل قسمان: 

قسم: قال الله لحبريل: قل للنني الذي أنت مُرسّل إليه: "إن الله يقول: افعل كذا وكذاء وأمر 
بكذا وكذا", ففهم حبريل ما قاله ربه» ثم نزل على ذلك النبي» وقال له ما قاله ربه» ولم تكن 
العبارة تلك العبارة» كما يقول الملك لمن يثق به: قل لفلان: "يقول لك الملك: احتهد في 
الخدمة. واجمع جندك للقتال": فإن قال الرسول: "يقول لك الملك: لا تتهاون في خدميء 
ولا تترك الجند يتفرق» وَحُثهم على القتال...إلخ"» لا ينسب إلى كذب ولا تقصير. 

وقسم آحر: قال الله حبريل: اقرأ على النبي هذا الكتاب» فنزل به حبريل من الله من غير تغيير» 
كما يكتب الملك كتاباء ويسلمه إلى أمين» ويقول: اقرأه على فلان. 

قال السيوطي: القرآن هو القسم الثاني» والقسم الأول هو السنة» ومن هنا جاز رواية السنة 
بالمعن بخلاف القرآن. 


*“ 2# #6 


"© انظر "الإتقان": .45/١‏ 


الفصل الثالث: 

أسباب النزول 
معرفة أسباب النزول» له أثر كبير في فهم معن الآية الكريمة؛ وهذا اعتئ كثير من العلماء 
معرفة أسباب النزول» حت أفرد له بالتصئيف جماعة من العلماء» كان من أقدمهم علي بن 
المديي شيخ البحاري «يإّاء ومن أشهر ما كتب في هذا الفن كتاب "أسباب النزول" للواحدي؛ 
كما ألف فيه شيخ الإسلام ابن حجر صل وألف فيه أيضا العلامة السيوطي للأنه كتابا حافلا 
عظيماء سماه "لباب النقول في أسباب النزول". 
ولمعرفة أهمية هذا النوع من علوم القرآن» والتأكد من ضرورته لفهم معان الآيات الكريمة 
نستطيع أن نقول: إن بعض الآيات لا يمكن فهمها أو معرفة أحكامها إلا على ضوء سبب 
النزول» فمثلا قول الله تعالى: «إوَلّهِ اْمَشْرِقَ وَالْمَغْبُ ا لوا كه وه الَو (البقرة: ه011 
قد يفهم منها حواز التوجه في الصلاة إلى غير القبلة» وهذا الفهم خاطى؛ لأن استقبال القبلة 
شرط لصحة الصلاة» وكعرفة سبب النزول يتضح فهم الآية» فقد نزلت هذه الآية الكريمة فيمن 
كان في سفرء وأضاع القبلة» فلم يعرف جهتهاء فإنه يجتهد ويتحرّى, ثم يصلي, فإلى أيّ جهة 
صلىء تصح صلاته؛ ولاتحب عليه إعادة الصلاة فيما إذا تبين له بعد الانتهاء حطأ توجهه. 
فالآية إذا ليست عامة, إثما هي خاصة فيمن جهل القبلة» فلم يعرف جهتها. 
ومثال آخر على أهمية سبب النزول في فهم الآية أن قوله تعالى: لإليسَ عَلَى الّذِينَ آمَُوا وَعَمِلُوا 
الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فيمًا طعِمُوا ذا ما انَقَوا وَآمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتٍ ته انقوًا وَآمَنُوا تاقوا وَأَحْسَنُوا 
وَالَهيْحِبٌ الْمُحْسِنِينَ# «لائدة:+4. إنما نزلت في الخمرء وقد يفهم من هذا النص الكريم إباحة 
شرب الخمر» كما ظن بعض الجهلة حيث قالوا: الخمر مباحة. واحتجوا بالآية الكريعة» ولو 
علموا سبب نزوها لم يفتروا ذلك» فقد روي أنه لما نزل تحريم الخمر في قوله تعالى: 


أسباب التزول نض فوائد معرفة أسباب النزول 
(إِنم الخد وَالمَيْسِك وَالأَنضَاتبٌ وَالَرْلام رِحْسٌ مّنْ عمَلٍ الشَيْطانٍ فَاحْتَيُو لَعلَكُهْ ُفْلِسُو نم 
(للائدة:.)؛ قال ناس من أصحاب رسول الله و فكيف يمن قتلوا في سبيل الله وماتواء وكانوا 
يشربون الخمر وهي رحس؟ فنزلت الآية الكريمة تبين أن من شربّها قبل التحريم؛ فإن الله قد 
عفا عنه» وليس عليه ذنب أو إثم؛ لأن الله لايؤاحذ على ما سبق من العبد قبل الإسلام» أو 
قبل التحريم: وبذلك تفهم الآية» ويبقى النص القطعي في تحريم شرب الخمر. 
فوائد معرفة أسباب النزول: 
قد يظن بعض الناس أنه لاطائل تحت هذا الفن» وليس له أثر كبير جريانه بحرى التاريخ والقتصص» 
فإن أسباب النزول - على زعمهم - ليست ضرورية لمن أراد تفسير كتاب الله. 
وهذا زعم خاطئ وقول مردود؛ لايصدر من عالم بالكتاب» مطلع على أقوال المفسرين» وهنا 
نحن ننقل طرفا من آراء بعض العلماء؛ ثم نعقبها بذكر فوائد أسباب النزول: 
قال الواحدي: لا مكن معرفة تفسير الآية دون الوقوف على قصتهاء وبيان نزوها.”'وقال 
ابن دقيق العيد: بيان سبب النزول طريق قوي ف فهم معاني القرآن.”© وقال ابن تيمية: 
معرفة سبب النزول يعين على فهم الآية» فإن العلم بالسبب يورث العلم بالمسبب.7) 
وهكذا تظهر أ*مية هذا الفن من علوم القرآن. 
وأما فوائده فيمكن تلخيصها فيما يلي: 

أ- معرفة وجه الحكمة الباعثة على تشريع الحكم. 

ب- دفع توهم الحصر فيما ظاهره الحصر. 

ج- تخصيص الحكم بالسبب (عند من يرى أن العبرة بخصوص السبب). 

د- معرفة اسم من نزلت فيه الآية, وتعيين المبهم فيها. 


انظر "الإنقان": ١/0م.‏ 29 المصدر السابق. 7" المصدر السابق. 


أسباب النزول "5 أمثلة على معرفة أسباب النزول 


إلى غير ما هنالك من فوائد أحرى جليلة. 


أمثلة على معرفة أسباب النزول: 

أولا: أشكل على مروان بن الحكم معئ قوله تعالى: «لاتحسين لين يَفْرَحُونَ يما أنوا وَيُحِبُونَ 
أَنْ يُحْمَدُوا بمَا لم يَفَعلُوا فَلا تَحْسَبَتَهُمْ بِمَفارَةٍ مِنَ الْعَذْابِ)» (آل عمران:14)» فقال لخادمه: اذهب 
إلى ابن عباس» فقل له: "لثن كان كل امرئ فرح بما أوت» وأحب أن يحمد يما لم يفعل معذياء 
دين أجمعون". فبين له ابن عباس ما ما أزال عنه الإشكال» وقال له: إن الآية نزلت في 
أهل الكتاب - اليهود - حين سأهم البي يُكُدٌ عن شيءء فكتموه إياه؛ وأخبروه بغيره» أروه أنهم 
أخبروه .مما سأطهم عنه» واستحمدوا بذلك إليه» فنزلت الآية (رواه الشيخان). 


ثانيا: كما أشكل على عروة بن الزبير ده قوله تعالى: لإإِنَ الصّفا وَالْمَْوَةَ مِنْ شعَائر الله من 


م 
ب م 


حَجٌ البَيتَ او اعْثَمرَ فلا جُتاحَ عَلَيْه أن يَطرََّفَ هما (البقرة:0١)»‏ فإن ظاهر الآية الكريعة يشير إلى 
عدم وجوب السعي بين الصفا والمروة» حى قال عروة بن الزبير لخالته عائشة أم المؤمنين ذها: 
يا حالة! إن الله تعالى يقول: لفلا تاد غك أذ يرت 4 فأرى أنه لا بأس على الإنسان 
أن يترك السعي بينهما؟ فقالت له عائشة: بئس ما قلت يا ابن أخ! لو كان الأمر كما 
ذكرت,. لقال الله تعالى: "فلا جناح عليه ألا يطوف يمما", ثم أحبرته بأن الناس ف الجحاهلية 
كانوا يسعون بين الصفا والمروة» وكانوا يحجون في سعيهم لصنمين» أحدهما على الصفاء 
يسمى "إسافا"؛ والثاني على المروة» ويسمى "نائلة"» فلما دحل الناس في الإسلام» تحرّج بعض 
الصحابة من السعي بينهما حشية أن يلتبس الأمر بعبادة الجاهلية» فنزلت الآية الكريعة» تدفع 
عنهم الإثم والحرج؛ وتوجب عليهم السعي لله تعالى» لا للأصنام» فقد ردت عائشة على عروة 
فهمهء وكان ذلك بسبب النزول. ”") 


('؟ انظر "الأتقان": .894/١‏ 


أسباب النزول يان وضيح لمعنى الآية الكريمة 
الغا: أشكل على بعض الأئمة معين الشرط في قوله تعالى: «إوَالَايِي يِسْنَ من الْمَحِيضٍ مِنْ 
نسَائكمْ إِنِ ارْتيتم فعدهنَ ثَلانَة أَشهر (لطلاق:)» حن قال الظاهرية: إن الآيسة الي انقطع دم 
الخيض عليها لكبر السنء لا عدة عليها إذا لم ترتبء وقد تبين خطأ فهمهم بسبب النزول؛ فإن 
الآية خحطاب لمن لم يعلم "ما حكمهن ف العدة": وارتاب "هل عليهن عدة أم لا"؟ فيكون معن 
ظإنٍ ارْتبتُة» أي: إن أشكل عليكم حكمهنء وجهاتم "كيف يعتدون؟" فهذا هو حكمهن, 
وقد نزلت هذه الآية بعد أن قال بعض الصحابة: إن عدة بعض النساء لم تذكر في القرآن» وهن 
الصغيرات والآيسات, فنزلت الآية الكرعة؛ تبيين حكم عدة كل" منهنء والله أعلم. 27 

رابعا: ومن أمثلة فوائد معرفة أسباب النزول في دقع توهم الحصرء ما روي عن الشافعي مله 
ف قوله تعالى: «فل لا أَجِدُ ني ما أُوجِيَ إلى مُحَرمأَلَى طَاِم يَطعَمُه إلا أن لكو هينه دما 
مَسْفوحاً أو لَحُمْ جنير فإِنهُ رحس أَوْ فشْقاًأَحِللعَيْر الي (الأنعام:ه4١)»‏ فقد قال ما معناه: "إن 
الكفار لما حرموا ما أحل الله وأحلوا ما حرم الله وكانوا على المضادة والمْحادّة» جاءت الآية 
مناقضة لغرضهم.ء فكأنه قال: لا حلال إلا ما حرمتموه ولا حرام إلا ما أحللتموه» فلم يقصد 
حل ما وراءه» وإنما القصد إثبات التحريم لا إثبات الحل. قال إمام الحرمين: وهذا في غاية 
الحسنء ولولا سبق الشافعي إلى ذلكء لما كنا نستجيز مخالفة مالك في حصر المحرمات فيما 
ذكرته الآية. 9) 

توضيح لعي الآية الكرعة: 

وتوضيحا لهذه الفكرة أقول: إن ظاهر الآية الكريمة يدل على حصر المحرمات في هذه الأشياء 
المذكورة في الآية الكرعة» وليس الأمر كذلكء فإن هناك محرمات غير هذه؛ وإنما وردت الآية 
بصورة الحصرء وليس معناها الحصر للرد على المشركين في تحريمهم ما أحل الله وتحليلهم لم 
حرم الله. 


ف انظر "الاتقان": ١ذ/مهم‏ © انظر "الإتقان": .88/١‏ 


أسباب النزول 55 ما هو سبب النزول 
خامسا: ومن أمئلة فوائد سبب النزول أن نعرف اسم من نزلت فيه؛ ليزول اللبس والإهام 
فقد زعم مروان أن قوله تعالى: لِوَالَذِي قال لوالديه ف كما الأحقاف:007)» أنما نزلت في 
عبد الرحمن بن أبي بكر فردت عليه عائشة هنا هذا الزعم الباطل» وبينت له سبب نزوفاء 
وتفصيل القصة على ما ذكرها البخاري» هي: 

"إن مروان كان عاملا على المدينة» فأراد معاوية ذه أن يستخلف يزيدء فكتب إلى مروان 
بذلك» فحمع مروان الناس فخخطبهم: فذكر يزيد ودعا إلى بيعته» وقال: إن أمير المؤمنين أراه الله 
في يزيد رأيا حسناء وإن يستخلفه فقد استخلف أبو بكر وعمر» فقال عبد الرحمن: ما هي إلا 
هرقلية - يعن أنها استبداد للملك» كعمل ملوك الروم - فقال مروان: سنة أبي بكر وعمر 
فقال عبد الرحمن: هرقلية. إن أبا بكر والله ما حعلها في أحد من ولده ولا في أهل بيتهء وما 
جعلها معاوية إلا كرامة لولده: فقال مروان: خذوهء فدحل بيت عائشة» فلم يقدروا عليه 
فقال مروان: إن هذا الذي أنزل الله فيه: وَالذِي قال لِوَالِدَيْهِ أف لَكمًا أتعدانني أن أخْرَج وَقَدْ 
خَلتَ القَدُونُ مِنْ قيلي 4 (الأحقاف:107)» فقالت عائشة من وراء الحجاب: "ما أنزل الله فينا شيئا 
من القرآن إلا أن الله أنزل عذري - براءعق - ولو شكت أن أسمي من نزلت فيه لسميئٌه"7") 

ما هو سبب النزول؟ 

قد تحصل واقعة» أو تحدث حادثة» فتنزل آية» أو آيات كريمة في شأن تلك الواقعة أو الحادثة, 
فهذا هو ما يسمى ب"سبب النزول"؛ وقد يعرض سؤال على البي يلد بقصد معرفة الحكم 
الشرعي فيه أو الاستفسار عن أمر من أمور الدين؛ فتنزل بعض الآيات الكرعة» فهذا أيضا ما 
يسمى باسيب النزول . 

مثال الحادثة: ما رواه البختاري عن خباب بن الأرت ذه قال: كنت قينا - أي حدادا - وكان لي 


)00 انظر : البخاري» كتاب التفسسير» سورة حم الأحقاف (رقم الحديث: 5.١‏ 55). 


أسباب التزول نذا كيف يعرف سبب النزول 
على العاص بن وائل دين» فجئت أتقاضاه 25 فقال لي: لا أعطيك دينك حى تكفر .محمد 
وتعبد اللات والعزى فقلت: لا أكفر حت بيتك الله ثم ييعئك» فقال: إن إذا لميّت. ثم مبعوث» 
فانتظرني إلى ذلك اليوم» فسأوق مالا وولداء فأوفيك دينكء» فأنزل الله عزوجل فيه قوله: 
آرت الَّدِي كَفرَ باينا وََالَ وين مالا رودا أَطْلَم اليب أم انَحَدَ عند الوَحْمَنِ عَهدا 
6ل تشتكتك ا يتون ركذ لين قدا قنور 10 قا ينول وباوا داك رورم ابو 

ومثال السؤال: ماروي عن معاذ بن حبل ونه أنه قال: "يا رسول الله! إن اليهود تغشاناء 
ويكثرون مسألتنا عن الأهلة» فما بال الحلال يبدو دقيقاء ثم يزيد حب يستوي ويستدبر» ثم ينتقص 
حي يعود كما كان؟ فأنزل الله: هيُسَْونَكَ عَن الْأَعِلَةقلْ هي مَوَاقِيتٌ لس وَالْحَجّ4 (البقرة 0166" . 
كيف يعرف سبب النزول؟ 

يظهر مما سبق أن أسباب النزول لا يمكن أن تدرك بالرأي» ولابد فيها من الرواية الصحيحة 
والسماعء ممن شاهدوا التنزيل» أو وقفوا على الأسباب» وبحثوا فيهاء من الصحابة والتابعين 
وغيرهم؛ ممن اكتسبوا علومهم على أيدي العلماء الموثوقين. 

وقد قال ابن سيرين حفه: سألت عبيدة عن آية من القرآن؟ فقال: اتق الله» وقل سداداء ذهب 
الذين يعلمون فيما أنزل الله من القرآن. 

ويعتمد في معرفة سبب النزول على النقل الصحيح, فإذا صرح الراوي بلفظ السبب» فهو 
نص صريح فيهء كقول الراوي: سبب نزول هذه الآية كذا وكذا. وكذلك إذا أتى بفاء 
تعقيبية داخلة على مادة النزول» كقوله: حدث كذاء أو سكل البي كللُ عن كذاء "فنزلت". 
فهو نص صريح في سبب النزول أيضا. 

”' انظر صحيح البخاري» كتاب التفسيرء سورة مري؛ باب أفرأيت الذي كفر بآياتنا. (رقم الحديث: 455 4). 

5 انظر "روح المعابي للآلوسي": 417/7 .١‏ 


أسباب النزول هك هل يتعدد سبب النزول 
وقد لا تكون الصيغة نصا في السبب كقوهم: نزلت هذه الآية في كذاء فقد يراد منه سبب 
النزول» وقد يراد ما تضمنته الآية من أحكامء فيكون مثل قوله: عبن يمذه الآية كذا. 

قال الزركشي ملك في البرهان: قد عرف من عادة الصحابة والتابعين أن أحدهم إذا قال: 
نزلت هذه الآية في كذا..., فإنه يريد بذلك أن هذه الآية تتضمن هذا الحكم, لا أن هذا كان 
السبب في نزوها. ”") 

وقال ابن تيمية: قوهم: "نزلت هذه الآية في كذا", يراد به تارة سبب النزول» ويراد به تارة 
أن ذلك داخل في الآية» وإن لم يكن السبب فيه. 7) 


هل يتعدد سبب النزول؟ 

كثيرا ما يذكر المفسرون لنزول الآية أسبابا متعددة» والمعتمد في مثل هذه الحال أن ننظر إلى 
العبارة ال قالوهاء ونستطيع أن نستخلص ما يلي: 

أولا: أن يعبر كل منهما بقوله: "نزلت هذه الآية في كذا.."» ويذكر أمرا آخر غير الذي 
ذكره الأول» فيحمل على أنه استنباط للحكم.؛ وتفسير لمعن الآية» فلا منافاة بينهما كما مر؛ 
لأنه ليس بسبب النزول. 

ثانيا: أن يعبر أحدهما بقوله: "نزلت الآية في كذا". ويصرح الآخر بذكر سبب النزول؛ 
فالمعتمد هنا التصريح؛ مثاله: ما رواه البخاري عن ابن عمر ضما قال: أنزلت نْسَاوٌكُمْ 
حَزْتٌ لَكمْ) (لبقرة:+0 في إتيان النساء في أدبارهن. 9) 

وروى مسلم في صحيحه عن جابر ذه قال: كانت اليهود تقول: "من أتى امرأته من دبرها 
7" المصدر السابق. 


8 أخرجه البخاري في كتاب التفسير» سورة البقرة» باب "نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم وقدموا 
لأنفسكم" (رقم الحديث: 07 8))» ولفظه: عن ابن عمر : "فأتوا حرئكم أن شئتم" قال يأتيها في ...." 


أسباب النزول 5 هل يتعدد سبب النرول 
في تثلها حاء الولد أحول" فأنزل الله: إنِسَاؤٌ كم حَثٌ لكي فالمعتمد هنا الثاني» وهو 
حديث جابر ه؛ لأنه نص في السبب» فهو نقل» وقول ابن عمر هما ليس بنص؛ فيحمل 
على أنه استنياط للحكم وتفسير له. 
ثالثا: أن يذكر كل واحد سببا صريحا للنزول غير الآخرء فيعتمد هنا الصحيح دون الضعيف» 
مثاله: ما أخرحه الشيخان عن حندب هه قال: اشتكى البي و فلم يقم ليلة أو ليلتين؛ 
فأتته امرأة» فقالت: يا محمد! ما أرى شيطانك إلا قد ترككء فأنزل الله: طوَالضّحَىء وَاللَيْلٍ 
إِذَا سَحَى مَاوَدْحَكَ رَبك وَمَا قلَى» (الضحى١-م).‏ 50 
وأرج الطبراني: أن جروا دحل بيت البي كل فدحل تحت السرير فمات» فمكث الي أربعة أيام 
لا ينزل عليه الوحي؛ فقال: يا خخولة! ما حدث في بيت رسول الله كعد جبريل لا يأتيين؟ 
فقلت في نفسي: لو هيأت البيت وكنسته؛ فأهويت بالمكنسة تحت السريرء فأخرحت الجروء 
فجاء النبي ترعد لحيته - وكان إذا نزل عليه أخخذته الرعدة -» فأتزل الله: «وَالضّحَى وَاللَيْلٍ 
إذا سَجَى 4 إلى قوله «فتَرْضَى# (الضحى١0-1»‏ فتعتمد على الرواية الأولى؛ لأنها في الصحيحين. 
قال ابن حجر ف شرح البخاري: قصة جبريل بسبب الجرو مشهورة» لكن كوفا سبب نزول 
الآية غريب» وفي إسناده من لا يعرفء فالمعتمدٍ ما في الصحيح. ”") 
رابعا: أن يستوي الإسنادان في الصحة؛ فنرجح أحدهما على الآخر لوجه من وجوه الترجيحات» 
كذكر الراوي أنه حضر القصة مثلاء أو نحو ذلك. 
مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن مسعود قال: كنت أمشي مع البي يد بالمدينة» وهو يتوكاً 
() أخرجه مسلم في كتاب النكاح» باب "جواز جماع امرأته في قبلها من قدامها ومن ورائها من غير تعرض 
للدبر". (رقم الحديث:1477 156:1 )١‏ 
'" أخرجه البخاري في أبواب التهحدء باب ترك القيام المريض (رقم الحديث: ))٠١171007‏ وفي التفسيرء 


سورة الضحى (رقم الحديث:45717) وأخرحه مسلم ف الجهاد والسير» باب ما لقي البي كله من أذى 
المش ركين والمنافقين. (رقم الحديث:117/910) 7(" الإتقان: .56/١‏ 


أسباب النزول 5 .2 هل يتعدد سبب النزول 
على عسيبء فمرّ بنفر من اليهودء فقال بعضهم: لو سألتموه. فقالوا: حدثنا عن الروح» فقام 
ساعة» ورفع رأسهء فعرفت أنه يوحى إليهء حين صعد الوحيء ثم قال: لإقل الرُوحُ من أَمْرِ ربّي 
17 أُوتِيُهْ من الْعلَم إل قلبيلا» (الإسراءةههم. 200 

وما أخخرجحه ريق وصححه. عن ابن عباس ذّماء قال: قالت قريش لليهود: أعطونا شيئا نسأل هذا 
الرجل عنه» فقالوا: اسألوه عن الروح؛ فأنزل الله: وَيَسْأَلونَكَ عَن اليو ح....]4 (الإسراء: 0م) 250 

فهذه الرواية تقتضي أنها نزلت .مكة, والأولى تقتضي أنما نرلت بالمديقة, فترجحح الرواية الأولى؛ 
لأن ابن مسعود كان حاضر القصة, ثم ما رواه البخحاري يرجح على ما رواه غيره. 

خامسا: أن تكون كل من الروايتين صحيحة الإسنادء وأن يكون بينهما تقارب في المدة» فتنزل 
الآية أو الآيات بسبب الحادئتين معاء وننتهي إلى الجمع بين الروايتين. 

مثاله: ما أخرجه البخاري عن ابن عباس ضهفا: أن هلال بن أمية قذف امرأته عند البي 325 
بشريك بن سحماءء فقال البي يله "البينة أو حد في ظهرك": فقال: يا رسول الله! إذا رأى 
أحدنا مع امرأته رجلاء ينطلق يلتمس البينة؟ فجعل البي يُدٌ يقول: "البينة أو حد في ظهرك": 
فقال: والذي بعئك بالحق إن لصادقء ولينزلن الله تعالى ما يبرئ ظهري من الحدء فنزل 
جبريل علكلاء وأنزل الله عليه: وَالَذِينَيَْمُونَ أَرْوَاحَهُم)4 حى بلغ إن كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ 
(النور: 5 -4). 5 

وما أخرجه الشيخان عن سهل بن سعد قال: حاء عويعر بن نصر إلى عاصم بن عدي فقال: 
اسأل رسول الله عن رجحل وحد مع امرأته رحلاء أيقتله فيقتل به أم كيف يصنع؟ فسأل عاصم 
رسول لله ولد فعاب السائل» فأخبر عاصم عوعراء فقال: والله لآتين رسول الله فلأأسألنه: فأتاه 
أخرجه البخاري في كتاب العلم؛ باب قول اله: "وما أو تيقم من العلم إلا قليلا". (رقم الحدييث:118) 

7" أحرجه الترمذي في تفسير القرآن» سورة بن إسرائيل. (رقم الحديث:٠14١*)‏ 


,2 غير جه اليخاري ف كتاب التفسير» سورة النور» باب ويدرأً عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات الله إنه 
لمن الكاذبين. (رقم الحديث: 17٠١‏ 5). 


أسباب النزول ١؛‏ هل يتعدد سبب التزول 


2 م #» م 


فقال 226: "إنه قد أنزل فيك وفي صاحبتك قرآن» وتلا الآية الكريمة ظوَالَذِينَ يَامُونَ أَزْوَاحَهِمِ 
وَلَميَكنْ َم شْهدَاء إلا ألفْسَو4 وفورهم. 063 

وطريق الجمع بينهما أن نقول: إن أول من وقع له ذلك "هلال": وصادف بمحيء "عوعر" 
أيضاء فنزلت فيهما جميعاء قال ابن حجر: ولا مانع من تعدد الأسباب. 

سادسا: أن لا يمكن الجمع بين الروايات الصحيحة» فيحمل على تعدد النزول وتكرره؛ لأن 
المدة بينهما بعيدة. 

مثاله: ما روي في الصحيحين عن المسيب قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة» دحل عليه 
روسل الله يي وعنده أبو جهلء وعبد الله بن أبي أمية» فقال: أي عم! قل: لآ إله إلا الله 
كلمة أحاجّ لك بما عند الله فقال أبو جهل وعبد الله: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا 
يكلمانه حي قال: هو على ملة عبد المطلب» فقال البي 85: لأستغفرن لك ما لم أنه عن ذلك 
فنزلت: ما كَان لِليبََ وَالَّذِينَ آمنوا أن يَسْتغِْرُوالِلْمْشْركين....4 (العوبة:01). 90 

وما أخرجه الترمذي عن علي نه قال: معت رحلا يستغفر لأبويه وهما مشركان؛ فقلت: 
تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال: استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك» فذكرت ذلك 
للرسول كنيد فنزلت: «إمًا كَانَ للبر...#. 27 

وروي أيضا أن البي يعد رج يوما إلى المقابر» فحلس إلى قبر منهاء فناحاه طويلاء ثم بكى 
فقال: "إن القبر الذي حلست عنده قبر أمي» وإني استأذنت ري في الدعاءء فلم يأذن لي 


أخحرجه البخاري في كتاب التفسير» سورة النور» باب قوله عز وحل: "والذين يرمون أزواجهم" الآية (رقم 
الحديث: 54748): وأحرحه مسلم في كتاب اللعان. (رقم الحديث:497١)‏ 

7 أخحرجه البخاري ف كتاب الحنائر» باب إذا قال المشرك عند الموت: "لا إله إلا الله" (رقم الحديث:9414؟١)»‏ وأخرحه 
مسلم في كتاب الإبمان» باب الدليل على صحة إسلام من حضرة الموت ما لم يشرع في النزع (رقم الحديث:75). 

(" أحرجه الترمذي في تفسير القرآن» سورة التوبة (رقم الحديث:١١51).‏ 


أسباب النزول "؛ العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب 
فأنزل علي : وما كان للتبية وَالَذِينَ آمنوا أن يَسْتَعْفِدوا لمش ركين.... 4 (التوبة:1). ('؟ قال 
السيوطي: فيجمع بين هذه الأحاديث بتعدد التزول؛ 9 


هل العبرة بعموم اللفظء أم بخصوص السبب؟ 

احتلف علماء الأصول في مسألة دقيقة» وهي: هل العبرة بعموم اللفظ أم بخصوص السبب؟ 

أي أنه إذا وقعت حادثة فنزلت في شأها آية كريعة» فهل يقتصر حكم هذه الآية على تلك 

الحادثة» أو الواقعة» أو الشخمص الذي نزلت فيه أم يتعدى الحكم إلى الجميع؟ 

فجمهور العلماء يذهبون إلى أن العبرة بعموم اللفظ» لا بخصوص السببء وهذا هو الصحيح: 

وهناك رأي آخر بأن العبرة بخصوص السبب. 

قال السيوطي مله في كتابه "الإتقان في علوم القرآن": 

ومن الأدلة على اعتبار عموم اللفظ: احتجاج الصحابة وغيرهم في وقائع بعموم آيات 

نزلت على أسباب خاصة؛ كنزول آية الظهار في سلمة بن صخحرء وآية اللعان في شأن هلال بن 

أمية» وحد القذف في رماة عائشة:» ثم تعدى الحكم إلى غيرهم لعموم اللفظ» وقد ورد عن 

ابن عباس ّم ما يدل على اعتبار العموم, فإنه قال به في آية السرقة» مع أنها-نزلت في امرأة 

سرقتء ثم روي عن "نحدة الحنفي" قال: سألت ابن عباس عن قوله تعالى: إوَالسَارق وَالسَّارقة 

('؟ وقال خاتمة المحققين الشيخ محمد أمين الشهير بابن عابدين يله في "رد المحتار على الدر المختار" (754/5): 
"مَطلبُ في إحياء أبوي البي يقد بعد موقهما" ألا ترى أن نبينا يفدٌ قد أكرمه الله تعالمى بحياة أبويه له حى آمنا 
به في حديث صححه القرطبي يله وابن ناصر الدين حافظ الشام مِلّْه وغير ثماء فانتفعا بالإيمان بعد الموت 
على خلاف القاعدة إكراما لنبيه كك كما أحيا قنيل بئ إسرائيل ليخبر بقائله وكان عيسى عفتلا يحي الموتى» 
وكذلك نبينا ولْدٌ أحيا الله على يديه جماعة من الموتى» وقد صح أن الله تعالى رد عليه يوٌ الشمس بعد 
مضيها حى صلى علي كرم الله وحهه العصر, فكما أكرمه بعود الشمس والوقت بعد فواته» فكذلك أكرم 
بعود الحياة ووقت الإبمان بعد فواته. وما قيل: "إن قوله تعالى: فإوّلا تُسأل عَنْ أصْحَاب الْحَحيم) (لبقرة:ه01 


نزل فيهما" لم يصح., وبر مسلم: "أبي وأبوك في النار" كان قبل علمه. 
'؟ انظر "الإتقان": .71١/١‏ 


أسباب التزول 4 العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص السبب 
فَاقَطعُوا أَيْدِيَهُمَا ائدة:دم أخاص أم عام؟ قال: بل عام. 

قال ابن تيمية: قد يجيء كثيرا من هذا الباب قوطم: هذه الآية نزلت في كذا - لا سيما إن 
كان المذكور شخصا - كقوهم: إن آية الظهار نزلت في امرأة ثابت بن قيسء وإن آية الكلالة 
نزلت في جابر بن عبد الله وأن قوله تعالى: هوَأَنٍ اك لي برل اليه (المائدة:49) نزلت في 
بن قريظة وبئ النضيرء ونظائر ذلك. 

فالذين قالوا ذلك؛ لم يقصدوا أن حكم الآية يختص بأولئك الأعيان دون غيرهم؛ فإن هذا 
لا يقوله مسلم: ولا عاقل على الإطلاق. 

وقال الزمخشري في تفسير سورة الشهمزة: يجوز أن يكون السبب خاصاء والوعيد عاما؛ ليتناول 
كل من باشر ذلك القبيح» وليكون ذلك جاريا بحرى التعريضء”" والله تعالى أعلم. 


#د 8# 


)0( انتهى بتصرف» من كتاب "الإتقان قف علوم القرآن . 


الفصل لايم 000202002020000 44 0222022 نزول القرآدعلى سبعةاحرف 
الفصل الرابع: 
نزول القرآن على سبعة أحرف 


تمهيل: 

ما خلق الله الخلق» جعل لكل منهم شرعة ومنهاجاء وكان للعرب لهجات متعددة» اكتسبوها 
من فطرهم» واقتبسوا بعضها من جيرانهم؛ وكانت لغة قريش لما الصدارة والذيوع لأسباب 
عدة» منها اشتغالهم بالتجارة» ووجودهم عند بيت الله الحرام» وقيامهم على السدانة والرفادة؛ 
وكان القرشيون يقتبسون بعض اللهجات والكلمات الى تعحبهم؛ من غيرهمء وكان من 
الطبيعي أن ينزل الله أحكم الحاكمين القرآن باللغة ال يفهمها العرب أجمع؛ لتيسير فهمهاء 
وللإعجاز والتحدي لأرباب الفصاحة بالإتيان بسورة أو بآية» وتيسير قراءته وفهمه وحفظه طهم؛ 
لأنه نزل بلغتهم كما قال جل ثناؤه: إإنا ناه فآناعرَيالعلَكُْ تَعْقلُون4 (يوسف:1). 

أدلة نزول القرآن على سبعة أخرف: 

أولا: روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن ابن عباس ذا أنه قال: قال رسول اله ل 
"أقرأني جبريل على حرف فراجعته» فلم أزل أستزيده ويزيدي حى انتهى إلى سبعة أحرف".”") 
زاد مسلم: "قال ابن شهاب: بلغين أن تلك السبعة في الأمر الذي يكون واحداء لا يختلف في 
حلال ولاحرام . 

ثانيا: روى البخاري ومسلم - واللفظ للبخاري - أن عمر بن الخطاب وه قال: "سمعت 
هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله يو فاستمعت لقراءته» فإذا هو يقرؤها 
على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله كد فكدت أساوره في الصلاة» فانتظرته حّ سلم 


صحيح البخاري (171:7)» صحيح مسلم (571:1) بسندهما عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة. 


نزول القرآن على سبعة أحرف 40 أدلة نزول القرآن على سبعة أحرف 
ثم لبيته بردائه» فقلت: من أقرأك هذه السورة؟ قال: أقرأنيها رسول الله يلل قلت له:كذبت» 
فوالله إن رسول الله كد أقرأني هذه السورة ال سمعتك تقرؤهاء فانطلقت أقوده إلى 
رسول الله يكب فقلت: يا رسول الله] إن سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف 
لم تقرئنيهاء وأنت أقرأتن سورة الفرقان. 

فقال رسول الله كهُ: أرسله يا عمر! اقرأ يا هشام!ء فقرأ هذه القراءة الي سمعته يقرؤهاء قال 
رسول الله 35: هكذا أنزلت, ثم قال: إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرفء, فاقرأوا ما تيسر 
منه". وفي بعض الروايات: أن رسول الله استمع إلى قراءة عمر أيضا وقال: هكذا أنزلت. 
ثالنا: روى مسلم بسنده عن أَبي بن كعب قال: كنت في المسحدء فدخل رجحل يصلي فقرأ قراءة 
أنكرها عليه ثم دحل آحرء فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه؛ فلما قضينا الصلاة دخلنا جميعا على 
رسول الله كد فقلت: إن هذا قرأ قراءة أنكرقها عليه» ودحل آخر فقرأ سوى قراءة صاحبه؛ 
فأمرهما رسول الله كل فقرءاء فحسن البي يلد شأفماء فسقط في نفسي من التكذيبء ولا إذ 
كنت في الجاهلية» فلما رأى رسول الله كد ما قد غشيئ ضرب في صدريء ففضضت عرقاء 
وكأنا أنظر إلى الله عزوحل فرقاء فقال له: يا أبي! أرسل إل أن اقرأ القرآن على حرف,؛ فرددت 
إليه أن هون على أميء فرد إلي الثانية: اقرأه على حرفين؛ فرددت إليه أن هون على أميّء فرد إلي 
الثالثة: اقرأه على سبعة أحرف» ولك بكل ردة رددقها مسألة تسألنيها فقلت: اللهم اغفر لأمي 
اللهم اغفر لأمِيّء وأحرت الثالثة ليوم يرغب إليّ الخلق كلهمء حين إبراهيم ع#. 

قال القرطبي: "فكان هذا الخاطر (يشير إلى ما سقط في نفس أبي) من قبيل ما قال فيه الببي كل 
حين سألوه: إنا بحد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: "أوّقد وجدتموه؟ قالوا: 
نعم. قال: ذلك صريح الإمان".7') 

رابعا: روى الحافظ أبو يعلى في مسنده الكبير: أن عثمان هه قال يوما وهو على المنبر: 


39 رواه مسلم. 


نزول القرآن على سبعة أحرف 5 أدلة نزول القرآن على سبعة أحرف 
أذ كر الله رحلا سمع النبي ولد قال: "إن القرآن أنزل على سبعة أحرف كلها شاف كاف" لما 
قام, فقاموا حين لم يحصواء فشهدوا أن الرسول 5ه قال: "أنزل القرآن على سبعة حروف» 
كلها شاف كاف", فقال عثمان ذه: "وأنا أشهد معهم". 

خامسا: روى مسلم بسنده عن أبي بن كعب هه أن النبي يُدٌ كان عند أضاة”'؟ ب غفار 
قال: فأتاه جبريل 3 فقال: "إن الله يأمرك أن تُقرئ أمتك القرآن على حرف. فقال: أسأل 
الله معافاته ومغفرته, وإن أمى لا تطيق ذلك» ثم أتاه الثانية» فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ 
أمتك القرآن على حرفين. فقال: أسأل الله معافاته ومغفرته» وإن أم لا تطيق ذلك ثم جاءه 
الثالثة» فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على ثلاثة أحرفء فقال: أسأل الله معافاته 
ومغفرته» وإن أمن لا تطيق ذلكء ثم حاءه الرابعة» فقال: إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن 
على سبعة أحرفء فأبما حرف قرؤوا عليه فقد أصابوا". 

سادسا: روى الترمذي عن أبي بن كعب أيضا قال: لقي رسول الله يمد حبريل عند أحجار 
المروة» قال: فقال رسول الله يك لحبريل: إن بعشت إلى أمة أميين» فيهم الشيخ الفاني» والعجوز 
الكبيرة» والغلام» قال: فمرهم فليقرؤوا القرآن على سبعة أحرفء قال الترمذي: حسن صحيح. 
وف لفظ: "فمن قرأ بحرف منها فهو كما قرأ". 

وف لفظ حذيفة: فقلت: يا حبريل! إن أرسلت إلى أمة أميةء فيهم الرحل والمرأة» والغلام 
والجارية» والشيخ الفاني الذي لم يقرأ كتابا قط قال: "إن القرآن أنزل على سبعة أحرف". 
سابعا: أخحرج الإمام أحمد بسنده عن أبي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو أن رجلا قرأ 
آية من القرآن؛ فقال له عمرو: إنما هي كذا وكذاء فذكر ذلك للنني يد فقال: "إن هذا 
القرآن أنزل على سبعة أحرفء فأي ذلك قرأتم أصبتم, فلا تماروا". 

ثامنا: روى الطبري والطبراني عن زيد بن أرقم وه قال: حاء رحل إلى رسول الله يل فقال: 


('" مستنقع الماء كالغدير» وهو موضع بالمدينة نسب إلى بن غفار؛ لأنهم نزلوا عنده. 


نزول القرآن على سبعة أحرف 4 الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف 
أقرأني ابن مسعود سورة أقرأنيها زيد بن ثابت» وأقرأنيها أبي بن كعبء فاحتلفت قراءهمء 
فبقراءة أيهم آخذ؟ فسكت رسول الله 5 وعلى إلى جنبهء فقال علي: ليقرأ كل إنسان منكم 
كما علم. فإنه حسن جميل. 

تاسعا: أحرج ابن جرير الطبري عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله كه "إن هذا القرآن 
أنزل على سبعة أحرف فاقرؤوا ولا حرجء ولكن لا تختموا ذكر رحمة بعذاب» ولا ذكر 
عذاب بر حمة". 

الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف: 

-١‏ التيسير على الأمة الإسلامية» وخاصة الأمة العربية الي نزل عليها القرآنء وكان لا 
جات متعددة على الرغم أنما تجمعها كلمة العروبة» تأخذ هذا من قوله كه: "أن هّن على 
أمي"» "وان أمي لا تطيق ذلك"؛ وغيرها. 

قال المحقق ابن اللحزري: 

'وأما سبب وروده على سبعة أحرف؛ فللتخفيف على هذه الأمة» وإرادة اليسر يماء والتهوين 
عليهاء شرفا لهاء وتوسعة ورحمة» وخصوصية لفضلهاء وإجابة لقصد نبيها أفضل الخلق وحبيب 
الحق» حيث أتاه جبريل فقال: "إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك القرآن على حرف» فقال عط 
أسأل الله معافاته ومغفرته» فإن أميّ لا تطيق ذلك» ول يزل يردّد المسألة حى بلغ سبعة أحرف. 
ثم قال: وكما ثبت أن القرآن نزل من سبعة أبواب على سبعة أحرف, وأن الكتاب قبله كان 
ينزل من باب واحد على حرف واحدء وذلك أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كانوا يبعثون 
إلى قومهم الخاصين, والبي كد بعث إلى جميع الخلق» أحمرهم وأسودهم, عربيهم وعجميهم, 
وكان العرب الذين نزل القرآن بلغتهم؛ لغانهم مختلفة» وألسنتهم شى» ويعسر على أحدهم 
الانتقال من لغة إلى غيرهاء أو من حرف إلى آخرء بل قد يكون بعضهم لا يقدر على ذلك 
ولو بالتعليم والعلاج» لا سيما الشيخ والمرأة» ومن لم يقرأ كتاباء كما أشار إليه كل فلو 


نرول القرآن على سبعة أحرف 4 معنى نزول القرآن على سبعة أحرف 
كُلّفوا العدول عن لغتهم؛ والانتقال عن ألسنتهم, لكان من التكليف .ما لا يستطاعء وما 
عسى أن يتكلف المتكلف وتأبى الطباع". 

- جمع الأمة الإسلامية على لسان واحدء يوحد بينها هو لسان قريش الذي انتظم كثيرا 
من مختارات ألسنة القبائل العربية الي كانت تختلف إلى مكة في موسم الحج وغيره؛ ولذلك 
نزل القرآن على سبعة أحرف؛ يصطفي ما شاء من لغات القبائل العربية الى تمئلت في لسان 
القرشيين» وهذه حكمة إهية سامية» فإن وحدة اللسان العام من أهم العوامل في وحدة الأمة, 
خصوصا أول عهدها بالتوئب والنهوض. 

معبئ نزول القرآن على سبعة أحرف؟ 

الأحرف: جمع حرفء والحرف له معان كثيرة» قال صاحب القاموس: "الحرف من كل شيء 
طرفه» وشفيره وحله؛ ومن الحبل أعلاه المحدد, وواحد حروف التهحي َوَمِنَ الناس مَنْ يَعْيد الل 
عَلى حرف («لحج:١0)‏ أي وجه واحدء وهو أن يعبده على السراء لا على الضراء» أو على شك؛ 
أو على غير طمأنينة من أمره. أي لا يدخل في الدين متمكنا. و"نزل القرآن على سبعة أحرف". 
أي سبع لغات من لغات العرب. وليس معناه أن يكون في الحرف الواحد سبعة أوجه وإن جاء 
على سبعة أو عشرة أو أكثر ولكن معناه أن هذه اللغات السبع متفرقة في القرآن". (بتصرف) 
ثما تقدم نرى أن الحرف من قبيل المشترك اللفظيء والمشترك اللفظي يراد به أحد معانيه الي 
تعينها القرائن وتناسب المقام. 

فالمراد من لفظ الحرف: أنه الوحهء بدليل ما يأق: 

قوله يُلدّ: أنزل القرآن على سبعة أحرف. 

كلمة "على" تشير إلى أن هذا الشرط للتوسعة والتيسيرء همعيئ أنزل القرآن موسعا فيه على 
القارئ أن يقرأه على سبعة أوحه» يقرأ بأي حرف أراد منها على البدل من صاحبهء كأنه 
قال: أنزل على هذا الشرط وعلى هذه التوسعة. 


تزول القرآن على سبعة أحرراف 146 اختلاف العلماء في تفسير الأحرف 
اختلاف العلماء في تفسير الأحرف الواردة في الحديث: 

هنا يحتدم الجدال والنزاع؛ ويكثر القيل والقال» وسنذكر بعضا من الاراء؛ ونرحح ما نراه 
أقرب للصواب: 

-١‏ ذهب بعض العلماء إلى أن المراد به سبع لغات من لغات العرب في المع الواحد على 
معين أنه حيث تختلف لغات العرب في التعبير في مععئ من المعاني» يأنٍ القرآن بألفاظ على قدر 
هذه اللغات؛ وإذا لم يكن احتلاف فإنه يأتي بلفظ واحد. 

وقيل: إن السبعة هي لغة "قريش"» و"هذيل”'”» و"ثقيف"» و"هوازن"» و"كنانة"» و"تميم'» و"اليمن". 
- وقيل: إن المراد بالأحرف السبعة: سبع لغات من لغات العرب نزل عليها القرآن» على 
معن أنه في جملته لا يخرج في كلماته عن سبع لغات» هي أفصح لغاتهمء فأكثره بلغة قريش» 
ومنه ما هو بلغة هذيلء أو ثقيفء, أو هوازن, أو كنانة» أو تميم» أو اليمن. 

قال بعضهم: هذا أصح الأقوال وأولاها بالصواب» وهو الذي صححه البيهقي» واحتاره 
الأيمري» واقتصر عليه صاحب القاموس. 

*- إن المراد بالأحرف السبعة الي نزل عليها القرآن» سبعة أصناف في القرآن. 

ولكن أصحاب هذه الأقوال يختلفون في تعيين هذه الأصناف»: وفي أسلوب التعبير عنها 
اختلافا كبيراء فمنهم من يقول: إفا أمرء وفي»: وحلال وحرام» ومحكم ومتشابه» وأمثال. 
ومنهم من يقول: إنها وعدء ووعيد» وحلال» وحرام؛ ومواعظء وأمثال» واحتجاج. 
ومنهم من يقول: إهها محكم؛ ومتشابه» وناسخ» ومنسوخ؛ وخصوصء وعموم» وقصص.") 

5 - إن المراد بالأحرف السبعة أوجه من الألفاظ المختلفة في كلمة واحدة؛ ومعيئ واحد» 

نحو: هلم» وأقبل» وتعالء وعجل؛ وأسرع» وقصديء ونحوي, فهذه الألفاظ السبعة معناها 
واحد هو "طلب الإقبال . 


('؟ مناهل العرفان ص:75١.‏ 


نزول القرآن على سبعة أحرف 66 اختلاف العلماء في تفسير الأحرف 


وهذا القول منسو نب لجمهور أهل الفقه والحديث, منهم ابن جرير الطبري» والطحاوي» وغيرهما. 
ه- أن المراد بالأحرف السبعة الاحتلاف في أمور سبعة: 


أ 


ب 


43 


2 


اختلاف الأسماء إفرادا وتذكيرا وفروعهماء مثاله قوله تعالى: «وَالَذِينَ هُمْ 
أَمَاناتهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (الوسون:م) فكلمة "أمانتهم" قرئ بالجمع والإفراد. 
الاختلاف ثي تصريف الأفعال من مضارعء؛ وماضء وأمرء مثاله قوله تعالى: 
ريا بَاعِدَ يَيْنَ أَسْفَارِنَا4 (مبا:ه0 قرئ بنصب لفظ "ريّنا' على أنه منادى» 
وبلفظ "باعد" فعل أمر. وقرئ "ربنا بعٌد" برفع "رب" على أنه مبتدأء 
وبلفظ "بعد" فعلا ماضيا مضعف العين. جملته خخبر. 

الاختلاف بالإبدالء سواء كان إبدال حرف بحرفء كقوله تعالى: «إوَانظ 
ِلَى العظام كيف تُنْشِرُهَا «لبترة:.00 قرئ بالزاي وبالراء مع فتح النون» 
وقوله سبحانه: لرَطلح مَنْضْودٍ» (الواقعة:14) قرع "وطلع". فلا فرق في هذا 
بين الاسم والفعل أو إبدال لفظ بلفظء كقوله سبحانه: «كالْعِهن الْمنْفُوش » 
(القارعة:ه) قرأ ابن مسعود: "كالصوف المنفوش". 

اختلاف بالتقدم والتأخير» إما في حرف كقوله تعالى: «أفلَم س4 (الرعد: )*١‏ 
قرئ "فلم يَأيس". وإما في الكلمة» نحو: ظفيقمُلُونَ وَيُقتَلُونم» (لتربة:0 قرئ 
بالبناء للفاعل في الأول» وللمفعول في الثابي» وقرئ بالعكس» وكققوله سبحانه: 
لوَحَاءت ك1 الْمَوْتِ بالْحَقّ» (ق:19) قرئ "وجاءت سكرة الحق بالموت". 
احتلاف وجوه الاعراب» كقوله سبحانه: 9مَاهَذا بَشْراً4 (يوسف:١2)‏ قرأ 
ابن مسعود بالرفع» و كقوله سبحانه: ذو اعرش الْمَجِيدَيُه («لبروج:05 برفع 
المجيد على أنه نعت كلمة "ذو"»وجرها على أنها صفة العرش. 


نزول القرآن على سبعة أحرف اه الترجيح 
و- الاحتلاف بالزيادة والنقص» كقوله تعالى: وما حَلَقَ الذي وَالْأَننَى » 
(لليل:) قرئ "والذكر والأنثى" بحذف "ما خلق". 
ظ- احتلاف اللهجات بالتفحيمء والترقيق» والإمالة» والإظهارء والإدغام» وهو كثير 
ومنه الإمالة وعدمهاء في مثل قوله تعالى: هناك حَدِيِتُ مُوسّى) (لنازعات:6١).‏ 

وهذا الرأي الأخير قد ذهب إليه الرازي» وقاربه كل القرب مذهب ابن قتيبة» وابن الجزري» 
وابن الطيب» وقد أذ به الشيخ الزّرقاني في كتابه "مناهل العرفان" وأيده ببعض الأدلة. 
التر ججح : 
وأقرب الوجوه إلى الصواب هو المذهب الأخير» الذي اختاره الرازي» واعتمده الزّرقاني في 
كتابه "مناهل العرفان” وأيده بأدلة» منها: 

١‏ - إن هذا المذهب هو الذي تؤيده الأحاديث المتقدمة. 

؟- إنه يعتمد على الاستقراء التام لاحتلاف القراءات» وما ترجع إليه من الوجوه السبعة. 

“- إن هذا الرأي لا يلزمه محذور. 
والآراء في "الأحرف السبعة" كاملة تحدها في كتاب "مناهل العرفان" للزرقاي» وفيها توهين 
المذاهب الأخرى والرد عليها (ص:56١-/1ا١).‏ 
ونحن ننقل خلاصة هذا المذهب من كلام أبي الفضل الرازي في اللوائح حيث يقول: الكلام 
لا يخرج عن سبعة أحرف في الاختلاف. 
الأول: احتلاف الأسماء من إفراد» وتثنية» وجمع» وتذكير» وتأنيث. 
الثابئ: احتلاف تصريف الأفعال من ماض» ومضارع؛ وأمر. 
الغالث: احتلاف وجوه الإاعراب. 
الرابع: الاحتلاف بالنقص والزيادة. 
الخامس: الاحتلاف بالتقديم والتأخير. 


نزول القرآن على سبعة أحرف 0 هل الأحرف السبعة موجودة.... 
السادس: الاحتلاف بالابدال. 

السابع: اختلاف اللغات» يعينٍ اللهجات» كالفتح والإمالة» والترقيق والتفخيم» والإظهار 
والإدغام» ونحو ذلك. 

هل الأحرف السبعة موجودة في المصاحف الآن؟ 

-١‏ ذهب جماعة من الفقهاء والقراء والمتكلمين إلى أن جميع هذه الأحرف موجودة 
بالمصاحف العثمانية. 


حجتهم: 
أ- أنه لا يحوز للأمة أن تمل نقل شيء منها. 
ب- أن الصحابة أجمعوا على أن الصحف الي نقلها عثمان نه من الصحف 
الى كتبها أبوبكر ده. 
ج- معين ما تقدم أن الصحف الي عند أبي بكر قد جمعت الأحرف السبعة 
ونقلت منها المصاحف العثمانية بالأحرف السبعة كذلك. 
د- قول الببي د "إن أمى لا تُطيق ذلك" لا يختص بعهد الصحابة دون 
غيرهم؛ وبقاء تيسير القرآن مع بقاء إعجازه. 
؟- ذهب جماهير العلماء من السلف والخلفء» وأئمة المسلمين إلى أن المصاحف العثمانية 
مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة فقط» جامعة للعرضة الأخيرة الى عرضها 
البي كلد على جبريل -83. 
*- ذهب ابن جرير الطبري ومن معه إلى أن المصاحف العثمانية لم تشتمل إلا على حرف واحد 
من الحروف السبعة» وقالوا: إن الأحرف السبعة كانت في أيام الرسول د وأبي بكر وعمرء 
فلما كان عهد عثمان رأت الأمة بقيادته أن تقتصر على حرف واحد جمعا لكلمة المسلمين» 


ونسخ عثمان بهذا الحرف الذي استبقته الأمة وحده جميع المصاحف العثمانية. 

قال الزّرقانئ ف "مناهل العرفان" (ص:557) ما نصه؛ 

"ونحن إذا رجعنا يمذه الأوجه السبعة إلى المصاحف العثمانية» وما هو مخطوط با في الواقع ونفس 
الأمرء نخرج يمذه الحقيقة الي لا تقبل النقض؛ ونصل إلى فصل الخطاب في هذا الباب» وهو 
أن المصاحف العثمانية قد اشتملت على الأحرف السبعة كلهاء ولكن على معين أن كل 
واحد من هذه المصاحف اشتمل على ما يوافق رسمه من هذه الأحرف كلا أو بعضاء بحيث لم تخل 
المصاحف في مجموعها عن حرف منها رأسا". 

وقد بين ووضح الشيخ الزّرقاني وجود الأوجه السبعة على مذهبه المختار» وأن الأوجه السبعة 
موحودة الآن في المصاحف العثمانية» وسأكتفي بذكر مثال من أمثلته؛ غير أن بعض الوحوه 
السبعة ذكر أنها منسوخة بالعرضة الأخيرة. 

مثاله: قوله تعالى: لوَالَذِينَ هْ أَمَانَاتِهمْ وَعَهِدِهِمَ رَاعون4 «اللوسون:م) المقروءة ججمع الأمانة 
وإفرادهاء فقد اشتمل عليها اللمصحف إذ كان الرسم العثمان فيه هكذا: (لِأَمْنتهم) برسم المفرد في 
الحروف»؛ ولكن عليها ألف صغيرة؛ لتشير إلى قراءة الجمع؛ وغير منقوطة ولا مشكولة. ”") 
مناقشة مذهب الطبري: 

قال الطبري: إن الأحرف الستة نسخمت بإجماع الأمة في عهد عثمان ضَينه وبقي حرف واحد 
حفاظا لوحدة الأمة الإسلامية من التفرق» حين كفر بعضهم بعضا بسبب اخحتلاف القراءات 
وحيفت الفتنة» فلم تحد الأمة' حلا لهذه المشكلة إلا جمع الأمة على قراءة حرفو العك. 

الرد عليه: 

-١‏ الصحابة ّم احتلفوا في القراءة في. عهد رسول الله كد وكادت أن تقع فتنة - كما 


('' مناهل العرفان» ص:57١.‏ 


نزول القرآن على سبعة أحرف 64 مداقشة مذهب الطبري 
قلتم - فكيف حل الرسول ود هذه المشكلة؟ إئما كان حله الوحيد إقرار كل من المختلفين 
على القراءة الى قرأ بماء وأفهمهم أن تعدد وجوه القراءة هو رحمة من الله كم وتيسير عليهم 
كما دلت عليه الأحاديث المتقدمة. 

؟- وقال في الحديث: "إن أمى لا تطيق ذلك"» وأمته باقية إلى يوم القيامة» كما نشاهد نحن 
الآن أن بعض الشعوب الإسلامية لا يتيسر لها النطق ببعض الحروفء ولا تحسن إتقان بعض 
اللهجات دون بعض. 

-٠‏ بعد ما عرفنا ما تقدم» نقول: كيف يسوغ لصحابة رسول الله عليهم من الله الرضوان» 
- وعلى رأسهم عثمان بن عفان هه - إغلاق باب الرحمة والتخفيف الذي فتحه اللدلأمة 
الإسلام؟ مخالفي الرسول عليه الصلاة والسلام في علاحه للنزاع الذي حصل بين الصحابة 
بتقرير هذا التعدد للحروف. 

- إننا نربا بأصحاب رسول الله يتك أن يكونوا قد وافقواء أو فكروا على ضياع ستة أحرف من 
القرآن الكريم» وهي لم تنسخ لا تلاوة ولا حكماء ولم يكونوا ليخالفوا الرسول في قوله وعمله. 
ه- لو كانت هذه الأحرف نسخت في عهد عثمان ذه. لم يبق محال لاختلاف العلماء فيهاء 
ولكننا نحدهم اختلفوا فيها على نحو من أربعين قولا. 

5- لو فرضنا - جحدلا - أن الأحرف الستة نسخت في عهد عثمان فلماذا لا تبقى محرد 
التاريخ فقط في أعظم كتاب مقدسء مع أن الصحابة بينوا الآيات المنسوخة تلاوة أو حكماء 
وكذلك الآيات المنسوحة والأحاديث الموضوعة؛ وبينوا لكل وجهته. 

- وقصارى القول: أن الصحابة ّم لم يرضوا بمخالفة رسول الله كلد في قوله أو فعله. 
ولم يكن هم التبديل ونسخ ما لم ينسخ من كتاب الله وحاشاهم أن يقدموا على مثل هذا 
الفعل» رضي الله عنهم وأرضاهم. '") 


© انظر صفحة 710-761١‏ للبحث المفصل المتعلق بالأحرف السبعة. 


بعض الشبهات الواردة على الموضوع والرد عليها 
الشبهة الأولى: 


يقولون: إن المراد بالأحرف السبعة هي القراءات السبع المنقولة عن الأئمة السبعة المعروفين 
عند القراع. 

الرد عليهم: قولكم هذا باطل من وجوه: 

١‏ - إن قول الرسول 5 "إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف" يكون عاريا من الفائدة على 
قولكم حي يولد الأثمة السبعة» مع أن قولكم غير صحيح؛ لأن الرسول يد قرأ كما وصحابته 
والتابعون قبل ميلاد القراء. 

قال المحقق ابن الجزري: "فلو كان الحديث منصرفا إلى قراءات القراء السبعة المشهورين» أو سبعة 
غيرهم من القراء الذين ولدوا بعد التابعين لأدى ذلك إلى أن يكون الخبر عاريا عن الفائدة إلى أن 
يولد هؤلاء السبعة» فتوحذ عنهم القراءة» وأدى أيضا إلى أنه لا يجوز لأحد من الصحابة أن يقرأ إلا 
ما يعلم أن هؤلاء السبعة من القراء إذا ولدوا وتعلمواء اختاروا القراءة به» وهذا باطل؛ إذ طريق 
أذ القراءة أن توحذ عن إمام ثقة» لفظا عن لفظء إماما عن إمام؛ إلى أن يتصل بالبي 285". 

- إن الأحرف السبعة أعم من القراءات السبع عموما مطلقا؛ لأن الأحرف السبعة تشمل 
القراءات الي قرأ يما الرسول كك وتشمل أيضا ما وصل إلى هؤلاء القراء السبعة» وما نسخ 
قبل أن يصل إليهم؛ وتنتظم جميع القراءات صحيحهاء ومنكرهاء وشاذهاء فما دام أن الأحرف 
أعم من القراءات فلاتكون هي نفس القراءات. 

- من المحال عقلا أن يفرض الرسول يل قراءة القرآن على صحابته بقراءة القراء الذين لم يخلقوا 
بعدء وهذا الرأي باطل. 


نزول القرآن على سبعة احرف 5ه بعض الشبهات الواردة ... 


الشبهة الثانية: 

يقولون: إن أحاديث نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف تثبت الاختلاف مع أن القرآن 
نفسه ينفي الاختلاف بقوله تعالى: «إأفلا يتَدَبّدُونَ الْقَرْآنَ وَلَوْ كان مِنْ عِنْدٍ عير الله َوَجحَدوا فيه 
اختلافاً كثيرأ» (لنساء:85)» وذلك تناقض» ولا ندري أيهما الصادق؟ 

الجواب: إن الاحتلاف الذي تثبته الأحاديث غير الذي ينفيه القرآن» وعلى هذا كلاها 
صادق؛ إذ أن الاحتلاف الذي تثبته الأحاديث فيما يتعلق بطرق الأداء والنطق بألفاظ القرآن 
في دائرة محدودة» لا تعدو سبعة أحرف, وبشرط التلقي فيها كلها عن النبي ب 

فعلى هذا يكون الاختلاف في الأحاديث .معين التنويع أما القرآن فينفي التناقض بين أحكامه 
ومعانيه وتعاليمه؛ مع ثبوت التنويع في التلفظ والأداء' '. 

والحاصل: قال الشيخ شهاب الدين أبو شامة: وهذا المجموع في المصحف: هل هو جميع 
الأحرف السبعة الي أقيمت القراءة عليها؟ أو حرف واحد فيها؟ قال القاضي أبوبكر: إنه 
جميعهاء وصرح أبو جعفر الطبري والأكثرون من بعده بأنه حرف منهاء ومال الشيخ الشاطي 
إلى قول القاضي فيما جمعه أبو بكر نه وإلى قول الطبري فيما جمعه عثمان ه. 

قال الزركشي في البرهان: قال بعض المتأخرين: القراءات السبع الي قرأها القراء السبعة كلها 
صحت عن رسول الله يد وهو الذي جمع عليه عثمان دنه المصحفء؛ وهذه القراءات السبع 
اختيارات أولئك القراءء فإن كل واحد منهم اخحتار فيما روى وعلم وجهة من القراءة ما هو 
الأحسن عنده. ولزم طريقة منها ورواها وقرأ يماء واشتهرت عنه؛ ونسبت إليه فقيل: حرف نافع؛ 
وحرف ابن كثيرء ولم بمنع واحد منهم حرف الآخرء ولا أنكره» بل سوغه وحسته. إلى أن 
قال: وقد أجمع المسلمون في هذه الأعصار على الاعتماد على ما صح عنهم؛ وكان الإنزال على 


('؟ نقلا عن "مناهل العرفان" ص:75١‏ بتصرف. 


نزول القرآن على سبعة أحرف نه القراءات المشهورة وتعريفها 
الأحرف السبعة توسعة من الله ورحمة للأمة؛ إذ لو كلف كل فريق منهم ترك لغته والعدول 
عن عادة نشؤوا عليها من الإمالة والهمزء والتليين والمد» وغيره لشق عليهم. 

القراءات المشهورة: 

في غهاية البحث نرى لزاما علينا أن نتكلم على نبذة مختصرة عن القراءات و كيف نشأت؟ ومن 
هم القراء المشهورون؟ 

تعريف القراءات: 

القراءات: جمع قراءة» مصدر قرأ يقرأ قراءة» واصطلاحا: مذهب من مذاهب النطق في القرآن 
يذهب به إمامٌ من الأئمة القراء مذهبا يخالف غيره في النطق بالقرآن الكريم وهي ثابتة 
بأسانيدها إلى رسول الله يك3. 





هل كان ف عهد الصحابة قراء؟ 

نعم! يرحع عهد القراء الذين أقاموا الناس على طرائقهم في التلاوة إلى عهد الصحابة الكرام؛ 
فقد اشتهر بالإقراء منهم: أبي؛ وعلي» وزيد بن ثابت» وابن مسعودء وأبو موسى الأشعري؛ 
وغيرهم «ِلّها. 

وعن هؤلاء أحذ كثير من الصحابة والتابعين في الأمصارء وكلهم يسند إلى رسول الله يلد إلى 
أن جاء عهد التابعين في المائة الأولى» فتحرد قوم, واعتنوا بضبط القراءة عناية تامة حين دعت 
الحاحة إلى ذلك» وجعلوها علما كما فعلوا بعلوم الشريعة اللأأخرى. 

ونعود ونقول كيف نشأت القراءاث؟ 

عرفنا آنفا أن عهد القراء من عهد الصحابة إلى عهد التابعين» وأن المعول عليه في القرآن 
الكريم إنما هو التلقي والأخذ, ثقة عن ثقة» وإماما عن إمامء إلى النبي طّ وكانت المصاحف 
غير منقوطة ولا مشكولة» وأن صورة الكلمة فيها كانت محتملة لكل ما يمكن من وجوه القراعات 


نزول القرآن على سبعة أحرف مه ونعود ونقول كيف نشأت القراءات 
المختلفة» وإذا لم تحتملها كتبت الكلمة بأحد الوحوه فقي مصحفء, ثم كتبت في مصحف آخر 
بوجه آخرء وهلم حرا. فلا غرو أن كان التعريل على الرواية والتلقي هو العمدة في باب 
القراءة والقرآن. 

ثم إن الصحابة ّم قد اختلف أحذهم عن رسول الله 5 فمنهم من قرأ بحرف» ومنهم من 
أخذه عنه بحرفين» ومنهم من زاد. ثم تفرقوا في البلاد وهم على هذه الحال. 

وكان عثمان نه حين بعث المصاحف إلى الآفاق» أرسل مع كل مصحف من يوافق قراءته في 
الأكثر الغالب» وعند تفرق الصحابة في البلدان مع اختلافهم في القراءات نقل ذلك عنهم 
التابعون ومن تبعهم» واختلف بسبب ذلك أخذ التابعين حي وصل الأمر على هذا النحو إلى 
الأئمة القراء المشهورين» الذين تخصصوا وانقطعوا للقراءات يضبطوفاء ويعنون يماء وينشروها. 
هذا منشأ علم القراءات واختلافهاء وإن كان هذا الاختلاف يرحع في الواقع إلى أمور يسيرة 
بالنسبة لمواضع الاتفاق الكثيرة كما هو معلوم. وهذا الاحتلاف في حدود الأحرف السبعة 
الب نزل عليها القرآن الكريم كلها من عند الله. 

ويحسن في هذا المقام أن ننقل ما كتبه الشيخ الزّرقاني في كتابه "مناهل العرفان". وقد نقله من 
كتاب للنويري مخطوط بدار الكتب المصرية وضعه شرحا للطيبة في القراءات» قال: 
"والاعتماد في نقل القرآن على الحفاظ؛ ولذلك أرسل - أي عثمان ذه - كل مصحف مع 
من يوافق قراءته في الأكثرء وليس بلازم. وقرأ كل مصر ءما في مصحفهمء وتلقوا ما فيه من 
الصحابة الذين تلقوه عن الني تلد ثم تجرد للأحذ عن هؤلاء قوم أسهروا ليلهم في ضبطهاء 
وأتعبوا فارهم في نقلهاء حىّ صاروا في ذلك أئمة للاقتداءء وأنحما للاهتداءء وأجمع أهل بلدهم 
على قبول قراءتهم» ولم يختلف عليهم اثنان في صحة روايتهم ودرايتهم؛ ولتصدّيهم للقراءة نسبت 
إليهم؛ وكان المعول فيها عليهم. 

"ثم إن القراء بعد هؤلاء كثرواء وفي البلاد انتشرواء وخلفهم أممٌ بعد أمم» وعرفت طبقاتهم 


نرول القرآن على سبعة أحرف 6 عدد القراءات وأنواعها 
واحتلفت صفاتهمء فكان منهم المتقن للتلاوة المشهورة بالرواية والدراية» ومنهم المحصل لوصف 
واحد ومنهم المحصل لأكثر من واحدء فكثر بينهم لذلك الاختلاف» وقل منهم الائثلاف. 

فقام عند ذلك جهابذة الأئمة» وصناديد الأمة, فبالغوا في الاحتهاد بقدر الحاصل» وميزوا بين 
الصحيح والباطل؛ وجمعوا الحروف والقراءات» وعزوا الأوحه والروايات؛ وبينوا الصحيح 
والشاذء والكثير والفاذ بأصول أصلوها وأركان فصلوها...إلخ"7". 

عدد القراءات وأنواعها: 

ذكر صاحب كتاب "الإتقان" أن القراءات متواترة» ومشهورة» وآحادء وشاذ» وموضوع. 
ومدرج. قال القاضي حلال الدين البلقيئ: القراءة تنقسم إلى متواتر» وآحاد» وشاذ. 

فالمتواتر: القراءات السبع المشهورة0". 

والآحاد: قراءة الثلاثة الى هي ثمام العشرء ويلحق با قراءة الصحابة. 

والشاذ: قراءة التابعين» كالأعمش» ويحيى بن وثاب» وابن حبيرء ونحوهم. 

قال السيوطي: هذا الكلام فيه نظرء وأحسن من تكلم في هذا النوع إمام القراء في زمانه 
الشيخ أبو الخير ابن الجزريء قال في أول كتابه "النشر": 

"كل قراءة وافقت العربية ولو بوحه؛ ووافقت أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاء وصح سندهاء 
فهي القراءة الصحيحة الي لا يجوز ردهاء ولا يحل إنكارهاء بل هي السبعة الى نزل بما القرآن» 
ووجحب على الناس قبوفاء سواء كانت عن الأثئمة السبعة؛ أم عن العشرة» أم عن غيرهم من الأئمة 
المقبولين» وم اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها شاذة أو باطلة» سواء كانت عن 
السبعة» أم عمن هو أكبر منهم؛ هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف.0© 


مناهل العرفان: .5017/١‏ 
("© الإتقان: .7١7/١‏ 
(" مناهل العرفان: ١5/١‏ 4غ والإتقان: ,7١7/١‏ 


بعض الشبهات الواردة ... 0 أول من صنف في القراءات 
قال صاحب الطيبة في ضابط قبول القراءات: 

وكل ما وافيَ وجة النحو وكان للرّسم احتمالا يحوي 

وصمّ إسناداء هو القرآن ‏ فهذه لثلائة 2 الأركان 

واحويقها يختل رك نت شذوذه لو أنه في السبعة 
والقراءات: قيل: القراءات السبعء والقراءات العشرء والقراءات الأربع عشرة» وأحظى الجميع 
بالشهرة» ونباهة الشأن: القراءات السبع. 
وتنسب هذه القراءات إلى الأئمة السبعة المعروفين» وهم: نافع» وعاصمء وحمزة» وعبد الله بن 
عامرء وعبد الله بن كثير» وأبو عمرو بن العلاء» وعلي الكسائي طفد. 
والقراءات العشرء هذه السبعة وزيادة قراءة أبي جعفرء ويعقوب؛ وخحلف. 
والقراءات الأربع عشرة؛ بزيادة أربع على قراءات هؤلاء العشرة وهي قراءة الحسن البصري» 
وابن محيص» وييى اليزيدي» والشنبوذي. 
أول من صنف ف القراءات: 
علم القراءات أتى عليه حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا. 
وأول من صنف ف القراءات أمثال أبي عبيد القاسم بن سلام» وأبي حاتم السحستانن؛ 
وأبي جعفر الطبريء وإسماعيل القاضي. 
مى اشتهرت قراءة السبعة؟ 
اشتهرت قراءة السبعة على رأس المائتين في الأمصار الإسلامية. فكان الناس في البصرة على 
قراءة أبي عمرو ويعقوبء وبالكوفة على قراءة حمزة وعاصم, وبالشام على قراءة ابن عامرء 
وبمكة على قراءة ابن كثير» وبالمديئة على قراءة نافع. 
مئن دونت القراءات؟ 
دونت في فاية القرن الثالث ببغداد على يد الإمام ابن مجاهد أحمد بن موسى بن عباس» فجمع 


نزول القرآن على سبعة أحرف ١‏ القراء السبعة المشهورون 
قراءات هؤلاء السبعة» غير أنه أثبت اسم الكسائي» وحذف يعقوب. 
كان آخذا على نفسه ألا يروي إلا عمن اشتهر بالضبط والأمانة» وطول العمر في ملازمة 
القراءة» واتفاق الآراء على الأحذ عنه والتلقي منه. 
واقتصار ابن ماهد على هؤلاء السبعة ليس بحاصر للقراء فيهم) ولا .مملرم أحدا أن يقف عند 
حدود قراعكهم. 
القراء السبعة المشهورون: 
القراءات المتواترة نقلت لنا عن القراء الحفظة المشهورين بالحفظ والضبط والإتقان» وهم أئمة 
القراءات المشهورة, الذين نقلوا لنا قراءة الصحابة عن رسول الله سك وكان لهم فضل العلم 
والتعليم لكتاب الله العظيم: كما قال صلوات الله وسلامه عليه: "خيركم من تعلّم القرآن 
وعلمه": وقد جمع الشيخ أبو اليسر عابدين هؤلاء القراء في بيتين من الشعر فقال: 

نافع وابن كثيرءه عاصم وحمزة» ثم أبو عمرو همو 

مع ابن عامر أتى الكسائي أئمة السبع بلا امتراء 

-١‏ ابن عامر: 

اسمه عبد الله اليحصبي؛ قاضي دمشق في نخلافة الوليد بن عبد الملك؛ ويكئئ أبا عمران» وهو تابعي» 
وقد أنحذ القراءة عن المغيرة بن أبي شهاب المخزومي» عن عثمان بن عفان: عن رسول الله ل 
توفي بدمشق سنة ثُماني عشر ومائة وقد اشتهر برواية قراءته هشام. وابن ذكوان. 


نزول القرآن على سبعة أحرف 5 القراء السبعة المشهورون 
وما دمشق الشام دار ابن عامر فتلك بعبد الله طابت محللا 


هشام وعبد الله وهو انتسابه لذكوان بالإسناد عنه نقلا 


؟- ابن كثير: 

هو أبو محمدء عبد الله بن كثير الداري المكي. كان إمام الناس ف القراءة .ممكة» وهو تابعي؛ 
لقي من الصحابة عبد الله بن الزبير» وأبا أيوب الأنصاريء وأنس بن مالك» وتوف بمكة سنة 
مائة وعشرين. 
وراوياه البري (ت٠15"ه)‏ وقنبل (ت١1591ه).‏ 
قال فيهم صاحب الشاطبية: 

ومكة عبد الله فيها مقامه ‏ هو ابن كثير كاثر القوم معْمّلا 

روى أحمد البزي له ومحمد 2 على سند وهو لملقب قنبلا 


+- عاصم الكوثي: 
هو عاصم بن أبي النحود الأسديء ويقال له: ابن يمدلة» ويكين أبا بكرء وهو تابعي» توق 
بالكوفة سنة 707 ١أو »١7‏ وراوياه شعية (رت97١ه)‏ وحفص (ت١٠8١ه‏ ). 
يقول فيهم صاحب الشاطبية: 
وبالكوفة الغراء منهم ثلاثة أذاعوا فقد ضاعت شذى وقرنفلا 
فأما أبو بكر وعاصم اسمه فشعبة راويه المبرز أفضلا 
وذاك ابن عياش أبو بكر الرضا وحفص وبالإتقان كان مفضلا 
4- أبو عمرو: 
هو أبو عمرو زبّان بن العلام بن عمار البصري» شيخ الرواة» وقيل: اسمه ييى» وقيل: اسمه كنيته: 
توق بالكوفة سنة أربع وخمسين مائة» وراوياه الدوري (ت”714'ه) والسوسي (ت١71اهم).‏ 


نزول القرآن على سبعة أحرف 1 القراء السبعة المشهورون 
قال صاحب الشاطبية: 

وأما الإمام المازني صريحهم أبو عمرو البصري فوالده العلا 

أفاض على يحيى اليزيدي سيبه فأصبح بالعذب الفرات معللا 

أبو عمرو الدوري وصالحهم أبو شعيب هو السوسي عنه نقلا 


ه- حمزة الكوفي: 
هو حمزة بن حبيب بن عمارة الزيات الفرضي التيمي» مولى عكرمة بن ربيع التيمي» ويك 
أبا عمارة» توفي بحلوان في خلافة أبي حعفر المنصور سنة 5“٠١1ه»ء‏ وراوياه خلف 
(ت119ه) وحلاد (إت١٠؟١؟1ه)‏ بواسطة سليم. 
قال صاحب الشاطبية: 
وحمزة ها أزكاه من متورع إماما صبوراً للقرآنت مرتلا 
روى خلفٌ عنه وخلاد الذي رواه سليم متقنا و نحصلا 
5 نافع: 
هو أبو رويم نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم الليثي؛ أصله من أصفهان,؛ وانتهت إليه رئاسة الإقراء 
بالمدينة المنورة» وتوقٍ يما سنة ١ه‏ وراوياه قالون (ت١٠77هم)‏ وورش (ت917 1ه ). 
يقول صاحب الشاطبية: 
فأما الكريم السر في الطيب نافع فذاك الذي اختار المدينة منزلا 
وقالون عيسىء ثم عثمان ورشهم بصحبة المحد الرفيع تأتّلا 
- الكسائي: 
هو علي بن حمزة إمام النحاة الكوفيين» ويكئئن أبا الحسنء وقيل له: الكسائي؛ لأنه كان في الإحرام 


(') معناة: اليد قُُ أصل وضعهاء ورش؟ لضدة بياضه. 


بعض الشبهات الواردة 35 القراء السبعة المشهورون 
لابسا كساءء توفي ب"برنبوية" قرية من قرى الري» حين توحه إلى خحراسان مع الرشيد سنة 
8:؛ وراوياه أبو الحارث (ت7147٠ه)‏ والدوري (ت545اه). 
يقول صاحب الشاطبية: 
وأما علي فالكسائي نعته الما كان في الإحرام فيه تسربلا 
روى ليثهم عنه أبو الحارث الرضا 0 وحفص هو الدوري وف الذكر قد حلا 


* #6 #6 3 


الفصل انامس 6" النسخ في القرآن وحكمته التشريعية 
الفصل الخامس: 
النسخ في القرآن الكريم وحكمته التشريعية 

جاءت الشريعة الإسلامية الغراء» محققة لمصالح الناس» متمشية مع تطور الزمن» صالحة لكل 
زمان ومكانء وكان من رحمة الله تبارك وتعالى بعباده أن سن لهم سنة "التدرج في الأحكام"؛ 
لتبقى النفوس على أتم الاستعداد؛ لتقبل تلك التكاليف الشرعية برضى وقناعة وطمأنينة: 
فلا تشعر تملل أو ضحرء ولاتشعر .مشقة أو شدة» ولتظل الشريعة الغراء - كما أرادها المولى 
جل وعلا - شريعة محة» سهلة, يسيرة؛ لا عسر فيها ولا تعقيدء ولاشطط فيها ولاإرهاق. 
تحقيقا لقوله تعالى: إيرِيد الله بكم الْيِسْرَ ولا يريد يكم الْمسْرَ) «البقرة:ه0» وقوله جل ثناؤه: 

وما جَعَلَ عَلَيْكُمْ في دين منْ حَرَج مِلَه كم رايم ...4 (الحج:+/) الآية. 
ومن المعلوم أن الأحكام ما شرعت إلا لمصلحة العباد» وهذه المصلحة تختلف باختلاف الزمان 
والمكان» فإذا شرع حكم في وقت من الأوقات» وكانت الحاحة ملحة إليه» ثم زالت تلك 
الحاحة» فمن الحكمة نسخه وتبديله بحكم يوافق الوقت الآخرء فيكون هذا التبديل والتغيير 
محققا للمصلحة؛ مؤديا للغاية» نافعا للعباد» وما مثل ذلك إلا كمثل الطبيب» الذي يغير 
الأغذية والأدوية للمريض باحتلاف الأمزحة والقابلية والاستعداد. 
والأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم» هم "أطباء القلوب"؛ ومصلحو النفوس؛ لذلك جاءت 
شرائعهم مختلفة» تبعا لاختلاف الأزمنة والأمكنة» وحاءت بسنة "التدرج في الأحكام"؛ لأا 
مثابة الأدوية والعقاقير”2 للأبدان» فما يكون منها في وقت مصلحة؛ قد يصبح في وقت آخر 
مفسدة, وما يصلح لأمة لا يصلح لأخرىء وتلك هي حكمة العليم الحكيم» الذي شرع لكل 
زمان ما يصلح له. 


العقاقير جمع عاقر: أصل الدواء. 


النسخ في القرآن ... 55 كلمة لطيفة في الدسخ للقاسمي 
وجاء في التفسير المسمى "محاسن التأويل" للشيخ جمال الدين القاسمي: كلمة بديعة ننقلها هنا 
لحمالاء يقول الشيخ ملتله: 

"إن الخالق تبارك وتعالى ربى الأمة العربية في ثلاث وعشرين سنة تربية تدريجية» لا تتم لغيرها 
- بواسطة الفواعل الاحتماعية - إلا في قرون عديدة» لذلك كانت عليها الأحكام على حسب 
قابليتهاء وم ارتقت قابليتها بدَّل الله ذلك الحكم بغيره» وهذه سنة الخالق في الأفراد والأمم على 
حد سواءء فإنك لو نظرت في الكائنات الحية» لرأيت أن النسخ ناموس طبيعي محسوس في الأمور 
المادية والأدبية معاء فإن انتقال الخلية الإنسانية إلى حنين» ثم إلى طفلء» فيافع» فشابء فكهل؛ 
فشيخ» وما يتبع كل دور من هذه الأدوار» يريك بأحلى دليل: أن التبدل في الكائنات ناموس 
طبيعي محقق» وإذا كان هذا النسخ ليس ,ممستنكر ف الكائنات» فكيف يستنكر نسخ حكم وإبداله 
بحكم آخر في الأمة» وهي في حالة نمو وتدرج من أدن إلى أرقى؟ 

هل يرى إنسان له مسكة من عقل أن من الحكمة تكليف العرب - وهم في مبدأ أمرهم - 
ما يلزم أن يتصفوا بهء وهم في فاية الرقي الإنساني» وغاية الكمال البشري؟ وإذا كان هذا 
لا يقول به عاقل في الوجودء فكيف يجوز على الله - وهو أحكم الحاكمين - بأن يكلف 
الأمة وهي في دور "طفوليتها" بما لاتتحمله إلا في دور "شبوييّتهاء وكهولتها"...؟ 

وأي الأمرين أفضل؟ أشرعنا الذي سن الله لنا حدوده بنفسه. ونسخ منه ما أراد بعلمه: وأتمّه 
بحيث لا يستطيع الإنس والحن أن ينقصوا حرفا منه؛ لانطباقه على كل زمان ومكان» وعدم 
بحافاته لأية حالة من حالات الإنسان؟ أم شرائع دينية أخرى» حرّفها كهّائُهاء ونسخ الوجود 
أحكامها - بحيث يستحيل العمل بها - ؛ لنافاتها لمقتضيات الحياة البشرية من كل وجه...؟7) 


ك4 انظر "محاسن التأويل" للشيخ جمال الدين القاسمي: 115/7. 


النسخ في القرآن ... /5 تعريف الدسخ 
تعريف النسخ لغة واصطلاحا: 
النسخ لغة: يأتي .عبن الإزالة» تقول العرب: نسحت الشمس الظل - أي: أزالته -. ومنه قوله 
تعالى : لإفينْسَخ الله هما يُلقِي الصّيِطَان» (الحج:١ه)‏ أي: يزيله ويبطله؛ ويأني .معن النقل من موضع 
ل موضع ص ومنه قولهم: نسحت الكتاب» أي: نقلت ما فيه إلى كتاب آخرء ومنه قوله تعالى: 
ٍِإنا كنا قل نسْتَنْسِحْ مَا كنم تَعْمَلُونَ» الحائية:15) ويأتَ .معن التبديل» ومنه قوله تعالى: «إوَإِذا 
دنا آية مَكَانَ 4 (النحل:1١٠)»‏ وععيئ التحويل؛ ومنه تناسخ المواريث من واحد إلى واحد؛ 
هذا من حيث اللغة. 
وأما في الشرع: فهو انتهاء الحكم وتبديله بحكم آخرء وقد عرّفه الفقهاء والأصوليون بتعريفات 
كثيرة نختار منها أخحصرها وأجمعهاء وهو ما قاله ابن الحاحب حيث قال في تعريفه ملْله: "النسخ: 
هو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي متأخر' . قال الله تعالى في كتابه العزيز: فإمَا نَنسَخ من آي 
أَوْتنْسِهَا نَأتِ بير مِنْهاأَوْ مِعْلِها ألمْتعْلَمْ أن الّهعَلَى كل شَئْءٍ قلدِير (البقرة:5١٠).‏ 
سبب النزول لاية النسخ: 
روي أن اليهود قالوا لبعضهم البعض: ألا تعجبون من أمر محمد؟ يأمر أصحابه بأمرء ثم 
ينهاهم عنه ويأمرهم بخلافه» ويقول اليوم قولاء ويرحع عنه غداء فما هذا القرآن إلا من كلام 
محمد, يقوله من تلقاء نفسه» ويناقض بعضه بعضا؟ فنزرلت الآية الكريمة ردا على سفههم 
وجهلهم, بقوله - تقدست أسماؤه - : ما نَنْسَحْ من آي أَوْنْسِهَا نَأتِبِحَيْرِ مِنْها أَوْ لهاك(" 
ومعين لإننْسِهَا#: هو ما قاله ترجمان القرآن ابن عباس: أي نتركها فلا نبدهاء ولاننسخخها. 
وقيل: هو من النسيان .معن الترك» أي: نتركها بدون تبديل. 


لق انظر روح للمعاني للآلوسي: اه" وتفسير الكشاف: . 


النسخ في القرآن ... 578 هل النسخ واقع ... 
هل النسخ واقع قُ الشرائع السماوية؟ 


النسخ في الشريعة الإسلامية جائز عقلاء حادث سمعاء وهو واقع بإجماع المسلمين» خلافا 
لليهود فإفهم أنكروا وقوعهء وقالوا: لم يحدث نسخ في الشرائع؛ لأنه يدل على الجهل؛ والله 
منرّه عن ذلكء ووافقهم على هذا القول "أبو مسلم الأصفهاني"؛ فقال: إن النسخ ف كتاب 
الله تعالى لم يحصل؛ لأن الله تعالى قال عن القرآن العظيم: طلا يَأنِيهِ الَْاطِل مِنْ بين يديه وَلامن 
حَلَفِهِ زيل مِنْ حَكيم حَمِيدِ «نصت:45)» فلو حاز النسخ لكان قد أتاه الباطل. 

واحتج هو التلداء على جواز النسخ ووقوعه بأن الدلائل القطعية دلت على نبوة محمد كك 
ونبوته قتا لاتصح إلا مع القول بنسخ شرع من قبله: وهذا دليل عقلى. وأما الوقوع فققد قالوا: 
إن النسخ قد حصل ف الشرائع السابقة» وفي نفس شريعة اليهود, فإنه جاء في التوراة أن آدم ملك 
أمر بتزويج بناته من بنيه» ثم قد حرم ذلك باتفاق."") 


أدلة الجمهور: 

استدل الجمهور على وقوع النسخ بحجج كثيرة؛ نوجزها فيما يلي: 

الحجة الأولى: أن الله تعالى قد صرح به في الآية الكريعة» وهي قوله سبحانه: «إما نَنْسَخْ مِن آيةٍ 
أَوْننْسِها نَأتِ بحَيْر مِنها أَوْ مها (لبقرة:<.0» قالوا: فهذه الآية صريحة ف وقوع النسخ. 

الحجة الثانية: قوله تعالى: «إوَإدًا بدلا آية مَكَانَ آيةٍ وَاللَهُ أعلَم بمَا ينل قَالُوا نما أنتَ مُفمَر يل 
َكتْدهُمْ لا يَعْلَمُونَ» قل نَزّلَهُ روح الْقدس مِنْ رَبك بِالْحَقّ» (النحل: 0٠١٠١1‏ قالوا: إن هذه الآية 
واضحة كل الوضوح في تبديل الآيات والأحكام والتبديل: يشتمل على رفع حكم وإثبات 
آخرء والمرفوع إما التلاوة وإما الحكم» وكيفما كان الأمرء فإنه رفع ونسخ» وهو ما دلت 
عليه الآية الكريعة. 


”" انظر 'التفسير الكبير" للامام الفخخر الرازي؛ ا 


النسخ في القرآن ... 56 كلام الإمام القرطبي 
االححة الثالئة: نسخ القبلة من بيت المقدس إلى البيت الحرام» وهو ظاهر لايجادل فيه عاقل» 
فقد كان المسلمون يتوجهون ف صلاقم في بدء الدعوة الإسلامية إلى بيت المقدس» ثم نسخ 
ذلك الحكمء وأمر البي 025 والمسلمون بالتوجه إلى البيت العتيق في مكة المكرمة بقوله 
تباركت أسماؤه: قد رَى تقب وَحهكَ فِي السّماِ ف فلدوَلينَكَ قبِلهَ نَإضَاهًا فَوَلٌّ وَجْهَكَ شَطرَ 
الْمَسْجِدٍ د الحَرَام و وَحَيْتْ ما 06 ولو وُحُوَهَكُمْ شَطْرَه4 (البقرة: 44 .)١‏ 

وأعحبر تبارك وتعالى .ما سيقوله المنافقون» وأهل الكتاب من الطعن في القرآن وفي النني ع يسبب 
تركهم التوجه إلى بيت المقدلس اوصلاتهم نحو البيت الحرام» فقال حلت عظمته: لإسَيّقَولٌ السَفْهَاءٌ 
من لس ما وَلَّاهُم عَْ قِبلِهِمُ التِي كَانُوا عَلَيهَا ْلَه المَشْرقُ وَالْمَْبُ يَهدِي من يَشَاِلَى صِرَاطٍ 
مُسْتَقِيٍ (البقرة: 147 .)١‏ 

الحجة الرابعة: : أن الله تعالى أمر المتوق عنها زوجها بالاعتداد أربعة أشهر وعشرة أيام» بقوله 
سبحانه وَالْذِينَ يتوَفَونَ نكم وَيَذْرُونَ أَرْوَاحاً يَتَرَبَصنَ أنْفسِهنَ أريعَة هر وَعَشراً» 
(البقرة: 574) الأية. 

وقد نسحت هذه الآية الحكم السابق وهو أن عدة المتوق عنها زوجها حول كامل بقوله 
سبحانه: #وَصِيّة أَرْوَاجِهِمْ منَاعاإِلَى الْحَوْلِ4 (البقرة: .4 )0 وهذا أمر معلوم عند كل مسلم بأن 
حكم الاعتداد للوفاة بعام كامل قد : نسخ إلى أربعة أشهر وعشرة أيام. . 

وهكذا يظهر دليل الجمهور واضحا ساطعا كالشمس في رابعة النهار» بحصول النسخ في الشريعة 
الإسلامية الغراء» ولاعبرة بقول من أنكر النسخ لمعارضته للنصوص الصحيحة الصريحة. 

كلام الإمام القرطبي في جامع الأحكام: 

قال العلامة القرطبي في تفسيره: "معرفة هذا الباب أكيدة» وفائدته عظيمة» لايستغئي عن 
معرفته العلماء» ولاينكره إلا الجهلة الأغبياء؛ لما يترتب عليه النوازل من الأحكام؛ ومعرفة 
الحلال والحرام» وقد أنكرت طوائف من المتأخرينء المنتمين للإسلام جوازه» وهم محجحوجون 


النسخ في القرآن ... #4 أقسام النسخ في القرآن الكريم 
بإجماع السلف على وقوعه في الشريعة.... ثم قال مك: لا حلاف بين العلماء أن شرائع 
الأنبياء قصد يما مصالح الخلق الدينية والدنيوية» وإنما كان يلزم البداء - أي ظهور الحكمة بعد 
حفائها - لمن لم يكن عالما عمآل الأمورء وأما العالم بذلك فإنما تتبدل حطاباته بحسب تبدل 
المصالحء كالطبيب المراعي أحوال العليل» فراعى ذلك في ححليقته.كشيته وإرادته؛ لا إله إلا هو 
فخطابه يتبدل» وعلمه وإرادته لاتتغير» فإن ذلك محال ف جهة الله تعالى" (0) 
أقسام النسخ في القرآن الكريم: 
ينقسم النسخ إلى ثلاثة أقسام: 

الأول: نسخ التلاوة والحكم معا. 

الثاني: نسخ التلاوة مع بقاء الحكم. 

الثالث: نسخ الحكم مع بقاء التلاوة. 
أما الأول: وهو: "نسخ التلاوة والحكم"؛ فلاتحوز قراءته ولاالعمل به؛ لأنه قد نسخ بالكلية؛ 
كآية التحريم بعشر رضعاتء فقد روي عن عائشة يها أنما قالت: كان فيما نزل من القرآن 
'عشر رضعات معلومات يحرّمن"؛ فنسخن بخمس رضعات معلومات»؛ فتوفي رسول الله ولد 
وهن فيما يقرأ من القرآن. "") 
قال الفحر: فالجزء الأول منسوخ الحكم والتلاوة» والجزء الثاني وهو الخمس منسوخ التلاوة 
باقي الحكم عند الشافعية. 
7" انظر "جامع الأحكام" للإمام القرطي: 2517/7 وللشيخ زكريا يوسف كتاب سماه: "الإيمان وآثاره"» ذكر فيه 

فصلا طويلا رد فيه على المحددين الذين أنكروا النسخ في القرآن بغير دليل ولابرهان. 


الحديث أخرجه مسلم في الرضاع برقم: 457 »١‏ وأبو داودء والترمذيء والنسائي؛ ومعناه: أن النسخ بخمس 
رضعات تأخر إنزاله» حي توفي رسول الله وبعض الناس يقرؤه؛ لأنه لم يبلغه النسخ لقرب عهده. 


النسخ في القرآن ... 7*١‏ أقسام النسخ في القرآن الكريم 
وأما الثابي: وهو نسخ التلاوة وبقاء الحكمء فهو كما قال الزركشي في"البرهان في علوم القرآن": 
يعمل به إذا تلقته الأمة بالقبول» كما روي في سورة النور "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها 
البتة نكالا من الله» واللّه عزيز حكيم"؛ قال عمر #ه: "ولولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب 
الله لكتبتها بيدي".(0) 

وأخرج ابن حبان في صحيحه عن أبي بن كعب ده أنه قال: "كانت سورة الأحزاب توازي 
سورة النور - يعي في الطول -, ثم نسحت آياتٌ منها". 

وهذان النوعان "نسخ الحكم والتلاوة" و"نسخ التلاوة مع بقاء الحكم' قليل حدا ف القرآن 
الكريم؛ ونادر أن بحد فيه مثل هذا النوع؛ لأن الله سبحانه أنزل كتابه المجيد؛ ليتعبد الناس 
بتلاوته وبتطبيق أحكامه. 

وأما الفالث: وهو "نسخ الحكم مع بقاء التلاوة"» فهو كثير في القرآن الكريم» وهو كما قال 
الزركشي: في ثلاث وستين سورة. ومن أمثلة هذا النوع آية الوصية للوالدين نسحت بآية 
المواريث» وآية العدة بحول كامل نسححت بآية العدة بأربعة أشهر وعشرة أيام» وآية الفدية في 
الصوم للقادر نسحتت بآية وجحوب الصوم: وتقدع الصدقة عند مناحاة الرسول كه والكف 
عن قتال المشركين» كل ذلك نسخ بآيات في القرآن الكرجم واضحات الدلالة والحكم. 

وقد ألّف الشيخ هبة الله بن سلامة رسالة في "الناسخ والمنسوخ" جاء فيها ما نصه: "اعلم أن 
أول النسخ في الشريعة: أمر الصلاة ثم أمر القبلة, ثم الصيام ليوم عاشوراء» ثم الإعراض عن 
المشركين» ثم الأمر بجهادهم؛ ثم أمره بقتل المشركين؛ ثم أمره بقتال أهل الكتاب حي يعطوا 
الجزية» ثم ما كان أهل العقود عليه من المواريث» ثم هدم منار الجاهلية؛ لثلا يخالطوا المسلمين 
في حجهم..." إلى آخر ذلك. 


9 الحديث أخرجه البخاري في صحيحه. 


النسخ في القرآن ... فى الحكمة من نسخ الحكم ... 


الحكمة من : نسخ الحكم مع بقاء التلاوة؟ 

أما الحكمة من ذلكء فقد بينها العلامة الزركشي في كتابه "البرهان في علوم القرآن": فقال: 
"وهنا سؤال» وهو أن يسأل: ما الحكمة في رفع الحكم وبقاء التلاوة؟ والجواب من وجهين: 
أحدهما: أن القرآن كما يتلى؛ ليعرف الحكم منه. والعمل به فإنه كذلك يتلى؟ لكونه كلام 
الله عزوحلء فيئاب على تلاوته» فتركت التلاوة هذه الحكمة. 

وثانيها: أن النسخ غالبا يكون للتحفيف, فأبقيت التلاوة تذكيرا بالنعمة» ورفع المشقة» حيّ 
يتذكر المسلم نعمة الله عليه بتيسير الدين" 9) 

هل ينسخ القرآن بالسنة النبوية المطهرة؟ 

انفق العلماء على أن القرآن ينسخ بالقرآن» وأن السنة النبوية تنسخ بالسنة» والخبر المتواتر ينسخ 
عثله ولكنهم احتلفوا في مسألة» وهي هل ينسخ القرآن بالسنة؟ والخبر المتواتر بغير المتواتر؟ 
فذهب الشافعي سه إلى أن الناسخ للقرآنء لا بذ أن يكون قرآنا مثله» فلايجوز عنده نسخ 
القرآن بالسنة النبوية؛ لأنما ليست في درحة القرآن. 

وذهب الجمهور إلى جواز نسخ القرآن بالقرآن» وبالسنة المطهرة أيضا؛ لأن الكل سكم لتم تان 
ومن عندهء والكل بوحي من الله عز وجل: لوم ينْطِقٌ عن الْهُوَى. إن هو ِلَا وَحْيّ يُوحَى» 
النحم::4)» وحجة الجمهور ما ورد من نسخ آية الوصية بحديث: "إن الله أعطى كل ذي حقٌ 
عقف الة لأ وضية لؤارث" . 

ونسخ جلد الزاني المحصن في الآية الكرعة: «الزَائيّة وَالزَائِي فَاجْلِدوا كل وَاجِدٍ مِنْهِمًا مالة حَلَدَةٍ» 
انور:؛) حيث نسخ الخلد بالرحمء فقد رجحم رسول الله يخ ماعزا والغامدية؛ ولم يجلد واحدا منهماء 
فدل على أن الحكم وهو اتلد نسخ بالسنة المطهرة: وهذا القول هو الأشهر والأظهرء”" والله أعلم. 


انظر كتاب "البرهان في علوم القرآن" للإمام الزركشي. 
7 انظر أدلة الفريقين مفصلة في كتابنا "روائع البيان" في تفسير آيات الأحكام من القرآن .١٠١5/١‏ 


اع ل واي ااا ااا ااا كل تم الج ل لاسر 


هل يقع النسخ في الأخبار؟ 

جمهور العلماء على أن النسخ مخقتص بالأحكام. بالأوامر والنواهي. والخير لا يدحله النسخ؛ 
لاستحالة الكذب ف حبر الله تبارك وتعالى. 

وقيل: إن الخبر إذا تضمّن حكما شرعيا جاز نسخخه كقوله تعالى: لإوَمِنْ نّمَرَاتِ التَخيل وَالْأَعْنَابٍ 
دون ِنْهُ سكراً وَرِرْقاً حَسَنا» «حل:0» فهذا خبر عن الخمر الذي يخرج من التمر والعنب» 
وقد نسخه الله عرّوحل بآية تحريم الخمر: (ِإِنما الْحَمْرُوَالْمَيْسِرْوَالأَنْصَابُ وَالْأَرْلامٌ رَحْس مِنْ 
عمل الشَيْطَانٍ فَاحْتدِيُوهُ عَلَكُم تفلِحُونَ) (الائدة:.»). 

يقول شيخ المفسرين ابن جرير الطبري مله في تفسيره "حامع البيان" ما نصه: «إمَا ننسخ من آية 
أَوْننْسِهَا أت بير مِنها أز مثلها» (لبقرة:1 0٠١‏ أي: ما ننقل من حكم أية إلى غيره» فنبدله ونغيره» 
وذلك أن يحول الحلال حراماء والحرام حلالاء والمباح محظوراء والمحظور مباحا... ثم قال: 
ولايكون ذلك إلا في الأمر والنهي؛ والحظر والإطلاق؛ والمنع والإباحة» فأما الأخبار فلايكون 
فلايكون فيها ناسخ ولا منسوخ".7) 

هذه لمحة خاطفة عن النسخ في الشريعة الإسلامية» وفي القرآن والسنة النبوية» ينبغي أن يلم 
يما طالب العلم» وأن يعرف حكمة الله عزوحل ف تشريع الأحكام؛ وإنزال الآيات على هذا 
الوحه الدقيق» الذي حقق مصالح العباد» وساير تطور الزمن بواسطة الناسخ والمنسوخ, 
أوجزناه في هذه العجالة واس يقر ل الحو وَهَوَ يَهِدِي السَبيل (الأحزاب:4). 


*# # 4# * 


(' انظر تفسير "جامع البيان" للطبري: 4017/١‏ 


الفصل السادس !ا جمع القرآن الكريم 
الفصل السادس: 
جمع القرآن الكريم 

جمع القرآن ف عهد النبوة: 
جمع القرآن الكريم في عهدين: عهد النبوة» وعهد الخلفاء الراشدين» وقد كان لكل جمع 
خصائصه ومزاياه. وكلمة "جمع" تطلق أحيانا ويراد منها الحفظ والاستظهار في صدور الرجال؛ 
وتطلق تارة ويراد منها الكتابة والتسحيل في الصحائف والأوراق. 
وقد كان لجمع القرآن في عصر النبوة الأمران معا: 

أولا: ادمع في الصدور عن طريق الحفظ والاستظهار. 

ثانيا: الجمع في السطور عن طريق الكتابة والنقش. 
وسنتحدث عن كلا الجتمعين بشيء من التفصيل؛ ليتبين لنا العناية الفائقة بالقرآن العظيم و كتابته 
وتدوينه» ما لم يسبق لكتاب سماوي أن نال من الرعاية والعناية والاهتمام كما ناله القرآن 
الكريم» كتاب الله المحيد» ومعجزة محمد الخالدة. 
جمع القران في الصدور: 
نزل القرآن الكريم على النبي الأمي, فكانت همته منصرفة إلى حفظه واستظهاره؛ ليحفظه كما 
نزل عليه» ثم يقرأه على الناس على مكث؛ ليحفظوه ويستظهروه ضرورة أنه ني أمي» بعثه الله 
إلى العرب الأميين”©: طهُوَالذِي بَحَتَ في الْأينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يلو عليه أيه ويْرَكيهِمْ وَيعَلَمُّهُمُ 
الْكتَابٌ وَالْحِكمّة) (الجمعة:؟) الآية. 
ومن شأن الأمي - ف العادة - أن يعتمد على حافظته وذاكرته؛ لأنه لا يقرأ ولا يكتب» ولقد 
كانت الأمة العربية على عهد نزول القرآن» تتمتع بخصائص العروبة الكاملة الي فيها قوة الذاكرة 


انظر "مناهل العرفان" للزرقاني. 


جنع القرآن الكريم 58 جمع القرآن في الصدور 
وسرعة الحفظء وسيلان الأذهان. وكان العربي يحفظ مئات الآلاف من الأشعار» ويعرف 
الأحساب والأنساب» فيستظهرها عن ظهر قلبء ويعرف التواريخ» وقل أن تحد منهم من لا يعد 
لك الحسب والنسبء أو من لا يحفظ "المعلقات العشر" على كثرة أشعارهاء وصعوبة حفظها.ثم 
حاءهم القرآن الكري؛ فبهرهم بقوة بيانه» وروعة أحكامه. وجلال سلطانه. فأخذ عليهم مشاعرهم. 
واستحوذ على عقوفم وأفكارهم» حى صرف هممهم إلى الكتاب البحيد» فيمموا وجوههم نحوه؛ 
يحفظونه ويستظهرون آياته وسوره» وتركوا الشعر؛ لأنهم وحدوا في القرآن روح الحياة. 

أما البي كلد فقد بلغ من حرصه الشديد على حفظ القرآن: أن يحبي الليل بتلاوة آيات القرآن 
ف الصلاة: عبادة وتلاوة وتدبرا لمعانيه» حي تفطرت قدماه الشريفتان من كثرة القيام امتنالا 
لأمر الله العلي الكبير: يا أيه الْمُرَملُ قم الَّْلَ إلا فيلا نضفه أو انْقص'ْ منْهُ قليلاًه أ د عَلَيْه 
رتل القن تتا «لزمل:٠-»‏ لذلك فلا عحب أن يكون كك سيّدَ الحفاظء وأن يجمع 
القرآن في قلبه الشريف؛ ويكون مرجع المسلمين في كل ما يعنيهم من أمر القرآن العظيم. 

وأما الصحابة د فقد كانوا يتسابقون إلى تلاوة القرآن ومدارسته» ويبذلون قصارى جهدهم 
لاستظهاره وحفظه: ويعلّمونه أزواحهم وأولادهم في البيوت» حى لقد كان الذي كر ببيوت 
الصحابة في غسق الدّحى» يسمع فيها دويًّا كدوي النحل بالقرآن» حىّ كان صلوات الله عليه 
مر على بعض دور الأنصارء فيقف على بعضهم يستمع القرآن في ظلام الليل. 

أخرج البخاري عن أبي موسى الأشعري «#ه: أن رسول الله ونتّ قال له: "لو رأيتئي البارحة 
وأنا أستمع لقراءتك»: لقد اميت مزمارا من مزامير آل داود”". وزاد في رواية لمسلم: فقلت: 
"لو علمت والله يا رسول الله! أنك تستمع لقراءقٍ لحبّرته لك تحبيرا". () 


وورد عن رسول الله كع أنه قال: "إن لأعرف أصوات رققة الأشعريين بالقرآن حين يدحلون 


حير أي زينّه (المعجم الوسيط: .)1١8١‏ 


ججمع القرآن الكريم ؟ب؟ | جمع القرآن في الصدور 
بالليل وأعرف منازلهم من أصواتهم بالليل بالقرآن» وإن كنت لم أر منازهم بالنهار"(رواه الشيحان). 
وقد اشتهر كثير من الصحابة بحفظ القرآن الكريم» وكان الرسول يعد يُذكي فيهم روح 
العناية بحفظ القرآن» ويبعث إلى المدن والقرى من يعلمهم ويقرئهم» كما بعث قبل الححرة 
مصعب بن عميرء وابن أم مكتوم إلى أهل المدينة» يعلمافهم الإسلام, ويقرئانهم القرآن. وكما 
بعث معاذ بن جبل إلى مكة للتحفيظ والتعليم بعد هحرته ط. 

قال عبادة بن الصامت: "كان الرجل إذا هاجر دفعه البي يد إلى رحل من يعلمه القرآن» 
وكان يُسمع لمسحد رسول الله تند ضحة بتلاوة القرآن» حي أمرهم رسول الله أن يخفضوا 
أصواتهم؛ لثلا يتغالطوا". 

ومن هنا كان حفاظ القرآن في حياة الرسول يد لا يحصونء ويكفي أن نعلم أن عدد الذين 
استشهدوا في "مع ركة اليمامة" يزيد عددهم على سبعين من كبار الحفاظء كما قتل مثل هذا 
العدد في عهد الرسول ببئر معونة. قال القرطبي: قتل يوم اليمامة سبعون من القراء» وقتل ف 
عهد رسول الله ببئر معونة مثل هذا العدد. أي أن عدد الذين استشهدوا من الحفظة .١4٠‏ 
ولقد كانت أشرف خصوصية لحذه الأمة المحمدية أن يكون هذا الكتاب المقدس محفوظا في 
صدورهاء وأن تعتمد تي نقله على حفظ القلوب والصدورء لا على كتابته في المصاحف 
والسطور فحسبء بخلاف أهل الكتاب الذين لا نحد منهم من يحفظ التوراة أو الإنجيل» وإنما 
يعتمدون في حفظهما على الكتب المسطرة» ولا يقرؤونه إلا نظراء لا عن ظهر قلبء. وهذا 
دخل إليهما التحريف والتبديل. 

أما القرآن الكريم فقد حفظه الله بعنايته الإلهية» فيسّره للحفظ: لإوَلَقَدُ يَسَرْنا الَْرْآنَ لِلذَّكْرِ فهَلْ 
مِنْ مد كر# (لقمر:٠»‏ وصانه من التحريف والتبديل بطريق حفظه في السطورء وحفظه في 
الصدور مصداقا لقوله تعالى: «إنا نَسْنْ : / ًا الذَّكْرَ وَإنا لَهُ لَحَافِظُوتَ «الححر:هم» وهذا بلا شك 
عناية من الله خاصة يبهذا القرآن النحيد» وشرف عظيم اختص الله به هذه الأمة المحمدية حيث 


جمع القرآن الكريم ب جمع القرآن في السطور 
حعل أناحيلها في صدورهاء وأنزل عليها كتايا لا يغسله الماء» ولله در القائل: 


الله أكبر إن دين محمد وكتابه أقوى وأقومٌ قيلاً 
لا تُذكر الكتب السوالفُ عنده طلم الصّباحٌ فأطفاً القنديلا 


وأما المزية الثانية لهذا القرآن العظيمء فهو جمعه وكتابته في الصحفء فقد كان لرسول الله 26 
كاب للوحيء كلما نزل شيء من القرآن أمرهم بكتابته؛ مبالغة في تسجيله وتقييده» وزيادة 
في التوثئق والضبطء والاحتياط الشديد في كتاب الله عز وجل حى تظاهر الكتابة الحفظء 
ويعاضد التسجيل المسطور ما أودعه الله في الصدور. 
وكان هؤلاء الككّاب من خيرة الصحابة» اختارهم رسول الله ولد من الحيدين المتقنين؟ ليتولوا 
هذه المهمة العظيمة» وقد اشتهر منهم "زيد بن ثابت» وأبي بن كعب» ومعاذ بن حبل» ومعاوية 
ابن أبي سفيان» والخلفاء الراشدون وغيرهم من الصحابة الأجلاء ديّ". 
روى الشيخان عن أنس وه أنه قال: "جمع القرآن على عهد رسول الله ود أربعة» كلهم من 
الأنصار: أبي بن كعبء ومعاذ بن حبل» وزيد بن ثابت» وأبو زيد ّمه قيل لأنس: من أبو زيد؟ 
قال: أحد عمومى . 
وهؤلاء هم مشاهير كناب الوحيء وإلا فهناك من الصحابة الجمع الكبير الذين كانوا يكتبون 
القرآن؛ وكثير منهم كان له مصحف خاص كتب فيه ما سمعه أو حفظه من رسول الله كك 
كمصحف ابن مسعود. ومصحف علي» ومصحف عائشة؛ وغيرهم. 

يقة الكتابة: 
وأما طريقة الكتابة: فقد كانوا يكتبون القرآ ن على العسب واللخاف والرقاع.”؟ وعظام 


العسب: جمع عسيب» وهو جريد الدخل» كانوا يكشفون المنوص» ويكتيون قي الطرف العريض. اللخاف: جمع لخفة» بفتح 
اللام وسكون الخاى وهي الحجارة الرقيقة. الرقاع: جمع رقعة. وهي قد تكون من جلد أو ورق» أو غيرها من أدوات الكتابة. 


جنع القرآن الكريم 0 جمع القرآن في عهد أبي يكرد 
الأكتاف وغيرها. ذلك؛ لأن صنع الورق لم يكن مشتهرا عند العرب» وقد كان عند بعض 
الأمم الآخرين كالفرس والروم» ولكنه كذلك كان نادراء فلم يكن منتشراء فكان العرب 
يكتبون على ما يقع تحت أيديهم مما يصلح للكتابة. 

روي عن زيد بن ثابت ذه أنه قال: "كنا عند رسول الله يك نؤلف القرآن من الرقاع', أي 
نمجمعه. وكان هذا التأليف عبارة عن ترتيب الآيات حسب إرشاد النبي 2 وبأمر من الله 
تبارك وتعالى» ولهذا اتفق العلماء على أن جمع القرآن "توقيفي", يعينئ: أن ترتيبه يمذه الطريقة 
ال نراه عليها اليوم في المصاحف إنما هو بأمر ووحي من الله فقد ورد أن جبريل عفِكا كان 
ينزل بالآية أو الآيات على النبي؛ فيقول له: يا محمد! إن الله يأمرك أن تضعها على رأ سكذاء 
من سورة كذاء وكذلك كان الرسول يقول للصحابة: ضعوها في موضع كذا. 

جمع القرآن في عهد أبي بكر ذه: 

انتقل رسول الله قد إلى حوار الله بعد أن أدى الرسالة» وبلغ الأمانة» ونصح الأمةء وهدى الناس 
إلى دين الله القويم؛ وتولى الخلافة بعده "أبو بكر الصديق" رضي الله عنه وأرضاهء وقد واجهته - ف 
خلافته - خطوب جسيمة» وشدائد عظيمة» ومشاكل صعابء منها حروب الردة الى وقعت 
بين المسلمين وبين أتباع مسيلمة الكذاب» وكانت معركة "اليمامة" معركة حامية الوطيس» وقد 
استشهد فيها كثير من قراء الصحابة ومن حفظة القرآن؛ يزيد عددهم علىعلى سبعين من كبار 
الحفاظ. وقد هال ذلك المسلمين» وعرٌ الأمر على عمردكه. فدحل على أبي بكر. فوحده في 
حزن وألمء فأشار عليه أن يجمع القرآن خشية الضياع موت الحفاظ» فتردد أبوبكر أول الأمر ثم 
رأى أن يأحذ بإشارة عمر بعد أن تبين له وجه المصلحة, وشرح الله صدره لذلك العمل الحليل؛ 
فأرسل إلى زيد بن ثابت» وعرض عليه الأمر» وطلب منه أن يقوم مجمع القرآن قي مصحف 
واحدء ولككن زيدا تردد في بادئ الأمرء ثم شرح الله صدره للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر 


الفرات لكوم ااا .ع القرات عفد لوجر 
وقد روى البخاري في صحيحه قصة هذا الجمع ننقلها بنصها لأهميتها: 

رواية البحاري: 

عن زيد بن ثابت ده أنه قال: "أرسل إلي أبوبكر ء مقتل أهل اليمامة - أي عقب 
استشهاد الحفاظ السبعين في معركة اليمامة - فإذا عمر حالس عنده؛ فقال أبوبكر: إن عمر 
جاءن» فقال: إن القتل قد استحر - أي كثر واشتدٌ - يوم اليمامة بقرَاء القرآن» وإنى أخحشى 
أن يستمر القتل بالقراء في كل المواطن» فيذهب من القرآن كثير» وإني أرى أن تأمر بجمع 
القرآنء فقلت: وكيف أفعل ما م يفعله رسول الله كلد؟ فقال عمر #ه: هو والله خير 
فلم يزل يراحعين في ذلك حب شرح الله تعالى صدري للذي شرح الله له صدر عمرء ورأيت 
في ذلك الذي رأى. 

قال زيد: فقال أبو بكر: إنك رحل شاب عاقل؛ لا تّهمك» قد كنت تكتب الوحي لرسول الله لي 
فتتبّع القرآن واجمعه؛ قال زيد: فوالله لو كلفئ نقل حبل من الحبال ما كان أثقل على مما أمرني 
به فقلت: كيف تفعلان شيئا لم يفعله رسول الله لد ؟ فقال أبو بكر: هو والله خيرء فلم يزل يراجعين 
حى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمرء فتتبعت القرآن أجمعه من اللخاف. 
والعسب؛ وصدور الرحال حّ وحدت آخر سورة التوبة مع”أبي خزيمة الأنصاري" لم 
أحدها عند أحد غبره للد حَاءَكُمْرَسُولٌَ مِنْأَنْفسِكُم) إلى وهو رب امرش اميم (تريته :0155.1 
أي إلى آغبر السورةء فكانت الصف عند أبي بكر حن توقاء الله تعالى, :ثم عدد مر حين 
توفاه الله تعالى» ثم عند حفصة بنت عمر هّن" (رواه البعاري). فهذه الرواية دلت على سبب 
جمع القران. 

تساؤلات حول جمع القرآن؟ 

وهنا أسئلة ينبغي الإجابة عليها بشيء من التفصيل» ونحن نوجزها فيما يلي: 


جمع القرآن الكريم م تساؤلات حول جمع القرآن 
أولا: لماذا تردد أبو بكر عن جمع القرآن مع أنه شيء حسنء وأمر يوجبه الإسلام؟ 

والجواب عن ذلك: أن أبا بكر ده حشي أن يتساهل الناس في استظهار القرآن وحفظه غيباء 
ويعتمدوا على وجوده في المصاحفء» فتضعف نقوسهم عن الحفظ» وتصبح رغبتهم ضعيفة في 
حفظه واستظهاره اعتمادا على أنه مسطر وموجود في مصاحف مكتوبة يمكنهم قراءة القرآن يما. 
أما قبل أن توجد المصاحف» فقد كان الجميع يسعون جهدهم لحفظ القرآن» هذا من ناحية. ومن 
ناحية أحرى: فإن أبابكر الصديق كان رجلا وقافا عند حدود الشرع» مقتفيا لآثار الرسول كد 
فقد حشي أن يكون بعمله هذا مبتدعا شيئا لا يحبه رسول الله ولهذا قال لعمر: "كيف أفعل شيئا 
لم يفعله رسول الله؟" ولعله كان يخاف أن يسوقه الإنساء والاختراع إلى الوقوع في المخخالفة 
والابتداع» ولكنه لما رأى الأمر خعطيراء والفكرة - في حد ذاتها - وسيلة من أعظم الوسائل لحفظ 
الكتاب الشريفء وامحافظة عليه من الضياع والتحريفء وأيقن أنهما ليست من الأمور الخارجة» ولا 
من البدع المستحدثةء عزم على جمع القرآن» وظل يقنع زيدا بتلك حب شرح الله صدرهء فقام 
بتنفيذ ذلك الأمر الخطير» والله أعلم. 

ثانيا: لماذا احتار أبوبكر زيد بن ثابت من بين الصحابة الكرام لهذا العمل الجحليل؟ 

والجواب عن ذلك: أن زيدا دده قد اجتمع فيه من المواهب العظيمة الي تؤهله لجمع القرآن 
ما لم يجتمع في غيره من الرحال؛ إذ كان من حفاظ القرآن» ومن كتاب الوحي لرسول الله 
وشهد "العرضة الأخيرة" للقرآن في ختام حياته كعد وكان فوق ذلك معروفا بشدة ورعه 
وعظم أمانته» وكمال خلقه: واستقامة دينه» وكان معروفا بالنبوغ والذكاء؛ وهذا ما أشار إليه 
كلام أبي بكر ف رواية البخاري حين استدعاه» وقال له: "إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك؛ 
كنت تكتب الوحي لرسول الله". 

فلهذه الخصائل والمزايا الحميدة» اححتاره أبوبكر الصديق لجمع القرآن» وما يدل على شدة ورع زيد 
ابن ثابت أنه قال: "فوالله لو كلفئ نقل جبل من الحبال ما كان أثقل على مما أمري به". الحديث 


جمع القرآن الكريم م الفطة الرشيدة في جمع القرآن 
الثا: ما هو المقصود من قول زيد ضقّبه في رواية البخاري: "حى وحدت آخر سورة التوبة مع 
أبي خزعة ده لم أحدها عند غيره؟" 
والجواب عن ذلك: أن زيدا دده لم يجد هذه الآيات مكتوبة عند أحد من الصحابة» إلا عند 
أبي خزيمة الأنصاري» وليس المراد أنها لم تكن محفوظة؛ إذ أن زيدا نفسه كان يحفظهاء وكان 
كثير من الصحابة يحفظوفاء ولكنه أراد أن يجمع بين الحفظ والكتابة» كما سنبينه إن شاء الله 
زيادة في التوثق» ومبالغة في الاحتياط» وعلى ذلك النهج الرشيد تم جمع القرآن. 
الخطة الرشيدة في جمع القرآن: 
وقد انتهج زيد بن ثابت 2ه في جمع القرآن مط رشيدة في غاية الدقة والإحكام» فيها 
ضمان لخحياطة هذا الكتاب المحيد ما يليق به من تثبت بالغ؛ وحذر دقيق» فلم يكتف هما حفظ 
في قلبه ولاءما كتب بيدهء ولابما "ممع بأذنه» بل جعل يتتبع ويستقصي آحذا نفسه أن يعتمد 
في جمع القرآن على مصدرين اتثنين: 

أ- ما كان محفوظا في صدور الرجال. 

ب دنا نيه ين ين وستول الله 26 
فلا بد أن يتضافر الأمران "الحفظء والكتابة" وبلغ من شدة حرصه واحتياطه أنه كان لا يقبل 
شيئا من المكتوب حح يشهد شاهدان عدلان أنه كتب بين يدي رسول الله كُلدٌ يدل عليه 
الحديث الذي رواه أبو داود في سننه قال: "قدم عمرء فقال: من كان تلقى من رسول الله يه 
شيئا من القرآن. فليأت بهء وكانوا يكتبون ذلك في الصحف والألواح والعسبء وكان لا يقبل 
من أحد شيئا حي يشهد شهيدان". 
ويدل عليه كذلك ما رواه أبو داود أيضا أن أبا بكر ذه قال لعمر ولزيد: "اقعدا على باب 
المسجد؛ فمن حاءكما بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه". 


جمع القرآن الكريم آم مزايا مصحف أبىي بكر الصديق 
قال ابن حجر: المراد بالشاهدين: الحفظ»ء والكتابة. وقال السخحاوي: المراد أنهما يشهدان على أن 
ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله يتخ وذلك غاية في التنبت والدقة والإحكام من 
الصّديق ذقه. رَسّمه منهجا لزيد بن ثابت ذه. 

مزايا مصحف أبي بكر الصديق نه: 

امتازت الصحف الي جمعت في عهد أبي بكر الصديق في "مصحف واحد" بعدة مزاياء أهمها: 
أولا: التحري الدقيق التام؛ والتثبت الكامل. 

ثانيا: لم يسجل في المصحف إلا ما ثبت عدم نسخ تلاوته. 

ثالثا: إجماع الأمة عليه وتواتر ما سجل فيه من الآيات القرآنية. 

رابعا: شمول المصحف للقراءات يلهجون بالثناء العاطر على أبي بكر الصديق حيث حفظ 
القرآن الكريم من الضياع؛ وذلك بتوفيق من الله عزوجل» ومدد من عنده. 

وقد قال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: "أعظم الناس في المصاحف أجرا أبوبكرء رحمة الله 
على أبى بكرء هو أول من جمع كتاب الله". 

ولقد أصبح جمع القرآن منقبة ححالدة» لا يزال التاريخ يذكرها بالجميل والثناء العاطر لأبي بكر 
في التوحيه والإشراف؛ ولزيد بن ثابت ف التنفيذ والعمل دهء. 

وجمع القرآن في مصحف واحد في عهد أي بكر لا يعن أن الصحابة ّم لم يكن لديهم 
مصاحف كتبوا فيها القرآن من قبل» فإن ذلك لاينافي أن يكون لبعض الصحابة مصحف 
خاصء ولكن هذه المصاحف لم تظفر .ما ظفر به مصحف أن بكر من دقة البحث والتحري» 
والاقتصار على ما لم تنسخ تلاوته» ومن بلوغه حدٌ التواتر» ومن إجماع الأمة عليه» ومن شموله 
للأحرف السبعة "القراءات السبع" كما تقدم. 

فهذا علي ذه كان له مصحف خاص كتبه في بدء خلافة أبي بكر وعزم ألا يخرج إلا للصلاة 


جمع القرآن جمع القرآن الكريم دذد ماذا لم يجمع القرآن ... 
حى ينتهي من كتابته. روى السيوطي عن محمد بن سيرين عن عكرمة أنه قال: لما كان بدء 
خلافة أبي بكرء قعد علي بن أبي طالب في بيته» فقيل لأبي بكر: قد كره بيعتك» فأرسل إليه 
فقال: أكرهت بيع؟ فقال: رأيت كتاب الله يزاد فيه» فحدثت نفسي ألا ألبس ردائي إلا 
لصلاة ح أجمعه. قال له أبو بكر: فإنك نعم ما رأيت؛”'؟ فقد كان له مصحفء ولكنه كما 
يروى عن ابن سيرين كان فيه الناسخ والمنسوخ, فلم يكن مثل مصحف أني بكر. 

لماذا لم يجمع القران في مصحف واحد: 

ونتساءل هنا: 

لماذا لم يجمع القرآن الكريم في مصحف واحد في زمن البي كُظد؟ 

والجواب عن ذلك: 

أولا: إن القرآن لم ينزل مرة واحدة؛ وإنما نزل مفرقاء ولا يمكن جمعه قبل أن يتكامل النزول. 

ثانيا: إن بعض الآيات كانت تُنسخ. وإذا كان القرآن عرضة للنسخ؛ فكيف يمكن أن بجمع 
في مصحف واحد؟ 

الثا: إن ترتيب الآيات والسور لم يكن على حسب النزول» فقد تنزل بعض الآيات في أواخر 
الوحيء بيئما يكون ترتيبها في أوائل السور الكرعة» وهذا يقتضي تغيير المكتوب. 

رابعا: كانت المدة بين نزول آحر ما نزل» وبين وفاته ككدٌ قصيرة حداء وقد تقدم في الفصل 
الأول أن آخحر ما نزل من القرآن قوله تعالى: «إوَاقوا يؤْماتُوْحَعُونَ فيه ِل الله (لبقرة:١4))‏ وقد 
انتقل رسول الله إلى حوار ربه بعد نزوها بتسع ليال» فالمدة إذا قصيرة» ولا يمكن جمعه قبل 
تكامل النزول. 

خامسا: لم يوجد من دواعي الجمع في مصحف واحدء, مثل ما وحد في عهد أبي بكرده. 
فقد كان المسلمون بخير» والقراء كثيرون, والفتنة مأمونة» بخلاف ما حصل ف عهد أبي بكرده 


2 انظر كتاب "الإتقان" للسيوطي. 


جمع القرآن الكريم م جمع القرآن في عهد عثمان 
من مقتل الحفاظ» حى حاف على ضياع القرأآن. 

والخلاصة: إن القرآن لو جمع في مصحف واحدء والحال على ما ذكرنا لكان القرآن عرضة 
للتغيير والتبديل كلما وقع نسخ. أو حدث سبب مع أن أدوات الكتابة ' تكن ميسورة» 
والظروف لا تساعد على ترك المصحف القدى» والاعتماد على المصحف الحديد؛ لأنه لا يمكن 
أن يكون في كل شهر أو يوم مصحف يجمع كل ما نزل من القرآن؛ ولكن لما استقر الأمر 
بختام التنزيل» ووفاة الرسولء وأمِن النسخ؛ وعُرف الترتيب أمكن جمعه في مصحف واحدء 
وهذا ما فعله الخليفة الراشد أبوبكر الصديق ذه وجزاه عن القرآن والمسلمين خخير الجزاء. 
جمع القرآن في عهد عثمان ذه: 

أما جمع القرآن في عهد عثمان» فقد كان له سبب آخر غير السبب الذي حدث في عهد أبي 
بكرء فقد اتسعت الفتوحات الإسلامية في عهد عثمان» وتفرق المسلمون في الأقطار 
والأمصارء واشتهر ف كل بلد من البلاد الإسلامية قراءة الصحابي الذي علّمهم القرآن» 
فأهل الشام كانوا يقرؤون بقراءة "أبي بن كعب"د#ه, وأهل الكوفة كانوا يقرؤون 
بقراءة"عبد الله بن مسعود" ذه وغيرهم كان يقرأ بقراءة "أبي موسى الأشعري" طه. 

فكان بينهم احتلاف في حروف الأداء؛ ووجوه القراءات» حب كان الأمر يصل إلى النزاع 
والشقاق بينهم» وكاد بعضهم يكفر بعضا بسبب اخحتلاف القراءة. 

روي عن أب قلابة أنه قال: "لما كانت خلافة عثمان» حعل المعلّم - المقرئ - يعلم قراءة 
الرحل؛ والمعلم يعلم قراءة الرحل؛ فجعل الغلمان يلتقون فيختلفون» حي ارتفع إلى المعلّمِين 
ح كفر بعضهم بعضاء فبلغ ذلك عثمانء فخطب فقال: "أنتم عندي تختلفون» فمن نأى 
- أي بعد - عبن من الأمصار فهم أشد اختلافا". 


هذه الأسباب والأحداث رأى عثمان بثاقب رأيه» وصادق نظرهء أن يتدارك الخرق قبل أن 


جمع القرآن الكريم 6م سبب جمع عشمان للقرآن الكريم 
يتسع على الراقع؛ وأن يستأصل الداء قبل أن يصعب الدواء» فجمع أعلام الصحابة» ورحجال 
الرأي والبصر فيهم. واستشارهم في علاج تلك الفتنة» وعلاج ذلك الاختلاف» فأجمعوا 
أمرهم على أن يستنسخ أمير المؤمنين مصاحف عديدة» ويبعث إلى كل بلد أو مصر .عمصحف 
منهاء وأن يأمر الناس بإحراق كل ما عداهاء حى لا يبقى ثمة طريق للنزاع والاتلاف في 
وجوه القراءة» فشرع - وه - بتنفيذ هذا القرار الحكيم؛ فعهد إلى أربعة من خيرة الصحابة؛ 
وثقات الحفاظ وهم: "زيد بن ثابت» وعبدالله بن الزبير» وسعيد بن العاص» وعبدالرحمن بن 
هشام"»؛ وقد كانوا جميعا من قريش من المهاحرين إلا "زيد بن ثابت"» فقد كان من الأنصار» 
وكان هذا العمل الحليل سنة 547" هجرية؛ وقال لمؤلاء: إذا اختلفتم ف شيء من وجوه 
القراءة» فاكتبوه بلغة قريشء فإن القرآن نزل بلغتهم. 

وطلب عثمان من حفصة بنت عمر أن تعطيه المصحف الذي كان عندهاء والذي جمعه أبو بكر؛ 
لينسخ منه عدة نسخ ثم يعيده إليهاء ففعلت. 

سبب جمع عثمان للقرآن الكريم: 

روى البخاري عن أنس بن مالك أنه قال: 

"إن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان» وكان يغازي أهل الشام في فتح أرمينية وأذربيجان مع 
أهل العراق» فأفزع حذيفة احتلافهم في القراءة» فقال حذيفة لعثمان: يا أمير المؤمنين! أدرك 
هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب احتلاف اليهود والنصارى» فأرسل عثمان إلى حفصة أن 
أرسلي إلينا بالصحف ننسخخها في المصاحفء ثم نردها إليك» فأرسلت يما حفصة إلى عثمان» 
فأمر زيد بن ثابت» وعبدالله بن الزبير» وسعيد بن العاص؛ وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام 
فنسخوها في المصاحف. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة: إذا احتلفتم أنتم وزيد بن ثابت 
ف شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريشء فإنما نزل بلسانهمء ففعلوا حى إذا نسخوا المصحف 


جمع القرآن الكريم كم الفرق بين جمع أبي بكر وعشمان 
في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة؛ وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخواء وأمر 


ما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن ر 37 


الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان ما: 

ونستطيع نما سبق أن نعرف الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان وهو أن الجمع في عهد 
أبي بكر إنما كان عبارة عن نقل القرآن وكتابته في مصحف واحد مرتب الآيات» جمعه في 
اللخحاف والعسب والرقاع» وكان سبب الجمع موت الحفاظ». وأما جمع عثمان فقد كان 
عبارة عن نسخ عدة نسخ من المصحف الذي جمع في عهد أبي بكر؛ لترسل إلى الآفاق 
الإسلامية» وكان سبب الجمع إنما هو اختلاف القراء في قراءة القرآن؛ والله أعلم» وصلى الله 


على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم. 


#6 1# 


انظر صحيح البخاري في جمع القرآن. 


الفصل السابع ىم التفسير والمفسرون 
الفصل السابع: 


أنزل الله كتابه العظيم؛ ليكون دستورا للمسلمين» ومنهاجا يسيرون عليه في حياتهم» فيستضيئون 
بضيائه» ويهتدون بهديه؛ ويقتبسون من تعاليمه الرشيدة» ونظمه الحكيمة ما يجعلهم في أوج 
السعادة والعزة» ويرفع بمم إلى ذرى المحد والكمال» ويؤهلهم إلى قيادة ركب الإنسانية. 
ويجعلهم السادة والقادة في هذه الحياة» يسيرون بالأمم إلى حياة العزة والكرامة» ويوصلوفهم 
إلى شاطئ الأمن والاستقرار والسلام. 

ولاريب أن البشرية تتخخبط اليوم في ظلمات الشقاوة والجاهلية» وتغرق في بحار التحلل وعبادة 
المال» وليس ها من منقذ إلا الإسلام عن طريق الاسترشاد بتعاليم القرآن ونظمه الحكيمة» الي 
روعيت فيها جميع عناصر السعادة للنوع البشري على ما أحاط به علم الخالق الحكيم. 

ومن البدهي أن العمل ذه التعاليم لايكون إلا بعد فهم القرآن وتدبره» والوقوف على ما 
حوى من نصح وإرشاد» وهذا لايتحقق إلا عن طريق الكشف والبيان؛ لما تدل عليه آيات 
القرآنء وهو ما نسبه ب _"علم التفسير" خصوصا في هذه العصور الأخيرة ال فسدت فيها 
ملكة البيان العربي» وضاعت فيها مصائص العروبة حى من سلائل العرب أنفسهم. 

فالتفسير هو المناخ لحذه الكنوز والذحائر ال احتواها هذا الكتاب اللحيد» وبدونه لا يمكن 
الوصول إلى هذه الكنوز والذخائرء واللآلىء والجواهرء مهما بالغ الناس في ترديد ألفاظ 
القرآن» وقرؤوا آياته في كل صباح ومساء. 

وإنه لمن المؤسف أن يكتفي المسلمون من القرآن بألفاظ يرددوفاء وأنغام يلخّنونها في المآتم 
والمقابر» وعند الاحتفالات الرسمية» ثم لا يكون للقرآن نصيب منهم إلا الطرب بالسماع أو 
التبرك بالتلاوة. وهذا ما عناه ! على لرسول و بقوله: "يتخذون القرآن مزامير". 


التفسير والمفسرون 4م لماذا نفسر القرآن 
قد نسي المسلمون أو تناسوا أن بركة القرآن العظمى إنما هي في تدبره وتفهمه؛ وف الاهتداء 
بمديه» والاستفادة من تعاليمه وتوجيهاته» ثم الوقوف عند أوامره ومراضيه» والبعد عن 
مساحطه ونواهيه والله تعالى يقول: كناب أَنرَلْناهُ إِلَِكَ مُبَارَكُ ليَدَيّدُوا آياته وَلِتَد كر أُولُو 
الْألَبَاب» (ص:55)» ويقول سبحانه: لأفلا يتَديّرُونَ الْقرْآنَ أَمْ عَلَى َلُوبٍ أقفالَهَا رصمد:ءى» 
ويقول جل ذكره: «إوَلَقَدُ يسَّْنا الآ للد كْر فَهَلْ مِنْ مُدَكِر» (القمر:77١1).‏ 

فما أشبه المسلمين اليوم بالرحل العطشان يموت من الظماً والماء بين يديه! أو بالحيوان يهلك 


من ادوع والعطش والزاد والماء على ظهره. 
وما أجمل قول القائل: 
كالعيس في البيداء يقتلّها الظما والماء فوق ظهُورها محمول 
ولقد صدق رسول الله كدٌ حين قال: "لقد تركت فيكم أمرين» لن تضلوا ما تمسكتم يما 


بعدي أبداء كتاب الله ؛ وسلوي. 9 


لماذا نفسر القران: 

أسئلة تخطر ببال كل إنسان» وتحول في كل فكر: لماذا نفسر القرآن؟ ألتجيد قراءته ونتقن 
تلاوته؟ أم لنزيل الستار عن غامض معانيه؟ أم لنجلوَ أسراره» ونيرزٌ محاسنه؟ 

لا... لا... ليس لحذاء ولا لذاك فقط! بل لنتحرر من عبادة العباد. وتبعية البشر إلى عبادة رب 
العباد حل وعلاء ونربط الفرد والجماعة بخالق العوالم» ومدبّر الكون» رب السموات العلى؛ 
ورب العرش العظيم. فالقرآن الكريم دستور الأمة» وهداية الخالق» وشريعة الله لأهل الأرضء 
وهو النور الرباني» والحدي السماويء والتشريع العام الخالد» الذي تكفل بكل ما يحتاج إليه 


البشر في أمور دينهم ودنياهم. 


( الحديث: روآأه أصحاب السئن. 


التفسير والمفسرون 6م الفرق بين الغسير والتاويل 
ولا عجحب! فهو كتاب كامل» ونظام شامل» يشمل حوانب الحياة بأجمعهاء في العقائد» والعبادات» 
والأخلاق» والمعاملات» وفي السياسة والحكمء وفي السلم والحرب» وف الشؤون الاققتصادية 
والعلاقات الدولية. 

نيو انيه جنات أل اننا الكل كيزن وهنا ورظة القوم مره وهو وه :الات أجلة 
حكيم كل الحكمة, لا يعتريه خلل ولا احتلاف» فلاعجحب إن كانت السعادة لاتنال إلا يديه 
والتزام ما جاء به» فهو شفاء لما في الصدورء وعلاج لما حل أو يحل باجتمع من شرور: وَل 
ِنَ لان مَاهُوَسِفَاءوَرَحْمَةِلْمُْمِينَوَلاَِيدُالظَالِمينَ إلا حَسَار الاسراء:؟8م. 

الفرق بين التفسير والتأويل: 

التفسير في اللغة: هو الإيضاح والتبيين» قال تعالى: إولا يأو نك بِمَثلٍ َّ حنْنَاكَ بِالْحَقٌ وَأَحْسَنَ 
تَفسِير 4 (الفرقان:*7) . 
فقولنا: فسر: معن بين ووضح. وكلام مفسر: أي واضح ظاهر. 
وأما التفسير في الاصطلاح: فهو علم يعرف به فهم كتاب الله المنرّل على نبيه محمد كي 
وبيان معانيه» واستخراج أحكامه وحكمه.”2 وعرفه غيره بأنه "علم يبحث فيه عن القرآن 
الكريم من حيث دلالته على مراد الله تعالى بقدر الطاقة البشرية".29) 

معن التأويل: 
وأما التأويل» فهو لغة من الأول بمعيى الرجوع؛ فكأن المفسّر أرجع الآية إلى ما يحتمله من المعاي. 
ويرى بعض العلماء أن التأويل مرادف للتفسير حي قال صاحب القاموس: أوّل الكلام تأويلا 
وتأوّله .معن ديّره وقدّره وفسّرهء ومنه قوله تعالى: لالْتعَاءَ لَه اويل (آل عمران: 00 


التعريف للز ركشئ من "كتاب البرهان" ص:7١‏ . 
مناهل العرفان للزرقاي. 


التفسير والمفسرون 596 معنى التأويل 
أما في الاصطلاح: فهو عند المتقدمين .معن التفسير» فيقال: تفسير القرآن. ويقال: تأويل 
القرآن» .معئ واحد. 

قال ابن جرير الطبري في تفسيره: "القول في تأويل قوله تعالى كذا.... واختلف أهل التأويل 
في هذه الآية" يريد بذلك أهل التفسير. 

وقال مجاهد: إن العلماء يعلمون تأويله - يعن القرآن - ويريد تفسير معناه. 

وذهب فريق من العلماء إلى أن بين التفسير والتأويل فرقا جلياء وقد اشتهر هذا عند المتأخرين. 
التفسير: هو المعن الظاهر من الآية الكرعة. 

وأما التأويل: فهو ترجيح بعض المعاني المحتملة من الآية الكريمة الي تحتمل عدة معان. 

وقد أفاض العلامة السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" في هذا البحثء ونقل نقولا 
كثيرة عن العلماءء نكتفي بأجمعهاء وأقريها إلى الصوابء, وهو أن نقول "بأن التفسير هو 
كشف معان القرآن الظاهرة» والتأويل ما استنبطه العلماء العارفون من المعانى الخفيّة والأسرار 
الربانية اللطيفة الى تحتملها الآية الكريعة". 

هذا الذي اخترناه هو الذي ذهب إليه الآلوسي يه حيث قال: قد تعورف عن المؤلفين من غير 
نكير أن للتأويل معان قدسيةء ومعارف ربانية» تنهل من سحب الغيب على قلوب العارفين؛ 
والتفسير غير ذلك. 

والخلاصة: أن التفسير هو المعاني الظاهرة من القرآن الكريم الى هي واضحة الدلالة على المعى 
المراد لله عزوجل. 

والتأويل: هو المعاني الخفية الى تستنبط من الآيات الكريعة» وال تحتاج إلى تأمل وتفكر 
واستنباط» والي تحتمل عدة معان» فيرجح المفسرٌ منها ماكان أقوى عن طريق النظر والاستدلال» 
وليس هذا الترحيح بقطعي» بل هو ترجيح للأظهر والأقوى؛ إذ الحكم بأنه المراد القطعي تحكم 
في كتاب الله والله تعالى يقول: «ومًا لمأو لَه إل الل (آل عمران:/20 والله أعلم. 


يقسم التفسير حسب الاصطلاح العلمي الدقيق إلى ثلاثة أقسام: 

أولا: التفسير بالرواية» وهذا الذي يسمى التفسير بالنقلء أو التفسير بالمأثور. 

ثانيا: التفسير بالدراية» وهذا الذي يسمى التفسير بالرأي. 

وسنتحداث عن كل قسم من هذه الأقسام بالتفصيل - إن شاء الله تعالىى - ونوضح السليم 
من السقيم. 


#6 # 


التفسير بالرواية "المأثور" 007 تفسير القرآن بالقرآن 


القسم الأول 

التفسير بالرواية "المأثور": 
هو ما جاء ف القرآن» أو السنة» أو كلام الصحابة بيانا لمراد الله تعالى» فالتفسير المأثور إما أن يكون 
تفسير القرآن بالقرآن» أو تفسير القرآن بالسنة النبوية» أو تفسير القرآن بالمأثور عن الصحابة. 
-١‏ مثال ما جاء تفسيره ف القرآن الكريم 
قوله تعالى: لأَجِلَت لَكُمْبهِيمَة الْأنَا مإِلَامايْْلى عَِكُمْ4 للائدة: »)١‏ فقد جاء تفسير قوله: «إ إل 

ما يثلَى عَليَكُْ» في آية كرعة أخرى» هي قوله تعالى: خُرَمَتْ عَلَيكُم المي وَالدم وَلَْمْ 
الْحْريروَمَاأَهِلَلِعَيْر الله ب)» ولاكدة:م. 
وت قوله تعالى: #وَالسّمَاءِ والطارق4 (الطارق:١)»‏ جحاء تفسير الطارق في نفس السورة: 
لالتَحُمُ التَاقِبُ» «لطارق:» وكذلك قوله تعالى: «متَلَقَى آدم من رَيّهِ كلِمّاتٍ فبَاب عليه 
(البقرة:7)» جحاء تفسير الكلمات الي تلقاها آدم في موطن آخر من القرآن» وهي قوله تعالى: 
لقالا ينا ظَلَمنا أَنْفْسَنَا وَإن لمرلا وََرْحَمَْا لَنَكُوننَ من الْححَاسِرِينَ)» «الأعراف:57). 
ومن الأمثلة أيضا على تفسير القرآن بالقرآنء قوله تعالى: إن ناه في ليْلةِ مبَاركة» 
(الدحان:*, جاء تفسير الليلة المباركة بأنها "ليلة القدر" في قوله جحل ذكره: «إإنا ْنَا فِي ليل 
القدر» (القدر:) إلى آخر ما هنالك. 
- ومثال ها جاء ف السنة المطهرة تفسيرا وخرنا للقران: 
إنه يل فسر الظلم بالشرك في قوله سبحانه: لالَذِينَ آم آمنُواوَلَمْيَلِسُوا يمانم بظلم ولك لَه لمن 
وهم مُهْتَّدونَ ولأنعام:؟م)» وأيّد تفسيره هذا بقوله تعالى: 8إإِنَّ الضَّدكَ لَظلّْم عَظِيم)» (لقمان:؟1). 
وفسر يد الحساب اليسير ب "العرض"؛ أي: عرض الأعمال على المؤمن وتذكيره يما فقطء 


التفسير بالرواية "المأثور" بت تفسير القرآن بالمنة النبوية 
وذلك حين قال: "من نوقش الحساب عذّب"؛ فقالت السيدة عائشة له: يا رسول الله! أوليس 
قد قال الله تعالى: لقَأمًا مَنْ أوتي كِتَابَهُ ييَمِينهه فَسَوْفَ يُحَاسَيُ ب جساباً يسِيرأ» وَيَنْقلِبُ إلى أَهله 
مسرؤور 4 (الانشقاق:/ا-8). 

فقال يلد "ذلك العرض - بيانا للحساب اليسير - وأم فون تو فكو ازاك لاب 
وكتفسيره يي الصلاة الوسطى في قوله تعالى: لحَافِظوا عَلَى الصَّلَوَاتٍ وَالضّلاةٍ الْوْسْطَى» 
(لبقرة:084) بأها صلاة العصرء وتفسير #الْمَعَْضُوب عَلَيْهِم ولا الضَّالّينَ) (الفاتحة:17) قي سورة 
الفاتحة باليهود» والنصارى. 

ومن الأمثلة أيضا على تفسير البي 525 للآيات الكريعة» تفسيره الزيادة في قوله تعالى: هِلِنَذِينَ 
أَحْسَيُوا الْحْسْتَى وَزْيَادَة4 (يونس:5). وقد فسرها بأنما النظر إلى وجه الله الكريم» وكتفسيره وف 
القوة» بالرمي في قوله تعالى: لوَأَعِدُوا لَهِمْ مَا اسْتَطعْتُمٌ من قرو (الأفال:.+)» فقد قال كظ: 
"ألا! إن القوة الرميء ألا! إن القوة الرمي". 

وكتفسير قوله تعالى: «إِيوْمَئِلٍ تَحَدَّتْ أَحْبَارَهَا الرلرلة:4): قال يق "أتدرون ما أخبارها؟ 
قالوا: الله ورسوله أعلم؛ قال: أن تشهد على كل عبد أو أمةٍ مما عمل على ظهرهاء تقول: 
عملت يوم كذاء كذا وكذا . 

وأمثال هذه التفاسير كثيرة» وقد جمع السيوطي ف كتابه "الإتقان في علوم القرآن" طائفة 
كبيرة من التفاسير النبوية» فليراجع إليه 

وكلا هذين القسمين "تفسير القرآن بالقرآن"؛ وتفسير "القرآن بالسنة" لا شك ف أنه أعلى 
أنواع التفسيرء ولاشك في قبوله. أما الأول فلأن الله تعالى أعلم مراد نفسه من غيره» وكتاب 
الله تعالى أصدق الحديث؛ لأنه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. وأما الثاني فلأن 
الرسول 5د قد بين الله مهمّته في القرآن» وذكر أفها مهمة التوضيح والبيان: «إوَأَئْرَلنا َك 
لذَّكْرَ لين لِلنّاسِ ما نرَّلَ إلَيهجِ» (التحل:44)» فما جاء عن رسول الله 226 من شرح أو بيان بسند 


التفسير بالرواية "المأثور" 1 تفسير الصحابة/ أسباب الضعف 
صحيح ثابتء فإنه مما لاشك في أنه حق يحب اعتماده. 

- بقي القسم الثالث من أقسام التفسير المأثور» ألا وهو "تفسير الصحابة"» فإنه أيضا من التفسير 
المعتمد المقبول) لأن الصحابة ضر قد اجتمعوا بالرسول يش وهلوا هن معينه الصافي. وشاهلوا 
الوحي والتنزيل» وعرفوا أسباب النزول» وهم من صفاء نفوسهم» وسلامة فطرتهم وعلوّ منزلتهم 
في الفصاحة والبيان» ما يؤهلهم من الفهم الصحيح السليم لكلام الله» وما يجعلهم يدركون أسرار 
هذا القرآن أكثر من أي إنسان. 

قال الحاكم: "إن تفسير الصحابي الذي شهد الوحي والتنزيل له حكم المرفوع"» ومععئ هذا 
أن تفسير الصحابي له حكم الحديث النبوي الذي رفع إلى النبي كد فهو إذا من المأثور. 

وأما التابعي: فقد اختلف في تفسيرهء فذهب بعض العلماء إلى أنه من المأثور؛ لأنه تلقاه من 
الصحابة غالباء ومنهم من قال: إنه من التفسير بالرأي» أي : له حكم بة بقية الممسرين» الذين 
فسروا حسب قواعد اللغة العربية دون التزام للمأثور. 

الصحابة هّمه وينبغي التثبت من الرواية عند ذكر التفسير بالمأثورء قال الحافظ ابن كثير اليه: 
إن أكثر التفسير المأثور قد سرى إلى الرواة من زنادقة اليهود والفرسء» ومسلمة أهل الكتاب» 
وجل ذلك في قصص الرسل مع أقوامهم» وما يتعلق بكتبهم ومعجزاتهمء وفي تاريخ غيرهم 
كأصحاب الكهف...إل, فينبغي إذا التثبت من الرواية. 
أسباب ضعف الرواية بالمأثور: 

ذكرنا فيما تقدم أن تفسير بعض القرآن ببعضء وتفسير القرآن بالسئة الصحيحة المرفوعة إلى 
لبي يد لا شك في قبوله: ولا حلاف ف أنه من أعلى مراتب التفسيرء وأما تفسير القرآن بالمأثور 
بالمأثور عن الصحابة والتابعين» فإنه يتطرق إليه الضعف من وجحوه: 


التفسير بالرواية "المأثور” 318 رأي الزرقاي في مناهل العرفان 
أولا: اختلاط الصحيح بغير الصحيح, ونقل كثير من الأقوال المنسوبة إلى الصحابة أو التابعين 
من غير إسناد ولاتثبت مما أدى إلى التباس الحق بالباطل. 

ثانيا: أن تلك الروايات مليئة "بالإسرائيليات”: ومنها كثير من الخرافات الي تصادم العقيدة 
الإسلامية» واليٍ قام الدليل على بطلافماء وهي مما دحل على المسلمين من أهل الكتاب. 

ثالنا: أن بعض أصحاب المذاهب المتطرقة لفقوا أقوالاء وصنعوا أباطيل نسبوها إلى بعض 
الصحابة مثل الشيعة شيعة على المتطرفين» نسبوا إليه ما هو منه بريء؛ ومثل أولثك المتزلفين 
للعباسيين» نسبوا إلى ابن عباس ما لم يصح نسبته إليه» تملقا للحكام. 

رابعا: أن بعض الزنادقة من أعداء الإسلام دسُوا على الصحابة والتابعين كما دسّوا على 
رسول الله كت في الأحاديث النبوية؛ وذلك بغرض هدم الدين عن طريق الدس والوضع؛ فمن هذه 
الناحية ينبغي الاحتياط والتثبت والحذر من الأقوال ال تنسب إلى الصحابة الكرام أو التابعين. 7" 
رأي الزرقاني في مناهل العرفان: 

وقد ذكر الأستاذ الزّرقان ف كتابه "مناهل العرفان" كلاما حسنا حول التفسير بالمأثور» بعد 
أن ذكر نقولا عن الإمام أحمد مه وعن ابن تيمية سلثنه. فقال: 

وكلمة الإنصاف في هذا الموضوع: أن التفسير بالمأثور نوعان: 

أحدهما: ما توافرت الأدلة على صحته وقبوله» وهذا لا يليق بأحدٍ رده ولا يجوز إهماله 
وإغفاله» ولا يحمل أن نعتبره من الصوارف عن هدي القرآن» بل هو على العكس عامل من 
أقوى العوامل على الاهتداء بالقرآن. 

ثانيهما: ما لم يصح لسبب من الأسباب الآنفة أو غيرهاء وهذا يجب ردّه؛ ولا يجوز قبوله ولا 
الاشتغال به ولا يزال كثير من أيقاظ المفسرين كابن كثير يتحرون الصحة فيما ينقلون 
ويزيفون ما هو باطل أو ضعيف. 


انظر كتاب "مناهل العرفان” للزرقاني. 


التفسير بالوواية "المأثور" 55 عبد الله بن عباس 


أشهر المفسرين من الصحابة: 

قال السيوطي في "الإتقان" ”© : اشتهر بالتفسير من الصحابة عشرة: الخلفاء الأربعة» وابن مسعود. 
وابن عباس وأبي بن كعب» وزيد بن ثابت» وأبو موسى الأشعريء وعبد الله بن الزبير ديأف. 

أما الخلفاء فأكثر من روي عنهء فهم "علي بن أبي طالب" كرم الله وجههء والرواية عن الثلاثة 
قليلة حداء وكأن السبب في ذلك تقدم وفاتهم. 

وأما السبب ف قلة الرواية عن الثلاثة "أبي بكرء وعمرء وعثمان"؛ فإنما يرجع كما نبه إليه السيوطي 
إلى قصر مدة خلافتهم: وتقدم وفاتهم» ومن ناحية أحرى فإفهم قد عاشوا ف وسط أغلب أهله 
كانوا علماء بكتاب الله؛ لأنمم صاحبوا الرسول 5ع فكانوا واقفين على أسرار التنزيل» عارفين 
معانيه وأحكامه. أما علي ذقى فقد عاش بعد الخلفاء الثلاثة في وقت اتسعت فيه رقعة الإسلام؛ 
ودخل كثير من العحم في الدين الجديدء ونشأ حيل من أبناء الصحابة كانوا بحاحة إلى دراسة 
القرآنء وتفهم أسراره وحكمه. ولذلك اشتهرت الرواية عنه أكثر من بقية الخلفاء الراشدين؛ 
وسنتكلم بشيء من التفصيل عن بعض هؤلاء الصحابة الذين اشتهروا بتفسير القرآن. 

عبد الله بن عباس كك : 

عبد الله بن عباس ب حبر هذه الأمة» وهو ابن عم رسول الله كلد الذي دعا له الرسول 
الكريم بقوله: "اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل". وهو المسمى ب"ترجمان القرآن"؛ قال 
عبدالله بن مسعود ذه: "نعم ترجمان القرآن عبدالله بن عباس". كان أعلم الصحابة بتفسير 
القرآن الكريم, وقد شهد له بالفضل - وهو شاب في عنفوان الصبا - كبار الصحابة» حىّ 
كان ينافسهمء وينتزع إعجابهم مع حدائة سئّه» وكان عمر هه يدخله إلى بحلس الشورى مع 
كبار الصحابة الأجلاء يستشيرهم؛ وريما عرض الأمر عليه» وكان تقدير عمر لابن عباس مثار 
حدل عند بعض الصحابة» حى قال بعضهم: لِمَّ يدحل هذا الشاب معناء وعندنا من الأولاد 


('؟ انظر "الأتقان": ؟/77", 


التفسير بالرواية "المألور” 3 عبد الله بن عباس 
من هو أكبر منه سنًا؟ وله قصة رواها البخاري في صحيحه تدل على غزارة علمه؛ وعلو شأنه 
في الغوص على دقائق أسرار القرآن: 

رواية البخاري: 

روى البخاري من طريق سعيد بن جبير» عن ابن عباس هما قال: "كان عمر يدخلئي مع 
أشياخ بدرء فكأن بعضهم وحد في نفسه. فقالوا: لِمَ يدحل هذا معناء وإن لنا أبناء مثله؟ 
فقال عمر: إنه من علمتم -- يعئ: إنه من عرفتم ذكاءه وعلمه - فدعاهم ذات يوم فأدحلئي 
معهمء فما رأيت أنه دعاني فيهم يومكذ إلا ليريهم؛ فقال: ما تقولون في قول الله تعالى: #إذا 
جَاءَ نَصرٌ الل وَالْفنّح (النصر: ١)؟‏ 

فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح عليناء وسكت بعضهم. فلم يقل 
شيئاء فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا. فقال: ما تقول؟ فقلت: هو أجل 
رسول الله كل أعلمه له قال: ظإإِذًا جَاءَ نَصَدُ الله وَالْمبْحُ4. فذلك علامة أحلك لإفْسَبحْ بِحَمْدٍ 
ربْكَ وَاسْتَغْفه نه كان توّابا4 («لنصر:م» فقال عمر: والله! لا أعلم منها إلا ما تقول7". لايدركها 
إلا الراسخحون في العلم؛ ولا عجب أن ينال ابن عباس تلك الرتبة الرفيعة في فهم أسرار القرآن» 
فقد دعا له الرسول يه بالفهم والفقه في الدين» كما روى الشيخخان عن ابن عباس ما قال: 
"ضمي رسول الله إلى صدره؛ وقال: "اللهم فقّهه في الدين» وعلّمه التأويل". 

وف رواية: "اللهم علَّمه الحكمة". 

وكان ابن عباس يسمى البحر؛ لكثرة علمه. 

روي أن رجلا أتى عبد الله بن عمر ضما يسأله عن السموات والأرض 9 كَانَنَا رقا فَفْتَََاهُمَا4 
الأنياء: .)» فقال: اذهب إلى ابن عباس فاسأله ثم تعال» فأخيرني» فذهبء فسأله؛ فقال: كانت 


)0 أخر جه البخاري مد في باب فضائل الصحابة. 


التنفسير بالرواية "المأثور" 1 شيوخ ابن عباس 
السموات رتقا لا تمطرء وكانت الأرض رتقا لا تنبت» ففتق هذه بالمطرء وهذه بالنبات. 
فرجع إلى ابن عمر فأخبره» فقال: قد كنت أقول: ما يعجبيني جرءة ابن عباس على تفسير 
القرآن» فالآن قد علمت أنه أو علما. 

وروي أن عمر بن النطاب قال يوما لأصحاب الي يُعلدُ: فيمن ترون هذه الآية نزلت: يود 
أَحَدَكُمْ أن تَكون لَه حنَة من نيل وَأَْنَابٍ...© (البقرة:155) قالوا: الله أعلم؛ فغضب عمرء فقال: 
قولوا: نعلم أو لا تعلم. 

فقال ابن عباس: في نفسي منها شيءء فقال: يا ابن أي! قل» ولا تحقَرُ نفسكء قال ابن عباس: 
ضربت مثلا لعمل» فقال عمر: أي عمل؟ قال ابن عباس: لرحل غيئن يعمل بطاعة الله ثم بعث له 
الشيطان؛ فعمل بالمعاصي حى أغرق أعماله". (روه البحاري) فوافقه عمر على هذا الفهم. 

كل هذا وأمتاله كثير» يدل على مبلغ علم ابن عباس وفهمه الثاقب منذ حداثة سنّهء وهذا 


أصبح قِِ مساق كاذ شيو خ الصحابة» وأصبح يدَعى حبر الأمة بشهادة الصحابة أنفسهم. 


شيوخ ابن عباس: 

ومن شيو ابن عباس الذين استقى منهم علومه بعد رسول الله كلد وكان هم أبرز الأثر في 
توجيهه وثقافته "عمر بن الخطاب» وأبيّ بن كعبء وعلي بن أبي طالب, وزيد بن ثابت"طق» 
وهؤلاء النمسة هم أهم شيوخه الذين أذ عنهم أكثر علمه؛ وتلقى منهم معظم ثقافته» وكان 
لهم أثر في توجيهه تلك الوجهة العلمية الدقيقة. 

تلامذة ابن عباس: 

تلقى العلم عن ابن عباس عدد كبير من التابعين» كان من أشهرهم تلامذته المشهورون» 
الذين نقلوا تفسيره وعلمه الغزيرء وهم "سعيد بن جبيرء ومجاهد بن حبر النزرمي» وطاوس 
ابن كيسان اليماني» وعكرمة مولى ابن عباس» وعطاء بن أبي رباح"» وهؤلاء هم أظهر تلامذته 


التفسير بالرواية "المأثور" 1 عبد الله بن مسعود 
الذين نقلوا مدرسة ابن عباس ف التفسير إلينا وك. 


عبد الله بن مسعود: 

ومن أعلام الصحابة الذين اشتهروا بالتفسير» ونقلوا لنا آثار الرسول وٌَ وأقواله "عبد الله بن 
مسعود" ذه فقد كان من السابقين إلى الإسلام» وكان سادس ستة» ما على وجه الأرض 
مسلم سواهم: وكان خادم رسول الله يد يلبسه نعليه؛ ويعشي معه وأمامه» فكان له من هذه 
الصلة النبوية خير مثقف ومؤدبء لذلك عدّوه من أعلم الصحابة بكتاب الله ومعرفة محكمه 
ومتشابمه: وحلاله وحرامه. 

قال السيوطي: قد روي عن ابن مسعود في التفسير أكثر ما روي عن علي كرم الله وحهه. 
روى الشيخان عنه أنه قال: والذي لا إله غيره» ما نزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا 
أعلم أين أنزلت؟ ولا أنزلت آية من كتاب الله تعالى» إلا وأنا أعلم فيم أنزلت؟ ولو أعلم 
أحدا أعلم مئ بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه"» روى عنه كثير من التابعين. 


ع 1# #«* 


القسم الثاني 
التفسير بالدراية أو بالرأي: 
بعد أن تحدثنا عن التفسير بالرواية» ننتقل الآن إلى الحديث عن التفسير بالدراية» وهذا النوع 
يسمى عند علماء التفسير: التفسير بالرأي» أو التفسير بالمعقول؛ لأن المفسر لكتاب الله تعالى 
يعتمد فيه على احتهاده» لا على المأُور المنقول عن الصحابة أو التابعين» بل يكون فيه 
الاعتماد على اللغة العربية» وفهم أسلوبًا على طريقة العرب» ومعرفة طريقة التخاطب 
عندهم» وإدراك العلوم الضرورية الي ينبغي أن يكون ملما ما كل من أراد تفسير القرآن» 
كالنحوء والصرفء وعلوم البلاغة» وأصول الفقه؛ ومعرفة أسباب النزول إلى غير ما هنالك 
من العلوم الي يحتاج إليها المفسرء كما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى. 
معي التفسير بالرأي؟ 
المراد بالرأي هنا "الاحتهاد" المبئئى على أصول صحيحة؛ وقواعد سليمة متّبعة» يجب أن يأنخذ يما 
من أراد الخوض في تفسير الكتاب؛ أو التصِدّي لبيان معانيه» وليس المراد به مجرد "الرأي"؛ أو 
بحرد "الموى". أو تفسير القرآن بحسب ما يخطر للانسان من خواطر أو بحسب ما يشاء. 
فقد قال القرطي: من قال ثي القرآن ما سنح في وهمه. أو حطر على باله من غير استدلال 
عليه بالأصولء فهو مخطىء مذموم؛ وعليه يحمل الحديث الشريف: "من كذب علي متعمدا 
فليتبوأ مقعده من النارء» ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار".”'؟2 وقد قال ص2 
"من قال في القرآن برأيه فأصاب فقد أحط)" 9) 


0 الحديث: رواه البخاري» ومسلم عن علي دنه ومعين يتبوأ: أي ينزل ويحل. 
إآف4 الحديث: من رواية أبي داود عن جندب. 


التفسير بالدراية أو بالرأي 6 أنواع معنى التفسير بالرأي 
قال القرطبي مله في مقدمة تفسيره "اللمامع لأحكام القرآن" ما نصه: 
فسر الحديث ابن عباس هما "ومن قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار” تفسيرين: 
أحدهما: من قال في مشكل القرآن مما لا يعرف من مذهب الصحابة والتابعين» فهو متعرض 
لسخط الله. 
ثانيهما: من قال في القرآن قولا يعلم أن الحق غيره؛ فليتبوأ مقعده من النار. 
وقد رحح القرطبي القول الثاني فقال: وهو أثبت القولين» وأصحهما معينء ثم قال: وأما 
حديث "حندب" فقد حمل بعض أهل العلم هذا الحديث على أن الرأي معني به "الهوى" 
والمراد: من قال في القرآن قولا يوافق هواه لم يأخذه عن أئمة السلف فأصابء فقد أخطأ 
لحكمه على القرآن .ما لا يعرف أصله؛ ولا يقف على مذاهب أهل الأثر والنقل فيه. 
وقال ابن عطيّة: "ومعئ هذا أن يسأل الرحل على معي في كتاب الله عزوحل» فيتسور عليه 
أي يهجم عليه برأيه دون نظر فيما قال العلماء؛ واقتضته قوانين العلم كالنحو والأصول. 
وليس يدخل في هذا الحديث أن يفسر اللغويون لغته» والنحويون نحوه» والفقهاء معانيه 
وأحكامه. ويقول كل واحد باحتهاده المبئي على قوانين علم ونظرء فإن القائل على هذه 
الصفة ليس قائلا بمجرد رأيه. (') 
أنواع التفسير بالرأي: 
وعلى هذاء يمكن تقسيم التفسير بالرأي إلى قسمين: 

١‏ - تفسير محمود. 

1- تفسير مذموم. 
فالتفسير المحمود: ما كان موافقا لغرض الشارعء بعيدا عن الجهالة والضلالة» متمشيا مع 


© تفسير القرطبي: ١/؟7.‏ 


التفسير بالدراية أو بالرأي ؟ ٠١‏ أنواع معنى التفسير بالرأي 
قواعد اللغة العربية» معتمدا على أساليبها ف فهم النصوص القرآنية الكريمة» فمن فسر 
القرآن برأيه - أي باحتهاده - ملتزما الوقوف عند هذه الشروطء معتمدا عليها فيما يرى 
من معان الكتاب العزيزء كان تفسيره جائزا سائغاء حديرا بأن يسمى التفسير المحمود» أو 
التفسير المشرو ع. 

وأما التفسير المذموم: فهو أن يفسر القرآن بدون علم؛ أو يفسره حسب الهوى مع الجهالة 
بقوانين اللغة أو الشريعة» أو يحمل كلام الله على مذهبه الفاسد» وبدعته الضالة» أو يخوض 
فيما استأثر الله بعلمه» ويجزم بأن المراد من كلام الله هو كذا وكذاء فهذا النوع من التفسير 
هو التفسير المذمومء أو التفسير الباطل. 

وباختصار: فإن التفسير المحمود ما كان صاحبه عارفا بقوانين اللغة» خبيرا بأساليبهاء بصيرا 
بقانون الشريعة. 

والتفسير الباطل المذموم ما كان منبعثا عن الحوى» قائما على الجهالة والضلالة» مثاله: ما ورد 
عن بعض الجهلة من أدعياء العلم في قوله تعالى: يوم دعو كل ناس بإِمَامِهِم» (الإسراء: 2071 أن 
المراد بما أن الله تعالى ينادي الناس يوم القيامة بأسماء أمهاتهم سترا عليهم؛ فقد فسر هذا 
الجاهل "الإمام" بالأمهات, وظن أن الإمام جمع أم مع أن اللغة العربية تأبى هذا لأن 
جمع الأم أمهات قال تعالى: وَأَمهَانُكُمٌ لاني أَرْصَعْتَكُمْ4 «نساء:00» ولا يكون جمع الأم 
إماماء فإن ذلك فاسد لغة وشرعاء والمراد بالإمام هنا "النبي" الذي اتبعته أمته» أو كتاب 
الأعمال بدليل تتمة الآية: فَمَنْ أُوتي كِتَابَهُ َيِه فَأُولَئِكَ يَقَرَأُونَ كِتَابَهُمْ ولا يُظلَمُونَ 
فتيلا» (الإسراء: 0971 . 

فإذا لم يفهم الإنسان قواعد اللغة» ولا أصول العربية» خبط خبط عشواء, وكان عليل الرأي سقيم 
الفهم؛ وكذلك من لم يفهم غرض الشرع وقع في الجهالة والضلالة» كمن يأحذ بظاهر الآية 
الكريعة وهي قوله تعالى: ومن كَانَ في هَذِهِ أَعْمَى فهُوَ في الآخرَةٍ أَعْمَى وَأَضَل سيلا (الإسراء: ؟/7)) 


التفسير بالدراية أو بالرأي فنك العلوم التي يحتاجها المفسر 
فيحكم على كل أعمى بالشقاوة والخسران ودخول جهنم مع أن المراد بالعمى ليس عمى البصرء 
وإنما هو "عمى القلب" بدليل قوله تعالى: لفَإنَّهَا لا تَعْمى الْأمِصَار وَلَكنْ تعْمى الْقُلُوبُ الَنِى في 
الصدور» (الحج:47). 

وربما كان عمى البصر سببا لسعادة الإنسان كما حاء في الحديث القدسي: "من ابتليته بحبيبتيه 
- يعين: عينيه - فصيرء عوضنّه الجنة". 

وسنذكر بعض النماذج عن التفسير الباطل المذموم عند الكلام على غرائب التفسيرء فارجحع 
إليه هناك : () 

أمهات التفسير: 

والأمور الي ينبغي استناد الرأي إليها في التفسير: أمهاتها أربعة كما ذكرها الزركشي في كتابه 
"البرهان”. ونقلها السيوطي عنه فقي كتابه "الإتقان", ونحن نلخصها بإيجاز: 

الأول: النقل عن الرسول وَل مع التحرز عن الضعيف والموضوع. 

الثابي: الأحذ بقول الصحابي في التفسير» فإنه في حكم المرفوع. 

الغالث: الأخذ ممطلق اللغة؛ فإن القرآن نزل بلسان عربي مبين» مع ترك ما لا تحتمله لغة العرب. 
الرابع: الأخذ ما يوافق الكلام العربي» ويدل عليه قانون الشرعء وهذا هو الذي دعا به النني 
عليه الصلاة والسلام لابن عباس هما في قوله: "اللهم فقهّه في الدين وعلمه التأويل". 29 
العلوم الى يحتاحها المفسر: 

يحتاج المفسر لكتاب الله تعالى إلى أنواع من العلوم والمعارف», يجب أن تتوفر فيه حب يكون أهلا 
للتفسير» وإلا كان داحلا في الوعيد السابق: "من قال في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار". 


«"؟ في صفحة: .١75‏ 
'؟ انظر "الإتقان" 0/9/7 1. 


التفسير بالدراية أو بالرأي ٠١4‏ ى يحتاجها المفس 
وقد ذكر العلماء أنواع العلوم الي يحب توفرها في المفسّرء وأوصلها السيوطي في كتابه 
"الإتقان" إلى خمسة عشر علماء”© ونحن نوجزها فيما يلي: 

١‏ - معرفة اللغة العربية وقواعدها "علم النحوء والصرف. وعلم الاشتقاق". 

- معرفة علوم البلاغة "علم المعاني» والبيان» والبديع". 

7- معرفة أصول الفقه من "خاص؛ وعام, وبحمل» ومفصل...الخ". 

5 - معرفة أسباب النزول. 

ه- معرفة الناسخ والمنسوخ. 

5- معرفة علم القراءات. 

- علم الموهية. 

أما الأول: وهو اللغة وما يتعلق بما من نحو وصرف واشتقاق» فإنه ضروري للمفسر؛ إذ كيف 
يمكن فهم الآية بدون معرفة المفردات والتراكيب؟ وهل باستطاعة أحد أن يفسر قوله تعالى: 
لين يُؤْلُونَ من نسَائِهحِ تَريْصُ ربع أَشْهرٍ فَنْ ُو إن الغَفُورٌ رَحيم© (لبقرة:+: بدون أن 
يعرف المعيئ اللغوي للايلاء والتربص والفيء؟ 
قال الإمام مالك: لا أو برجل غير عالم بلغة العرب يفسّر كتاب الله إلا جعلته نكالا. 
وقال محاهد: لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يتكلم في كتاب الله إذا لم يكن عالما 
لفاك الغرب: 
فإذا لم يتفق اللفظ مع المعيى اللغري كان باطلاء كتفسير بعض الروافض قوله تعالى: «إمَرَجَالبَحْرَن 
يَقَِانِ» ولرحن:14) أنهما علي وفاطمة ذُّماء وقوله: «إيخْرٌجُ منهه ِنْهُمَا لوو وَلْمَرْجَان» (الرحمن: 7؟) 





عد السيوطي العلوم خمسة عشرء وسردها على النحو التالي: أحدها: اللغة» الثاني: النحوء الثالث: التصريف»: 
الرابع: الاشتقاق» الخامس: البيان» السادس: المعاني السابع: البديع؛ الثامن: علم القراءات» التاسع: أصول 
الدين. العاشر: أصول الفقه» الحادي عشر: أسباب النرول» الثاني عشر: علم الناسخ والمنسوخ. الغالتك عشر: 
علم الفقه؛ الرابع عشر: الأحاديث المبنية للمحمل واللمبهم, الخنامس عشر: علم الموهبة. (الإتقان بإيجاز). 


التفسير بالدراية أو بالرأي ١٠6‏ العلوم التي يحتاجها المفسر 
يعن الحسن والحسين ههها. 

وكتفسير "فرعون" بالقلب في قوله تعالى: لإاذْمَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَهُ طَقى 6 (لنازعات: 201 ويريد 
به قلب الإنسان القاسي. 

قال القرطي: وهذا الجنس قد يستعمله بعض الوعّاظ ف المقاصد الصحيحة؛ تحسينا للكلام؛ 
وترغيبا للمستمع؛ وهو ممنوع؛ لأنه قياس ف اللغة» وذلك غير حائزء وهو أحد وحهي المنع 
من التفسير بالرأي. ”") 

وعلم النحو ضروري للمفسر؛ لأن المعين يتغير بتغير الحركات تغيرا كبيراء فقوله تعالى: لإإنَمَا 
يَحْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاء4 رفاطر:0 بنصب هاء الحلالة» ورفع همزة العلماء» والمع 
صححيح ؛ لأن معين الآية: الذين يخشون الله من عباده العلماء دون غيرهم؛ فمن ازداد علما بالله 
ازداد منه حوفاء ولو عكس فضم هاء الجلالة» ونصب همزة العلماء لفسد المعن. 

قصة لطيفة: 

ذكر القرطي في "تفسيره" هذه القصة في عدم اللّحن ف القرآن» قال: 

قدم أعرابي في زمان عمر بن المنطاب 4ه إلى المدينة المنورة فقال: من يقرئن مما أنزل على 
محمد ول قال: فأقرأه رحل سورة "براءة"2 فقرأ عليه الآية الكريعة: أن اله يريع من 
الْمُشْ رِكِينَ وَرَسُولِه4 «لتوبة:م بالجمرٌ أي بحر اللام في "رسوله" بدل الضمء فقال الأعرابي: أوقد 
برئ الله من رسوله؟ فإن يكن الله برئاً من رسوله فأنا أيضا أبرأ من رسوله؛ فاستعظم الناس 
الأمر» وبلغ عمر مقالة الأعرابي فدعاه؛ فقال: يا أعرابي! أتبرأ من رسول الله كك ؟ 

فقال: يا أمير المومنين! إني قدمت المدينة» ولا علم لي بالقرآن» فسألت من يقرئين؟ فأقرأني هذا 


ص_ 


الرحل سورة "براءة"؛ فقال: أن اللَّهْبَرِيءمِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولِه؛ فقلت: أوقد برئ الله من 


9 تفسير القرطي: م 


التفسير بالدراية أو بالرأي ٠6.5‏ العلوم التي يحتاجها المفسر 
رسوله؟ إن يكن الله برئ من رسوله فأنا أبرأ منه. فقال عمر: ما هكذا الآية» يا أعرابي! قال: 
فكيف هي؟ يا أمير المؤمنين! قال: «أن اللَّهبريءٌ من الْمُس كين وَرَسُولُه )4 فقال الأعرابي: وأنا 
والله اذا تا نيوك الله ورسوله فم أررا مو امقر قن دين قافر مودي تلان نفد ال قر 
الناس إلا عالم باللغة» وأمر أبا الأسودء فوضع النحو. ”© 

ومعرفة علم الصرف والاشتقاق ضرورية أيضا للمفسّرء ح لا يخبط الإنسان حبط عشواء. 
1 5 . 5 5 0 لالس 8 ا ا 06 
قال الزمخشري: من بدع التفاسير قول من قال: إن "الإمام" في قوله تعالى: «ويومْ ندعو كل أناس 
يإمَامِهم» (الاسراء: ١‏ /ا) جمع أمء وأن الناس يدعون يوم القيامة بأمهاتهم دود أبائهم. قال: وهذا 
غلط فاحش أوجبه جهل القائل بالتصريفء. فإن "أما" لا بتجمع على إمام. 

وأما علوم المعايي) والبيان» والبديع: فضرورية لمن أراد تفسمير الكتاب العريز؛ لأنه لابد له من 
مراعاة ما يقتضيه الإعجازء وذلك لا يدرك إلا يذه العلوم» فمثلا قوله تعالى: لوَأَشْرِبُوا في 
َلُوبِهمٌ العجُل4 «ابقرة:+5) أي أشربوا حب العجل؛ فهو على حذف مضافء ومثله: وَاسْأَلٍ 
الَْرْيْة (يوسف:؟) المراد أهل القرية. وقوله تعالى: هن لِيَاسّ لكم وَأَنتمْ لياس لَهن4 (البقرة:/81١)‏ 
ليس على الحقيقة» وإنما هو استعارة» فكما يستر اللباس العورة» ويزيّن الإنسان ويجمّلهء» كذلك 
الرحل والمرأة كل منهما كاللباس لصاحبه يزينه ويكمله ويجملهء وهو من روائع النظمء 
وبدائع الكلام. وإذا حمل الإنسان المعئ على ظاهره فسد المعين» كما يذكر أن "الفرنسيين" 
أرادوا ترجمة القرآن إلى لغتهم؛ فلما وصلوا إلى هذه الآية الكريعة: هن لِيَامنٌ لَكُمْ ونم ليَامنٌ 
02 ترجموها بالظاهرء ولم يدركوا السر الدقيق فيهاء فكانت الترجمة كالتالي "هن بنطلونات 
لكمء وأنتم بنطلونات مهن" ؛ لأن اللباس عندهم يسمى : "البنطلون". وهكذا ساع فهمهم) 


ولم يدركوا روعة تعبير القرآن. 


('؟ تفسير القرطبي: 4/١‏ 7. 


التفسير بالدراية أو بالرأي 
وقريب من هذا ما وقع لبعض الأعراب حين سمع قوله تعالى: لإ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَنَّى يبن لَكُمْ 
الْحَئْط 0 الْحَيْطٍِ الْأَسْوَدِ» (البقرة:1417): أذ عقالين: أبيض وأسودء وجعل يأكل 
وينظر إليهما حين كادت الشمس أن تطلع؛ فجاء إلى البي وُكُدٌ فأخبره بذلك» فقال له: إنك 
لعريض القفا("» إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل. 
وفي القرآن الكريم أمثلة كثيرة على الاستعارة والكناية واججاز» ولابد في فهمهما من معرفة 
علم البيان والبديع» مثل قوله تعالى عن سفينة نوح #وتجري بأعمننا (القمر:4١)‏ أي بحفظنا 
ورعايتناء وقوله: للإقدَم صِدق # (يونس: »)١‏ وهْلِسَان صِدقٍ» (الشعراء:84)» و ل جنَاح الذل4 
الإسراء:؛ 1). كل ذلك وأشباهه يحتاج إلى فهم علوم البلاغة وأسرار البيان. 
وهكذا بقية العلوم من "أصول الفقه. وأسباب النزول» ومعرفة الناسخ والمنسوخ. وعلم 
القراءات"» كل ذلك ما يحتاج إليه المفسر لكتاب الله تعالى حى لا يخطىء في الفهم. ولا تزل 
قدمه بسبب الجهل بمذه الأمور الضرورية. 
وأما علم الموهبة: فيقصد منه العلم اللدني الرباي: ظوَعَلَمْنَاهُ من لَدُنا عِلْما» «لكهف:هم الذي 
يورثه الله تعالى لمن عمل هما علم» ويفتح قلبه لفهم أسراره؛ قال تعالى: لإوَانَقَوا الله ويُعلَمكهُ 
4 (البقرة: 785) فهو ثمرة التقوى والاخللاص» ولا ينال هذا العلم من كان ف قلبه بدعة, أو 
كن ان يه لللافاء أو ميل إلى المعاصي» قال الله تعالىى : لسَأَصْرِفٌ عَنْ آياتي ] الذي يَتَكيدونَ 
في في الْأَرْض بِغَيْر الْحَقّ... » (الأعراف:47١)‏ وما أجمل قول الشافعي سللكه: 

شكوت إلى وكيع سيور حفظي فأرشّدني إلى ترك المعاصي 

وأخيربي بأن العلم نورٌ ‏ ونور الله لا يهُدى لعّاصي 
قال السيوطي: ولعلك تستشكل علم الموهبة وتقول: "هذا شيء وليس في قدرة الإنسان"» 
وليس كما ظننت من الإشكال. 





(؟عريض الفقا: كناية عن البلاهة, وسصوع الفهم. 


التفسير بالدراية أو بالرأي 8 مراتب التفسير 
والطريق في تحصيله ارتكاب الأسباب الموحبة له من العمل والزهدء ثم قال: علوم القرآن وما 
يستنبط منه بحر لا ساحل له. فهذه العلوم الي ذكرناها هي كالآلة للمفسرء ولا يكون 
مفسرا إلا بتحصيلهاء فمن فسّر بدوفها كان مفسرا بالرأي المنهي عنه".(7) 
وهذه الشروط الى ذكرها العلماء» إنما هي لتحصيل أعلى مراتب التفسيرء وهناك معانٍ عامة 
يفهمها الإانسان عند ف اللفظ الكرعم, فقد سهل الله القرآن ويسّرهء وأمر بالتدبر والتذكر 

لكتابه احيد: : #أفلايتّد يون الْقرْآنَ# رعمد:4»» وذلك أدن مراتب التفسير والله الموفق. 
مراتب التفسير: 
وقد قسم المرحوم الشيخ محمد عبده التفسير إلى مرتبتين: 

-١‏ مرتبة عليا. 

١‏ - مرتبة دنيا. 
أما المرتبة الأولى "العليا" فهي لاتتم إلا بأمور: 
أحدها: فهم حقائق الألفاظ المفردة الي أودعت في القرآن عن طريق استعمالات أهل اللغة. 
ثانيها: معرفة الأساليب الرفيعة» وذلك يحصل .ممارسة الكلام البليغ ومزاولته مع التفطن لنكته 
ومحاسنه. 
الثها: علم أحوال البشرء ومعرفة السنن الإلهية الكونية في تطور الأمم واحتلاف أحوالهم من 
قوة وضعفء وعرٌ وذل» وإيمان وكفر. 
رابعها: العلم بوحه هداية القرآن للبشرية» وما كان عليه العرب ف الجاهلية من شفاء وضلال؛ 
فقد روي عن عمر ده أنه قال: "لا يعرف فضل الإسلام من لم يقرأ حياة الحاهلية". 
خامسها: ا بسيرة النبي أمضانةة وما كانوا عليه من علم وعمل في الشؤون الدينية 


.١41/9 الإتقان:‎ ©'( 


التفسير بالدراية أو بالرأي ل أقوال العلماء في جواز التفسير بالرأي 
المرتبة الدنيا: 

وأما أدن مراتب التفسير: فهو أن يتبين بالإجمال ما يشرب قلبّه عظمة الله وتنزيهه» ويصرف 
النفس عن الشرء ويجذها إلى الخيرء وهذه ميسّرة لكل أحدء كما قال تعالى: 9وَلقَد يسنا 
الَْْآنَ لد كر هَل من مُدَ كر (القمر:11). 

أو جه التفسير: 


روى السيوطي نقلا عن ابن حرير من طرق متعددة عن ابن عباس ما أنه قال: 
التفسير أربعة أوجه: 

-١‏ وجه تعرفه العرب من كلامها. 

؟- وتفسير لا يعذر أحد بجهالته. 

“- وتفسير يعرفه العلماء. 

4 - وتفسير لا يعلمه إلا الله تعاللى. 


أقوال العلماء في جواز التفسير بالرأي: 

بعد أن عرفنا معين "التفسير بالرأي" وشروطه. نذكر الآن أقوال العلماء فيه» وأدلة كل من 
اجيزين والمانعين له» حى يظهر الحق أبلج ساطعاء مثل الشمس في رابعة النهارء فنقول - ومن 
الله نستمد العون -: 

المراد بالرأي هنا الاجتهاد. وعليه فالتفسير بالرأي معناه: تفسير القرآن بالاجتهاد بعد معرفة المفسر 
لكلام العرب وأسلويم في الخطاب» ومعرقته للألفاظ العربية ووحوه دلالتهاء وقد اختلف العلماء 
في حواز التفسير بالرأي على مذهبين: 

المذهب الأول: عدم جواز التفسير بالرأي؛ لأن التفسير موقوف على السماع؛ وهو قول طائفة 
من العلمَاء: 


العفسير بالدراية أو بالرأي ١‏ أدلة المانعين والمجيزين 
المذهب الثانى: جواز التفسير بالرأي بالشروط المتقدمة» وهو مذهب جمهور العلماء. 

أدلة المانعين: 

استدل المانعون للتفسير بالرأي بعدة أدلة نوحزها فيما يلي: 

أولا: إن التفسير بالرأي قول على الله بغير علم» وهو منهيّ عنه بقوله تعالى: لإوَأَن تَقُولُوا عَلَى 
الله ما لا تَعلمُون»# (البقرة: .)١79‏ 

ثانيا: ما ورد في الحديث الشريف من الوعيد الشديد لمن فسر القرآن الكريم برأيه» وهو قوله 5 
"اتقوا الحديث علي إلا ما علمتم» فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار» ومن قال 
في القرآن برأيه فليتبوأ مقعده من النار". ١0‏ 

ثالغا: قوله تعالى: وَآئَنَا ل الذَّكْرَ لين ناس مَاتُرّلَ يهم ولعلَهمْ كدو (لنسل:»؛» فقد 
أضاف البيان إلى الرسول كد فعلم أنه ليس لغيره شيء من البيان لمعاني القرآن. 

رابعا: تحرّج الصحابة والتابعين من القول في القرآن بآرائهمء» حى روي عن الصديق أنه 
قال: أيّ سماء تظلّن؟ وأي أرض تقلَّي؟ إذا قلت في القرآن برأبي» أو قلت فيه .ها لا أعلم. 
أدلة المجيزين للتفسير بالرأي: 

وقد استدل المجيزون للتفسير بالرأي» وهم "الجمهور" بعدة أدلة نوجزها فيما يلي: 

أولا: لقد حثنا الله على التدبر» وتعبّدنا في القرآن» فقال عز من قائل: وكاب أَنْرَلنَاهُ ِلئِكَ 
مُبَارَك يدوا آياته وَلِيعَدَ كرون الَْْبَابِ» (ص:15). 

وقال تعالى: فلا يتَدبَدُونَ الَْرْآنَ أَمْ عَلَى قلُوبٍ أَقفَالَهَاب رصصد::ى. 

والتدبر والتذكر لا يكون إلا بالغوص عن أسرار القرآنء والاجتهاد في فهم معانيه» فهل يعقل أن 
يكون تأويل ما ل يستأثر الله بعلمه حظورا على العلماء مع أنه طريق العلم؛ وسبيل المعرفة؟ 


رواه الترمذي:. 


التفسير بالدراية أو بالرأي ١١١‏ الرد على أدلة المانعين 
انيا: إن الله تعالى قسم الناس قسمين: عامة وعلماءء وأمر بالرحوع إلى أهل العلم الذين 
يستنبطون الأحكام» فقال تعالى: «وَلوْ رَدُوهُ إِلَى الَسُولٍ وَإِلَى أُولى الْأَمْر منهم لشلمه الزن 
يَسْطونهُ مهم والساءب”ه). 

والاستنباط هو استخراج المعاني الدقيقة بثاقب الذهن» وهو إنما يكون بالاجتهاد والغوص في 
أسرار القرآن» كما يغوص السباح في أعماق البحر لاستخراج الجواهر واللآلي. 

ثالثا: قالوا: لو كان التفسير بالاجتهاد غير جائزء لما كان الاجتهاد جائزاء ولتعطل كثير من 
الأحكام, وهذا باطل؛ فإن المجتهد في حكم الشرع مأجورء سواء أصاب أو أخخطأ مادام أنه قد 
استفر غ حهده؛ وبذل ما في وسعه بغية الوصول إلى الحق والصواب. 

رابعا: إن الصحابة قرؤوا القرآن؛ واختلفوا في تفسيره على وجوه. ومعلوم أنهم لم يسمعوا كل 
ما قالوه في تفسير القرآن من البي كلو إذ أنه لم بييّن لهم كل شيء» بل بيّن لهم الضروري منه؛ 
وترك البعض الآحر الذي توصلوا إلى معرفته بعقولهم واجتهادهمء ولو بين لهم كل معانيه لما 
وقع بينهم احتلاف ف التفسير. 

خامسا: إن الببي 2 دعا لابن عباس ضماء فقال: "اللهم فقّهه في الدين» وعلمه التأويل". فلو 
كان "التأويل" مقصورا على السماع والنقل كالتنزيل» لما كان هناك فائدة في تخصيص ابن 
عباس هذا الدعاء» فدل على أن التأويل هو التفسير بالرأي والاجتهاد. 

الرد على أدلة المانعين: 

وقد ردّوا على أدلة المانعين بحجج دامغة» وبراهين قاطعة تثبت خطأهم, فقالوا في الرد على 
الدليل الأول: إن التفسير بالاحتهاد ليس قولا على الله بغير علم» بل هو قول بعلم مأذون به 
من الشارع» فقد بين عليه الصلاة والسلام أن المحتهد إذا اجتهد فأصاب فله أجران» وإذا احتهد 
فأخطأء فله أحر واحد» فكيف يكون مأجورا إذا لم يكن مسموحا له بالاحتهاد؟ 


التفسير بالدراية أو بالرأي ١1١‏ الرد على أدلة المانعين 
ثانيا: أما الدليل الثاني وهو حديث: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"» فققد 
رد السيوطي مخمسة أدلة عليه؛ فقال: جملة ما تحصل في معن التفسير بالرأي خمسة أقوال: 

أحدها: التفسير من غير حصول على العلوم الي يجوز معها التفسير. 

الغالي: تفسير المتشابه الذي لا يعلمه إلا الله تعالى. 

الغالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد, فيجعل المذهب أصلاء والتفسير تابعا. 

الرابع: الحكم بأن مراد الله كذا على وجه القطع من غير دليل. 

الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى. (© 
النا: وفي الرد على الدليل الثالث قالوا: نعم! إن البي يُعتدٌ مأمور بالبيان» ولكنه اتتقل إلى 
حوار الله ول يبين لمهم كل شيءء فما ورد بيانه عنه كن ففيه الكفاية, وما لم يرد عنه بيانه 
فلابد فيه من الاجتهاد وإعمال الفكرء» وختام الآية يشهد ذلك: «لَعَلَهُ يتَفَكدون4 
(الأعراف:175)» فلا بد إذا من الفكر والاجتهاد. 
رابعا: وفي الرد على الدليل الرابع قالوا: إن إحجام الصحابة إنما كان منهم ورعا واحتياطا 
حشية ألا يصيبوا عين اليقين» وكانوا يرون أن التفسير شهادة على الله بأنه أراد باللفظ كذاء 
فأمسكوا عنه خحشية ألا يكون الصواب جانبهم؛ وأما إذا ترجّح لمم .وجه الصواب, فإفهم 
لمتنعون وهذا أبو بكر الصديق يفي في الكلالة برأيه في قوله تعالى: يَسْتَنُونكَ قلي ال 
يفتِيكُحٌ في الْكَلالَةك «نساء:<0» فيقول ضقخه: أقول فيها برأي» فإن كان صوابا فمن الله وإن 
كان غير ذلك فمئّي ومن الشيطان. "الكلالة": ما خلا الوالد والولد. 
من هذه النظرة العابرة يتبين لنا حطأ وجهة الذين منعوا تفسير القرآن بالاجتهاد» وقصروه على 
المنقول والمأثور» وقد علمت أدلة الجمهور القوية» وتفنيدهم لأدلة المانعين. ونزيد هنا كلمة للإمام 
الغزالي» وأخرى للراغب الأصفهانء وثالثة للقرطبي حول جواز تفسير القرآن بالاحتهاد. 


('© الإتقان: 1837/7. 


التفسير بالدراية أو بالرأي الا كلمة الغزالي / الأصفهان / القرطبي 


كلمة الإمام الغزاللي: 

قال الغزالي في الإحياء: إن في فهم معان القرآن محالا رحباء ومتسعا بالغاء وإن المنقول من 
ظاهر التفسير ليس منتهى الإدراك فيه» فبطل أن يشترط السماع ف التأويل» وجاز لكل واحد 
أن يستنبط من القرآن بقدر فهمه وحدّ عله (© 

كلمة الراغب الأصفهان: 

وقال الراغب الأصفهان في مقدمة التفسير» بعد أن ذكر المذهبين وأدلتهماء قال: وذكر بعض 
امحققين أن المذهبين هما الغلوٌ والتقصيرء فمن اقتصر على المنقول» فقد ترك كثيرا مما يحتاج 
إليهء ومن أجاز لكل أحدٍ الخوض فيه» فقد عرّضه للتخليط: ول يعتبر حقيقة قوله تعالى: 
«لِيديُّوا آياته وَلِيَذَكرَ أُولُو الَْلْبَابٍ 4 (رص:ه )”© 

كلمة الإمام القرطبي: 

وقال العلامة القرطي في تفسيره " الجامع لأحكام القرآن" ما نصه: 

وقال بعض العلماء: إن التفسير موقوف على السماع لقوله تعالى: «طفان تَنَارََتُمْ في شَيْءٍ 
دوه إلى الل وَالرَسُولٍ. ...© (لنساء:وه)» وهذا فاسد؛ لأن النهي عن تفسير القرآن لا يخلو إما 
يكون المراد به الاقتصار على النقل والمسموع وترك الاستنباط» أو المراد به أمر آخرء وباطل 
أن يكون المراد به ألا يتكلم أحد في القرآن إلا بما سمعهء فإن الصحابة دأ قد قرؤوا القرآن: 
واختلفوا في تفسيره على وحوه. وليس كل ما قالوه سمعوه من الي يل فإن البي وله دعا 
لابن عباس» فقال: "اللهم فقّهه في الدين وعلّمه التأويل", فإن كان التأويل مسموعا كالتنزيل» 
فما فائدة تخصيصه بذلك؟.9) 


2 الإحياء: 77/1-/17. 27 مقدمة التفسير للراغب» ص: 477. 
الجامع لأحكام القرآن: .57/١‏ 


التفسير بالدراية أو بالرأي ١114‏ كلمة الإمام القرطبي 
أحدهما: أن يكون له في الشيء رأي؛ وإليه ميل من الطبع وال هوى, فيتأول القرآن على وفق 
رأيه وهواه. 

الغابي: أن يتسارع إلى تفسير القرآن بظاهر العربية من غير استظهار بالسماع والنقل فيما 
يتعلق بغرائب القرآن» وما فيه من الحذف والإضمارء والتقديم والتأخير. تأمل قوله تعالى: 
وَآتَِنَا نَمُودَ الثّاقة مُبْصِرَةٌ فَظلَمُوا بها (لإسراء:هه)» فإن معناه: آتينا ثمود الناقة معجزة واضحة 
وآية ظاهرة» فظلموا أنفسهم بقتلها. 

والناظر إلى ظاهر العربية يظن أن الناقة كانت مبصرة» ولا يدري ,اذا ظلمواء وأنهم ظلموا 
غيرهم أو أنفسهم, فهذا من الحذف والإضمارء وأمثال هذا في القرآن كثيرء وما عدا هذين 
الوجحهين فلايشمله النهي. 2 


د عاد علد كد 


3" الجامع لأحكام القرآن: .714/١‏ 


التفسير الإشاري ... ا معنى التفسير الإشاري 


القسم الثالث 


التفسير اللإشاري وغرائب التفسير: 

النوع الثالث من التفسير هو التفسير الإشاري". وسنتعرض في هذا البحث إلى مع التفسير 
الإشاري؛ إلى شروطه؛ وإلى آراء العلماء فيه» ثم نعقب ذلك ببيان تماذج عن التفسير الإشاري, 
وأهم الكتب الي نحت هذا المنحى» وما فيها من حسنات وسيئات. 


معين التفسير الإشاري: 

التفسير الإشاري: هو تأويل القرآن على حلاف ظاهره؛ لإشارات حفية تظهر لبعض أولي 
العلم» أو تظهر للعارفين بالله من أرباب السلوك والمجاهدة للنفس ممن نور الله بصائرهمء فأدركوا 
أسرار القرآن العظيم» أو انقدحت ف أذهانهم بعض المعاني الدقيقة بواسطة الإلهام الإلحي» أو 
الفتح الرباني مع إمكان الجمع بينها وبين الظاهر المراد من الآيات الكريعة. 

فالتفسير الإشاري هو أن يرى المفسر معمئ آخر غير معين الظاهر تحتمله الآية الكرعة؛ ولكنه 
لا يظهر لكل إنسانء وإما يظهر لمن فتح الله قلبه» وأنار بصيرته» وسلكه في ضمن عباده 
الصالحين الذين منحهم الله الفهم والإدراك» كما قال تعالى في قصة الخضر مع موسىء#: 
لفْوَجَدَا عدا من عتاد نا ]شنا تم فر عدن لاي دن علا الكهف:60). 

وهذا النوع من العلم ليس من العلم الكسبي الذي ينال بالبحث والمذاكرة؛ وإنما هو من العلم 
اللدّئي أي الوهيّ الذي هو أثر التقى والاستقامة والصلاح» كما قال تعالى: «إوَائَقوا الله 
وَيُعَلمُكُمْ الَوَالَبكلٌ شيع عَلِيمٌ) (البقرة:0185. 


آراء العلماء في التفسير الإإشاري: 

اتلف العلماء في التفسير الإشاري» وتباينت فيه آراؤهم؛ فمنهم من أجازه؛ ومنهم من منعه: 
ومنهم من عدّه من كمال الإيمان ومحض العرفان. ومنهم من اعتبره زيغا وضلالاء وانحرافا عن 
دين الله تبارك وتعالى. 

والواقع أن الموضوع دقيق» يحتاج إلى بصيرة وروية» وغوص إلى أعماق الحقيقة؛ ليظهر ما إذا 
كان الغرض من هذا النوع من التفسير هو اتباع المهوى» والتلاعب في آيات الله كما فعل 
"الباطنية”؛ فيكون ذلك زندقة وإلحاداء أو الغرض منه الإشارة إلى أن كلام الله تعالى لايحيط به 
بشر؛ لأنه كلام خالق القوى والقدرء وأن لكلامه تعالى مفاهيم وأسراراء ونكنا ودقائق, 
وعجائب لا تنقضي» فيكون ذلك من محض العرفان وكمال الإبمان. كما قال ابن عباس ضّن: 
'إن القرآن ذو شجون وفنون» وظهور وبطونء لا تنقضي عحائبه؛ ولا تبلغ غايته» فمن أوغل فيه 
برفق بحاء ومن أوغل فيه بعنف هوىء أخبار وأمثال» وحلال وحرام؛ وناسخ ومنسوخ, ومحكم 
ومتشابهء وظهر وبطنء فظهره التلاوة» وبطنه التأويل» فجالسوا به العلماء» وجانبوا به السفهاء'”"©. 
أدلة المجيزين: 

وقد استدل القائلون يجواز التفسير الإشاري يما رواه البخاري ملك في صحيحه ف باب 
التفسير عند تفسير سورة "النصر"؛ ونص الحديث عن ابن عباس ضما أنه قال: 

"كان عمر يدخلن مع أشياخ بدر, فكأن بعضهم وجد فْ نفسه. فقال: لم تدحل هذا معنا ولنا 
أبناء مثله؟ فقال: إنه من علمتم؟ فدعانى ذات يوم فأدحلئي معهم: قال: فما رأيت أنه دعاني إلا 
ليريهم؛ فقال عمر: ما تقولون في قول الله تعالى: «إإِذًا جَاءَ نض الله وَالفتحْ» (لنصر:م فقال 
بعضهم: أمرنا بأن نحمد الله ونستغفره؛ إذا نصرنا وفتح عليناء وسكت بعضهم, فلم يقل شيئاء 


"© أحرجه ابن أبي حاتم من طريق الضحاك, انظر "الإتقان": ؟85/7١.‏ 


التفسير الإشاري ... ١١/‏ طائفة من أقوال العلماء 
فقال لي: أكذا تقول يا ابن عباس؟ قلت: لاء قال: فما تقول؟ قلت: هو أحل رسول الله 25 
أعلمه» فقال: «إإذًا جَاءَ نضْرٌ اله وَلْمْنْحُ4: فذلك علامة أحلك: فْسَبّحْ بِحَمْدٍ رَبك وَاسْتَْفرُهُ 
نه كان تراب (أنصر:ج فقال عمر #ه: ما أعلم منها إلا ما تقول".() 

فهذا الفهم من ابن عباس لم يفهمه بقية الصحابة» وإنما فهمه عمر ونه وفهمه ابن عباس ذّماء 
وهو من "التفسير الإشاري" الذي يلهمه الله من شاء من عحّلقه» ويطلع عليه بعض عباده. 
فالسورة الكرعة فيها "نعي" للنبي عليه الصلاة والسلام» وإشارة إلى دنو أجحله. ومثل هذا ما ورد 
في الحديث الشريف: أن البي ولد حطب الناس يوماء فقال في جملة خطبته: "إن الله خمّر عبدا 
بين الدنيا ويين ما عندهء فاحتار ما عنده"» فبكى أبوبكر» وف رواية فقال: فديناك يا رسول الله 
بآبائنا وأمهاتناء فعحبنا له ييكي» قله فيطل رسنال الله كد علمنا أنه كان هو المخيّرء وكان 
أبو بكر أعلمنا. 9 

فأبو بكر الصديق دنه فهم "بطريق الإشارة" ما لم يفهمه عامة الصحابة ضّمه وكان الأمر كما قال. 
طائفة من أقوال: العلماء: 

وأنا أنقل هنا طائفة من أقوال العلماء في التفسير الإشاري بإيجازء سائلا المولى أن يلهمنا السداد 
والرشادء وأن يجنبنا الخطأ والضلال؛ ثم أعقبها بكلمة لحجة الإسلام الإمام الغزالي سل فهي 
مسك الختام» فأقول - ومن الله أستمد العون -: 

كلمة الزركشي في البرهان: 

قال الزركشي ف البرهان: كلام الصوفية في تفسير القرآن» قيل: إنه ليس بتفسيزء وإنما هو 
معان ومواجيد يجدونها عند التسلاوة» كقول بعضهم في قوله تعالى: لإقاتلُواالذِينَينُونَكُمْ مِنَ 


)0( زقلك عن "جمع الفوائد» وأعذب الموارد" مه . 
الحديث رواه البخاري؛ والترمذي. 


التفسير الإشاري ... ا كلمة الدسفي والتفتازااي 
الكفار» (التوبة:*؟ ١‏ إن المراد "النفس"» يريدون أن علة الأمر بقتال من يلينا همي القرب» وأقرب 
شيء إلى الإنسان نفسه. 


كلمة النسفي والتفتازاي: 

وقال النسفي في العقائد: النصوص على ظواهرهاء والعدول عنها إلى معانٍ يذدّعيها أهل 
الباطل إلحاد. 

وقال التفتازاني في شرحه على العقائد: سميت الملاحدة باطنية؛ لادعائهم أن النصوص ليست 
على ظاهرهاء بل لها معان لا يعرفها إلا المعلم» وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية» قال: 
وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من أن النصوص على ظواهرهاء ومع ذلك فيها إشارات 
حفية إلى دقائق تتكشف لأرباب السلوك» يمكن التوفيق بينها وبين الظواهر المرادة» فهو من 
كمال الإبمان ومحض العرفان 9 

فأنت ترى أن النسفي أشار إلى "الباطنية"» وبين أن طريقهم إلحاد في دين الله والتفتازاني 
فصّل البحث» ووضح الموضوعء فردٌ على "الباطنية" ضلالهمء وأقرٌ لبعض أرباب السلوك 
طريقهم في استنباط الدقائق» والإشارات الخفية» وجعلها من كمال المعرفة والإيمان. 

ومن هنا يظهر لنا الفرق حليا بين "التفسير الإشاري”" الذي هو تفسير بعض العارفين بالله: 
وبين "التفسير الباطين" الذي هو تفسير الباطنية الملاحدة الذين يحرفون معان الكتاب العزيز. 
فالأولون لا بمنعون إرادة الظاهرء بل يقولون: إنه هو الأصل والأساسء ويحضون عليه 
ويقولون: لابد من معرفة الظاهر أولا؛ إذ من ادّعى فهم أسرار القرآن» ولم يحكم الظاهرء 
يكون كمن ادعى بلوغ سطح البيت قبل أن يلج الباب. 

وأما الباطنية» فإِههم يقولون: إن الظاهر غير مراد أصلاء وإفا المراد الباطن» وقصدهم من وراء هذا 


(' شرح العقائد النسفية للتفتازاني. 


الفسير الإشاري ... ان كلام السيوطي 
الكلام نفي الشريعة وإبطال الأحكام؛ وهذا بلاشك إلحاد في الدين» وقد قال الله تبارك 
وتعالى: إن الَذِينَ يُلْحِدُونَ في آيَاتنَا لا يَسْفَوْنَ عَلَيْنا أَقمَنْ يُلْقَى في انار حير أَمَّنْ أي آمنا يوم 
لْمَيَامَة اعْمَلُوا ما شِفتُمْ نه بِمَا تَعْمَلونَ يَصِيد# (فصلت: ٠‏ 4). 

كلام السيوطي في الإتقان: 

والعلامة السيوطي ذكر في كتابه "الإتقان" عن ابن عطاء النص الآتي: اعلم أن التفسير من 
هذه الطائفة - يعي التفسير الإشاري - لكلام الله وكلام رسوله ود بالمعاني العربية؛ ليس 
إحالة للظاهر عن ظاهره؛» ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جاءت الآية له» ودلت عليه في 
عرف اللسان» وهم أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث لمن فتح الله قلبه. 

فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم أن يقول لك ذوجدل ومعارضة: هذا إحالة لكلام الله وكلام 
رسوله يه فليس ذلك بإحالة» وإنما يكون إحالة لو قالوا: لا معين لللآية إلا هذاء وهو لم يقولوا 
ذلك» بل يقررون الظواهر على ظواهرها؛ مرادا يما موضوعاتهاء ويفهمون عن الله ما ألهمهب”". 
أقول: هذا كلام الإنصافء فقد وضع الشيخ الحق ف نصابهء وجمع بين النصوص الظاهرة» والمعاني 
الخفية الواردة الي تشرق على قلب المؤمن العارف بالله» كما كان الحال مع الصديق وعمر ضّماء 
ولا عجب فالله تعالمى يعطي الحكمة من يشاءء ويضع الفهم فيمن أرادء وهذا هو القرآن الكريم 
يخبرنا عن "داود وسليمان عليهما السلام” في أمر عرض عليهماء فحكم كل واحد منهما 
بحكم يخالف الآحر فيقول: لفَفَهَمْنَامَا سُلَيْمَانَ وَكل آمَيْنَ حُكماوَعِلْما) (الأنبياء: 08/5 . 


ويجدر بنا هنا أن نبين مععئ الحديث الوارد في التفسير الإشاري في بيان معيئن ظهر الآية وبطنهاء 
وحد الحرفء ومطلع الحد ....إلخ؛ لئلا يتخذه الملاحدة الباطنية حجة لهم في دعواهم الباطلة 


('؟ الإتقان: .١86/9‏ 


التفسير الإشاري ... م شروط قبول التفسير الإشاري 
في تفسير كلام الله تعالى على طريقتهم الباطنية» وتلاعبهم في النصوص الكرعة حسب الأهواء. 
روى الفريابي بسنده عن الحسن عن الي وله أنه قال: "لكل آية ظهر وبطن» ولكل حرف 
حد. ولكل حد مطلع". 

وروى الطبراي عن ابن مسعود نه موقوفا: "إن هذا القرآن ليس منه حرف إلا له حد. 
ولكل حد مطلع". 

وقد ذكر العلامة السيوطي سه بعض الوجوه في تأويل الحديث الشريف في معئ "الظهر 
والبطن". ونحن نذكر أقرب هذه الأوجه إلى الصواب: 

الوجه الأول: أن المراد بالظاهر لفظهاء وبالباطن تأويلها. 

الوجه الثابي: أن المراد بالظاهرء ما ظهر من معانيها لأهل العلم بالظاهرء وبطنها ما تضمنته 
من الأسرار الى اطلع الله عليها أرباب الحقائق. 

الوجه الغالث: أن القصص الي قصّها الله تعالى عن الأمم الماضية» وما عاقبهم به ظاهرها الإخبار 
بهلاك الأولين» وباطنها وعظ الآخرين» وتحذيرهم أن يفعلوا كفعلهم» فيحلٌ يهم مثل ما حل بمم. 
وأما المراد "بالحد": فهو أحكام الحلال والحرام» والمراد "بالمطلع": الوعد والوعيد: ويؤيده 
حديث ابن عباس السابق: "إن القرآن ذو شجون وفنون"... الحديث, وقد مر معك ذكره. 
شروط قبول التفسير الإشاري: 

والتفسير الإشاري لا يكون مقبولا إلا إذا توفرت فيه الشروط الآقية» قال السيوطي: وهذا 
الوجه أشبهها بالصواب (') 

أولا: عدم التناقي مع المعى الظاهر في النظم الكريم. 

ثانيا: عدم ادعاء أنه المراد وحده دون الظاهر. 


(؟عن الإتقان: ١814/5‏ بتصرف. 


التفسير الإشاري ... ١»‏ كلمة قيمة للشيخ الرّرقَانيِ 
ثالثا: ألا يكون التأويل بعيدا سخيفا لا يحتمله اللفظ. كتفسير الباطنية قوله تعالى: 9وَوَرتْ 
سُليِمَانَ دَاوّد» ونمل:+0) أي أن الإمام عليا ورث النبي في علمه. 

رابعا: ألا يكون له معارض شرعي أو عقلي. 

خامسا: ألا يكون فيه تشويش على أفهام الناس. 

وبدون هذه الشرائط لايقبل التفسير الإشاريء: ويكون عند ذلك من قبيل التفسير بالهحوى 
والرأي المنهي عنه» والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل. 

كلمة قيمة للشيخ الزرقاني: 

ونسوق هنا كلمة قيمة للشيخ محمد عبد العظيم الزّرقاني حول التفسير الإشاري؛ فيها حكمة 
بالغة؛ ونصيحة صادقة لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد؛ قال ملك: 

"ولعلك تلاحظ معي أن بعض الناس قد فتنوا بالإقبال على دراسة تلك الإشارات والخواطر: 
فدحل في روعهم أن الكتاب والسنة؛ بل والإسلام كله ما هي إلا رت وزاردات على هذا 
النحو من التأويلات والتوحيهات» وزعموا أن الأمر ما هو إلا تخيلات» وأن المطلوب منهم 
هو الشطح مع الخيال أينما شطح, فلم يتقيدوا بتكاليف الشريعة» ولم يحترموا قوانين اللغة 
العربية في فهم أبلخ النصوص العربية» كتاب الله وسنة رسوله كُ. 

والأدهى من ذلك أفم يتخيّلون ويخيلون للناس أنهم هم أهل الحقيقة الذين أدركوا الغاية, 
واتصلوا بالله اتصالا أسقط عنهم التكليف, وسما يهم عن حضيض الأخذ بالأسباب, ماداموا 
في زعمهم مع رب الأرباب» وهذا - لعمر الله - هو المصاب العظيم الذي عمل له الباطنية 
كي ما يهدموا التشريع من أصوله. ويأتوا بنيانه من قواعده. 

فواحب النصح لإحواننا المسلمين: يقتضينا أن نحذرهم الوقوع ف هذه الشباك» ونشير عليهم 
أن ينفضوا أيديهم من أمثال تلك التفاسير الإشارية الملتوية؛ لأنها كلها أذواق ومواجيد خارجة 


التفسير الإشاري ... 001 كلمة حجة الإسلام الغزالي 
عن حدود الضبط والتقييد» وكثيرا ما يختلط فيها الخيال بالحقيقة» والحق بالباطل» فالأحرى 
بالفطن العاقل أن ينأى بنفسه عن هذه المزالق» وأن يفر بدينه من هذه الشبهات» وأمامه في 
الكتاب والسنة؛ وشروحهما على قوانين الشريعة واللغة رياض وجنات: #أْتَسْتَبْدلُونَ لَذِي هُوَ 
دن بالّذِي هُوَ حير 4 (البقرة: 1)؟ (0) 

كلمة حجة الإسلام الغزالي: 

ويقول حجة الإسلام الغزالي مله في كتابه "إحياء علوم الدين" في فصل الذكر والتذكير» 
ما نصه: "وأما الشطح فنعئ به صنفين من الكلام أحدثهما بعض الصوفية: 

أحدهما: الدعاوي الطويلة العريضة في العشق مع الله تعالى» والوصال المغين عن الأعمال 
الظاهرة حى ينتهي قوم إلى دعوى الاتحاد» وارتفاع الحجاب, والمشاهدة بالرؤية» والمشافهة 
بالخطاب» فيقولون: قيل لنا كذا وقلنا كذاء ويتشبّهون فيه بالحسين "الحا" الذي صلب 
لأحل إطلاقه كلماتٍ من هذا الجنس؛ ويستشهدون بقوله: "أنا الحق"» وهذا فنّ من الكلام 
عظيم ضرره على العوام؛ ح من نطق بشيء منه فقثْلّه أفضل في دين الله من إحياء عشرة. 
الثائ: كلمات غير مفهومة, لها ظواهر رائقة» وفيها عبارات هائلة» وليس وراءها طائل» ولا 
فائدة لهذا الجنس من الكلام إلا أنه يشوش القلوب ويدهش العقول» ويحير الأذهان» وقد قال 
ابن مسعود ضنه: ما حدث أحد قوما بحديث لا يفقهونه إلا كان فتنة عليهم. ) 

وقال علي كرم الله وجهه: كلموا الناس بما يعرفون؛ أتريدون أن يكذب الله ورسوله 85. 7" 

أمثلة على التأويل الإشاري الفاسد: 

ثم قال - طيّب الله ثراه -: وأما الطاعات فيدخلها ما ذكرناه من الشطح, وأمر آخر يخصها وهو 
(؟ مناهل العرفان: .688/١‏ 


7 روي في مقدمة صحيح مسلم موقوفا على ابن مسعودك» . 
7" رواه البخاري مه موقوفا على على ء . ”© متفق عليه. 


العفسير الإشاري ... *؟ ١‏ خلاصة البحث 
صرف ألفاظ الشرع عن ظواهرها المفهومة إلى أمور باطنة لايسبق منها إلى الأفهام فائدة» فهذا 
أيضا حرام» وضرره عظيم. ومن أمثلة تأويل أهل الطامات قول بعضهم في تأويل قوله تعالى: 
اذهب إلى فرعن ِنَهُ طعى © (النازعات:17) إنه إشارة إلى قلبه» وقال: هو المراد بفرعون» وهو 
الطاغي على كل إنسان. وف قوله تعالى: أن الت عَصَاكَ؛ «لأعراف:0) أي كل ما يتوكاً 
عليه» ويعتمده ما سوى الله عرّ وجل» فينبغي أن يلقيه. 

وف قوله كل "نسحّروا فإن في المسّحور بركة" فستّروا السحور بأنه الاستغفار في الأسحار» 
وأمثال ذلك حىّ ليحرفوا القرآن من أوله إلى آخره عن ظاهره؛ وعن تفسيره المنقول عن 
ابن عباس ما وسائر العلماء» وبعض هذه التأويلات يعلم بطلانها قطعاء كتتزيل فرعون على 
القلب» فإن فرعون شخحص محسوس تواتر إلينا النتقل بوحوده؛ وبعضها يعلم بطلانه بغالب 
الظن» و كل ذلك حرام وضلالة» وإفساد للدين على الخلق. 

ومن يستجيز من أهل الطامات مثل هذه التأويلات مع علمه بأنها غير مرادة بالألفاظ» يضاهي 
من يستحيز الاختراع والوضع "الكذب" على رسول الله يُعُدُ كمن يضع في كل مسألة يراها 
حديثا عن البي كد فذلك ظلم وضلال؛ ودحول ف الوعيد: "من كذب علي متعمدا فليتبوأً 
مقعده من النار"» بل الشرّ في تأويل هذه الألفاظ أطمّ وأعظم؛ لأنه مبطل للثقة بالألفاظ» وقاطع 
طريق الاستفادة والفهم من القرآن بالكلية".0 انتهى كلام الغزالي للنه. 

حلاصة البحث: 

ومما تقدم يتبين لنا أن التفسير الإشاري له ما يؤيده من الشرع؛ ولكنه قد دحلت عليه بعض 
التأويلات الفاسدةء وسلك فيه بعض الناس مسلك الباطنية» ولم يراعوا الشروط الي وضعها العلماء؛ 
وأحذوا يخبطون فيه خبط عشواءء بل أصبح كل من هب ودب: يتطاول على كتاب الله تعالى؛ 


الإحياء للغزالي مله باختصار. 


التفسير الإشاري ... ١"‏ خلاصة البحث/ غرائب التفسير 
فيتأوله حسب ما كيله عليه الهوى» أو يوسوس له به الشيطان؛ ويزعم أنه من التفسير الإشاري 
مع أنه سفاهة وضلالة وجهالة؛ لأنه تعريف لكتاب الله» وسلوك لمسلك الباطنية الملاحدة» وهو 
وإن لم يكن تحريفا لألفاظ, فإنه تحريف معانيه» ولقد سمعت من يستشهد بالآية الكرعة: قل 
لهنم ذْرْهُمْ في مَحَوْضِهمْ يَلعبُونَ4 (لأنعام:41) على ضرورة ملازمة المريد لذكر الله تعالى بلفظ 
"الله" فجعل هذه اللفظة مقول القول أي "قل: الله" وما درىهذا الجاهل الْغيّ أن هذه جملة 
حذف منها الخبر» والتقدير: "الله أنزله" بدليل سياق الآية الكريعة: وما قدروا الله حَقَّ قذره إِذْ 
قالوا ما أَئْرّلَ على بَسَرِ من شَئْء قل مَنْ َل الْكتَابَ الذي جَاءَ به مُوسَى...* إلى قوله طقل ال 
نم ذَرْهُمْ في حَوْضِهمْ يَلْعَبُونَ6 (لأنعام:١).‏ وأمثال هذا التخليط كثير» فلا ينبغي لعلماء المسلمين 
أن يسمحوا لأمثال هؤلاء الجهلة بالتطاول على كتاب الله وبتفسيره ما يخالف الظاهرء ويجاقي 
الحق والصواب زعما منهم أنه من نوع "التفسير الإشاري"؛ فالتفسير له حدود وشروط» وليس 
لكل إنسان أن يقول فيه برأيه» أو يعبث في نصوصه بفهمه العليل» ولقد صدق شيخ الإملام 
ابن تيمية حين قال: "نصف طبيب يفسد الأبدان» ونصف عالم يفسد الأديان". والله يقول الحق 
وهو يهدي السبيل. 

غرائب التفسير: 

ذكر العلامة السيوطي ف كتابه "الإتقان" نقلا عن الكرماني أنه ألف كتابا في مجلدين سماه 
"العجائب والغرائب"» ضمنه أقوالا منكرة في التفسيرء لا يجوز قوها ولا الاعتماد عليها؛ لأنًا 
من أقوال أهل الضلالء وإنما ذكرها للتحذير منهاء وقال: إنما أردت بذكرها أن يعلم الناس 
أن فيمن يدّعي العلم حمقى؛ ونحن ننقل طرفا منهاء وننقل بعض أقوال أخرى عن الباطنية حي 
يحذر المسلمون من أمثال هذه الأباطيل الي دحلت على الأمة الإسلامية بسبب التعصب 
الأعمى واتباع الأهواء. 


التفسير الإشاري ... 0 غرائب التفسير وأمثلة عليها 
أمئلة على هذه الغرائب: 

أولا: في قوله تعالى: حم © عسق» «(لشورى:1.) قالوا: الحاء حرب على ومعاوية» والميم 
ولاية بين مروان» والعين ولاية العباسيين» والسين ولاية السفيانيين» والقاف القدوة 
بالمهدي... إلى غير ما هنالك من الضلال. 

ثانيا: قوله تعالى: طوَلَكُمْ في الْقِصَّاصِ حَيَاةٌ يا أولي لَْلْبَاب» (البقرة:173) قالوا: القصاص المراد 
به قصص القرآن» وهو باطل لغة وشرعاء وقول لايقول به إلا الجهلاء. 

الغا: قوله تعالى: #ولكن ليَطْمَيِنَ قبي » (البقرة:570) قالوا: إن إبراهيم كان له صديق وصفه 
بأنه قلبه» وفسروه همعن "ولكن ليسكن صديقي"؛ وهذا بعيد جدا. 

رابعا: قوله تعالى: «إريّنَا ولا تُحَمِّْنَا مَا لا طاقة لَنَا به «البقرة:-0 قالوا: إنه الحبٌ والعشق 
ففسروا ما لا طاقة للانسان به بهذا التفسير الباطل» وهذا حكاه الكواشي في تفسيره. 

خامسا: قوله تعالى: «إوَمِنْ شَرٌ غَاسِقٍ إِذَا وَقبَ4 (لفلق:») قالوا: إنه الذكر إذا اتتصبء وهذا -- 
بلاشك - حرأة غريبة» ووقاحة شنيعة لا تصدر إلا من سفيه أحمق. 

سادسا: قوله تعالى: طِالّذِي جَعْلَ لَكمْ مِنَ الشّحَرِ الْأَحْضَر َارأقَإِذً آَم مه تُوقِدُونَ4 لسع 
قالوا: المراد بالشجر الأحنضر "إبراهيم"» ونارا أي نور محمد يي فإذا أنتم منه توقدون أي 
تقتبسون الديد. (0) 

وهذا التفسير من الغرائب لا تدل عليه اللغة» وهو تأويل باطل لنصوص القرآن» وإن كان 
سبكه جميلا وعبارته لطيفة. 

نماذج عن تفسير الشيعة: 

الشيعة هم فرق عديدة؛ أسرفوا في حب الإمام علي كرم الله وحهه» فمنهم من أغرق في نفس 


('© الإتقان: ١87/7‏ بتصرف. 


التفسير الإشاري ... ١)‏ نفاذج عن تفسير الشيعة 
التشيّع حى كفر» وعلى رأس هؤلاء ابن سبأ اليهودي الخبيث الذي ما اعتنق الإسلام إلا بقصد 
الكيد له والدس فيه؛ ومنهم من يعتقد بأن الأمين جبريل قد أتاه وأطأ في النزول» وأنه كان 
سينزل بالرسالة على على ده فأخطأ ونزل على محمد يلي وهؤلاء كانوا دائما في حرب 
وخصومة مع المسلمين» حت ورد أن عليا نفسه شن الغارة عليهم» وحاريهمء وطاردهم على 
كفرهم وضلاهم. 
ومنهم أناس معتدلون» لم يسقطوا في هاوية الكفرء وإنما حالفوا أهل السنة والجماعة» واعتقدوا 
بأفضلية علي ذنه على جميع الصحابة ده وأنه أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان هّمه وبأحقيته 
بالخلافة؛ لأنه من أهل البيت» واعتقدوا بأن الخلفاء الثلائة قد سلبوا عليا ونه حقه ف توليهم 
الخلافة» ومنهم من يفضل عليا ضقنه فقطء ومنهم من لا يكتفي بذلك» بل يشتم الشيخين أبا 
بكر وعمر خقّماء ويعتقد فيهم الضلال - والعياذ بالله - مع أن الله تعالى أن عليهما في آيات 
عديدة؛ وجعلهم من خاصة أصحاب نبيه الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام» وسنعرض إلى 
نماذج من تأويلات "الاثنا عشرية"» والشيعة "السبيئة" في كتاب الله الكريم. 
من تفسيرات الشيعة "الاثنا عشرية": 

-١‏ لثم ليَقضُوا تَفتَهَم» («للج:.م فسّروه بلقاء الإمام علي طأهه. 

-١‏ طليَوْم َوْجُفُ الدَاجفة تَتبعُهَا الرَادِقَة4 (لنازعات:+./) الراحفة: الحسين» والرادفة: أبوه 

علي كرم الله وجهه ضهُنما. 

؟- لَإنمَا وَكُوالَوَرَسُولُهُوَالَذِينَآمَنُوا) ولددة:هه) يعن بالذين آمنوا: الأئمة الإ عشرية. 

؛ - طلا تّحدَواإِلَهَيْن 4 «شحل:1ه) أي لا تتخذوا إمامين, إنما هو إمام واحد. 

ه- شرفت الْأَرْض يور ريه «رير:هم أي أشرقت بنور المام دهه. 

- لإمَئل الَذِينَ كَمَوُوا بهم أَعْمَائمُح كَرَمَادٍ اسْتَدثْ به اريخ (براهيم:+0 الآية» فسّروها 


التفسير الإشاري ... ف فاذج عن تفسير الشيعة 
بأن من لم يقر بولاية علي علتكا بطل عمله؛ وأصبح كالرماد الذي تحمله الريح فتذروه. 
- فليا لبتي كنت رَبك (لبا:.») أي من شيعة أبي تراب وهي كنية علي ذإنه. 
من تفسيرات السبيئة: 
-١‏ السبيئة من الشيعة» وهو يزعمون أن عليا كرم الله وجهه في السحاب» ويفسرون 
الرعد بأنه صوت علي #ه. والبرق لمعان سوطه. أو تبسّمه. وإذا سمع أحدهم 
صوت الرعد يقول: عليك السلام يا أمير المؤمنين! 
؟١-‏ ومن مزاعمهم أنهم يعتقدون بأن محمدا 225 سيرجع إلى الحياة الدنياء ويستدلون 
بقوله تعالى: «إإِنَ الي فَرَض عَلَيكَ اران ادك ِلَى معاد «لقصص:ههم أي سيرجعك إلى 
الدنيا. 
©- وف آية الأمانة 5 عونا الأمانة... وَحَمَلهَا الأنسَان نه كان ظَلُوماً جهو لا الأحراب:1/) 
يزعمون أن الظلوم الجهول هو أبو بكر وه. 
: - وف قوله تعالى: مكَمَئلِ السَيْطانٍ إِذ َال لِلإنسَانٍ اكز » (الحشر:+1) يفسرون الشيطان 
بأنه عمر حم( 
ومن تفاسير الشيعة كتاب يسمى "مرآة الأنوار ومشكاة الأسرار" وهو مطبوعء؛ مؤلفه يدعى 
المولى "الكازلانىي" من النحف» وهذا التفسير مشتمل على تأويلات تشبه تأويلات الباطنية؛ 
فالأرض يفسرها بالدين» وبالأئمة عليهم السلام» وبالشيعة» وبالقلوب الي هي محل العلم 
وقرارهء وبأخبار الأمم الماضية...إلخ. 
فيقول في قوله تعالى: «إَلَمْ تَكنْ أَرْضْ الله وَاسِعَة) (لنساء:0؛) المراد دين الله وكتاب الله. ويقول 
في قوله تعالى: أَفلَمْ يَسِيرُوا في الْأَرْضِي (غافر:1م المراد أولم ينظروا في القرآن...إلم. 


('؟ انظر كتاب "الوشيعة ف نقد عقائد الشيعة" ص:55. و"الفرق بين الفرق" للبغدادي» ص:١٠77.‏ 


التفسير الإشاري ... ل تفسيرات الباطنية و نماذجها 
فأنت ترى أنه قد حمل اللفظ الذي لا يجهله أحد على معان غريبة من غير دليل» وما حمله 
على ذلك إلا مركب المهوىء والتعصب الأعمى لمذهبه» وذلك لا شك ضلال لا يقل عن 
ضلال الباطنية ولا البهائية: وَمَنْ يُضْلِلٍ اللَُّفمَا لَه مِنْ ها (غافر :ع (1) 
تفسيرات الباطنية: 
الباطنية قوم لا يقبلون الأحذ بظاهر القرآن. وإنما يقولون: إن القرآن له "ظاهر وباطن"2 
ويعتقدون بأن المراد منه "الباطن" دون الظاهزء ويستدلون بقوله تعالى: «إفضرب بَيْنَهُمْ بسُورٍ 
لَه بَابٌ بَاطِنَهُ فيه البَّحْمَة وَظَاهِدُهُ من قبَلِهِ الْعَذَابٌُ6» (الحديد:017). 
وهم فرق متعددة نذكر أهمها: 
7 الإسماعيلية: نسبة إلى "إسماعيل" أكبر أولاد جعفر الصادق؛ وكانوا يعتقدون فيه الإمامة. 
-١‏ القرامطة: نسبة إلى "قرمط" إحدى قرى.واسط» وقد تزعمهم رجل منها اسمه: "حمدان". 
'- السبعية: نسبة إلى "السبعة"؛ لأنهم يعتقدون أن في كل سبعة منهم إماما يقتدى به. 
- الحرّمية: نسبة إلى "الحرمة"» وذلك؛ لأن هؤلاء يستحيبون المحرمات والفواحش.7") 
نماذج عن تفسير الباطنية: 
-١‏ قرله تعلل: لكين تق َنْ طب «اتحتودهم قاوا: إنه إشارة إلى الغدر 
بالأوصياء بعد الأنبياء عليهم السلام؛ أي لتسلكن سبيل من قبلكم بالغدر في الأئمة 
بعد الأنبياء. 
؟- قوله تعالى: قال الَذِينَ لامرْجُون لِقَاءنااقْتٍ ِقرْآنِ غير هَدَا أَوْيَدَلهُ «يرنس:ه م 
يفسرونه: أو بده أي بدّل علياء ومعلوم أن عليا لم يسبق له ذكر. 
('؟ انظر كتاب "الوشيعة في نقد عقائد الشيعة" ص:50. و"الفرق بين الفرق" للبغدادي» ص:١٠77.‏ 
('؟ انظر كتاب "الفرق بين الفرق" للبغدادي. 


التفسير الإشاري ... 5 تفسيرات الباطنية و نماذجها 
7- قوله تعاللى: إن الّذِينَآممواتمَ فووا تَُآمُوا نم مرو ّم ازْدَادُوا كفرالَمْيكْن رُم 
وَلالِيَهِدِيُهِمْ سيلا (لساء:7١0)‏ قالوا: إن هذه الآية نزلت في أبي بكر وعمر وعثمان ولف 
آمنوا بالنبي أولاء ثم كفروا حيث عرضت عليهم ولاية علي فق ثم آمنوا بالبيعة لعلي#ه. 
ثم كفروا بعد موت الني ولد ثم ازدادوا كفرا بأحذ البيعة من كل الأمة. (© 
؛- قوله تعالى: إن الل يَأمْدْكُمْ أَنْ تَذْبْحُوا بَقَرَة4 «لبقرة:7ج قالوا: المراد بالبقرة 
"عائشة" ذقّيا. والمراد «واضر بوه ببَعْضِهاي (البقرة:+/) : طلحة والزبير ضيما. 
ه - قوله تعالى: «إنَم الْحَمْرٌ وَالْمَيْسِرُ# (لائدة:.4) قالوا: المراد يهما: أبوبكر وعمر ظيما. 
- قاتلهم الله أنى يوفكون _- 
وباختصار» فمذهب الباطنية وباء وضلال؛ وانتقل إليهم من المحوسء وهو يووّلون "الحنابة" 
بإفشاء السرء ويؤولون "الغسل" بتحديد العهد. والتيمم" بالأحذ عن المأذون» و"الصوم" 
بالإمساك عن كشف السر إلى آخر ما لديهم من ضلالات وبحاسات. 
وهذه التأويلات الفاسيدة من أشد وأنكى ما يصاب به الإسلام والمسلمون؛ لأا تؤدي إلى 
نقض بنيان الشريعة حجرا حجراء وتجحعل القرآن ألعوبة بين أيدي هؤلاء الأنعام» ومن فضل 
الله أن كتبهم لم تظهر إلى الوحودء وأنهم يخفون هذا في نفوسهمء وينفثون به بين كل 
حين وآخخرء وهم إلى الزوال والفناء إن شاء الله: وال غَالِبٌ عَلَى أَمْرِه وَلَكنَ أكثْرَ 
اناس لا يَعْلمُون 6 (يوسف:١1).‏ 


* ا خ#ة ب# 


)0( الوشيعة في نقد عقائد الشيعة؛» ص:8". 


أشهر كتب التفاسير ١٠‏ أشهر كتب التفسير بالمأثور 


أشهر كتب التفسير بالرواية والدراية والإشارة 


مع تعريف موجز عن أصحابها 


أشهر كتب التفسير بالمأثور: 


الرقم اسم الكتاب اسم المؤلف تاريخ الشهرة 
الوفاة 
جامع البيان في تفسير القران ١‏ محمد بن حرير الطبري ٠ه‏ تفسير الطبري 
بحر العلوم نصر بن محمد السمرقندي +لالاه ‏ تفسير السمرقندي 
الكشف والبيان أحمد بن إبراهيم الثعلبي اليسابوري ١‏ 41717ه تفسير الثعلبي 
معالم التتزيل الحسين بن مسعود البغوي ٠ه‏ تفسير البغوي 
امحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزير عبد الحق بن غالب الأندلسي 5ه تفسير ابن عطية 
تفسير القرآن العظيم إسماعيل بن عمر الدمشقي 4ل/الاه تفسير أبن كثير 
الجواهر الحسان في تفسير القرآن عبد الرحمن بن محمد الثعالبي 5/المه تنفسير الجواهر 
الدر المنقور في التفسير بالمأثور جلال الدين السيوطي ١ه‏ تفسير السيوطي 


أشهر كتب التفسير بالمأثور ١١‏ تفسير ابن جرير وهزاياه 


التعريف بكتب التفسير بالمأثور 
-١‏ تفسير ابن جرير: 
مؤلفه: هو ابن حرير الطبري» وكنيته "أبو جعفر" ولد سئة 11715اه», وتوقي سنة ١٠لاه»ء‏ 
وكتابه من أجل التفاسير بالمأثور» وأصحها وأجمعها لأقوال الصحابة والتابعين ّنه ويعتبر 
المرجحع الأول للمفسرين» قال النووي ملله: 
"كتاب ابن جرير في التفسير لم يصنف أحد مثله". 
مزايا هذا التفسير: 
١‏ - اعتماده على المأثور من أقوال ابي كل والصحابة والتابعين «#ف. 
؟- عرضه للأسانيد وللأقوال المروية» وترجيحه للروايات. 
-٠‏ إحاطته بالناسخ والمنسوخ من الآيات» ومعرفته لطرق الرواية: صحيحها وسقيمها. 
5- ذكره لوجوه الإعراب» واستنباط الأحكام الشرعية من الآيات الكرعة. 
وأخيرا فهو كتاب عظيم حليل» حافل بالروائع إلا أنه يذكر أحيانا أخبارا بأسانيد غير صحيحة: ثم 
لا ينبّه على عدم صحتهاء كما أنه يسوق بعض أخبار هي من "الروايات الإسرائيلية"» وتفسيره 
مطبوع منتشر في الأقطارء وهو عمدة لأكثر المفسرين. 
؟- تفسير السمرقندي: 
مؤلفه: نصر بن محمد السمرقندي» وكنيته "أبو الليث" توفي سنة /ااهمء وكتابه 
يسمى: "بحر العلوم"» وهو تفسير بالمأثور» يذكر فيه كثيرا من أقوال الصحابة والتابعين ميف 
غير أنه لا يذكر الأسانيد» وهو مخطوط ف محلدين؛ وتوحد نسخة منه ف مكتبة الأزهر. 


أشهر كتب التفسير بالمأثور 9" ١‏ تفسيرالتعلبي والبغوي 


'- تفسير التعلببي: 
مؤلف هذا التفسير: هو أحمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوريء المقرئ المفسرء كنيته "أبو إسحاق" 
وقد توفي سنة /1451ه», أما ولادته فليست معروفة على وجه الضبط». وكتابه يسمى 
"الكشف والبيان عن تفسير القرآن". 
يفسّر القرآن مما ورد عن السلف مع اختصاره للأسانيد اكتفاء بذكرها في مقدمة الكتاب» 
ويتوسع في الأبحاث النحوية والفقهية» وهو مولع بالقصص والأحبارء ولهذا فإننا نحد في 
تفسيره "قصصا إسرائيلية" فاية في الغرابة» بل منها ما هو باطل قطعا. 
يقول ابن تيمية عنه: "الثعلبي في نفسه فيه خير ودين» ولكنه حاطب ليل".2"0 
وتفسيره مخطوط غير كامل ينتهي إلى آخر سورة الفرقان» وهو موجود جمكتبة الأزهر» وباقي 
الكتاب مفقود. 


مؤلف هذا التفسير: هو الحسين بن مسعود الفراء البغوي, الفقيه, المفسر المْحدّث الملقب ب"محبي 
السنة» كنيته "أبو محمد" توفي سنة ٠١‏ ٠ه‏ بعد أن جاوز الثمانين من العمرء وكان إماما جليلاء 
ورعا زاهداء جامعا بين العلم والعمل» وقد عدّه السبكي من أعلام علماء الشافعية. 

وقال ابن تيمية في مقدمته في أصول التفسير: "والبغوي في تفسيره مختصر من الثعلبي» ولكنه 
صان تفسيره عن الأحاديث الموضوعة» والآراء المبتدعة".9©) 

"القصص الإسرائيلية" ولكنه في جملته أحسن وأسلم من كثير من كتب التفسير بالمأثور. 


(' أصول التفسير لابن تيمية ص:5١.‏ 
0 المرجع السابق ص: 5 ١‏ . 


أشهر كتب التفسير بالمأثور ١‏ تفسير ابن عطية وابن كثير 


ه- تفسير ابن عطية: 
مؤلف هذا التفسير: هو عبد الحق بن غالب بن عطية؛ الأندلسيء المغربي» الغرناطي» وكنيته 
"أبوحمد", ولد سنة ١14/.0ه»,‏ وتوقيٍ سنة 145 5ه. 
كان تحويا لغوياء أديبا شاعرا على غاية من الذكاء والدهاءء وقد تولى القضاء بالأندلس في 
العصور الذهبية للإسلام» وتفسيره يسمى "الْحرّر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز"» وقد جمع 
فيه مؤلفه الأقوال الي ذكرها علماء التفسير بالمأثور» وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها. 
وابن تيمية في فتاواه يعقد مقارنة بين تفسير ابن عطية: وتفسير الزمخشريء فيقول: "وتفسير 
ابن عطية خير من تفسير الزمخشريء وأصح نقلا وبحنا وأبعد عن البدع» وإن اشتمل على 
بعضهاء بل هو خير منه بكثير» بل لعله أرحح هذه التفاسير".() 
وهذا الكتاب على شهرته الواسعة» ومزاياه الفريدة» لايزال مخطوطا إلى اليوم» وهو يقع في 
عشر مجلدات كبار» ولعل الله يوفق من يخرج لنا هذا الكنز الثمين» ويطبعه ليعم به نفعه. 


مؤلف هذا التفسير هو الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمرو بن كثير» القرشي الدمشقي»؛ 
كنيته "أبو الفداء"» ولد سنة ٠.لاه»,‏ وتوقي سنة 4/الاه. 

كان ابن كثير باق +جحبال" شاعغفال وبحرا ذاحرا قْ جميع العلوم وخاصة قِِ التاريخ والحديث 
والتفسيرء وكان إماما حليلا» متفئنا في أسلوب الكتابة والتأليف» قال الذهبي عنه: 

"الإمام المفي, الْحدّث البارع» فقيه متفئن» محدث متقن» مفسّر نقال» وله تصانيف مفيدة". 
وتفسيره هذا يسمى "تفسير القرآن العظيم" وهو من أشهر ما دون في التفسير بالمأثورء 
ويعتبر الكتاب الثاني بعد كتاب الطبري» اعتين فيه مؤلفه بالرواية عن مفسّري السلف» فروى 


('' فتاوى ابن تيمية: 47/7 .١‏ 


أشهر كتب التفسير بالمأثور ١4‏ تفسير تفسير الجواهر 
الأحاديث والآثار مسندة إلى أصحاهاء وتكلم عن بعضها بالجرح والتعديل» ورد ما كان منها 
منكراء أو غير صحيح» وهكذا يعتبر تفسيره من أحسن ما كتب في التفسير بالمأثور. 
وطريقته في التفسير أنه يذكر الآية» ثم يفسرها بعبارة سهلة موجزةء ويأي لها بشواهد من 
آيات أخرى» ويقارن بين هذه الآيات حي يتبين المعئ ويظهر المراد» وهو شديد العناية يذا 
النوع من التفسيرء الذي يسمونه "تفسير القرآن بالقرآن . 
وأنا أنقل طرفا ثما حاء في مقدمة تفسيره. يقول - طيّب الله ثراه - : 
فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟ فالجواب: أن أصح الطريق في ذلك أن يفسر القرآن 
بالقرآن» فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع آخرء فإن أعياك ذلكء فعليك بالسِّنّة فإنها 
شارحة للقرآن وموضحة له بل قد قال الإمام الشافعي يك: كل ما حكم به رسول الله كل 
فهو مما فهمه من القرآنء قال الله تعالى: إن ْنا ليك الْكتَاب بِالْحَقٌ لِتَحَكم يَيْنَ النّاس يما 
أرَاكَ الك (النساء:ه١٠).‏ 
وقال 2 "ألا وإنٍ أوتيت القرآن ومثله معه".0"' 
وما كتاز به "ابن كثير" أنه ينبّه إلى ما في التفسير بالمأثور من منكرات الإسرائيليات ويحذّر منهاء 
وعلى الحملة: فعلم ابن كثير يتجلى بوضوح لمن يقرأ تفسيره وتاريخه وهما من خير ما ألفء 
ومن أفضل ما كتبء وتفسيره هذا من أصح التفاسير بالمأثورء وإن لم يكن أصحها جميعا. 

/ا - تفسير الجواهر: 
مؤلف هذا التفسير: هو الإمام الجليل عبد الرحمن بن محمد بن مخلوف التعالبي» الجزائري المغري» 
المتوق سنة 4.157/ه»ء وتفسيره هذا من التفسير بالمأثور» نقل فيه أقوال السلف الصالح. وميز 
بين الصحيح والضعيف» وتفسيره هذا مطبوع. 


' تفسير ابن كثير" ."/١‏ 


أشهر كتب التفسير بالمأثور ا تفسي رالسيوطي 
#رس تفسير السيوطي : 


مؤلف هذا التفسير: الإمام الحجة الثقة حجلال الدين السيوطي؛ صاحب المؤولفات الشهيرة: 
المولود سنة 145/هه المتوق سنة ١١91ه»ء‏ وتفسيره هو المسمى "الدر المنثور في التفسير 
بالمأثور" قال ف مقدمته: إنه لخّصه من كتاب ترجمان القرآن» وهو التفسير المسند إلى 
رسول الله يد وهو مطبوع بمصرء وقد ذكر في كتابه الإتقان: أنه شرع في تفسير جامع لما 
يحتاج إليه من التفاسير المنقولة» والأقوال المعقولة» والاستنباطء والإشارات» والأعاريب» 
واللغات؛ ونكت البلاغة» ومحاسن البديع» وسماه "مجمع البحرين» ومطلع البدرين"؛ وهو غير 
هذا التفسير المسمى بالدرء وقد أحصيت مؤلفاته» فبلغت قريبا من حمس مائة» رحمه الله تعالى 
على ما قدم في سبيل خدمة العلم والدين. 


ا د يد 


مشاهير كتب التفسير بالدراية ١٠5‏ أشهر كتب التفسير بالدراية 


أشهر كتب التفسير بالدراية "بالرأي" 


الرقم اسم الكتاب اسم المولف تاريخ الوفاة الشهرة 
١‏ مفاتيح الغيب محمد بن عمر بن الحسين الرازيب ‏ ".٠"ها‏ تفسير الرازري 
1 أنوار اتشنزيل وأسرار التأويل عبد الله بن عمر البيضاوي 6ه تنفسير البيضاوي 


*“ لباب التأويل في معان التنزيل عبد الله بن محمد المعروف بالخازن ١4لاه.‏ تفسير الخازن 


مدارك التنزيل وحقائق التأويل عبد الله بن أحمد النسفي ١ه‏ تفسير النسفي 

هع غرائب القرآن ورغائب الفرقان نظام الدين الحسن محمد انيسابوري ‏ 18لاهم-. تفسير النيسابوري 
5 إرشاد العقل السليم محمد بن محمد بن مصطفى الطحاوي 557ها تفسير أبي السعود 
37 البحر المحيط محمد بن يوسف بن حيان الأندلسي هلاه تفسير أبي حيان 
04 روح لمعاني شهاب الدين محمد الآلوسي البغدادي ١٠71١ه‏ تفسير الألوسي 
السراج المنير محمد الشربيئ الخطيب ااذه تفسير الخنطيب 
٠‏ تفسير اللحلالين 5 حلال الدين امحلي "مها تفسير الملالين 


ب- جلال الدين السيوطي 5ه 


أشهر كتب التفسير بالدراية ١‏ تفسير الفخر الرازي والبيضاوي والخازن 


التعريف بكتب التفسير بالرأي 

١‏ - تفسير الفخر الرازي: 
مؤلف هذا التفسير: هو العلامة الشيخ محمد بن عمر الرازي» المتوق سنة “0٠“"“ه»‏ وتفسيره 
يسمى "مفاتيح الغيب"» وقد سلك في تفسيره مسلك الحكماء الإلهيين» فصاغ أدلته في 
مباحث الإهيات» ورد على المعتزلة والفرق الضالة بالحجحج الدامغة» والبراهين القاطعة: 
وتعرض لشبهات المنكرين واللجاحدين بالنقض والتفنيد» وتفسيره من أوسع التفاسير في 
موضوع علم الكلام؛ كما أنه في العلوم الطبيعية والكونية إمام حليل» فقد تكلم عن الأفلاك 
والأبراج؛ وعن السماء والأرضء والحيوان والنبات» وق أجزاء الإنسان بشكل واسع؛ 
وغرضه نصرة الحق» وإقامة البراهين على وجود الله عرّ وعلاء والرد على أهل الزيغ والضلال. 

؟١-‏ تفسير البيضاوي: 
مؤلف هذا التفسير: هو العالم الحليل الشيخ عبد الله البيضاوي المتوق سنة ©4.25"ه»ء وتفسيره 
يسمى "أنوار التنزيل"» وهو كتاب حليل دقيق» جامع بين الرواية والدراية» وهو يقرر الأدلة 
على مذهب أهل السنة» وهو حجة ثبتء» وقد التزم أن يختم كل سورة مما روي في فضلها من 
الأحاديث غير أنه لم يتحر الصحيح:؛ وله حواش عديدة أشهرها حاشية الشهاب الخفاحي؛ 
وحاشية سعدي أفندي. 

9“- تفسير الخنازن: 
مؤلف هذا التفسير: الإمام عبد الله بن محمد, المشهور بالخازن» المتوق سنة 4١‏ لاه وتفسيره 
يسمى "لباب التأويل قي معان التنزيل"» وهو تفسير مشهور - يعين بالمأثور - بيد أنه لا يذكر 
السند» وعبارته سهلة لا تعقيد فيها ولا غموضء وله ولوع بالتوسع في الروايات والقصص» 


أشهر كتب التفسير بالددراية نا تفسير النسفي والنيسابوري وأبي السعود 
وقد يذكر في تفسيره بعض الروايات الإسرائيلية؛ لينبه على ما فيها من باطل» فيسوق القصة 
الطويلة» ثم يحكم عليها بالضعف أو الكذب, ولكنه في بعض الأحيان يسكت عنهاء حى يظن 
القارئ أن هذه الرواية صحيحة؛ وبالجملة فتفسيره حسن رائع» لولا كثرة ما فيه من قصص 
وروايات لا يحسن ذكرها؛ لكوفا ضعيفة أو مكذوبة. 

5 - تفسير النسفي: 
مؤلف هذا التفسير هو الشيخ العالم الزاهد عبد الله بن أحمد النسفي, المتوق سنة ١./اهم.‏ 
وتفسيره يسمى "مدارك التنزيل وحقائق التأويل"» وهو تفسير حليل؛ متداول مشهورء» سهل 
ودقيق» يعتبر بالنسبة لبقية التفاسير بالرأي أوجز تفسير وأوسطه. قال فيه صاحب كشف الظنون: 
"هو كتاب وسط في التأويلات» جامع لوجوه الإعراب والقراءات» متضمن لدقائق علم البديع 
والإشارات» مرشح لأقاويل أهل السنة والجماعة» خالٍ من أباطيل أهل البدع والضلالة» ليبس 
بالطويل الممل» ولا بالقصير المخل . 

ه- تفسير النيسابوري: 
مؤلف هذا التفسير: هو الشيخ نظام الدين الحسن محمد النيسابوريء المتوق /١لاه»,‏ وتفسيره 
يسمى "غرائب القرآن ورغائب الفرقان"» وتاز هذا التفسير بسهولة عبارته وبتحقيق ألفاظه مع 
خلوه من الحشو والتعقيد» وقد عين بأمرين يلتزمهما: الكلام على القراءات» والكلام على 
التفسير الإشاري» وهو مطبوع طبعة شهيرة على هامش تفسير ابن جرير» وهو مختصر لتفسير 
الفخر الرازي مع تهذيب كبير. 

1- تفسير أبي السعود: 
مؤلف هذا التفسير العالم اللغوي» الحجة الضليع؛ القاضي محمد بن محمد بن مصطفى الطحاوي» 
المشهور بأبي السعودء المتوق سنة ؟5205ه» وتفسيره هذا يعتبر من أحسن التفاسير وأجمعها؛ 


أشهر كتب التفسير بالدراية ١7‏ تفسير أبي حيان والألوسي 
لأنه غاية في حسن الصوغء وجمال التعبير» كشف فيه عن أسرار البلاغة القرآنية» والحكم 
الربانية» يستهويك حسن تعبيره» ويروقك سلامة تفكيره» ويروعك ما أخذ نفسه به من محلية 
بلاغة القرآن» والعناية في بيان إعجازه مع سلامة ف الذوقء ومحافظة على عقائد أهل السنة 
وبعد عن الحشو والتطويل؛ وتفسيره دقيق يحتاج لفهمه الخاصة من أهل العلم. 


-١/‏ تفسيير بي حيان: 
مؤلف هذا التفسير هو الشيخ محمد بن يوسف بن حيان الأندلسيء المتوق سنة ه4لاهمء 
وتفسيره يسمى "البحر المحيط'» وهو في ثماني مجلدات ضخمة:؛ وقد جمع المؤلف فيه فنون 
العلوم من نحو وصرفء وبلاغة؛ وأحكام فقهية إلى غير ما هنالك» ويعتبر هذا التفسير مرجعا 
هاما من مراجع التفسيرء وعبارته سهلة» ليس فيها تعقيد أو غموضء وسماه "البحر المحيط"؛ 
لكثرة ما فيه من علوم متنوعة تتعلق كمادة التفسير. 

/- تفسير الآالوسي: 
مؤلف هذا التفسير هو الإمام العالم الجهبذ شهاب الدين السيد محمود الآلوسي المتوق سنة 
6ه مفين بغداد» حجة الأدباء» وقدوة العلماء» ومرحع أهل الفضل والعرفان» كان 
رحمه الله على حانب عظيم من الفهم والعلم وسعة الاطلاع» وكتابه المسمى "روح المعاني" 
جامع لآراء السلف رواية ودراية» مشتمل على أقوال أهل العلم جامع خلاصة ما سبقه من 
التفاسير» وهو شديد النقد للروايات الإسرائيلية» يعت بالتفسير الإشاري» وبوجوه البلاغة 
والبيان» ويعتبر تفسيره من سير المراجع في علم التفسير بالرواية والدراية والإشارة. 


أشهر كتب التفسير بالدراية ١4٠‏ تفاسير آيات الأحكام 


أشهر تفاسير آيات الأحكام 


الرقم اسم الكتاب والمذهمب اسم المؤلف تاريخ الوفاة الشهرة 

١‏ أحكام القرآن (حنفي) أحمد بن علي الرازي الحصاص 22 .لالاه تفسير الخصاص 
١‏ أحكام القرآن (شافعي) علي بن محمد الطبري الكيا الحراسي 4.ده تفسير الكيا الحراسي 
الإإكليل في استباط التتزيل (شافعي) حلال الدين السيوطي ١ه‏ تفسير السيوطي 
4 أحكام القرآن (مالكي) محمد بن عبد الله الأندلسي 4 ه200 تفسير ابن العربي 


هك الجامع لأحكام القرآن (مالكي) محمد بن أحمد بن فرح القرطبي الااه تفسير القرطي 


- كنز العرفان (شيعي) مقداد بن عبد الله السيوري التاسع المحري تفسير السيوري 
5 الثمرات اليانعة (زيدي) يوسف بن أحمد الثلاثي ره تفسير الزيدي 


أشهر كتب التفسير الإشاري 


الرقم اسم الكتاب اسم المولف الشهرة 

00١‏ تفسير القرآن الكريم سهل بن عبد الله التستري تفسير التستري 
حقائق التفسير أبو عبد الرحمن السلمي افبر الببلمئ 
الكشف والبيان أحمد بن إبراهيم النيسابوري تفسير النيسابوري 
4 تفسير ابن عربي محيي الدين بن عربي تفسير أبن عربي 


0 روح المعابي شهاب الدين محمد الالوسي تفسير الالوسي 


أشهر كتب التفسير بالدراية ١4١‏ 


الرقم اسم الكتاب والمذهب اسم المؤولف 

200١‏ تنزيه القرآن عن المطاعن (معترلي) عبد الحبار بن أحمد المهمداني 
1١‏ أمالي الشريف المرتضى (معتزلي) علي بن أحمد الحسين 

*0 الكشاف «(معتزلي) محمود بن عمر الزمخشري 
24 هرآة الأنوار ومشكاة الأسرار عبد اللطيف الكازراني 


(شيعي) 
0 تفسير العسكري (شبعي) الحمسن بن علي اهادي 
5 بججمع البيان (شيعي) الفضل بن ا حسن الطبرسي 


0٠7‏ الصاف في تفسير القرآن (شيعي) محمد بن الشاه مرتضى الكاشي 
/ تفسير القرآن (شيعي) عبد الله بن محمد العلوي 


8 بيان السعادة (شيعي) سلطان محمد بن حيدر الخراساني 


أشهر تفاسير المعتزلة والشيعة 


تاريخ الوفاة 
5ه 
7 سس 
7ه 


غير معروف 


5إاهدا 


56 إه 


تفسير الحمداني 
تفسير المرتضى 
تفسير الزمخشري 
تفسير المشكاة 


تفسير العسكري 


تفسير الكاشي 


تفسير العلوي 


أشهر كتب التفسير في العصر الحديث 


١5 ؟‎ 


أشهر كتب التفسير في العصر الحديث 


الرقم 
١‏ 


5 


اسم الكتاب 


تقسير القرآن الكريم 


تفسير المراغي 


محاسن التأويل 
في ظلال القرآن 
التفسير الواضح 


تيسير التفسير 


المصحف المفسر 
الهداية والعرفان 
صفوة البيان 


فتح البيان 


اسم المولف 
محمد رشيد رضا 

أحمد مصطفى المراغي 
جمال الدين القاسمي 
الشهيد سيد قطب 

محمد محمود الحجازي 
طنطاوي جوهري 

الشيخ عبد اليل عيسى 
محمد فريد وجدي 

أبو زيد الدمنهوري 
حسنين مخلوف 


أساء المؤلفين 


تفسير وحدي 
تفسير الدمنهوري 
تفسير مخلوف 


تسيو خسن :عفان 


وهناك تفاسير أخرى غير هذه التفاسير السابقة» لم نذكرها خحشية التطويلء والله الموفق» 


الفصل الثامن ١67‏ المفسرون من التابعين 
الفصل الثامن: 


المفسرون من التابعين 

إذا ذكر المفسرون من التابعين؛ فإهم يعتبرون كثرة كثيرة» ويعدون في العدد أكثر من الصحابة؛ 
ذلك؛ لأن الذين اشتهروا بالتفسير من الصحابة لايزيدون على عشرة - كما ذكر ذلك 
السيوطي في كتابه الإتقان -» وقد تقدم معنا أسماؤهم, وذكرنا نبذة عن ترجمة مشاهيرهم. 
أما التابعون فقد كثر فيهم المفسرونء. واشتهروا شهرة واسعةء ونبغ فيهم رجال أفذاذ, اعتنوا 
عناية كبيرة بتفسير كتاب الله تعالى» وعنهم نقل المفسرون معظم الآراء» وقد انقسموا إلى 
طبقات ثلاث: 

١‏ - طبقة أهل مكة. 

- طبقة أهل المدينة. 

'- طبقة أهل العراق. 
-١‏ أما الطبقة الأولى: 
وهي طبقة أهل مكة, فقد أخذوا علومهم من شيخ المفسرين وترجمان القرآن سيدنا عبدالله 
ابن عباس #ماء وقد نقل السيوطي عن ابن تيمية مله أنه قال: "أعلم الناس بالتفسير أهل 
مكة؛ لأفهم أصحاب عبد الله بن عباس ذا" . 
وقد اشتهر فيهم عدد كبير» وظهر فيهم رجال أفذاذ, على رأسهم: "مجاهد» وعطاءء وعكرمة. 
وطاوس» وسعيد بن جبير"؛ وسنعرض بترجمة موجزة خحياة هؤلاء العلماء الأعلام: 

جاعد ين حير 
أما بجاهد: فقد ولد سنة 27١‏ وتوف سنة ٠١١7“‏ هجرية» وهو: مجاهد بن جبرء وكنيته أبو الحجاج 


المفسرون من التابعين ١4‏ طبقة أهل مكة 
المكي» كان من أشهر العلماء في التفسير قال عنه الذههبي: "شيخ القراء والمفسرين بلا مراء» 
أخحل التفسير عن ابن عبام " (0) 
وكان من أخص تلامذته» ومن أوثق من روى عنه» وهذا يعتمد البخاري كثيرا على تفسيره. 
كما يعتمد كثير من المفسرين على روايته» تنقل في الأسفارء واستقر في الكوفة» وكان 
لايسمع بأعجوبة إلا ذهب فنظر إليها. 
تلقى محاهد تفسير كتاب الله عن شيخه الحليل ابن عباس» وقرأه عليه قراءة تفهم وتدبر 
ووقوف عند كل آية من آيات القرآن» يسأله عن معناهاء ويستفسره عن أسرارهاء روى 
الفضيل بن ميمون عن محاهد أنه قال: 
"عرضت القرآن على ابن عباس ثلاث عرضات, أقف عند كل آية منه أسأله عنها: فيم 
أنزلت؟ وكيف أنزلت؟". 
وهذا العرض من مجحاهد لله على شيخه الجليل؛: إنما كان طلبا لتفسيره» ومعرفة أسراره 
ودقائقه» وتفهم حجكمه وأحكامه وهذا قال الإمام النووي يللك: 
"إذا حاءك التفسير عن مجحاهد فحسبك به" أي يكفي هذا التفسيرء ويغئ عن غيره من 
التفاسير إذا كان راويه الإمام مجاهد. 
عطاء بن أن رباح: 
ا) بن أبي رباح: فقد ولد سنة 717 هجرية» وتوفي سنة ١١14‏ هجرية» نشأ .مكة» وكان 
مفي أهلها ومحدثهم؛ وهو ابي من أجلاء الفقهاءء وكان ثبتا ثقة في الرواية عن ابن عباس. 7" قال 
عنه الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان:"ما لقيت أحدا أفضل من عطاء بن أبي رباح". وقال قتادة: 
أعلم التابعين أربعة 576 رباح أعلمهم بالمناسك» وسعيد بن جبير أعلمهم بالتفسير... إلح. 


"© انظر الأعلام: 151/5. 
الأعلام للزركلي: ه/. 


المفسرون هن التابعين ١6‏ طبقة أهل مكة 
توفي دلله .بمكة, ودفن فيها عن سبع وثمانين (/4.7) سنة. 


عكرمة مولى ابن عباس: 
وأما عكرمة: فقد ولد سنة ©؟ هجريةء وتوق سنة ٠١5‏ هجرية. 
قال عنه الإمام الشافعي دلله: ما بقي أحد أعلم بكتاب الله من عكرمة» وهو مولى ابن عباس ضماء 
تلقى علمه على ابن عباس». وأخذ عنه القرآن والسنة» وكان ينه يقول: لقد فسرت ما بين 
اللوحين»” ؛ وكل شيء أحدئكم في القرآن» فهو عن ابن عباس. 
حاء في تعريفه في كتاب "الأعلام" ما يلي : 
"عكرمة بن عبد الله البريري المدن أبو عبد الله» مولى عبد الله بن عباس» تابعي» كان من أعلم 
الناس بالتفسير والمغازي» طاف البلدان» وروى عنه زهاء ثلاثمائة رحل» منهم أكثر من سبعين 
تابعياء وخرج إلى بلاد المغرب», فأحذ عن أهلهاء ثم عاد إلى المدينة المنورة» فطلبه أميرهاء فتغيب 
عنه حب مات؛ وكانت وفاته بالمدينة هوء والشاعر المشهور "كثير عزة" في يوم واحد فقيل: 
مات أعلم الناس» وأشعر الناس".(") 

طاوس بن كيسان اليماني: 
وأما طاوس: فقد ولد سنة 77 هجرية؛ وتوقٍ سنة ٠١‏ هجرية» وهو "طاوس بن كيسان 
اليماني" اشتهر بتفسير كتاب الله تعالى» وكان آية في الحفظ والنبوغ والذكاءء وآية في الورع 
والتقشف والصلاح؛ أدرك من الصحابة نحو حمسين صحابياء وتلقى العلم عنه خلق كثيرء وقد 
كان عابدا زاهداء ورد أنه حج بيت الله الحرام أربعين مرة» وكان مستجاب الدعوة» قال فيه 
ابن عباس ضهما: إن لأظن طاوسا من أهل الحنة. 


يريد باللوحين: ما بين دفي المصحف. 
” الأعلام للزركلي: ه/45. 


المفسرون من التابعين ١65‏ طبقة اهل مكة 
حاء في تعريفه في كتاب "الأعلام" ما يلي : 
"طاوس بن كيسان الخولان الهمدانى أبو عبد الرحمن» من أكابر التابعين تفقها في الدين؛ 
ورواية للحديث؛ وتقشفا في العيش» وجرأة على وعظ الخلفاء والملوك» أصله من الفرس» 
ومولده ومنشؤه باليمن» توفي حاحا بالمزدلفة» وكان "هشام بن عبدالملك" حاجا تلك السنةء 
فصلى عليهء وكان يأى القرب من الملوك والأمراء» قال ابن عيينة: متجنبو السلطان ثلائة: 
أبوذرء وطاوسء والثوري".”) 

بسع بن حوير. 
وأما سعيد بن حبير: فقد ولد سنة 45 هجرية» وتوف سنة 44 هجرية» وهو من أكابر التابعين 
علما وورعاء وقد اشتهر بتفسير كتاب الله عز وجلء؛ وكان طودا شامخاء وعَلَما لامعاء تناقل 
علمه الرجال» وسرت بذكره الركبان. 
وقد قال سفيان الثوري: سحذوا التفسير عن أربعة: عن سعيد بن جبير» وبمجاهد» وعكرمة؛ 
والضحاك. وقال قنادة: كان سعيد بن حبير أعلمهم بالتفسير. ) 
كان آية في الحفظ, يحفظ ما يسمعء؛ وقد شهد له ابن عباس بالحفظ حى قال له: "انظر كيف 
تحدث عين»؛ فإنك قد حفظت عبن حديثا كثيرا". وكان ابن عباس بعد أن فقد بصره إذا أتاه 
أهل الكوفة يسألونه قال: تسألون؛ وفيكم ابن أم دعماء» يعون - سعيد بن جبير - رلثيه. 
وقد كان عابدا زاهداء يختم القرآن في كل ليلتين» وقد قرأ ذات مرة القرآن كله في ركعة 
واحدة في الكعبة. 
وجاء في ترحمته في "الأعلام" ما يلي: "سعيد بن جبير» الأسدي الكوفء أبو عبدالله. تابعي» 
كان أعلمهم على الإطلاق» وهو حبشي الأصلء أخذ العلم عن ابن عباس وابن عمرك, 
“ا الأعلام: /777. 
'" الإتقان ص: "7.١64‏ أي: أبى الحجاج أن يتركه يصلي متجها إلى قبلة اللسلمين. 


المفسرون من التابعين ١ ١/‏ طبقة أهل المدينة 

ولما خرج عبدالرحمن بن الأشعث على عبدالملك بن مروان» كان سعيد بن جبير معه. فلما 

قتل عبدالر حمن ذهب سعيد إلى مكة. فقبض عليه واليها "خالد القسري", وأرسله إلى الحجاج 

فقتله» وكان الحجاج يخاطبه "بشقىّ بن كسير" بدل سعيد بن جبير. قال أحمد بن حنبل: 

"قتل الحجاج سعيداء وما على وجه الأرض أحد إلا وهو مفتقر إلى علمه". 

وروي أن الحجاج لما أراد قتله أمر الجلاد أن ينطلق به. فيضرب عنقه. فقال له سعيد: دعبي 

أصلي ركعتين» قال الحجاج ماذا يقول؟ قال: يريد الصلاة» فأبى إلا أن يصلي إلى المشرق”") 

- قبلة النصارى - ثم أمر أن تضرب عنقه» ووجهه موجه إلى غير القبلة» فأداروا وحهه. فقال 

سعيد عندئذ: طدَيِمَا تُولُوا قن وَجْهُ الك (البقرة:١١)6‏ ثم ضربت عنقه وهو يردد: لآ إله إلا 

الله محمد رسول الله وذهبت نفسه البريئة الطاهرة إلى ريها تشكو إليه ظلم الححاج» وجاد 

بأنفاسه في سبيل عقيدته ودينه» رحمه الله وأسكنه فسيح جناته(". 

؟ - طبقة أهل المدينة: 

وقد اشتهر منهم عدد؛ على رأسهم: "محمد بن كعب القرظيء وأبو العالية الرياحي» وزيد بن 

أسلم" ل . 

ونحن نتحدث عن هؤلاء الثلاثة الذين اشتهروا بالتفسير من أهل المدينة المنورة» والذين كان لهم 

أثر عظيم ف نقل علوم الصحابة» سواء كان ذلك ف الفقه. أو الحديث؛ أو التفسير» وإن كان 

هناك غيرهم ممن اشتهروا من التابعين» ولكن شهرة هؤلاء كانت أوسع. وأثرهم كان أظهر. 
محمد بن كعب القرظي: 

حاء في "هذيب التهذيب" للعسقلاي في ترجمته ما يلي: 

"هو محمد بن كعب القرظيء أبو حمزة المدني من حلفاء الأوسء» سكن الكوفة, ثم المدينة» 


(© انظر طبقات الكيرى لابن سعد: 7851//5. 


المفسرون من التابعين ١6‏ طبقة أهل المدينة 
روى عن جمع غفير من الصحابة وخاصة عن علي بن أبي طالبء وعبدالله بن مسعود ّمد. 
قال ابن سعد: كان ثقة عالما كثير الحديث» ورعا صالحا. 

قال عون بن عبدالله: ما رأيت أحدا أعلم بتأويل القرآن منه. 

ويذكر البخاري في سبب تسميته ب"القرظي" أن أباه كان ممن لم ينبت يوم قريظة فترك 
وذلك أن النبي ين قتل الرحال من بن قريظة حينما خانوا العهود» وغدروا بالرسول» فأمر 
بقتل مقاتلتهم, وترك الأطفال والصبيان والنساء. 

وقد كان من أفاضل أهل المدينة علما وفقهاء وكان يحدث في المسجد, فسقط عليه السقف 
وعلى أصحابه» فمات تحت الحدم» وكان ذلك سنة )١١17(‏ هجرية بنك (0) 


اسمه رفيع بن مهران» وكنيته أبو العالية وهو مولى امرأة من بي رياح» وهو تابعي ثقة من أهل 
البصرة. اشتهر بالفقه والتفسير. رأى أبا بكر وقرأ القرآن على أبي بن كعب وغيره) ومع 
من عمرء وابن مسعود. وعلى» وعائشة؛ وغيرهم دّم. 

روي عنه أنه قال: قرأت القرآن بعد وفاة نبيكم بعشر سنين. وكان منذ حداثة سنه راغبا في 
العلم مكبًا على طلبه» حي نبغ فيه وفاق الأقران» واصة في التفسير» وقد كان ابن عباس كما 
يرفعه على سريره وقريش أسفل منه. ويقول: هكذا العلم يزيد الشريف شرفاء ويجلس المملوك 
على الأسرة مات سنة 37 هجرية عن عمر يناهز الثمانين» بطاله. 

هو زيد بن أسلم العدوي العمري» يكين: أبا أسامة» وهو فقيه محدث من أهل المدينة» كان مع 
عمر بن عبدالعزيز أيام خلافته» واستقدمه الوليد بن يزيد في جماعة من فقهاء المدينة إلى دمشق 


('»انظر "قهذيب التهذيب" : .5751١/8‏ 


المفسرون من التابعين 4 طبقة أهل العراق 
مستفتيا ف أمر» وكان ثقة كثير الحديث؛ له حلقة في المسجد النبوي» وله كتاب في "التفسير" 
رواه عنه ولده "عبد الرحمن"» وقد كان رحلا مهيبا. 
قال ابن عجلان: "ما هبت أحدا قط هيبي لزيد بن أسلم". 
وحدّث ذات يوم بحديث ول يسنده. فسأله رجحل يا أبا أسامة! عمن هذا؟ فقال: يا ابن أخحي! 
ما كنا نحالس السفهاء. 
وكان له حلقة كبيرة في المسحد النبوي الشريفء وكان علي بن الحسين يجلس إليه» فيستمع 
له ويترك محالس قومه؛ فقيل له في ذلك: تترك حالس قومك إلى عبد عمر بن الخنطاب - حيث 
كان مولى لعمر -» فقال علي: إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه» توفي يله بالمدينة 
المنورة سنة ١75‏ هجرية. (') 
-٠‏ طبقة أهل العراق: 
وقد اشتهر منهم عددء وعلى رأسهم: الحسن البصريء ومسروق بن الأجدع» وقتادة بن 
دعامة» وعطاء بن أبي مسلم الخراساني» ومرّة الحمداني. 
ونحن نتحدث عن ترجمة هؤلاء الأعلام بشيء من الإيجاز» فنقول: ومن الله نستمد العون. 

الحسن البصري: 
هو الحسن بن يسار البصريء إمام أهل البصرة» وحبر الأمة في زمانه» يكيئ: أبا سعيد,» وهو 
أجل العلماء» والفصحاءء والشجعان» والنسّاك, ولد بالمدينة المنورة») وشب في كنف”") علي 
ابن أبي طالب» واستكتبه الربيع بن زياد والي حراسان في عهد معاوية» فسكن البصرة, 
وعظمت هيبته في القلوب» فكان يدخل على الولاة» فيأمرهم وينهاهم» لا يخاف في الحق 
لومة لاثم رأى مائة وعشرين صحابياء وكان من أفصح أهل البصرة؛ وأعبدهم. وأفقههم. 
© تذكرة الحفاظ للذهي: .57/١‏ 
" الكنف: جانب الشيء. الظلء جمع: أكتاف, يقال: جعله في كتفه: أي أحاط به. 


المفسرون من التابعين شونا طبقة أهل العراق 
قال الغزالي: كان الحسن البصري أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء» وأقريُم هديا من الصحابة» 
وكان ف غاية من الفصاحة» تتصيب الحكمة من فيه. 
قال أيوب: ما رأت عيناي رحلا قط كان أفقه من الحسن البصري. كان يعي”' الحكمة: 
وينطق ياء وكان إذا وعظء أبكى الحاضرين كأنما كان في الآحرة, ثم حاء منهاء فهو يخبر 
عما رأى وعاين:؛ ولهذا فقد اشتهر بالوعظ: وكان رقيق القلب» فصيح اللسان. 
وكان يحدث بالأحاديث النبوية» فإذا حدث عن علي بن أبي طالب لم يذكره حشية من بطش 
الحجّاجء قال يونس بن عبيد: سألت الحسن» قلت: يا أبا سعيد! إنك تقول قال رسول الله 
وإنك لم تدركه؟ قال يا ابن أخي! لقد سألتى عن شيء ما سأليئ عنه أحد قبلك» ولولا منزلتك 
من ما أخبرتك, إن في زمان كما ترى - وكان في عمل الحجاج - كل شيء سمعتي أقول: 
قال رسول الله فهو عن علي بن أبي طالب غير أن ف زمان لا أستطيع أن أذكر عليا. ”") 
ولما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة كتب إليه: إن قد ابتليت بمذا الأمرء فانظر لي أعوانا 
يعينون عليه: فأحابه الحسن: أما أبناء الدنياء فلا تريدهم» وأما أبناء الآخرة» فلا يريدونك» 
فاستعن بالله على أمرك. ©) 
توق بالبصرة سنة ١١١‏ هجرية؛ ودفن فيها مله رحمة واسعة. 

مسروق بن الأحدع: 
مسروق بن الأجدع الحمداني» كونء تابعي ثقة» من أصحاب ابن مسعود الذين نقلوا لنا هدي 
الرسول 8 وهو عابد فيه يكئ: أبا عائشة» وقد اشتهر بالتفسيرء ورواية الحديث» كان 
أبوه أفرس فارس باليمن» وكان خخاله عمر بن معديكرب. 
''يعي: وعياء وعى الشيء: جمعه في الوعاء؛ ووعى الحديث: حفظه وفهمه. ووعى الأمر: أدركه على حقيقته. 


("“تهذيب التهذيب: ؟7017/7. 
الأعلام: 717/7. 


المفسرون من التابعين اقرانا طبقة أهل العراق 
وقد تولي القضاءء فلم يكن يأذ على القضاء رزقاء وكان قانعا زاهداء راضيا بما قسم الله مع 
أنه كان صاحب عيالء جاءته امرأته يوما فقالت: يا أبا عائشة! إنه ما أصبح اليوم لعيالك 
رزق» فتبسمء ثم قال: والله ليأتينهم الله برزق» فرزقه الله رزقا واسعا. روي عنه أنه لقي عمر 
ابن الخطاب #ه. فسأله ما اسمك؟ قال: مسروق بن الأجدعء فقال له عمر: الأحجدع 
شيطانء أنت مسروق بن عبد الرحمن» فكان بعد ذلك يقول: أنا مسروق بن عبد الرحمن. 
قال على بن المدي - شيخ البخخاري -: ما أقدّم على مسروق من أصحاب عبدالله بن 
مسعود أحداء صلى خلف أب بكرء ولقي عمر وعثمان «ّف. 
شهد القادسية مع إحوته الثلائة؛ فقتلوا يومئذ بالقادسية» وجرح مسروق» فشلت يده» وله 
طريقة لطيفة في النصح والوعظ. خرج يوما ومعه بعض تلامذته. فارتقى بمم على كناسة في 
الكوفة» فقال: ألا أريكم الدنيا؟ هذه هي الدنيا: أكلوها فأفنوهاء لبسوها فأبلوهاء ركبوها 
فأنضوهاء سفكوا فيها دماءهم؛ واستحلوا فيها محارمهم» وقطعوا فيها أرحامهي..”) 
سثل يوما عن بيت شعرء فقال: أكره أن أرى في صحيفي شعرا. 

قتادة بن دعامة: 
وأما قتادة: فهو أبو الخنطاب السدوسي البصريء ولد في البصرة سنة 25١‏ وتوقي سنة ١١17‏ 
هجرية؛ وعمره 5ه سنة. روى عن أنس بن مالك وسعيد بن المسيب» وجمع من الصحابة ‏ 
وكان قوي الحفظء شديد الذكاءء يروى عنه أنه قال: "ما قلت لمحدث قط: أَعِدْ على» وما 
سمعت أذناي شيئا إلا وعاه قلبي". ويروى أنه دخل على سعيد بن المسيب» فجعل يسأله أياماء 
وأكثر عليه من السؤالء فقال له سعيد: أكل ما سألتئ عنه تحفظه؟ قال: نعم) فتعجب منه) 
فقال له قتادة: سألتك عن كذاء فقلت فيه كذاء وسألتك عن كذاء فقلت فيه كذاء حى أورد 


تذيب التهذيب: 45/1. 


المفسرون من التابعين ا طبقة أهل العراق 
عليه جميع ما سمعه منه. فقال له سعيد: ما كنت أظن أن الله خلق مثلك؛ وقال عنه مرة: ما 
أتاني عراقي أحسن من قتادة. 
وقرئت عليه مرة صحيفة جابر» فحفظها.”' 
وقد كان ضريرا فاقد البصرء حيث ولد وهو أعمىء ولكته كان آية في الحفظ والنبوغ والذكاء. 
وكان أحمد بن حنبل يطنب في ذكره والثناء عليه» وينشر من علمه وفقهه. 
وكان إماما في التفسير والفقه ولكنه أخذ عليه أنه كان يأحذ عن كل أحدء ح قال فيه 
الشعبي: قتادة حاطب ليل.7) 
توفي مله بالبصرة» ودفن بماء ولما مات بكى عليه أهل البصرة. 

عطاء الخراسان : 
قال الحافظ الأصبهان: كان مولده سنة 25٠‏ ووفاته سنة ه7١‏ هجرية. وهو عطاء بن أبي 
مسلم الخراسان» يكين: أبا عثمان» وكان ثقة صدوقاء عابدا زاهداء كثير العبادة والتبتل» كان 
يحبي الليل تمجدا وصلاةً. روى عبدالرحمن بن يزيد أنه كان يحبي الليل صلاة؛ فإذا ذهب من 
الليل ثلثه» أو نصفهء نادانا يا فلان» ويا فلان! قومواء فتوضئوا وصلواء فإن قيام الليل وصيام 
النهار أيسر من شراب الصديد. ”") 
وكان يحب نشر العلم, فإذا لم يجد أحدا من تلامذته يحدثه ذهب إلى المساكين. فحدثهم خوفا 
من الوعيد لكاتم العلم. 
وقد اشتهر بالفقه والحديث والتفسيرء وكان على غاية من الزهد والورع ماك..©) 
مهذيب التهذيب: 8/أه". 
" نفس المرجع؛ والجرزء» والصفحة. 


7 انظر "قذيب الكمال" للمزي: 4/14 . 
) انظر "قذيب التهذيب: .8/8/١١‏ 


المفسرون من التابعين فوا طبقة أهل العراق 
مره الحممذاني: 

هو مرة بن شراحيل الهمذاني» أدرك عددا من الصحابة غير قليل» ويكيئن: أبا إسماعيل» وهو 

المعروف مرّة الطيب» ومرّة الخير» لقب بذلك لعبادته» كان عابدا ورعاء وزاهدا صالحا. 

قال العجلي: كان يصلي في اليوم والليلة حمسمائة ركعة؛ وهو تابعي ثقة» توفي سنة (757) 

هجرية» رحمه الله رحمة واسعة» وأسكنه فسيح جناته. 

هؤلاء هم أعلام المفسرين من التابعين» استمدوا علومهمء: وقبسوا معارفهم من الصحابة 

الكرام دقّ. وعنهم أحذ تابعوا التابعين» ومن بعدهم من العلماء العاملين» وهكذا حفظ دين الله 

وكتابه» وشريعته» وعلومه ومعارفه» سليمة كاملة عن طريق التللقي والتلقين» جيلا عن جيل» 

مصداقا لقول الله سبحانه وتعالى: ان : مرَْا الذَّكْرََإنَالَهَُحَافِظونَ)» (الحجر: 9). 

ولقذ :تمق الرسول لزع سانا عتده و أسو حتيك :تمل هذا فلو من ككل ل 

عدوله؛ ينفون عنه تحريف الغالين» وانتحال المبطلين» وتأويل الجاهلين". 


وهكذا حفظ الله كتابه بحفظ هؤلاء الرحال الأعلام» والثقات الأفاضل؛ الذين كرّسوا 
جهودهم قُ تجدمة العلم والدين» فجزاهم الله عن الإإسلام والمسلمين خخير الجزاء. وأسكنهم 
فسيح جحناته. .. آمين 

ثئبية : 


يلاحظ على تفسير التابعين د أنه قد دحلت إلى أقوالهم بعض الروايات الإسرائيلية» واحتلط 
الصحيح بالعليل» ونقل على لسافهم بعض الروايات الى لم تثبت». فينبغي التنبه عند نقل 
أقوالهم إلى الصحيح منهاء وأن يرحع الإنسان إلى المراحم الموئوقة من كتب التفسير» كتفسير 
ابن حرير وغيره من التفاسير الموئوقة. 

قال السيوطي في كتابه "الإتقان" بعد أن ذكر أشهر المفسرين من التابعين ما نصه: 


المفسرون من التابعين 1 تنبيه في الإسرائيليات 
"فهؤلاء قدماء المفسرين» وغالب أقوالهم تلقوها من الصحابة» ثم بعد هذه الطبقة ألفت 
تفاسير تجمع أقوال الصحابة والتابعين» كتفسير سفيأن بن عيينة» ووكيع و الجراح» وشعبة 
بن الحجاج؛ ويزيد بن هارون وآخرينء ثم جاء بعدهم ابن جرير الطبري» وكتابه أجل 
التفاسير وأعظمها" 7) 


ج# ع #6 


'''الإتقان للسيوطي: .١9-0/7‏ 


"الففصل التاسع ه6١‏ إعجاز القرآن 
الفصل التاسع: 
إعجاز القران 


العناية بدراسة القران العظيم: 
لم يحدث في تاريخ البشرية أن أمة من الأمم اعتنت بكتابها السماوي كما اعتنت هذه الأمة 
المحمدية» ولم نسمع عن كتاب مقدس نال من الحفظ والرعاية؛ والإحلال والإكبارء كما ناله 
هذا الكتاب امحيدء معجزة "محمد" الخالدة» وححته البالغة» ودعوته إلى الناس أجمعين. 
ولا عجب أن ينال القرآن العظيم هذه المنزلة الرفيعة» ويحتل من نفوس المسلمين تلك المكانة 
الحليلة ذلك؛ لأن الأحداث الي رافقت نزول هذا الكتاب المقدس». تجعله يتبوأ مكان 
الصدارة بين جميع الكتب السماوية» ويفوق كل ما جاء به الأنبياء والمرسلون» صلوات الله 
وسلامه عليهم أجمعين من هداية وإصلاح» وتربية وتعليم؛ وسمو وتشريع؛ ولقد أحسن 
وأبدع من قال: 
الله أكير إن دين محمد وكتابه أهدى وأقومٌ قيلا 
لا تذكروا الكتبّ السّوالف عنده طلع الصّباحٌ فَأَطفىء الَئديلا 
القرآن معجزة "محمد" الخالدة: 
وقد جرت حكمة الله الأزلية أن يؤيد أنبياءه ورسله بالمعجزات الباهرات» والدلائل الواضحات؛ 
والحجج والبراهين الدامغة؛ الى تدل على صدقهم, وعلى أنهم أنبياء مرسلون من عند الله العزيز 
القدير» وقد حص الله تبارك وتعالى نبينا د بالمعجزة العظمى "القرآن الكريم." ذلك النور الرباي» 
والوحي السماويء الذي ألقاه على قلب نبيه قرآنا عربيا غير ذي عوجء يتلوه آناء الليل وأطراف 
النهارء والذي أحيا به أحيالا من العدم» كانت في عداد الموتى» فأحياها الله بنور هذا القرآن: 


إعجاز القرآن ١65‏ القرآن معجزة محمد الخالدة 
وهداها أقومّ طريق وانتشلها؟ من الحضيضء!" فجعلها خير أمة أخرجحت للنان:وضدق الله 
حيث يقول: ِأومَنْ كان ميْنا أيه وَحعَلا له ُورا يه لتقت ردقل ال ان كلل فى السلقات 
ئس يحارج مِنْهَا كَذَلِكَ ين لِلْكافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلونَ) (الأنعام:؟017). 
نقد احا القرآق اما :واو سند سعاء الك حيلا لم يعرف له التاريخ مثيلاء فأخرج من 
العرب الذين كانوا رعأة الإبل والغنم» سادة الشعوب والأمم» فملكهم الدنياء حن حكموا 
أقاصي المعمورة» وكل ذلك بفضل هذا القرآن» معجزة خاتم الأنبياء والمرسلين» وف ذلك 
يقول أمير الشعراء: 

أحوك عيسى دعا ميتا فقام له وأنت أحييت أجيالا من العدم 
ولئن كانت معجزة الأنبياء السابقين معجزات "حسية" تتناسب مع العصر والزمان الذي بعثوا 
فيه» كمعجزة موسى عفتا حيث كانت "اليد والعصا"؛ لأنه بعث في زمن كثر فيه الفد ‏ 
واشتهر فيه السحرء وكذلك معجزة عيسى ع حيث كانت بإحياء الموتى» وإبراء الأكمه”) 
والأبرص» والإخبار عن بعض المغيبات؛ لأنه بعث في عصر كثر فيه الطب والحكمةء وظهر 
فيه الأطباء البارعون» فأتاهم عيسى بن مريم ما أدهشهم وأعجزهم من شفاء المرضى؛ وإحياء 
الموتى» وإبراء العمى» البكم؛ الصم. 
أقول: إذا كانت معجزات الأنبياء السابقين معجزات مادية حسية» فإن معجزة "محمد بن 
عبد الله" معجزة روحية عقلية» وقد خصّه الله بالقرآن» معجزة العقل الباقي على الزمان؛ ليراها 
ذوو القلوب والبصائر» فيستنيروا بضيائهاء وينتفعوا يمديها في المستقبل والحاضر, فقد ورد عن 
سيق المرسلين يد أنه قال: 


( انتشل الشيء: : نشله ونشل الشيء نشلا: أسر ع نزعه؛ يقال نشل نشل اللحم من القدر ونشل الغريق من الماء. 
© الحضيض: ما سفل من الأرض. 
(© الأكمه: الأعمى» قال تعالى: #وأبْرئٌ الَْكْمَهَ وَالأَبرَصٌ وَأحيق الْمَوْنَى بِِذْنِ الوك (آل عمران:45) 


إعجاز القرآن /ا6 ١‏ القران معجزة محمد الخالدة 
"ما من ني من الأنبياء إلا أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشرء وإنما كان الذي أوتيثّه 
وحيا أوحاه الله إلي» فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا" (رواه البحاري). 
أحل... هذا الوحي السماوي الذي ألقاه الله على قلب نبيه الأمين؛ ليكون ضياء ورحمة 
للعالمين» هو معجزة الإسلام الخالدة» وحجته الباقية» تقوم على فم الدنيا شاهدة بصدق 
الرسول؛ ناطقة بعظمة الإسلام» وخلود هذا الدين؛ بينما ذهبت المعجزات الحسية» ومضت 
مع أحدائها الكونية» وتلاشت من الوجود بعد وفاة الأنبياء الكرامء الذين أتوا بماء فلم يعد لها 
وحود وبيان إلا في هذا القرآن الذي أحير عنهاء فكان له الفضل الأعظم عليهاء سابقا 
ولاحقاء ولله در القائل حيث يقول: 

جحاء النبيون بالآيات فانصرمت وجئتنا بكتاب غير منصرم 

آياثّه كلما طال المدى جُددٌ يزيئهن جمال العتق و لدم 
الآيات: المراد با المعجزات» جمع آية :معئ المعجزة. انصرمت: أي ذهبت بذهاههم. 
قال العلامة الزّرقاني: 9 
"وهنا نلفت النظر إلى أن القرآن ,ما اشتمل عليه من المعجزات الكثيرة» قد كتب له الخلود, 
فلم يذهب بذهاب الأيام» ولم يمت يموت الرسول كَل بل هو قائم على فم الدنيا يحَاجّ كل 
مكذب, ويتحدّى كل منكر» ويدعو أمم العالم جمعاء إلى ما فيه من هداية الإسلام» وسعادة بن 
الإنسان» ومن هذا يظهر الفرق جليا بين معجزات ني الإسلام 2 ومعجزات إخوانه الأنبياء 
عليهم أزكى الصلاة وأتم التسليم؛ فمعجزات محمد يد في القرآن وحده آلاف مؤلفة» وهي, 
متمتعة بالبقاء إلى اليوم؛ وإلى ما بعد اليوم؛ حى يرث الله الأرض ومن عليهاء أما معجزات سائر 
الرسل: فمحدودة العدد» قصيرة الأمدء ذهبت بذهاب زمافهم وماتت ,وتهم؛ ومن يطلبها الآن 
لا يبجدها إلا في حبر كان ولا يسلم شاهد له ها إلا هذا القرآن. 


انظر "مناهل العرفان": 7709/7. 


إعجاز القرآن ١8‏ القران معجرة محمد الخالدة 
وتلك نعمة يمنها القرآن على سائر الكتب والرسلء وما صح من الأديان كافة» قال تعالى: 
ونا ليك الكَتَابَ بِالْحَقٌ مُصَدَقالِمَا يَيْنَيدَيْهِ من الكتاب وَمُهَيْمنا عَلَيّه. ...44 وللائدة:+4). 

وقال عز اسمه: آمَنَ الوَسُولُ بم أَِْلَإَِيْهِ مِنْ َيه وَالْمُوْمنُونَ كل آمَنَ الله وَمَلائْكيه كته وَرُسْلِه 
لاعوق فك احدي له ٠.‏ 4 (البقرة:58). 

نذا ( تكن معدرة اديه اذاه معتينة حتبيةة اتترع لظيس وتطول على التقرمي» فلم تكن 
عصا تنقلب حية كعصا موسىءلكلا, أو نارا تصير برداء وسلاما كالنار الى ألقي فيها الخليل عفكة. 
أو ناقة تخرج من صخر أصم ولها رغاء كناقة صالحاكة؛ أو مريضا يشفىء أو أعمى يبرأ كما 
فعل عيسى -فك8, وإنما كانت معجزة "عقلية حالدة"؛ لأنها خائمة الرسالات» فهي خالدة خلود 
الدهر, باقية بقاء الإنسان. 

ويقول الشيخ محمد البنا ما نصه: 

"وإذا كان قد جرت خوارق للعادات على يد البي يندٌ غير القرآن» كما ورد في صحاح السنّة 
فإن البي يلد لم يتحدً بما بل كان التحدي بالقرآن وحده؛ وهذا كان القرآن معجزة الرسول الي 
تؤيد رسالته» وتشرق في قلوب الذين اتبعوه من المؤمنين. 

ورسالة البي يُُْدٌ شاملة خخالدة؛ لأفما خائمة الرسالات؛ فكانت الحكمة أن ثتفق معجزته مع نوع 
رسالته» إذ كل ني سبق كان يأنٍ برسالة لقوم بأعيافم؛ وتنتهي .ما يأنٍ بعدها من الرسالات؛ 
ولم يكن من الممكن أن تكون معجزة حاتم الأنبياء أمرا حسيا يراه جماعة حين يقع» فإذا الحق 
الرسول بالرفيق الأعلى» انقضى ذلك الأمر المحسوسء ولا يراه أحد من بعده؛ لأن الأمور 
المحسوسة لا تتفق مع نوع هذه الرسالة» ولا مع خلودهاء لقد كان القرآن معجزة للناس 
جميعاء ولذلك جاء من نوع آر غير نوع المعجزات السابقة» وقد جاء للدنيا بعد أن اكتملت 
المدارك البشرية؛ وارتقى الفكر الإنسان؛ لأن رسالة سيدنا محمد يُلدٌ وافقت البشرية بعد أن 
أدركت رشدهاء و:كامل النمو العقلي في مجموعهاء فكانت معجزته تدرك "بالعقل", ولا تحتاج 


إعجاز القرآن 4 ١‏ نى إعجاز القرآن مق يتحقة 
ز معى امار مق 


إلى أي نوع من الحسء فهي معان نخالدة, يدرك سموها الإنسان في كل الأجيال» وهي معجزة 
يخاطب يما الناس جميعا".7") 


معئن إعجاز القران: 

الإعجاز في اللغة العربية هو: نسبة العجز إلى الغير» قال تعالى: «إأَعَجَرْتُ أَنْ أَكُونَ مِْلَ هذا الُّرَابٍ 
واي سَوْءَة أجي ...4 (لمائدة: 60١‏ وتسمى المعجزة "معجزة”؛ لأن البشر يعجزون عن الإتيان 
كثلها؛ لأنها أمر خحارق للعادة تحارج عن حدود الأسباب المعروفة. 

وإعحاز القرآن معناه: إثبات عجز البشر - متفرقين ومجتمعين - عن الإتيان .كثله» وليس المقصود 
من "إعجاز القرآن" هو تعجيز البشر لذات التعجيز» أي تعريفهم بعجزهم عن الإتيان .مثل 
القرآنء فإن ذلك معلوم لدى كل عاقلء؛ وإنما الغرض: إظهار أن هذا الكتاب حقء وأن الرسول 
الذي جاء به رسول صادق» وهكذا سائر معجزات الأنبياء الكرام ال يعجز البشر عنها. 

ليس الغرض منها إلا إظهار صدقهمء وإثبات أن ما جاعوا به إنما هو بوحي من الحكيم العليم؛ 
وتنزيل من الإله القادر؛ وأنهم إنما يبلغون رسالات الله» وليس لهم إلا الإخبار والتبليغ. 

فالمعجزات إذا براهين من الله سبحانه إلى عباده» بصدق رسله وأنبيائه» فكأن الله تعالى - بواسطة 
هذه المعجزة - يقول: صدق عبدي فيما بلغ عينء وأنا أرسلته؛ ليبلغكم ذلك؛ والدليل على 
صدقه أن أحري على يديه خحوارق العادات» مما لا يستطيع أحد منكم أن يأ .مثله» وثما ليس 
عقدور أحد من الناس أن يجاريه في مثل هذا الأمر العجيب ذلك هو معئئ الإعجازء وذلك هو 
مفهوم المعجزة. 

مى يتحقق الإعجاز! 

والإعجاز لا يتحقق إلا إذا توافرت أمور نحملها فيما يلي: 


('' الكتاب والسنة ص:77. 


إعجاز القرآن دا أسلوب القرآن في التحدي 
أ- الأول: التحدي» أي: طلب المباراة والمعارضة. 
ب- الثاني: أن يكون الدافع إلى رد التحدّي قائما. 
ج- أن يكون المانع منتفيا. 
ولنوضح هذه الأمور الثلائة ببعض الأمثلة» فنقول: 
هذا القرآن العظيم "معجزة محمد الكبرى" الذي تمحدّى الله به العربَ خاصة؛ والناس أجمعين 
يأ به ني أمي لا يعرف القراءة والكتابة» ولم يدرس في مدرسة» أو يتلق علومه في جامعة 
من الجامعات الكبيرة» ولم يثبت عنه أنه كان قد تلقى شيئا من العلوم والمعارف عن بعض 
النابغين من العلماءء أو المبرزين في صنوف الثقافة والعرفان» ولم يتصل بأحد من علماء أهل 
الكتاب "اليهود والنصارى" حّ يطلع على أنباء الأمم السابقين» وأخبار الأنبياء المتقدمين. 
جاءهم هذا الكتاب المحيد متحديا لهم - وهم أثمة الفصاحة» وفرسان البلاغة - وطلب منهم 
معارضة القرآن بعبارات قوية» ولححات واخزة» تستفرٌ العزيمة» وتدفع إلى المباراة» وتنزّل معهم 
من التحدي مجميع القرآن إلى التحدي بعشر سور مثله ثم إلى التحدي بسورة واحدة من مثله؛ 
وهم في كل هذا واجمونء”' لا ينبسون ببنت شفة» وهم رغم هذا التحدي ينتقلون من عجز 
إلى عجزء ومن هزعة إلى هزيمة. 
أفليس في هذا أكبر شاهد وبرهان على إعجاز القرآن؟ 
أسلوب القرآن في التحدّي: 
حاء التحدي في القرآن الكريم بصور متعددة» وأساليب متنوعة» قهز كيان العرب هزاء وتحرهم 
إلى الميدان جراء وفي أسلوب ممتع أخخاذ. يملك عليهم شعورهمء ويستحوذ على أفئدقهم 


بسحره وجماله ورونقه. 


إعجاز القرآن ١5و‏ أنوا ع العحدي 
لقد تحداهم على أن يأتوا .مثل القرآن» فعجزوا وولوا الأدبار مع أنمم فرسان الفصاحة» وملوك 
البيان» فتنزل معهم إلى "عشر سور" من مثله مفتريات» فانقطعوا واندحرواء وعجزوا عن 
الإتيان بتلك السور العشر. 
فتنزل معهم إلى ما هو أسهل وأيسر إلى الإتيان بمثل "سورة واحدة" فقط من سور القرآن» 
فلم يتقدم. واحد منهم إلى حَلْبة الميدان...» وبذلك سجل عليهم القرآن العجز والمزكة» 
وثبتت معجزة محمد النبي الأمي على أن هذا القرآن تنزيل من رب العالمين: إوَإنَهُ لتيل 
رَبّ الْعَالَمِينَ© تَرَلَ به الرُوحٌ الْأَمِين© عَلَى قلْبك لتَكونَ من الْمُنْذِرِينَ0 يِلِسَانٍ عَرَبِيٌ ؛ مبينٍ4 
(الشعراء:؟4١-140)‏ وصدق الله حيث يقول: «إقل تَزَّلهُ رُوحُ م الْقدْسٍ مِنْ رَبك ِالْحَنَ لِيبَتَ الَذِينَ 
آمَُوا وَهَدىّ وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ4 «لتحل:؟0٠).‏ 
أنواع التحدي: 
والتحدي الذي جاء في القرآن الكريم كان على نوعين: 

-١‏ التحدي العام. 

؟- التحدي الخاص. 
أما الأول: فقد ورد لجميع الخلائق ما فيهم الفلاسفة» والعباقرة» والعلماء» والحكماء» وجاء 
لجميع البشر بدون استثناء عريهم وعحمهم, أبيضهم وأسودهم, مؤمنهم وكافرهم. 
استمع إلى هذا التحدي الصارخ في سورة الإسراء: إقل لَئن اْتَمَعَتٍِ الْأْنْسٌ وَالْجِنُ على أَنْ 
يَأنُوابمِثلٍ هَذَا الَْرَآنِ لا يَأنُونَ مله وَلوْ كان بعْضُّهُحْلبَعْضٍ ظهيرا» (الاسراءنهه. 
وأما الثاني: "التحدي الخاص": فقد جاء للعرب خاصة: وعلى الأخص منهم لكفار قريش» 
وقد ورد هذا التحدي على نوعين أيضا: 

-١‏ التحدي الكلي: وهو التحدي بحميع القرآن في أحكامه وروعته وبلاغته وبيانه. 


إعجاز القرآن ا أنوا ع التحدي 

"- التحدي الحزئي: وهو التحدي بمثل سورة من سور القرآن الكريم ولو من أقصر 
سوره كسورة الكوثر. 

فالأول مثل قوله تعالى: «إفَلينُوا بحَدِيثْ مِْلهِإنْ كَانُوا صَادِقِينَ» «لطور:م والمراد بالحديث في 

هذه الآيات الكريمة "قرآن مثله" أي: يأتوا بقرآن يشبه هذا الذي جاءهم به محمد رسول الل 

والذي زعموا أنه افتراه» وتقوّله على الله كما ورد التحدي بالقرآن كله في سورة القصص في 

قوله تعالى: لفل نو ايكتَابٍ مِْ عِنْدِ اله هو أَهْدَى نهم هنكم صَاوِقِينَ» (القصص:ه»). 

فقد طلب منهم أن يأتوا بكتاب كامل غير هذا الكتاب الكريم, فإذا لم يستجيبوا لدعوته؛ فإنما 

هم أناس متعنتون» يعبدون الهوى» ويسيرون على غير هدى الله. 

أما التحدي الحزئي: فقد ورد في سورة "هود" ف قوله تعالى: (أ قووذ ازا ل أو صر : 

سُوَرِ مِْلهِ مَُريَاتٍ وَاذْعُوا من اسْتَطعْتُمْ مِنْ دُونٍ الله إن إن كنكُمْ صَادقِينَ2 فَإن لّمْ يَسْمَب 000 

فَاعلَمُواأَْمَا ِل بعِلْم لون الل هوَمَهَل نش مُسْلِيُوتَ4 (هود:421١).‏ 

كما ورد التحدي بأقل من ذلك؛ تحداهم بسورة واحدة من أقصر سور القرآن» وجاء هذا 

التحدي مقرونا بالتعجيز الفاضح؛ ف الحاضر والمستقبل» مسجلا عليهم ذلك العجز .ما يثير 

حميتهم. ويغريهم بتكلف المعارضة» لا سيما بعد قولتهم القبيحة ودعواهم الكاذبة حين قالوا: 

لو نَسَاءُ لقنا مِثْلَ هَذَا إن هذا إِلَا أَسَاطِير لَْوَلِينَ» «الأتفال: .)١‏ 

جاءهم ع في سورة البقرة في قوله تعالى: ©إوَإِن كُنْكُمْ فِي رَيْبٍ مما تنا عَلَى عَبِْنا فأَُوا 

إبسورةٍ مّنْ مِمْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونٍ اللَّهنْ كنم صَادِقِينَ» فإ لم تفعَلُوا وَلَنْ تفعَلُوا فاتقوا الَار 

التي ررد ها اناف واليسيار 6 إعابف للكافر ين 8 (البقرة:54037). 

قال العلامة القرطبي في تفسيره "الجامع لأحكام القرآن": قوله: «إفإن لَمْ تَفعَلُوا4 يعن فيما 

مضى» (إوَلنْتَفعَلُوا4 أي: تطيقوا ذلك فيما يأني» وفيه إثارة لهممهم. وتحريك لنفوسهم؛ ليكون 


إعجاز القرآن ١5‏ أنوا ع التحدي 
عجزهم بعد ذلك أبدع؛ وهو من الغيوب الى أخبر يما القرآن قبل وقوعها. 7 

أما الأمر الثاني وهو: "قيام المقتضي للمباراة والمعارضة" عند العرب» فقد كان حاصلا وقائماء فإن 
البي كقح جاءهم بدين حديد» أبطل فيه دينهم؛ وسفه أحلامهم: وسَّخر من التهم وأصنامهم 
وجعلهم أضحوكة بين الناس» دعاهم إلى اتباعه» وإلى اعتقاد أنه رسول من عند الله» وقال هم: 
إن الحجة على صدقي هذا الكتاب الذي أوحاه الله إلي» فإذا لم تصدّقون ف ذلكء فأنا أتحداكم 
أن تأتوا.مثله» أو .كثل سورة منهء وإذا عجزتم» فذلك آية صدق وبرهان رسال إليكم. 

فما كان أحوجهم إلى أن يأتوا .كثله خاصة بعد هذا التحدي السافرء والتهكم الشديد اللاذع 
بغقوهم, والهتهمء وأصنامهم. 

أقول: ما كان أحوجهم إلى دحض ما اذّعاه؛ وإبطال أنه من عند الله وذلك بسلوك أيسر 
الطرق»وولوج أقرب الأبواب لرد دعواه» وذلك عن طريق ما برعوا فيه؛ واشتهروا بحودته 
وإتقانه» ألا وهو "البيان" في النطق و"الفصاحة" في اللسان» وكان ذلك أنفع لهم من الخحرب 
الي ذاقوا ويلاتهاء وخاضوا غمارها حى شربوا كؤوس الأسى» وتجرعوا الموت الذؤام؛ 
ولكنهم اختاروا طعن الرماح ووقع النبال» ولم يدخلوا في المباراة. 

يقول القاضي الباقلاني منلله: 

كيف يجوز أن يقدروا على معارضة القرآن السهلة عليهم» وذلك يدحض حجته؛ ويفسد دلالته 
ويبطل أمرهء فيعدلون عن ذلك إلى سائر ما صاروا إليه من الأمور ال ليس عليها مزيد ف المنابذة 
والمعاداة» ويتركون الأمر الخفيف؟ هذا ما يمتنع وقوعه في العادات» ولا يجوز اتفاقه من العقلاء. 
وأما الأمر الثالث: وهو 'اتتفاء ما يمنعهم من معارضة القرآن"؛ فلأنه نزل بلسان عربي - هو 
لسافهم -»؛ وألفاظه من أحرف العرب» وعباراته على أسلوب العرب؛ وهم أهل البيان واللسن؛ 


وأمراء الفصاحة والبلاغة» وقد دلت أشعارهم؛ ونطقت خطبهم وجكمهم على براعتهم في ذلك» 


تفسير القرطبي" .717/١‏ 


إعجاز القرآن ١545‏ مثل على إعجاز القران 
وعلى أنهم حازوا قصب السيق في مضمار الفصاحة والبيان» كما أثبتت الأيام أنهم من ذوي 
القدرة والاستطاعة على أن يبرزوا في الشعر والتثر» وأن يحلقوا في سماء الفصحىء ألا وهي 
لغتهم الأساسية "لغة القرآن" الي بما يتفاخرون ويتبارون» ويعقدون المنتديات» ويجتمعون في 
امحافل؛ ليستمعوا أروع القصائد والخنطبء. ويصوغوا أجمل الألفاظ والعبارات» ولم يكونوا 
في عجز من قدرهمء أو نقص في عقولهمء بل كانت قدرقم موفورة» واستطاعتهم مشهورة: 
وهم أولوا النهى والألباب» ومع ذلك فالقرآن دعاهم أن يستعينوا من شاؤواء ويكملوا ما 
ينقصهم بأهل الأديان» ويستحضروا عَدّهَمٍ بالاتصال بالسحرة والكهان» ويمن شاؤوا من 
طوائف الإنس واللحان» فليس أمامهم ثُمَّة مانع؛ والبي 05 لم يضرب لمم أجلا 1 

للمعارضة؛ ول يحدد زمنا للمناقضة» حى يقول قائل منهم: إن الزمن لا يكفي» وليس فيه سعة» 
كما أن القرآن لم ينزل جملة واحدة حي يحتجوا بذلك» بل نزل مفرقا في ثلاث وعشرين 
سنة» بين كل مجموعة وأخرى زمن متسع للمعارضة وللاتيان ,مثله» لو كان في مقدورهم 
ذلكء, فلما عجزوا دل على أنه تنزيل رب العبادء» وكفى بذلك دليلا وبرهانا. 

مثل على إعجاز القرآن: 

وقد ذكر المرحوم "الشيخ ارقا" كلاما نفيسا في كتابه "مناهل العرفان" ننقله بنصه؛ قال بلك 
في بحث تعريف "المعجزة" ما يلي: 

"المعجزة: هي أمر خارق للعادة: خارج عن حدود الأسباب المعروفة» يخلقه الله تعالى على يد 
مدعي النبوة عند دعواه إياهاء شاهدا على صدقه. فإذا قام إنسان ماء وادّعى أنه مبعرث من الله 
تعالى إلى خلقه. ورسوله إلى عباده» وقال: إن آية صدقي فيما أدّعيه أن يغير الله الذي أرسلئ 
عادة من عاداته على يديء وأن يخرج الآن عن سنة من سنه العامة في وحودهء ثم قال: 
وسيأتيكم الله فمذا الأمر العحاب من باب ترون أنكم فيه نابغون وعليه قادرون. وإن أتحداكم 


إعجاز القرآن ظ_) مثل على إعجاز القرآن 
- زرافات ووحدانا - أن تأتوا.عثل هذه الآية» وأمامكم الباب مفتوحا كما تعتقدون» وفيكم 
النبوغ موفورا كما تدّعون, ثم أنتم بجتمعون وأنا وحدي. 

قال ذلك بلغة الوائق» وتحدانا هذا التحدي الظاهر في وقت يثور فيه على عقائدنا وعاداتنا 
وأخلاقناء ويسفه فيه أحلامنا وأحلام أمثالنا من آبائنا ونحن أحرص ما نكون على تعجيزه وتبهيته 
والغلبة عليه والظفر به دفاعا عن كرامتناء وانتصارا لأعرٌ شيء لديناء ثم لم يلبث أن قام وقمناء 
وأجمع أمره وأجمعناء وإذا نحن جميعا بعد محاولات ومصاولات: لم نستطع أن نأي .عثل ما أتى به 
فضلا عن أعظم منه؛ مع أننا أمة وهو فردء ومع أنه قد دخل إلينا من أيسر الطرق في نظرناء ومن 
أشهر فن في زمانناء ومع أنه قد أعطانا الفرصة الكافية لمناظرته» وأنصفنا كل إنصاف من نفسه. 
هل يشك كل ذي مسكة من عقل في أن هذا الإنسان المتفوق الممتاز صادق في رسالته» ومحقٌ 
في دعوته,» خصوصا إذا عرفنا فوق ذلك كله: أنه نشأ فينا على الصدق والأمانة» ومكارم 
الألاق من لدن صباه وطفولته إلى يوم مبعثه ورسالته. 

لو أنه جاء بالمعجزة من باب لانعرفه, لقلنا: رجل حَذْق فنا من الفنون الي لا علم لنا يماء أو 
تعلم صناعة من الصناعات الي لم نحط بخيرها. 

أمّا وقد حاءنا من الناحية الى نشهد لأنفسنا فيها بالتفوق والسبق» فلا يسعنا إلا الإذعان له 
والإيمان .ما جاء به ما دمنا منصفين... 

ولنضرب لك مثلا: حاء موسى عل .معجزته عصا من الخشبء لا روح فيها ولا حركة؛ ولا 
لين ولا رطوبة؛ ثم ألقاها باسم الذي أرسلهء فإذا هي حية تسعىء بينما الأمة الى تحداها بذلك 
كانت قد تفوقت في السحر وحَذْقتِه وضربت فيه بأوفر سهمء وأوق نصيب» خصوصا أنهم 
أمة وهو فرد وهم نابغون في السحرء وهو مع نشأته فيهم لم يعرف يوما من الأيام .معاللحة 
السّحرء فهل يبقى للشك ظل بعد أن ألقى موسى عصاه؛ فإذا هي تلقف ما يأفكون؟ 
«إفوقمَ الْحَ د وَبَطْلَمَا كَانوا يَعْمَلُونَء فعُلِبُوا هَالِكَ وَانْقلَبُوا صَاغْرِينَ وَألْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ؛ 


إعجاز القرآن 55آا شروط المعجرزة الإشفية 
قالُوا آنا ِرَبٌ الْعَالَمِينَ رَبّ مُوسَى وَعَارُونَ»# (الأعراف:177-118). 

الحق أبلج؛ ولذلك كان أول من آمن به هم السحرة أنفسهم؛ لأنهم أعرف بالسحر ومقدماته 
ونتائجهء وقد رأوا رأي العين أن ذلك الإعجاز ليس من نوع السحر الذي عرفوه. 

قل مثل ذلك ف معجزة كل رسول أرسله الله قلهُ في عيسى بن مريم عفكة: وإبرائه الأكمه 
والأبرص» وإحيائه الموتى» وخلقه من الطين كهيئة الطير بإذن الله أمام قوم نبغوا في الطب أبما 
نبوغ» ومهروا فيه أبما مهارة. 

وقل مثل ذلك وأكثر من ذلك ف خاتم الأنبياء سيدنا محمد يك وما جاء به من آيات بينات» 
وفعحر اكه وافتهاكه وتياك القار ان ونه هرانا ساسا رز راقن بالطاض كل تقدار 
ثلاث آيات منه حجة قاطعة» تقوم في فم الدنيا إلى يوم الساعة» تتحدى العالم كما يكون فيها 
من أسرار الفصاحة والبيان» والعلوم والمعارف, وأنباء الغيب وشواهد الحق””'' 


شروط المعجزة الإلهية: 
وللمعجزة شرائط خمسة نبه عليها العلماء» فإن اختل منها شرط لاتكون معجزة: 

١‏ - الشرط الأول: أن تكون مما لا يقدر عليه إلا الله رب العالمين. 

؟- الشرط الثانى: أن تخرق العادة» وتكون مخالفة للسئن الكونية. 

- الشرط الثالث: أن يستشهد بها مدّعي الرسالة على صدق دعواه. 

- الشرط الرابع: أن تقع على وفق دعوى الني المتحدي بتلك المعجزة. 

ه- الشرط الخامس: ألا يأ أحد يمثل تلك المعجزة على وحه المعارضة. 
فهذه الشروط الخمسة إن تحققت كان ذلك الأمر الخارق للعادة معجزة دالة على نبوة صاحب 
الدعوىء الي ظهرت المعجزة على يده وإن لم تتحقق حرحت عن كوفا معجزة» ولم تدل 


('' مناهل العرفان: .5/8/١‏ 


إعجاز القرآن ١1‏ بم كان إعجاز القرآن 
على صدق صاحب الدعوى. 

أما الشرط الأول: فإنه لو أتى آت - في زمن يصح فيه بحيء الرسل - وادعى الرسالة؛ 
وجعل معجزته أن يقوم ويقعدء ويأكل ويشرب. ويتحرك من مكان إلى مكان. لم يكن هذا 
الذي ادعاه معجزة, ولا دالا على صدقه لقدرة الخلق على مثله. وإنما يحب أن تكون 
المعجزات ثما لا يقدر عليها البشر: كفلق البحرء وانشقاق القمرء وإحياء الموتى...إخ. 

وأما الثالي: وهو حرق العادة» فلو قال المدعي للنبوة: معجزت أن تطلع الشمس من المشرق وتغرب 
من المغرب» وأن يأ النهار بعد الليل» لم يكن فيما ادعاه معجزة؛ لأن هذه الأمورء وإن كان 
لا يقدر عليها إلا الله لكنها لم تُفعل من أحله» وقد كانت من قبله. فليس فيها دلالة على صدقه. 
وأما الغالث: وهو أن يستشهد با مدعي النبوة» وتحصل عند طلبها تصديقا لدعواه» فلو ادعى 
إنسان أن معجزته أن ينقلب الحماد إلى حيوان أو إنسان ولم ينقلب لا يدل على صدق دعواه. 
وأما الرابع: وهو أن تقع المعجزة على وفق الدعوى لا على خلافه؛ لأنها حينئذاك تكون 
تكذيبا له. روي أن مسيلمة الكذاب - لعنه الله - طلب منه أصحابه أن يتفل في بثر؛ ليكثر 
فيها الماء» فغارت البئرء فدل على كذبه () 

خامسا: ألا تُعارض المعجزة. فإن عورضت بطل كوفا معجزة» ولم تدل على صدق صاحبهاء 
فلو استطاع أحد فلق البحر أو شق القمر لم تعد معجزة؛ ولهذا قال تعالى في خطاب المشركين: 
طفَلِيأنُوا ِحَدِيثِ مله إن كانوا صَادِقِين) (الطور:74). 

م كان إعجاز القرآن؟ 

القرآن العظيم كلام الله المعجز للحلق في أسلوبه ونظمه؛ وف روعته وبيانه» وف علومه وحكمه 
وف تأثير هدايته وق كقلقة الليعن قن القيوت الماضية والمستقبلة» ولقد جاء العلماء في كشف 


أسرار البيان عن وجوه إعجاز القرآن بعد أن ثبتت عندهم بالوجدان والبرهان. وقد أجمع أهل 


('»انظر "تفسير القرطبي" .,١/١‏ 


إعجاز القرآن ١54‏ مذهب أهل الصرفة 
العربية قاطبة» وأهل اللسن منهم والبيان على أن القرآن "معجز بذاته" أي: أن إعجازه إنما كان 
بفصاحة ألفاظه. وروعة بيانه» وأسلوبه الفريد» الذي لا يشايهه فيه أسلوبء لا من نثرء ولا من 
شعر» ومسحته اللفظية الخلابة ال تتجلى ف نظامه الصوي. وجماله اللغوي» وبراعته الفنية. 
مذهب أهل الصرفة: 

وقد ذهب بعض المعتزلة منهم "أبو إسحاق النظام" إلى أن إعجاز القرآن إنما كان ب "الصرفة" 
بمعين: أن الله عزوجل صرف البشر عن معارضة القرآن مع قدرتهم عليهاء ولق فيهم العجحز 
عن محاكاته في أنفسهم وألسنتهم, ولولا أن الله صرفهم عن ذلك لاستطاعوا أن يأتوا .مثله: 
ولعمري هذا قول من لم يتذوق طعم العربية» ولا عرف أسرارهاء بل قول من لم يدرك من 
العلوم إلا قشورا لا نُسمنء ولاتغن من جوع؛ هو قول ساقط مرذولء مخالف لما أجمع عليه 
العلماء والفصحاء والبلغاء في القديم والحديث. 

يقول حجة الأدب العربي مصطفى الرافعي دلهه: "وقد اخحتلفت آراء المعتزلة في وجه إعجاز 
القرآن» فذهب شيطان المتكلمين "أبو إسحاق النظام" إلى أن الإعجاز كان بالصرفة» وهي أن 
الله صرف العرب عن معارضة القرآن مع قدرتهم عليهاء فكان هذا الصرف ارقا للعادة. 
وقال "المرتضى" هن الشيعة: بل معن الصرفة أن الله سلبهم العلوم الي يحتاج إليها في 
المعارضة؛ ليجيثوا كمثل القرآن... 

فكأنه يقول: إفهم بلغاء يقدرون على مثل النظم والأسلوب» ولا يستطيعون ما وراء ذلك ما 
لبسته ألفاظ القرآن من المعانى» إذ لم يكونوا أهل علم, ولا كان العلم في زمنهم... وهذا رأي 
بين الخلط كما ترى. ثم قال: وعلى الحملة: فإن القول بالصرفة لا يختلف عن قول العرب 
فيه : طَفَعَالَ إن هَذَاإِلًا سح يُؤْد» (الدثر:4 0 وهذا زعم رده الله على أهله: وأكذيمم فيه» وجعل 
القول به ضريا من العمى: قيشر هليصوت «لطرربهم". 00 


"' إعجاز القرآن للرافعي ص:514١.‏ 


إعجاز القرآن 58 آراء العلماء في الإعجاز 
وعلى ذلك المذهب الفاسد كن أن يقال: إن المعجز ليس هو القرآن الكريم على حد زعمهم. إنا 
هو "الصرفة" الى يسببها عجزوا عن الإتيان كثله: صرف الله لوبهم انهم قَوْمٌ لا يَففَهو ني0") وقد 
أسّف "ابن حزم" الظاهري حين سلك ذلك المسلك الملتوي» وذهب إلى ما ذهب إليه سلفه 
"النظام" من سختف الكلام» ولكن بأسلوب رشيق رقيق حيث يقول في كتابه: "الفصل" في 
سبب الإاعجاز ما نصه: 
"لم يقل أحد: إن كلام الله تعالى غير معجزء ولكن لما قاله الله تعالى وجعله كلاما له. أصاره 
معجزاء ومنع من مماثلته» وهذا برهان كاف لا يحتاج إلى غيره". 
فأنت ترى صاحب هذا الرأي يجعل القرآن الكريم معجزا بمنع الله عزوجل من ممائلته» وهذا 
عين رأي النظام الذي يقول بالصرفة» وهو رأي باطل - كما أسلفنا -» والقوم محجوبون عن 
ضياء الحق الساطع» وما أجمل قول القائل: 
قد تدكر العين ضوء الشمس من رَمل 2 ويُنكر الفمٌ طُعْمّ الماء من سّقم 
أراء العلماء في الاعجاز: 
بعد أن أجمع العلماء على إعجاز القرآن بذاته» وعلى عدم استطاعة أحد من البشر الإتيان 
عثله» احتلفت أراؤهم في وجه إعجاز القرآن على آراء: 
أ- يرى بعضهم: أن وحه الإعجاز في القرآن» وهو ما اشتمل عليه من النظم 
الغريب المخالف لنظم العرب ونثرهم ف مطالعه» ومقاطعه. وفواصله. 
ب- ويرى البعض الآخر: أن وجه الإعجار إنما يكمن في فصاحة ألفاظه. وبلاغة 
عباراته» وحودة سبكه؛ إذ هو في الدرجة العليا من البلاغة ال لم يعهد مثلها. 


(؟ (العوية:/1١).‏ 


إعجاز القرآن 7 وجوه إعجاز القرآن الكريم 
ج- ويرى آخرون: أن الإعجاز ف خلوّه من التناقض» واشتماله على المعاني 
الدقيقة» والأمور الغيبيّة الى ليست بمقدور البشرء ولا في استطاعتهم معرفتهاء 
كما أنه سليم من التناقض والتعارض. 
د- وهناك من يقول: إن وجه الإعجاز هو ما تضمنه القرآن من المزايا الظاهرة: 
والبدائع الرائقة في الفواتح» والمقاصد, والخواتيم في كل سورة؛ والمعوّل عليه 
عندهم ما يلي: 
١‏ - الفصاحة في الألفاظ. 
؟- البلاغة في المعابن . 
*- صورة النظم البديع. 
وهذه الأقوال كلها لا تخرج عن دائرة واحدة هي "الدائرة البيانية" الى امتاز يما القرآنء وهي وإن 
كانت حقا إلا أن إعجاز القرآن ليس في "الفصاحة والبلاغة" فحسب: بل هناك وجوه أخحرى 
لإعجاز القرآن» وقد أجاد العلامة "القرطي" لله في تفسيره القيم المسمى: "الجامع لأحكام 
القرآن"؛ فعدٌ عشرة وجوه لإعجاز القرآن» كما ذكر فضيلة الشيخ "الرّرقاني" في كتابه "مناهل 
العرفان" أربعة عشر وجها من وجوه الإعجازء منها ما ذكره القرطبي» ومنها ما لم يذكره» ونحن 
نذكر هذه الوجوه بالإيجاز» ثم نعقبها بشيء من التفصيل؛ فتقول - ومن الله نستمد العون - 
وجوه إعجاز القرآن الكريم: 
أولا: النظم البديع المحالف لكل نظم معهود في لسان العرب. 
ثانيا: الأسلوب العجيب المخالف لجميع الأساليب العربية. 
ثالغا: الجزالة الى لا يمكن لمخلوق أن يأن .مثلها. 
رابعا: التشريع الدقيق الكامل؛ الذي يبرّ كل تشريع وضعي. 


إعجاز القرآن ١/5‏ النظم البديع 
خامسا: الإخبار عن المغيبات الى لا عرف إلا بالوحي. 

سادسا: عدم التعارض مع العلوم الكونية المقطوع بصحتها. 

سابعا: الوفاء بكل ما أحبر عنه القرآن الكريم من وعد ووعيد. 

ثامنا: العلوم والمعارف الى اشتمل عليها: العلوم الشرعية والعلوم الكونية. 

تاسعا: وفاؤه بحاحات البشر. 

عاشرا: تأثيره في قلوب الأتباع والأعداء. 


١‏ - النظم البديع: 

أما الوجه الأول من وجوه إعجازه فهو "النظم البديع" المخالف لكل نظم معهود في لسان 
العرب, فالقرآن الكريم لا يشبهه شيء في نظمه؛ لا من شعر ولا من نثرء وذلك بشهادة 
أساطين البلاغة» وأئمة الفصاحة والبيان: "الوليد بن المغيرة"2 و'عتبة بن ربيعة" وغيرهما من 
فصحاء العرب ومشاهيرهم. 

أمئلة من التاريخ: 

-١‏ يروى أن الوليد بن المغيرة حاء إلى البي يلي فقرأ عليه القرآن» فكأنه رق له فبلغ 
ذلك أبا جهلء فأتاه فقال: ياعم! إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا؛ ليعطوه لكء فإنك 
أتيت محمدا لتَعرضّ لما قبله - أي: لتنال من فضله -. 
فقال الوليد: لقد علمت قريش أن من أكثرها مالا. 
فقال له أبوجحهل: فقل فيه قولا يبلغ قومك أنك منكر له. 
قال: وماذا أقول؟ فوالله ما فيكم رجحل أعلم بالشعر من» لا برجزهء ولا بقصيده؛ ولابأشعار 
الجن» والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئا من هذاء ووالله إن لقوله لحلاوة» وإن عليه لطلاوة؛ 
وإن أعلاه لمدمر, وإن أسفله لمغدق, وإنه ليعلو» وما يعلى عليه. 
فقال أبو جهل اللعين: والله ما يرضى قومك حي تقول فيه قال: فدعيئ حين أفكرء فلما فكر قال: 


إعجاز القرآن ١/5‏ النظم البديع 
فقا إن هَدَاِلَا سحي يؤر فنزل فيه قول الله تعالى: إذْرنِي وَمَنْ حَلقَتُ وَجيداء وَحَعَلْتَ لَه مالا 
مَمُدو دا والدثر: 1 إلى قوله: 20 3 فقيل كيف قدرة) مقي كيف قدر2 ١ن‏ نظ كب 
عبس ونس دير وَاسْتَكير 2 فقال إِنهَذا ه90 إنهَدَا إلا قولَالْبَشَرالطرنه-هم. ١‏ ش 
اتبويزوق أن الوليد لما مع القرآن من ابي للك تأر تثرا بالغاء فجاء لقومه "بين مخزوم"» وقال 
لهم: والله لقد معت من محمد آنفا - أي: سابقا - كلاما ما هو من كلام الإنس» ولا من كلام 
الجن؛ والله إن له لحلاوة» وإن عليه لطلاوة...الم. 

فقالت قريش: صبأ والله الوليد؛ لتصبأن قريش كلها. 

فقال أبو جحهل: أنا أكفيكموه. فقعد إليه حزينا وكلمه ,ما أغاظهء فقام الوليدء وقام معه أبو 
جهلء فلما أتى قومه قال: تزعمون أن محمدا بحنون» فهل رأيتموه يخنق؟ وتقولون: إنه كاهن» 
فهل رأيتموه يتكهن؟ وترعمون أنه شاعر؟ فهل رأيتموه يتعاطى شعرا قط؟ وتزعمون أنه 
كذاب» فهل جربتم عليه شيئا من الكذب؟ 

فقالوا في كل ذلك: اللهم لا... ثم قالوا: فما هو؟ ففكرء فقال: ما هو إلا ساحرء أما رأيتموه 
يفرق بين الرحل وأهله. وبين الوالد وولده. وما الذي يقوله إلا سحر يأثره - أي: ينقله - عن 
أهل بابل» فارتج النادي فرحاء وتفرقوا مُعُحبين بقوله» ومتعجبين منه» فنزلت الآيات الكرعة. (") 
دينك» يزعم أن الله أرسله قلت: فما يقول الناس؟ قال: يقولون: شاعر» ساحر» كاهن. 
قوله على أقراء الشعر- يريد أنواعه وبحوره -» فلم يلتئم على لسان أحد منهم أنه شعرء والله 
إكم لكاذبون, وإنه لصادق 29) 


*'؟ رواه الْبه لبيهقى ف "دلائل النبوة". 
7“ الكشاف: 549/4. 


'' تفسير القرطبي: 7/١‏ . 


إعجاز القرآن ١‏ النظم البدر 
- وأخرج ابن إسحاق في السيرة: "أن أبا جهل قال في ملأ من قريش: لقد التبس علينا أمر 
محمدءفلو التمستم لنا رجلا عالما بالشعر والكهانة والسحرء فكلمه. ثم أتانا ببيانٍ عن أمره؟ 
فقال "عتبة بن ربيعة" - وكان من أشراف القوم وسادتهم -: أنا أقوم إليه وأكلمه؛ فأتاى فقال: 
يا محمد! أنت خير أم هاشم؟ أنت ير أم عبد المطلب؟ أنت ير أم عبد الله؟ فبم تشتم آهتنا 
وتضللنا؟ فإن كنت تريد الرياسة: عقّدنا لك اللواء؛ فكنت رئيسناء وإن كنت تريد النساء؛ 
زوحناك ما تشاء منهن» تختار من أي بئات قريش ما شئتء» وإن كنت تريد المال؛ جمعنا لك 
من أموالنا حي تكون أغناناء وأكثر مالا. 

والبي 325 ساكت لا يجيبه» فلما فرغ من عرضه. قال له البي وُظد: "أفرغت؟ قال: نعم. قال: 
فاسمع إذاء فتلا عليه سورة فصلت حم تَْزِيلٌ من الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ كِتَابٌ فصّلتْ يانه قرّآنا 
عَرَيًا قوم يَعْلَمُونَ» بَشِيرا وَنَذِيرا فأعْرَض أَكتَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ4 «نصت:١-4)‏ حي بلغ قوله 
تعالى : لإفإن َعْرَضُوا فقل أنْذرْئكْ صَاعِفَة» (فصلت:؟1١)‏ فأمسك عتبة على فيه» وناشده بالرحم 
أن يكف! 

ورجع إلى أهله» ولم يخرج إلى قريشء» فلما احتبس عنهم قالوا: ما نرى عتبة إل قد صبأء 
فانطلقوا إليه» وقالوا: يا عتبة! ما حبسك عنا إلا أنك قد صبأت» فغضبء ثم قال لهم: والله 
لقد كلمته؛ فأحابئ بشيء» والله ما هو بشعر ولا بسحرء ولا بكهانة» وقد ناشدته بالرحم 
أن يكف حشية أن ينزل بكم العذاب» وقد علمتم أن محمدا إذا قال شيئا لم يكذب”"0". 

قال العلامة القرطي بلله: 

"وإذا اعترف عتبة على موضعه من اللسان» وموضعه من الفصاحة والبلاغة؛ بأنه ما سمع ما 
سمع مثل القرآن قط. كان في هذا القول مقرا بإعجاز القرآن له ولضربائه من المتحققين 
بالفصاحة والقدرة على التكلم بجميع أجناس القول وأنواعه". 


ّ- 


© انظر الكشاف: 4/؟97١.‏ 


إعجاز القرآن 4 ١7‏ الأسلوب العجيب 

؟ - الأسلوب العجيب: 

أما الوجه الثاني لإعجاز القرآن فهو "الأسلوب العجيب" المحالف لجميع الأساليب العربية» فقد 

حاء القرآن بذلك الأسلوب الرائع الخلاب» الذي بمر العرب برونقه وجماله» وعذوبته وحلاوته 

وقد كانت فيه من الخصائص العليا ما لم توحد ف كلام بشر على نحو ما وجدت في القرآن 

حصوصاء وأن البي د تحدى بهء فأعجز أساطين الفصحاءء وأعيا مقاويل البلغاءه وأخرس ألسنة 

فحول البيان» وذلك في عصركانت القوى فيه قد توافرت على الإحادة والتيريز في هذا الميدان» 

وفي أمة كانت مواهبها محشودة للتفوق في هذه الناحية. 

يقول الزرقاني ملأل : 

وها قد مرت على اللغة العربية - من عهد نزول القرآن إلى عصرنا هذا - أدوار مختلفة بين 

علو ونزول» واتساع وانقباض» وحركة وجمود» وحضارة وبداوة» والقران في كل هذه 

الأدوار واقف في عليائه» يطل على الجميع من سمائه: وهو يشم نورا وهداية» ويفيض عذوبة 

وجلالة» ويسيل رقة وجزالة» ويرف حدّة وطلاوة» ولايزال كما كان غضًا طرياء يحمل راية 

الإعجاز» ويتحدى أمم العالم في يقين وثقة» قائلا في صراحة الحق وقوته» وسلطان الإعجاز 

وصولته: لعل لين معت الف وَالْجنُعلَى أن يََُوا ذل هذ لقان لا يون ذل ولو كَانَ 
خصائص أسلوب القرآن: 

وللقرآن الكريم في أسلوبه العجيب المخالف لجميع الأساليب البشرية: خصائص عديدة 

الخاصة الأولى: مسحة القرآن اللفظية» الى تتجلى في نظامه الصوقء وحماله اللغوي. 

الخاصة الثانية: إرضاؤه العامة والخاصة جمعين أن الجميع يحسُون بحلاله» ويشعرون بروعته. 


(؟ مناهل العرفان: 9/7؟5. 


إعجاز القرآن ه7١‏ الأسلوب العجيب 
الخاصة الثالثة: إرضاؤه العقل والعاطفة معاء فالقرآن يخاطب العقل والقلب» ويجمع الحق 
وابجمال معا. 

الخاصة الرابعة: حودة سبك القرآن وإحكام سرده؛ فكأنه سبيكة واحدة» تلعب بالعقول 
وتأخذ بالأبصار. 

الخاصة الخامسة: براعته في تصريف القولء وتفئنه في ضروب الكلام بمعين: أنه يورد المعين 
الواحد بألفاظ شيئ» وطرق مختلفة» وكلها رائعة فائقة. 

الخاصة السادسة: جمع القرآن بين الإجمال والبيان. 

الخاصة السابعة: الوفاء بالمعئ مع القصد في اللفظ. (') 


أمثلة توضيحية على خصائص أسلوب القرآن: 
يقول حجة الأدب العربي الفقيد "مصطفى الرافعي" صللك: 
-١‏ "لو تدبرت ألفاظ القرآن في نظمهاء لرأيت حركاتا الصرفية واللغوية» تحري في الوضع 
والتركيب بحرى الحروف أنفسها فيما هي له من أمر الفصاحة؛ ولن تحدها إلا مؤتلفة مع أصوات 
الحروف مُسَّاوقة لما في النظم الموسيقي: حي إن الحركة ربما كانت ثقيلة» فلا يُعذبِ ولا نساغ, 
فإذا هي استعملت في القرآن رأيت لها شأنا عجيبا.... من ذلك لفظة "اذ" جمع نذيرء فإن 
الضمة ثقيلة فيها لتواليها على النون والذال معاء فضلا عن جسأة”" هذا الحرف» ونبه”" في 
اللسان» ولكنه جاء في القرآن على العكس ف قوله تعالى: ولد أنذرَهِْ بَطْسْيَنا فتَمَارَوًا 
بالذر» القمر:”+)» فتأمل هذا التركيب» وأنعم, ثم أنعم على تأمله» وتذوق مواقع الحروف» 
وأجر حركاتما في حس السمعء وتأمل مواضع القلقلة في دال "لقد", وفي الطاء من "بطشتنا". 
فيه 


تحشولة. 
كن الشيء نبوا وثبوة: لم يستوف مكانه المناسب له. ويقال: كلمة نابية: قلقة غير منسجمة. 


إعجاز القرآن ١/5‏ الأسلوب العجيب 
وفي الفتحات المتوالية فيما وراء الطاء إلى الواو من قوله: لإبَطْشَتَنَا فَمَارَوْا مع الفصل بالمد؛ 
ليكون ثقل الضمة عليه مستخفا بعد» ولتكون هذه الضمة قد أصابت موضعهاء كما تكون 
الأحماض ف الأطعمة". 

-١‏ "وف القرآن لفظة غريبة؛ هي من أغرب ما فيه» وما حسنت في كلام قط إلا قي موقعها 
فيه. وهي كلمة (ضِيرَى» من قوله تعالى: تلك إذا قِسْمّة ضِيرّى» (لنحم:؟)» ومع ذلك 
فإن حسنها في نظم الكلام من أغرب الحسن ومن أعجبه؛ ولو أردت اللغة العربية ما صلح 
هذا الموضع غيرهاء فإن السورة الي هي منهاء وهي سورة "النجم" مفصّلة كلها على الياء 
فجاءت الكلمة فاصلة من الفواصلء ثم هي في معرض الإنكار على العرب؛ إذ وردت ف ذكر 
الأصنام» وزعمهم ف قسمة الأولاد, فإِهُم جعلوا الملائكة والأصنام بنات الله مع وأدهم 
للبنات» فقال تعالى: «إأَلْكُمٌ لَك وَلَهُ انتَى يلك إذا قِسْمَةٌ ضِيرّى4 «لدحم:0::1» فكانت 
غرابة اللفظة أشد الأشياء ملاءمة لغرابة هذه القسمة الى أنكرهاء وكانت الحملة كلها كأفا 
تصور في هيئة النطق يما الإنكار في الأولى» والتهكم في الأخرى. وكان هذا التصوير أبلغ ما 
في البلاغة» وخاصة في اللفظة الغريبة ال تمكنت في موضعها من الفصل". 

؟- وما لا يسعه طوق إنسان في نظم الكلام البليغ» ثم مما يدل على أن نظم القرآن مادة فوق 
الصنعة ومن وراء الفكرء وكأنها صبت على الجملة صباء أنك ترى بعض الألفاظ لم يأت فيه 
إلا بجموعاء ولم يستعمل منه صيغة المفرد» فإذا احتاج إلى هذه الصيغة استعمل مرادفهاء كلفظة 
"اللب", فإنها لم ترد إلا جموعة كقوله تعالى إن فِي ذَلِكُ لَذِكْرَى لأُولي لباب «لزمر:1م» 
وقوله: إوَلَِدَكرَأُولُوالْأَْبَاب» (ص:هم نحوهماء ولم ترد فيه مفردة» بل جاء مكانما "القلب" في 
قوله تعالى: «إإِنَ في ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَه قَلْبٌ أَوْ أَْقَى السَّمْعَ وَهْوَ شَهِيدٌ) ق:0م)» وذلك؛ 
لأن لفظ "الباء" شديد مجتمع» ولا يفضي إلى هذه الشدة إلا من اللام الشديدة المسترحية؛ فلما 
ل تحسن اللفظة أسقطها من نظمه بنّة. 


إعجاز القرآن هذا الأسلوب العجيب 
وكذلك لفظ "الكوب" استعملت فيه مجموعة» ولم يأت با مفردة؛ لأنه لا يتهيأ فيها ما يجعلها 
في النطق - من الظهور والرقة والانكشاف وحسن التناسب - كلفظ "أكواب" الذي هو 
الجمعء و"الأرحاء" لم يستعمل القرآن لفظها إلا مجموعاء وترك المفرد وهو الرحاء أي: 
الجانب لعلة لفظه؛ وأنه لا يسوغ في نظمه كما ترى. 

وعكس ذلك لفظة "الأرض"”. فإها لم ترد فيه إلا مفردة» ولم يرد في القرآن صيغة الجمع 
"أرضين"» ولما احتاج إلى جمعها أخحرجها على هذه الصورة الي ذهبت بسر الفصاحة» وذهب 
كما حى حرجت من الروعة بحيث يسجد لها كل فكر سجدة طويلة» وذلك في قوله تعالى: 
«الله الَذِي حَلَقَ سَبْع سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِطْلهْنَ يَتَزَّلُ الْأَمْر يهن ولطلاق:٠0»‏ ولم٠يقل:‏ 
"وسبع أرضين" هذه الجسأة ال تدخل اللفظ» ويختل يما النظم اختلالا.. 

- وتأمل قوله تعالى: لإفَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطو فَانَ وَالْحَرَادَ وَالْقَمَّلَ وَالصَفَادِعَ وَالدمٌ آيَاتٍ 
مُمَضَّلاتٍ» «لأعراف:+07» فإِهها خمسة أسماءء أحفها في اللفظ: "الطوفان» والجراد» والدم" 
وأثقلها "القَمّلء والضفادع" فقدّم "الطوفان” لمكان المدّين فيهاء حى يأنس اللسان بخفتهاء ثم 
"الحراد", وفيها كذلك مدء ثم جاء باللفظين الشديدين مبتدئا بأحفهما في اللسان» وأبعدهما 
في الصوت لمكان تلك العْنة فيه ثم حيء بلفظة "الدم" آخراء وهي أخف الخمسة وأقلها 
حروفا؛ ليسرع اللسان فيهاء ويستقيم لحا ذوق النظمء ويتم يما هذا الإعجاز في التركيب. 
وأنت فمهما قلبت هذه الأسماء الخمسة, فإنك لا ترى لها فصاحة إلا ف هذا الوضعء فلو 
قدمت أو أخرت لبادرك التهافت والتعثر» ولأعنتّك أن تحيء منها بلفظء أو نظم فصيح. 

من ذلك يخلص لنا: أن القرآن الكريم إنما ينفرد بأسلوبه؛ لأنه ليس وضعا إنسانيا ألبتة» ولو 
كان من وضع إنسان» بخاء على طريقة تشبه أسلوبا من أساليب العرب, أو من جاء بعدهم 
إلى هذا العهد: ن«إوَلوْ كان مِنْ عِنْدِ غير الله لوَجَدُوا فيه اختتلافا كثيرا)» (النساء:45). 

ولقد أحس العرب هذا المعين» واستيقنه بلغاؤهم, ولولاه ما أفحمواء ولا انقطعوا من دونه؛ لأنهم 


إعجاز القرآن 1 الأسلوب العجيب 
رأوا جنسا من الكلام غير ما توديه طباعهم؛ وكيف هم في معارضته بطبيعة غير مخلوقة قة؟ (0) 
ويقول المرحوم فضيلة الشيخ "الزّرقاني" في موضوع خصائص أسلوب القرآن: 

"وللقرآن مسحة خلابة عجيبة» تتجلى في نظامه الصوقء وجماله اللغوي.... ونريد بنظام 
القرآن الصوقء اتساق القرآن وائتلافه في حركاته وسكناته» ومداته وغناته» واتصالاته 
وسكتاته» اتساقا عجيباء وائتلافا رائعا» يسترعي الأسماع ويستهوي النفوس بطريقة لا يمكن 
أن يصل إليها أي كلام آخر من منظوم ومنئور. 

ونريد بجمال القرآن اللغوي تلك الظاهرة العجيبة الى امتاز يما القرآن في وصف حروفه 
وترتيب كلماته ترتيبا دونه كل ترتيب تعاطاه الناس في كلامهم. ولقد وصل هذا الجمال 
لحري دق عد ا في القرآن شيء من كلام الناس» لاعتل مذاقه في 
أفواه قارئيه» واخحتل نظامه ف آذان سامعيه. 

ومن عجيب أمر هذا الحمال اللغوي, وذلك النظام الصوق: أنهما - كما كانا - دليل إعجاز 
من ناحيةء كانا سُورا منيعا لحفظ القرآن من ناحية أخحرى» وذلك أن من شأن الجمال 
اللغوي» والنظام الصوتي أن يسترعي الأسماع» ويثير الانتباه» ويحرك داعية الإقبال في كل 
إنسان إلى هذا القرآن الكرم؛ وبذلك يبقى أبد الدهر سائدا على ألسنة الخلق» وفي اذانهم. 
ويعرف بذاته ومزاياه بينهم» فلا يرو أحد على تغييره وتبديله؛ مصداقا لقوله سبحانه: 
«إإنا نس ترَّلَنَا الذَّكرَ وَإِنَا لَه لَحَافظون4 (الحجر: )"207 

ومن خمصائص أسلوب القرآن العظيم: أنه يخاطب العقل والقلب معاء ويجمع الحق والجمال معاء 
انظر إليه وهو في معمعان” إقامة الدليل العقلي على البعث والنشور» وف مواجهة المنكرين المكذبين؛ 
كيف يسوق استدلاله سوقا يهز القلوب هزاء ويمتع العاطفة إمتاعا بما حاء في طي هذه الأدلة 


''إعجاز القرآن للرافعي ص: ١‏ ؟ . مناهل العرفان ؟. 
"' مناهل العرفات ؟8/7/١7.‏ 
ل المَحَمَعَان: شْدَة الخر. ويقال: يوم مَعْمَعَانُ ويوم مَعْمَعَاني. 


إعجاز القرآن ١/4‏ الأسلوب العجيب 
المسكتة المقنعة» إذ قال سبحانه في سورة "فصلت": «إوَمِنْ آياته أَنْكَ تَرَى الْأَرْضَ نَحَاشِعَة فإذَا أن 
عَيَّالمَءَاشترّثْ وَرَبْثْ إن لَذِي أَحْيَاهالَمُحْبِي الْمَْتَى ِنَّهُعلَى كل شا ير (نصلت:هم. 

واستمع إليه في سورة "ق" إذ يقول: إوَنرَنَا مِنَالسَّمَاءِمَاءَمُبَارَكا انناب جَنّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيد2 
وَلتََْبَاِقَاتٍ لهند ؤقالاد بادك لْشرُوج» «دده-0. 

تأمل هذا الأسلوب البارع الذي أقنع العقل؛ وأمتع العاطفة في آن واحد ححى في الجملة الي 
هي .كئابة النتيجة من مقدمات الدليل؛ إذ قال في الآية الأولى: إن لق أَحْيَاهًا لمُحْبِي 
الْمَوْنَى (نصلت:م» وفي الآيات الأخيرة قال: كَدَلِكَ الْخرُوجُ» أي: الخروج من 
القبور»والبعث والنشور. 

يا للجمال الساحرء ويا للإعجاز الباهر» الذي يستقبل عقل الإنسان وقلبه معاء بأنصع الأدلة: 
وأجمل البيان في هذه الكلمات المعدودات. 

ثم انظر إلى القرآن» وهو يسوق قصة "يوسف" عليلا - مثلا - كيف يأق ف خلاها بالعظات 
البالغة» ويطلع من خخحلاها بالبراهين الساطعة على وجوب الاعتصام: بالعفاف» والشرف» 
والأمانة» إذ قال في فصل من فصول تلك القصة الرائعة: وَرَودئهُ الى هو فى ينها عن نفْسَة وَعَلْقَتَ 
لواب وَقَالَتْ هيت لك قال مَعَادَ الم نه رئّي أَحْسَس مْوَي إِنْهُ افلح الظَالمُو ن (يوسف:08. 

فتأمل ف هذه الآية كيف قوبلت دواعي الغواية الثلاث»: بدواعي العفاف الثلاث؟ مقابلة 
صورت من القصص الممتع جدالا عنيفا بين "حند الرحمن" و"جند الشيطان"» ووضعتهما أمام 
العقل المنصف ف كفي ميزان!2» وهكذا تجد القرآن كله مزيجا حلوا سائغاء يخقف على 
النفوس أن جرع الأدلة العقلية» ويرفه عن العقول باللفتات العاطفية» فهل تسعد ,مثل هذا 
فيكلام البشر؟ لاء ثم لاء فكلام البشر إن وفى بحق العقل: بخس العاطفة حقهاء وإن وفى بحق 
العاطفة: بخس العقل حقهء حى لقد بات العرف العام يقسم الأساليب البشرية إلى قسمين 
لاثالث هما "أسلوب علمي"؛ و"أسلوب أدي". 


إعجاز القرآن م١‏ الإيجاز الرائع 
فطلاب العلم لا يرضيهم أسلوب الأدب؛ وطلاب الأدب لا يرضيهم أسلوب العلمء وهكذا تحد 
كلام العلماء وا محققين فيه من الحفاء والعري, ما لا يهز القلوب 0 النفوس. 
وتحد في كلام الأدباء والشعراء من الحزل والعمّم العلمي ما لا يغذي الأفكار ويقنع العقول. 
أما القرآن فقد انفرد يهذه المزيّة بين أنواع الكلام؛ لأنه تنزيل من القادر الذي لا يشغله شأن 
عن شأن: جارك اهرَبُ لمن ضفرنوم. ١‏ 

- الإيجار الرائع 
الوجه الثالث من وجوه الإعجاز ذلك الإيجاز الرائع» والحزالة2 الخارقة الي ليس بإمكان 
مخلوق من البشر أن يحيط يماء أو يأن .مثلها؛ لأنها فوق الطاقة البشرية» والقدرة الإنسانية» لقد 
كان البدوي - راعي الغنم - يسمع القرآن فيخر ساحدا لله رب العالمين» وذلك لروعة هذا 
الكتاب ابحيد؛ ولما يفعل به في نفوس السامعين» وهو دليل رقة الاحساسء ولطف الشعور من 
أولبك الرعاة الحفاة. 

قصة الحارية والأصمعي: 
يروى أن الأصمعي حرج ذات يوم فلقي جارية» حماسيّة أو سداسيّة, وسمعها تنشد أبياتا من 
القس :راقفلا داعي كلاق الابتاة »وغوت حلة النفن ,والقليي مال اسلرناة بوروغة ييافاة 
وفصاحة ألفاظهاء فقال لها: قاتلكِ الله ما أفصحك؟ فقالت له: ويحك! أُوَيْعَدٌ هذا فصاحة بعد 
قول الله تبارك وتعالى: «إوَأَوْحَينا إِلَى أَمَمُوسَى أَنْ أَرْضِعيه فَإذًا جفت عليه فَلْقِيه في اليم وَلانَحَافِي 
ولا تَحْرَنِي إِنا رَادُوهُ لِك وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُوْسَلِينَ4 (لقسس:» ثم قالت له: فقد جمعت هذه 
الآية على وجازتها بين أمرين» وفيين» وخبرين» وبشارتين إلخ.”" 
('' مناهل العرفان: ص:١١7.‏ 
المراد بالحزالة: الفخامة في الألفاظ» والإحادة في التعبير مع قوة السبك وعدم التعقيد. 


7" القصة ذكرها "القرطبي" في تفسيره: الجزء الثالث عشر ص: 507» وذكرها صاحب المنار في الجزء الأول 
ص: .١58‏ والمراد بقوله: "حماسية؛ أو سداسية" أي: طوطا خمسة أشبارء أو ستة أشبارء أي أها معتدلة القامة. 


إعجاز القرآن م١‏ الإيجاز الر ائع 
قال الأصمعي» فأعجبت بفهمها وإدراكها أكثر ما أعجبت بشعرهاء فهي جارية بدوية 
صغيرة السنء ولكنها واسعة العلم والفهم, أما الأبيات الي كانت تنشدها فهي قوطا: 

أستغفرٌ الله لذني كلّه ‏ قبلثكت إنسانا بغير حِلَّه 

مثلّ الكّرال ناعما في دله وانتصف الليلُ ولم أصلّه 
وقد أشارت هذه الحارية على الأصمعي بروعة ما في القرآن من بلاغة وفصاحة» وإيجاز 
وإعجاز» فالآية الكريمة جمعت بين أمرين وهما: أَرْضِعِيه#) وطإقالقيه في اليَمّ4, وبين وهما: 
إلا نَحَانِي4 ولإلا تَحْرَنِي4 وخبرين وهما: طأَوْحَيْنَا4 ولإحفتٍ» وبشارتين وهما: لإإنا 
رَادُوهُ إِلَْكِ» ووَحَاعِلُوهُ مِنَّ الْمُْسَلِينَ>» فالبشارة الأولى: بردّه إليها سليما كربماء والبشارة 
الثانية: وهي أن الله سبحانه وتعالى سيجعله رسولا هاديا. 
فانظر - رعاك الله - كيف أدركت هذه الحارية البدوية بفطرتًا العربية» سرا من أسرار هذا 
الإيجاز والإعجازء وانتبهت إلى ما لم يدركه هو من أسرار هذا القرآن» فكأن الآية نظمت في 
عقد من اللؤلؤ والمرحان» فكانت لآلئها مميزان. 
ويروى أن ابن المقفع - الكاتب البليغ المشهور - حاول أن يعارض القرآن ذات مرة» فسمع 
صبيا يقرأ قوله تعالى: «إوَقِيل يَا أَرْضضْ ابلعي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ قلعي وَغِيض الْمَاُ وَقضِي الْأَمُْ 
وَاسَْوَتْ عَلَى الْحُودِيّ وَقِيلَ بُغدا ْم الظالِمِينَ» «رد:»» فكسر الأقلام» ومرّق الصحف 
الي كان قد بدأ يما في المعارضة» وقال: هذا والله مما لا يستطيع البشر أن يأتوا .مثله» فمزق ما 
جمع؛ واستحيا على نفسه من إظهاره.وهكذا رجع الأديب الكبير البليغ عن عزمه بعد أن 
حدئته نفسه .معارضة بعض سوره؛ لأنه شّعر بروعة القرآن. 
ثم انظر إلى الحزالة والإيجاز في أسلوب القرآنء وقارنها بأروع أسلوب نطق به عربيء وهو أسلوب 
أفصح من نطق بالضاد. سيد المرسلين محمد بن عبدالله» الذي شهد ببلاغته وفصاحته أعداؤه قبل 
أنصاره؛ قارن بين "القرآن والسنة النبوية" حد الفرق شاسعاء والبون بعيداء كفرق ما بين السماء 


إعجاز القرآان ١8‏ الإيجاز الر ائع 
والأرضء فبلاغة القرآن ونضارته وإشراقته في أعلى طبقات الإحسانء وأرفع درجات الإيجاز 
والبيان» تأمل قوله ص في صفة الحنة وما فيها من نعيم وخلود: "فيها ما لا عينُ رأت. ولا أذن 
سمعت». ولا خطر على قلب بشر" الحديث» وقارن بين هذه الألفاظ على روعتها وبين قوله 
تعالى في وصف نعيم أهل الحنة: ظوَفِيها ما تَشْتّهِيه نفس وَتَلَذ الَْعْين)ك (الزعرف: 0/١‏ 

وقوله تغاق: لافلا تل تفرك ما اح لين عن فده عْين 4 التسحتة نون افهذا غدل بورناة 
وأحسن تركيباء وأعذب لفظاء وأحزل عبارة» وأقل حروفا. 

ووازن بين قوله كظٌ: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته» الرحل راع في بيته» ومسؤول 
عن رعيته" الحديث. 

وبين قوله تعالى: فرك لتشتُح اتيت عَعَا كَنُوا مونم وهر:::.-م» وقوله: 
تسكن اين أَرْسِ لَإلَنِهِم وَلَمسَأَلنَ المُرْسَلِينَك (الأعراف:0). 

وكذلك قارن بين سائر أقواله 1 وبين القرآن الكريم» تحد أن كلام الرسول على بلاغته 
لا يخرج عن كونه كلام بشر ف الذروة العليا من الكلام, أما كلام الله تعالى فلا يشبهه كلام؛ 
لأنه كلام خخالق البشرء انظر إليه وهو يتحدث ف جزء آية من آياته امجيدة عن أحوال الأمم 
السابقين» ومآل الجاحدين المكذبين» وما حل يبحم من كوارث ونكبات» نتيجة لطغيافهم 
وتمردهمءثم كيف انتقم الله منهم جميعا بعد أن جاوزوا الحد في الطغيان؛ فلم ينج منهم إنسان, 
يقول حل ثناؤه: لفَمِئْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عليه حَاصبا وَمِنْهُمْ منْ أَحَذَنُُ الصّيْحَة وَمِنّْهُمْ مَنْ حَسَفنا به 
الَْرْضَ وَمِنْهُحْ مَنْأَعْرَقناوَمَا كَانَالَّليَظلِمَهُحْوَلْكنْ كَانُوا أَنْفْسَهُمْ يَظلِمُونَ (السكبرت:.4). 

يقول القرطي يله نقلا عن "ابن الحصار": وهذه الثلاثة أوجه من "النظمء والأسلوبء والحزالة" 
لازمة كل سورةء بل هي لازمة كل آية» وبمجموع هذه الثلاثة يتميز مسموع كل آية وكل 
سورة عن سائر كلام البشر» وبما وقع التحدّي والتعجيزء ومع هذا فكل سورة تنفرد يهذه الثلاثة 
من غير أن ينضاف إليها أمر آخر من الوجوه العشرة» فهذه سورة "الكوثر" ثلاث آيات قصارء 


إعجاز القرآن م١‏ التشريع الإفي الكامل 
وهي أقصر سورة في القرآن» وقد تضمنت الإخبار عن مغيبين: 

أحدهما: الإخبار عن الكوثر - فهر في الجنة -» وعظمه وسعته وكثرة أوانيه» وذلك يدل على 
أن المصدقين به أكثر من أتباع سائر الرسل. 

والثابئ: الإخبار عن الوليد بن المغيرة» وكان عند نزول الآية ذا مال وولد, ثم أهلك الله 
سبحانه ماله وولده»”"© وانقطع تسله".9") 


4 - التشريع الإلهي الكامل: 

ومن وجوه إعجاز القرآن الكريم ذلك التشريع الإلي الكامل الذي يسمو فوق كل تشريع وضعي 
عرفه البشر في القدم والحديث. فالقرآن الكريم هو الذي وضح أصول العقائد» وأحكام العبادات» 
وقوانين الفضائل والآداب» وقواعد التشريع الاقتصادي والسياسيء, والمدني والاحتماعي. وهو الذي 
نظم حياة الأسرة والمجتمع» ووضع أعدل المبادىء الإنسانية الكرعة الي ينادي بها دعاة الإصلاح في 
القرن العشرين» ألا وهي "المساواة» الحرية» العدالة - الي يسموفا: الديعقراطية - الشورى" إلى غير 
ما هنالك من أسس الحضارة والتشريع الذي تسعى إليه المدنية الحديثة.ففي العقائد دعا القرآن 
إلى عقيدة طاهرة سامية» واضحة جليّة عمادها الإيمان بالله عز وجل والتصديق بجميع أنبيائه 
ورسله؛ والإيمان بجميع الكتب السماوية؛ مصداقا لقوله تعالى: #آمَنَ الَّسُول يما نَل إِلَيَه مِنْ 
به وَالْمُؤْمنُونَ كلمن باط وَمَلقَكبه وَكته وله لائفةق ين لد من مسد وابقرةنهدم. 

ودعا أهل الكتاب - اليهود والنصارى - إلى كلمة سواءء لا انحراف فيها ولا التواء» قال 
تعالى: ليا أَهْلَ الْتَابٍ تَعَالَوا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءِ ْنَا وَييَِكُمْ ألا دالولا نُشْرِكَ به سَيْا 
ولا يتنَحَذ بَعْضْنًا بَعْضا أَْيَابا مِنْ دون الله فإن 00 فقولُوا اشْهَدُوا يان مُسْلِمُون م (آل عمران:14). 

وف العبادات جاء القرآن العظيم بأسس العبادات ودعائمهاء فشرع الصلاة والصيام؛ والحج 


د معن الأبتر: الدي لا ولد له ولانسلء» والشانيء معنأة: المبغض. وقد قال الزمخشري أنها نزلت قِ العاص بن وائل. 
"© الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: .4/١‏ 


إعجاز القرآن ١05‏ التشريع الإلي الكامل 
والزكاة» وسائر أعمال البر والطاعة. 

وليست "العبادة" في الإسلام قاصرة على هذه الدعائم والأركان» بل هي تشمل كل عمل 
خير وفعل برء أو طاعة؛ ولهذا فإن العلماء قرروا أن كل عمل يقصد به الإنسان وجه الله 
يكون عبادة. وقالوا: "إن النية الصالحة تقلب العادة إلى عبادة". فإذا عمل الإنسان» واحترف 
له صنعة بقصد التعفف عن الحرام, والإنفاق على أهله وعياله؛ وإذا أكل أو شرب بقصد 
التقرّي على طاعة الل كان عمله عبادة يئاب عليهاء والأصل في هذا قول البي الكرم 385: 
"وإنك لن تنفق نفقة تبتغي يما وجه الله إلا أحرت عليهاء حي اللقمة تضعها ف في امرأتك" 
الحديث.0" وقوله وم: "وف بْضع أحدكم صدقة, قالوا: يا رسول الله! أيأتى أحدنا شهوته 
ويكون له فيها أحر؟ قال: أرأيتم لو وضعها في حرام أكان عليه وزر؟ فكذلك إذا وضعها في 
حلال كان له أ " 9) 

وإذا أمعنا النظر في أصول العبادات المفروضة نحد أن الإسلام قد وسعها ونوعهاء وجعلها 
ضروبا متفاوتة» فمنها ما هو "عبادة مالية" كالركاة والصدقات» ومنها ما هو "'عبادة بدنية" 
كالصلاة والصيام» ومنها ما هو يجمع بين الأمرين "عبادة مالية وبدنية" كالجهاد في سبيل الله 
يكون بالمال والنفس» وهذا التنويع له مغزاه وحكمته السامية» وذلك؛ لثلا تألف النفس شيئا 
فتصبح لها عادة» أو تمل وتضجر من العبادة الواحدة. 

وفي محال "التشريع العام" بحد القرآن العظيم قد وضع قواعد عامة في التشريع المدني» والجنائي؛ 
والسياسيء والاقتصادي» ووضع أسسا للتعامل الدولي في حالة السلم والحرب على أكمل 
وجه وأعدل نظام. 


7" الحديث من رواية البخاري قْ قصة "سعد بن أبي وقاص" حين دحل الرسول يه يزوره من وجع اشتد به. 
(" الحديث من رواية مسلم؛ وهو في باب كثرة طرق الخيرء وأوله: أن ناسا قالوا: يارسول الله! ذهب أهل 
الدثور بالأحور. 


إعجاز القرآن هم١‏ التشريع الإهي الكامل 
ففي أمر المعاملات» حرم القرآن أكل أموال الناس بالباطل «إيا أَيُهَا الوم ام الاتاكلوا أَمْوَالَكه 
ينَكُمْبِالْبَاطِل إل أن تَكُونَ تِجَارَةٌ عَنْ تَرَاضٍ مك4 (النساء: 5 5) . 
ودعا إلى الإشهاد عند إبرام البيع وبكتابة الدّين هيا 4 الذِينَ آمَنُوا إذا تداينسَم بدين إلى أحَلٍ 
مُسَمَىّ فَاكبُوه وَلْيِكْْبْ يَينَكُمْ كَاتِبٌ بالْعَدْلِ» «لبقرة:085. وفي الأمور الحنائية شرع القرآن 
الحدودء وأوجب على الأمة تنفيذها من أجل حماية امجتمع؛ وصيائته من الفوضى والاضطراب». 
وتأمين الأمة على حياتها ومستقبلهاء وأمواهها وأعراضها؛ لتعيش الحياة الكريمة السعيدة ال لن 
تكون إلا عن طريق الأمن والاستقرار. 
وقد نص القرآن الكريم على أمهات الجحرائم» وأعظمها خطرا على مستقبل الفرد والجماعة 
ووضع لكل منها عقوبات مقدرة لا يجوز الزيادة عليها أو النقصان منهاء أو التساهل في تطبيقهاء 
وترك ما سوى ذلك من "الحرائم الخفيفة" للحاكم المسلم ينفذ فيها ما يراه من العقوبة على ضوء 
السنة النبوية المطهرة» وبالشكل الذي يحقق روح الإسلام من إرادة الخير للناس» وتطهير امجتمع 
من المفاسد والمظالم الاجتماعية. 
أما الحرائم الكبيرة الي عين لها القرآن عقوبات رادعة» فهي حخمسة: "جرية القتل» جرية الزناء 
جرية السرقة» جرعة قطع الطريق» جرية الاعتداء على كرامة الناس بالقذف". 
ولعل أروع مثل للمقارنة بين "التشريع الإهي القرآني"» ويبن "التشريع الوضعي" الذي هو من صنيع 
البشرء ذلك الأثر العظيم الذي تركه القرآن الكريم قْ نفوس العرب بسبب تلك الطريقة الحكيمة 
الى سلكها في معابحة المفاسد والأمراض الاجتماعية حيث قضى على كل فساد؛ واستأصل كل 
جرعة من نفوسهمء وجعلهم خير أمة أخرحت للناس» فملكوا الدنيا وسادوا العالم. 

أمثئلة من واقع الحياة: 
ومن الأمثلة على تفوّق ذلك التشريع القرآني الحكيم على بقية التشاريع البشرية والنظم الأرضية: 
ما نلمسه فْ واقع الحياة» ويمكن أن نشير إشارة خاطفة إلى سمو الشريعة الإسلامية على بقيّة 


إعجاز القرآن ١/65‏ التشريع الإلهي الكامل 

النظم فيما يلي : 

-١‏ منذ زمن قريب حرمت "أمريكا" الخمرء ولكنها فشلتء ولم تنجح؛ لأنها لم توفق إلى الطريقة 
الحكيمة الب أتبعها الإسلام في تحريم الخمرء فعادت إلى إباحته مع اعتقادها بضرره القادح. 

؟- أباحت بعض الدول الغربية وخاصة "أمريكا" الطلاق بعد أن كان ممنوعا لديها بسبب 
تعاليم الكنبسة؛ ولكنها أسرفت فيه إلى درجة ضارة» ولا تزال تأحذ بتشريع الطلاق. 

؟- مصلحو أوربا يرفعون أصواتهم بضرورة السماح "بتعدد الزوجات" حىّ بعض نسائهم 
طالبن بذلك نتيجة لكثرة العوانس من النساء؛ بحيث أصبحت المشكلة ذات أهمية خطيرة 
على المجتمع الأوروبي. 

4- الخيانات الزوجية انتشرت ف المجتمع الأوروبي "المتمدن" بشكل فظيع» وبصورة مذهلة. 
حى أصبحت الأسر مهددة بانفصام عراهاء وكثر فيها اللقطاء»ء وذلك بسبب السفور 
والتبرج» والاختلاط بين اللجنسين. 

ه- إسبانيا: أصدرت حكومتها قرارا وسئت قانونا .منع البغاء الرسمي ف بلادهاء ويمتع النساء 
من البروز على الشواطىء في ثياب الاستحمام. 

7- زعيم فرنسا نادى غداة هزيمتها أمام الألمان في الحرب الأخيرة يقول: إن سبب انيار دولة فرنسا 
وسبب هزكتها وانكسارها هو انغماسهم في الشهوات الجنسية» وإسرافهم في المفاسد والمفاتن. 

-٠‏ وأخيرا نحد أن الحرائم تزداد في كل يوم في المجتمع المتمدن "المجتمع الغربي" مع صرامة 
العقوبات المشروعة عندهم بالحبس والسجن السنوات الطوالء أو الإعدام بالشنق» ومع 
ذلك بحد الحرائم المروعة من خخطف للفتيات والفتيان» وإزهاق للأرواح» وسرقة في وضح 
النهار للبيوت والبنوك وامحلات الكبيرة حى لقد أصبحنا نسمع عن وجود عصابات خطيرة 
تدّد أمن البلاد وسلامة العباد وذلك من أعظم البراهين على فشل النظم الوضعية؛ 
والتشريعات البشرية. أما الإسلام فقد حمق الأمن والسلام» وقضى على الجريعة في مهدهاء 


إعجاز القرآن 4 الإخبار عن المفييات 
ولقد أحسن من قال: 

أين ما نظمت عقول ضعافٌ ‏ من نظام المُهيمِن الديّان 

إيه عصرٌ العشرين ظنوك عصرا20 تير الوجه مُسعد الإنسانٍ 

لست نوراء بل أنت نارٌ وظلم 1 جعلت الإنسان كالحيوان 

ذلك هو الفرق بين تشريع الرحمن وتشريع الإنسان» ولكن أكثر الناس لا يعلمون. ”' 

ه - الاخبار عن المغيبات: 
ومن وجوه إعجاز القرآن الكريم إخباره عن المغيبات» وذلك برهان ساطع» ودليل قاطع على أن 
هذا القرآن ليس من كلام بشرء وإنما هو كلام علام الغيوب الذي لا تخفى عليه حافية» ولو كان 
من صنع محمد -كما زعموا - لظهرت علائم الوضع فْ تلك الأخبار الغيبية بوقوعها على 
حلاف ما أخبر» ولافتضح أمره بالكذب الصريح؛ وحاشاه - يلد - من الكذب على الله. 

أ- فمن هذه الأخبار الغيبية إخباره عن الحرب الي ستقع بين الروم والفرس»؛ وستكون 
الغلبة فيها والانتصار للروم بعد أن انكسروا في الحرب السابقة» وذلك في قوله تعالى: هال 63 
00 في أَدنى الْأَرْضٍ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَلهمْ سََفِْيؤن تفي بطع سيْنَ ب اْأمر من قبل وَمِنْ 
بَعْد وَيَوْمَئذٍ يُفرَحٌ الْموْمِئْون2 ينصر الله يْصرٌ من يُشَاءٌ وهو العَريُْ الرَجيْم (الروم: .)5-١‏ 
يذكر المفسرون في سبب نزول هذه الأية: أن حربا وقعت بين دولة الروم وهي "مسيحية". 
ودولة الفرس وهي 'وثنية"» فانتصر الفرس على الرومء ففرح المشركون وهمتواء وقالوا 
للمسلمين: تزعمون أنكم أهل كتاب» وأن النصارى أهل كتاب,؛ وها قد ظهر إخواننا على 
إخوانكم» ولنظهرن نحن عليكم, فاغتم المسلمون» وحزنوا لانهزام الروم» وهم دولة متدينة 
أمام دولة الفرس وهم وثنيون» فنزلت الآية الكريمة تبشر المسلمين بانتصار الروم على الفرس 


0 انظر كتاب "مناهل العرفان" للزرقاني. 


إعجاز القران ١84‏ الإخبار عن المغيبات 
في مدة وجيزة» تتراوح بين الثلاث والتسع من السنين «وفي يضع سِنِينَ4» ولم يكن مظنونا 
وقت تلك البشارة أن الروم تنقصر على الفرس؛ لأن الحروب الطاحنة أنمكتها حي غزيت 
في عقر دارهاء ولأن دولة الفرس كانت قوية منيعة» وزادها الظفر الأخير قوة ومنعة» فلما 
نزلت الآية الكريمة راهن أبوبكر بعض المشركين وهو أبي بن حلف على مائة ناقة إلى تسع 
سنين» ولم تمض المدة حي وقعت الحرب بين الروم والفرسء فانتصر فيها الروم واهزمت 
الفرس» و تحققت نبوؤة القرآن» وذلك فٍ سنة 577 ميلادية» الموافقة للسنة الثانية من الهجرة 
النبوية» وكسب أبوبكر الرهان؛ فأمره يلد بالتصدق به. 

وف الآية نبوءة أخحرى. وهي أن المسلمين سيفرحون بنصر قريب في الوقت الذي ينتصر فيه 
الروم: «وَيَوْمئِذٍيَْرَحٌ الْمُوْمِئُون0© يتصر اللَّهيه ولقد صدق الله وعده في هذه كما صدقه في تلك؛ 
فكان ظفر المسلمين في بدر واقعا في الظرف الذي انتصر فيه الرومء وهكذا تحققت النبوءتان 
ف وقت واحد بفضل الله. 

يقول الزمخشري: وهذه الآية من الآيات البينة الشاهدة على صحة النبوة» وأن القرآن من عند الله؛ 
لأنما إنباء عن علم الغيب الذي لا يعلمه إلا الله( 

ب- التنبوء بدخول الرسول وأصحابه مكة آمنين مطمئنين. روي أن النني يد رأى رؤيا في 
منامه» وذلك قبل خروجه إلى الحديبية» رأى كأنه هو وأصحابه قد دخلوا مكة آمنين» وقد حلقوا 
وقصرواء فقص الرؤيا على أصحابه؛ ففرحوا واستبشرواء وحسبوا نهم داخلوها من عامهم. 
وقالوا: إن رؤيا رسول الله يل حق» فلما كان صلح الحديبية خرجوا من المدينة محرمين يسوقون 
المدي إلى مكة لا يقصدون حرباء وإنما يقصدون العمرة والنسك» ولكن قريشا صِدَُّم وكادت 
تقع الحرب بين المسلمين والمشركين» لولا أن الرسول وُدٌ رضي معهم بالصلح إيثارا منه للسلم 
وحيا للسلام العام. 


('" انظر الكشاف: 540/4. في سبب نزول الآية الكرية. 


إعجاز القرآن هو الإخبار عن المغيبات 
وكان من شروط ذلك الصلح أن يرجع الرسول ومن معه من ذلك العام على أن يدخحلوا مكة 
في العام القابل؛ واتخذ المنافقون ضعفاء الإيمان من ذلك سبيلا إلى الطعن والدس واللمزء حي قال 
رئيس المنافقين عبدالله بن أبي: والله ما حلقناء ولا قصّرناء ولا رأينا المسجد الحرام» ولكن نزلت 
الآية الكريمة تحمل تلك الوعود الثلاثة المؤكدة وهي: دخول مكة, وأداء النسكء والأمن من 
قريش على رغم ما هو معروف من غدر قريش ونكثهم العهودء وتقطيعهم الأرحام؛ وقد أبجر 
لله وعده فتم الأمرء ودخل المؤمنون مكة آمنين مطمئنين» وفي ذلك يقول القرآن م لد 
صَدَقَ اللَهرَسُولَهُ اويا بالْحَقّ لعَدَخلْنَالْمَسْجِدَ الْحَرَامَإِنَ شَاءًَ اله آمنين مُحَلَقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقِصّرِينَ 
لانَحَافُونَ فعَلِمَمَالَمْتَعلَمُوا فجَمَلَ مِنْدُونِ ذَلِكَ فنحا قربيا» (الفتح:07؟). 
عد تجوء الترات باخزام مشر كين قبل وترع الطرت» ,ودلك في قوله تعال ق,تضورة العهرة 
لآم يَقَولُونَ نح حَمِيمٌ منص © سَيهرَمُاْحَمْعُ وَيُولُونَ ادير © يل السّاعَة مَوْعِدُهُْ وَالسَّاعَهُ أده 
وَأَمَدُ4 (القمر:؛؛-45)» وسورة القمر مكية» والجهاد لم يشرع إلا قي السنة الثانية من الهجرة» 
فأين هي إذا فكرة الحرب؟ ومن الذي كان يجول بخاطره أن ينهزم جمع المشركين» وينتصر 
عليهم المسلمون وهم قلة في العَدّد والعُدّد ولكنه وعد الله لا يخلف. روي عن عكرمة أنه قال: 
انوكت هته أرط كا كم ويرارن الذاز #و«قال عير بن اتلاب» أي بعرم رننفا الناضن 
سيهزم؟ فلما كانت غزوة بدر رأى رسول الله ين وهو يشب في الدرع ويقول: لسَيْهرَم الْحَمْعْ 
3 ادير ؛ فعرف عمر تأويلها. ”'' وروي عن ابن عباس: كان بين نزول هذه الآية وبين 
بدر سبع سنين. 
د- تنبوء القرآن بذلك المستقبل الأسود الذي ينتظر كفار قريش» وذلك في قوله تعالى ٍ 
سورة الدنحان: فار تقب يوم تأي السَّمَاهُ بدححَانٍ مين © يغ يَعْسَى النَّاسَ هذا عَذَابٌ ليم © رَبنَا 
اكْشِفْ عَنَ الْعَذَابٌ نا مُؤْمِئُونَ 9 أنى لَهُمُ الذَ كْرَى وَقَدْ حاءهه رَسُول مين 2 ند تَوَلوَاعَنه 


() الكشاف: 410/5. 


إعجاز القرآن ١5.‏ الإخبار عن المغيبات 
إِنَا منْتَقَمُون # (الدحان: .)١5-51 ٠‏ 
وسبت :نزول هته الآيات الكرية: أن آهل مركة :1 كذبوا وسوق الله كلق :و استعصوا وتردوا 
عليه» دعا عليهم فقال: "اللهم أعنّى عليهم بسبع كسبع يوسف" فأخذتهم سنة مخّصت كل 
شيء حى أكلوا الحلود والميتة من الجوع» وينظر أحدهم إلى السماءء فيرى كهيئة الدحانء 
فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد! إنك جفت تأمر بطاعة الله» وبصلة الرحمء وإن قومك قد 
هلكوا فادعوا الله همء فأنزل الله هذه الآيات الكرعة. 27 
قال الرّرقان سشيه: وفي هذه الآيات عند التأمل خمسة تنبوءات: 
أوها: الإحبارمما يغشاهم من القحط والجوع, حي يرى الرجل بينه وبين السماء كهيئة الدححان. 
الثانئ: الإخبار بأنهم سيضرعون إلى الله حين تحل يهم هذه الأزمة. 
الثالث: الإخبار بأن الله سيكشف عنهم ذلك العذاب قليلا. 
الرابع: الإخبار بأنهم سيعودون إلى كفرهم وعتوهم. 
الخامس: الإخبار بأن الله سينتقم منهم يوم البطشة» وهو يوم بدر. 
ثم قال: ولقد حقق الله ذلك كله ما انخرم منه ولا نبوءة واحدة» فأصيبوا بالقحط حي أكلوا 
العظام» وحعل الرحل ينظر إلى السماء؛ فيرى بينه وبينها كهيئة الدحان من شدة جوعه 
وجهده. ثم قالوا متضرعين: َبَنَااكْشِفْ عَنَا الْعَذَابَ إِنَا مُوْمِنُونَ» ثم كشف الله عنهم العذاب 
قليلاء ثم عادوا إلى كفرهم وعتوهم, فانتقم الله منهم يوم "بدر"؛ فبطش بمم البطشة الكبرى 
حيث قتل منهم سبعون وار سبعون» وأديل للمسلمين منهمء أرأيت ذلك كله؟ هل يمكن أن 
يصدر مثله من مخلوق؟ كلاء بل هو الله العزيز الحكيم. 

- التنبوء بإظهار الإسلام على جميع الأديان» وذلك في قوله تعالى: طهُرَ لَذِي أَرْسَلَرَسُولَه 


إعجاز القرآن ١4١‏ الإخبار عن المغيات 
بالهدى وَدِينِ الْحَقٌ يُظهرَهُ عَلَى الدّين كله ولو كر المشر كون» (الصف:1). 

وكذلك التنبوء بالمستقبل الباسم الذي سيكون للمؤمنين» وذلك في قوله تعالى: «إوَعَدَ الله 
آمنوا مك وَعَمِلُوا الصّالِحَاتٍ لَيَسْتَحَلِفتَهُمْ في الْأَرْضِ كما انحل و و يلِهم 
ىك ِمَكنلَهُْ دنهم لَّذِي ارضى لَهُمْ وَلُبَدَلنْهُمْ مِنْ بَعْدِ حَوْفِهِمْ أمُناك ولنور:هه). 207 

وقد تحقق هذا الوعد الإلحي» فأظهر الله الإسلام على جميع الأديان» ومكن للمسلمين في الأرض 
في حياة البي يد حي استولوا على جميع البلاد العربية» ول ييق جزء منها إلا دان للمسلمين 
بالطاعة» ومن لم يدخل في الإسلام دحل في ذمة المسلمين» وخضع لسلطافم, ودفع الجزية لهم 
ثم سار أصحابه من بعده إلى أرض كسرىء وأرض هرقل» فأزالوا دولة الفرسء ودولة الرومان» 
ولم يحض قرن من الزمان» حى اتسعت رقعة الدولة الإسلامية؛ فصارت تمتد من بحر الظلمات في 
المغرب إلى تخوم الصين في المشرق» فتحقق بذلك الوعد الكريم؛ وكان وعد الله مفعولا. 

وكل هذه - وأمثالها في القرآن كثير - أحبار عن المستقبل» وقد تحققت جميعهاء وهذا أمر 
خارق للعادة» فكان وجها من وجوه الإعجاز؛ لأن مثله لا يتفق إلا بإخبار من عند الله جل 
وعلا. ولا يغيب عن بالنا أن جميع القصص الى حاء في القرآن الكريم هو من باب الإخبار 
عن غيوب الماضي» الذي أطلع الله رسوله الكريم عليه» وما كان له علم ماء ولهذا ذكر الله 
حل ثناؤه قصة نوح, ثم أعقبها يهذه الآية الكريمة وهي قوله تعالى: ميلك من أَْبَاءِالَْيِبٍ نُوحِيها 
إليِكَّمَا كنت تَعْلَمُهَا أنتَ وَلاقَوْمُكَ مِنْ قبل هَذا فَاصْررْ إن لْعَاقَِة حتفن و 

وما أروع قصص القرآن الذي نزل على خحاتم المرسلين؛ ليكون تثبيتا لقابه وذكرى للمؤمنين 
وذلك أعظم برهان على أنه تنزيل رب العالمين» فيا لها من حكمة سامية» ومعجزة باهرة! 


(' قال الزمخشري: إن البي ولد مكث مع أصحابه بمكة عشر سنين خبائفين» ولما هاحروا كانوا بالمدينة يصبحون 
ومسون وهم في السلاح» حى قال رحل منهم: ما يأتِ علينا يوم نأمن فيه ونضع السلاح؟ فنزلت الآية 
الكركة»؛ وهم في خوف شديدء, فأبحر الله وعده؛ وأظهرهم على جزيرة العرب. وافتتحوا بعد ذلك بلاد 
المشرق والمغرب» ومزقوا ملك الأكاسرة؛ وملكوا خزائنهم. واستولوا على الدنيا. الكشاف: +/؟781. 


إعجاز القرآن شلا عدم التعارض مع العلم بالحديث 
1 - عدم التعارض مع العلم بالحديث: 

ومن وجوه إعجاز القرآن تلك الإشارات الدقيقة إلى بعض العلوم الكونية الي سبق إليها القرآن 
قبل أن يكتشفها العلم الحديث؛ ثم عدم تعارضه مع ما يكشفه العلم من نظريات علمية حديثة» 
وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الناحية من نواحي الإعجاز بقوله حل شأنه: لسَئْرِيهم آيابَنا 
في الآقاقٍ وَفِي أَنْفْسِهمْ حَتَى يكين لهم أله الْحَقَ أَولَمْ يكف يربك أنّهُ على كل شَيْء شَهِيدٌ» 
(فصلت:+2). ومع اعتقادنا بأن القرآن العظيم ليس كتاب طبيعة أو هندسة أو فيزياء» وإنما هو 
كتاب"هداية وإرشاد". وكتاب "تشريع وإصلاح"؛ ولكن مع ذلك لم تخل آياته من الإشارات 
الدقيقة, والحقائق الخفية إلى بعض المسائل الطبيعية» والطبيّة» والجغرافية ثما يدل على إعجاز 
القرآن وكونه وحيا من عند الله فمن المقطوع به: أن محمدا يُكدٌ كان أميا لا يقرأ ولا يكتب» 
وأنه نشأ في بيئة بعيدة عن مظاهر الحضارة» حيث لم تكن علوم ولا معارف ولا مدارس قرأ 
فيها العلوم الكونية؛ لأن قومه وعشيرته كانوا أميين. 

ومع ذلكء فإن النظريات العلمية الي أشار إليها القرآن لم تكن معلومة في عصره؛ ولم يكشف 
العلم أسرارها إلا منذ زمن قريب» وذلك من أصدق البراهين على أن هذا القرآن ليس من 
تأليف محمد يد - كما يزعم بعض المستشرقين - إنما هو وحي من الله أنزله على قلب سيد 
المرسلين بلسان عربي متين. 

ولقد أجاد الأستاذ "عفيف طبّارة" في كتابه "روح الدين الإسلامي". فذكر بعض هذه الحقائق 
العلمية الدقيقة» ونحن ننقل بعضها بشيء من الإيجاز مع التصرف. 


+ ا عه ب 


الفصل العاشر ١5‏ معجزات القرآن العلمية 
الفصل العاشر: 
معجزات القران العلمية 


أولا : وحدة الكون: 

أظهر النظريات العلمية الحديثة تقول: إن الأرض كانت جزءا من المجموعة الشمسية؛ ثم 
انفصلت عنهاء وتبردت» وأصبحت صالحة لسكين الإنسان؛ وييرهنون على صحة هذه النظرية 
بوجود البراكين”'؟ والمواد الملتهبة في باطن الأرضء» وقذفي الأرض بين حين وحين بهذه 
الحمه” من المواد البركانية الملتهبة...الخ. 

هذه النظرية الحديثة تتفق مع ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله حل ثناؤه: «أُوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ 
كَمَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتٍ وَالْأَوْضَ كَاننَا رَئْقاً فَمَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلنَا مِنَ الْمَاهِ كك شَيئْءٍ حم أَفَلا 
يو مِنوان 6 (الانبياء:0). 

يقول الأستاذ "طبّارة": هذه معجزة من معجزات القرآن يؤيدها العلم الحديث الذي قرَّر أن 
الكون كان شيئا واحدا متصلا من غاز"" ثم انقسم إلى سدائم» وعالمنا الشمسي كان نتيجة 
تلك الانقسامات... 

أما الشطر الثاني من الآية: «إوَجَعَلْا مِنَ الْمَاءِ كل شَْءِ حَرم4 فهو من أبلغ ما جاء في تقرير حقيقة 
علمية أدرك العلماء سرهاء فمعظم العمليات الكيمياوية تحتاج إلى الماء» وهو العنصر الأساسي 


البركان: فتحة في القشرة الأرضية تخرج منها مواد منصهرة وغازات وأبخرة» يكون غالبا مخروطي الشكل. 
ويطلق كذلك على الحبل الذي يتكون من تراكم هذا المواد. 

” الحَمَهُ: القَحْمُء والرّماد» وكل ما احترق من النار. واحدته: حُمَمّة. 

7 القَازٌُ: حالة من حالات المادة الثلاث تكون في العادة شفافة» تتميز بأنما تشغل كل حير توضع فيه وتتشكل 
بشكلهء كلمداء والأوكسحجين وثاني أكسيد الكربون في درحات الحرارة والضغط العاديّين. و(غازالفحم): 
مخلوط من الغازات يستعمل ف المواقد والإنارة. 


معجزات القرآن العلمية ١4‏ نشأة الكون 
لاستمرار الحياة ججميع الكائنات والنياتات؛ وللماء خواص أخرى تدل على أن مبدع الكون 
قد صمّمه ,ما يحقق صالح مخلوقاته» والماء يمتصّ كميات كبيرة من الأ وكسجين عندما تكون 
درحة حرارته منخفضة. وعندما يتجمد تنطلق منه كميات كبيرة من الحرارة تساعد 
الأحياء الى تعيش في البحار من أسماكُ وغيرهاء فما أعجب حكمة القرآن للذي يبين 
بكلمات جليلة سر الحياة! 
وقد روي عن ابن عباس ما أنه قال في تفسير هذه الأية الكريمة: كانت السماء رتقا لاقطر» 
وكانت الأرض رتقا لا تنبت» فلما خلق للأرض أهلاء فتق السماء بالمطر» وفتق الأرض 
بالنبات (1) 
أقول: هذا التفسير جميل وحسنء ويكون من باب "الاستعارة"» وهو الذي ذهب إليه 
المفسرون القدامى» ولكن لا بمنع أن يكون في القرآن بعض هذه الروائع العلمية الي كشف 
عنها العلم الحديث» فالقرآن حمّال وجوهء وليس هناك تحكم في فهم أسراره» فربما فهم 
المتأخرون ما لم يفهمه المتقدمون, والله تعالى يقول: لإسَئْرِيهمْ آياتنا في الآفاقٍ وَفِي أَنْفسِهمْ حَتَّى 
يصَيِّن له أنه الْحَو4 (نصلت:+0). فلعل هذا من الآيات الى أطلعهم الله عليها في القرن العشرين. 
ثانيا : نشأة الكون: 
يقول العالم الفلكي جينز: "إن مادة الكون بدأت غازا منتشرا خلال الفضاء بانتظام» وإن 
السدائم - المجموعات الفلكية - خلقت من تكائف هذا الغاز". 
ويقول الدكتور جامو: "إن الكون في بدء نشأته كان مملوءا بغاز موزّع توزيعا منتظماء ومنه 
حدثت عمليات . 


هذه النظرية بحد لما في القرآن الكريم ما يؤيدها - ولولا أن القرآن أحبر عن ذلك لاستبعدنا 


('' تفسير ابن كثير: 9//7.م ١‏ 





هذه النظرية - يقول تعالى: لإنُمَاسْتوَى إِلَى السَّمّاءِ وَِيّ دُحَانَ فقَالَ لَه وَلِْدَرْضِ الْتِيَا طوعاً َو 
كَرْهاً َال أََنَا طائعِينَ» (فصلت:١0؛‏ فالقرآن صوّر مصدر لق هذا الكون "بالدان", وهو 
الشيء الذي يفهمه القرب من الأشياء الملموسة. أيكون في مقدور أمي - منذ أربعة عشر 
قرنا - أن يدرك هذا في وقت كان الناس لا يعرفون شيئا عن هذا الكون وحفاياه؟. 


تالثا : تقسيم الذرة: 

ظل الاعتقاد السائد حى القرن التاسع عشر أن الذرة هي أصغر جزء بمكن أن يوحد ف عنصر 
من العناصر. وأنها غير قابلة للتجزئة؛ لأنها الجزء الذي لا يتجزأء وقد مضت قرون على هذا 
الاعتقاد» ومنئذ عشرات السنين الماضية حول العلماء اهتمامهم إلى مشكلة "الذرة"» فأمكنهم 
تحرئتها وتقسيمهاء وقد وحدوا أنها تحتوي على الدقائق الآنية: 

)١(‏ البروتون (5) النيترون (؟) الإلكترون 
وبواسطة هذه التجزئة اخترعوا القنبلة: الذرية» والقنبلة الهيدروجينية» ونعوذ بالله من قيام 
الساعة ومن شر إبليس اللعين. 
استمع إلى قوله تعالى عند الإخخبار عن الذرّة: وما يَعْرّبُ”" عَنْ رَبك من مِْقَالِ در ني الْأَرْضٍ 
وَلا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْكْرَ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكبرَ إلا في كتَاب مين (يونس: .)71١‏ 
فكلمة لأَصْفْرَ» من الذرة في الآية القرآنية: تصريح حلي بإمكان تجحرئتهاء وفي قوله: «إوّلا 
في السَمَاءِ» بيان بأن خواص الذرات في الأرض» هي نفس خواص الذرات الموجودة في 
الشمس والنجوم والكواكبء فهل درس محمد لع حواص الذرة» وأمكنه تجزئتهاء والوقوف 
على خحواصها في الأرض والسماء؟ إنها لدليل قوي على أن القرآن وح إهي. 


يعزب: أي يغيب ويخفى. 


معجزات القرآن العلمية ١65‏ نقص الأ وكسجين 
رابعا : نقص الأ و كسجين: 
منذ اكتشاف الطيران» ظهرت للعلماء بادرة طبيعية» وهي: "نقص الأوكسجين ف طبقات الحو 
العليا"'» فكلما حلق الإنسان وارتفع في أحواء السماء» كلما أدركته هذه الظاهرة» وشعر عند 
ذلك بضيق الصدر وصعوبة التنفس» حن ليكاد يشعر بالاختناق» وهذا فإن الطيّارين يعطون 
تعليمات لل ركاب بأن يستعملوا "الأ وكسجين الصناعي" حين تعلو بهم الطائرة إلى مرتفعات عالية 
تزيد عن ”7 حمسة وثلاثين ألف قدم. هذه الظاهرة العلمية أشار إليها القرآن الكريم قبل احتراع 
الطيران» وقيل أربعة عشر قرناء استمع إلى قوله تعالى: «إفمن يُردٍ لَه أن يَهدِيْهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ 
للإسّلام ومن يرد أن يُضِلَهُ يَجْعَلُ صذْرَهُ ضَيّقا حرجا" كانم يَصّعَد في السَّمَّاءِ (الأنعام: .)١ 1٠‏ 
ولقد كان القدماء يفسرون هذه الآية حسب مفاهيمهم الى تتفق مع زمافهمء فكانوا يقولون: 
«كأَنْمَا يَصَّقدُ في السَّمَاِم أي: كمن يحاول الصعود إلى السماءء وهو ليس مستطيع؛ أو كمن 
يحاول عمل المستحيل. 
وقد حاء هذا العصر فأظهر معجزة القرآن» وسجل اتفاقا رائعا للآية القرآنية مع الواقع العلمي؛ 
فكان تأبيدا لصدق نبوة محمد كك فلله ما أروع هذا القرآن؛ وما أسماه؟ 
خامسا : الزوجية متبثة في كل شيء: 
كان الناس يعتقدون بأن الزوجية "الذكرء والأنثى" منبئة بين النوعين "الإنسان» والحيوان" فقط. 
فجاء العلم الحديثء فأثبت أن الزوجية توجد في النبات كذلكء وفي الجماد» وفي كل ذرة من 
ذرات الكون والوحود حي الكهرباءء ففيها "الموجب"”» وفيها "السالب"ء هذه فيها شحنة 
كهربائية موجبة» وتلك فيها شحنة كهربائية سالبة: وح الذرة فيها "البروتون" و"النيترون", 
وكل منهما يشبه الذكر والأنثى: وهذا الاكتشاف سبق إليه القرآن العظيم في عديد من الآيات 
الكرعة, استمع إلى هذه الروائع البينات: 


() حرجا: شديد الضيق. 





لوَمِنْ كل شَيْءٍ حَلقنا زَوْجَين لَعَلكُمْ َذ و (الذريات:44). فالعموم هنا واضح: 
لوَمِنْ كل شئو». 
ب- لأأولمْيرَوا إلى الَْرْضٍ كَمْأننَا فا منْ كَلَرَدجٍ كرِيمٍ» ولعمراء:,) الإشارة هنا "للنبات 
ج- «سبحان الَّذِي حَلَقَ الأ" اج مات لض وين أنه ويا ل 
يَعْلمُونَ# (يس:1 9). 
فهذه الآية الكريمة عممت الزوجية في النبات والإنسان» وفي كل شيء مما نعلمه؛ أو لا نعلمه 
فسبحان الإله القدير العليم الذي أحاط علمه بكل الأكوان» وأحصى كل شيء عددا. 


سادسا : أغشية الجنين: 

ثبت علميا أن الحنين في بطن أمه محاط بثلائة أغشية, وهذه الأغشية لا تظهر إلا بالتشريح الدقيق» 
وتظهر بالعين المحردة كأنها غشاء واحد» وهذه الأغشية هي الي تسمى: "الغشاء المنباري". 
و"المخوربون"» و"اللفائفي." هذا ما أثبته الطب الحديث» وقد جاء القران الكريم مؤيدا هذه 

7 --ظذظ د ب للد عا 2 
الحقيقة العلمية؛ وذلك ف سوره الزمر 5 قوله جل وعلا: «#يخلفكم فِي بطونٍ أمهاتكمٌ حلقا 
من بعل لق في ظَلَّمَاتٍ نَلاثِ ذَلِكُمُ اله رَبك لَهُ املك (الزمر: ")6 ففي هذه الآية معجزة علمية 
للقران. فقد أخديز أن اجنين له ئلائة أغشية سماها: "ظلمات"؛ لأن الغشاء حاجزء وحجاب 
يمححز عنه النور والضياءء وهي في العلم الحديث ثلائة أغشية. 


أثبت العلم الحديث: أن الحواء ينقل الأعضاء المذكرة إلى المؤنثة في النخيل والتين» وغيرها من 
الأشجار المثمرةء فيكون التلقيح بواسطة الرياح0" واللهواءء وهذه الناحية العلمية تحدث عنها 
يقول المستشرق المستر "أجنيري" الأستاذ في مدرسة "أكسفورد" في القرن الماضي: إن أصحاب الإبل قد 


عرفوا أن الريح تلقح الأشجار والثمار قبل أن يعلمها أهل أوروبا بئلاثة عشر قرناء يشير بذلك إلى أن هذا مما 
سبق إليه القرآن. والفضل ما شهدت به الأعداء. 


معجزات القرآن العلمية ١54‏ الحيوان المنوي 
القرآن الكريم في قوله جل ثناؤه: وار 'سَلْنَا الويًا حَ لْوَاقِحَ فَأَنْرَلَنَ فر السماع ما 
اه وَما ألم لَه بحَازِنِينَ4 (لححر:؟0» وهذا سبق للقرآن في الحقائق العلمية الثابتة 
ثما يدل على صدق النبوة. 
امنا : الحيوان المنوي: 
اكتشف الطب الحديث أن هذا السائل من منييٌّ الإنسان: يحوي حيوانات صغيرة تسمى: 
'الحيوانات المنوية"» وهي لا تُرى بالعين المحردة» إنما ترى "بالمكرسكوب"؛ وكل حيوان منها له 
رأس ورقبة وذيلء يشبه دودة العلق في شكلها ورسمهاء وأن هذا الحيوان يختلط بالبويضة 
الأنثوية فيلقحهاء فإذا ما تم اللقاح انطبق عنق الرحمء فلم يدل شيء من بعده إلى الرحمء 
وأما بقية الحيوانات فتموت؛ وهذه الناحية العلمية وهي : أن الحيوان المنوي يشبه العلق في 
الشكل والرسمء فقد أثبتها القرآن» استمع إلى قوله حل وعلا: اقْرَأباسْم رَبِكَ الذي حَلَقَ 
خَلقَ لْإنسَان مِنْ علق العلق: »)١1‏ فهذه الآية معجزة بليغة من معجزات القرآن لم يظهر وقت 
نزوها ولا بعده .مئات السنين إلى أن اكتشف المجهر المكبر "المكرسكوب"» وعرف كيف 
يتكون الإنسان بقدرة الله! 
تاسعا : اختللاف بصمات الإنسان: 

في القرن الماضي سنة (4885١)م‏ استعملت في انكلترا رسميا طريقة للتعرف على الشخص بواسطة 
بصمات الأصابع؛ وأصبحت هذه الطريقة متبعة في جميع البلاد» ذلك؛ لأن بشرة الأصابع مغطاة 
بخطوط دقيقةء وعلى عدة أنواع: "أقواس» عراوء دوامات"؛ وهذه الخنطوط لاتتغير مدى الحياة» 
وجميع أعضاء الجسم تتشابه أحياناء ولكن الأصابع لها مميزات خحاصة؛ إذ أنها لا تتشابه 
ولا تتقارب» وهنا المعجزة الإلحية» فلماذا اختار الله سبحانه بنان الإنسان في إقامة الدليل على 
البعث: لإأَيحْسَبُ الأنسَان أل نح نَحْمَعْعِظامَه يَلَى قاور ين عَلى أَنْ نُسَوٌي بان (القيامة:؟:4). 


معجزات القرآن العلمية ١56‏ الوفاء بالوعد 


_- الوفاء بالوعد:. 
ومن وجوه الإعجاز في القرآن الكريم "الوفاء بالوعد" في كل ما أخبر عنه» وفي كل ما 
وعد الله سبحانه عبادة به وهذا الوعد ينة ينقسم إلى قسمين: 
أ- وعد مطلق. 


ب- وعد مقيد. 

فالوعد المطلق كوعده بنصر رسوله؛ وإنخراج الذين أخرجوه من وطنه» ونصر المؤمنين على 
الكافرين» وقد تحقق ذلك كله؛ اقرأ إن شئت قوله جل وعلا: «إِنا فَتَحْنَا لَك فتْحاً مُبيناه 
ِيَغِْرَ لَك الما تَقَدمٌ من ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخّرَ وَيْتدَ نِعْمتَه عَليِكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيما وَيَنْصُرَكَ 
الله نض رأ عَز يز أ]» (الفتح: ,)7-1١‏ 
وقد تتحقق هذا النصر بفتح مكة؛ وبدخحول الناس في الإسلام أفواجا أفواجاء وبذلك تمت 
النعمة على سيد الأنام محمد وَل وأقر الله عينه بنصره على أعدائه: «إإِذًا جَاءَ نَصِرْ الله وَالْفْحُ 
رت ل مدعلو في دين لواحأ مسئحِْحَطدٍ مك انه ادو به (النصر: .)5-١‏ 
وصدق الله وعده بنصرته لأنبيائه وأوليائه: إن لتنْصد 5.* قا لذو عراف الحياة الدنها ريق 
يقوم الْأَسْهَاد) (غافر: ١ه).‏ 
ومن الوعد المطلق قوله حل ثناؤه: «إوَكَانَ حَقاً عَلَينَا نَضْرٌ الْمُؤْمِنِينَ© (لروم:47)» وقد تحقق 

نصر المؤمنين في مواطن عديدة في بدر وأحد وغيرهما من المعارك العظيمة لي 6 تاريخ 
الإسلام» اقرأ قوله تعالى: «إوَلْقَدَ نْصرَ كم الله يدر واكم أل فاقوا ال ملك تَشْكرُونَ4 
(آل عمران:+77١)»‏ وقوله جل وعلا: #وَلَقَدُ صَدَفَكمٌ ّدو عَدَهُ إذ إِذ تَحْسُونَهُم ياذنه» (آل عمران:187) 
تحسوفم: أي تقتلوهم قتلا ذريعا. 
ومن الوعد المطلق قوله سبحانه: وَعَدَ الَهلَذِينَ آمنُوا مِنْكُمْ وَعَمُِوا الصّالِحَاتِلَيَسْمَحْلِمتهُمْي 
الأَرْضٍ كما اسْتَخَلفٌ الذي من يْلهم» (النور: 5 ©). 


ل 


معجزات القرآن العلمية لكا العلوم والمعارف 
وقد تحقق الوعدء فانتصر المؤمنون حي فتحوا مشارق الأرض ومغاريهماء وسارت حيوشهم 
حى بلغت أقاصي المعمورة» وقد كان أبو بكر نه إذا أرسل جيوشه للغزو عرّفهم ما وعدهم 
الله؛ ليتقوا بالصبر ويستيقنوا بالظفرء ومن الوعد المطلق قوله سبحانه: «إهوَ الَذِي أَرْسَلَ رَسُولَه 
بالهُدى وَدِين الْحَقَّ لِيظْهرَهُعَلَى الدّين كله وَكفى بِاللَهِ شهيداً (لفتح:دم. أما الوعد المقيد فهو ما 
كان فيه شرط كشرط التقوى» وشرط الصبر» وشرط نصرة دين الله وما شابه ذلك. 

قال تعالى: إن تَنْصّرُوا اللَّهنْصَرْ كم وَيعَّتْ أقذَامَكم) (حمد:,). 

وقال تعالى: نيت للّهيَجْعَل لَه مَخرّجاً ‏ وَيَْزْقهُ مِنْ حَيِثْ لا يُحَْسِبُ» (الطلاق:001). 
وقال تعالى : ومن يت اللَّهيَجْعَ ل لَه من مره يُسْر أ (الطلاق: 4 ). 

وقد وعد الله المؤمنين امار بشرط الصبر» كما قال تعالى: هويا هما الب حَرَض الْمُوِْنِيَ 
عَلَى الْقَعَالٍ إن يكن مِنْكدُ ع عِشْرُونَ صَايرُونَ يَطْلِبُوا ماين وَإنْ يَكُنْ منْكُمْ مائة ُو فا من الذي 
كدو ةوه لا يفقَهُون» (الأنفال: 56). 


م - العلوم والمعارف: 

ومن وجوه إعجاز القرآن: هذه العلوم والمعارف الي زححر بما القرآن الكريم» وال بلغت من نصاعة 
البرهان وقوة الْحجّة مبلغا يستحيل على محمد يله - وهو رجل أمىّ نش بين الأمبّين - أن يأت با 
من عند نفسه» بل يستحيل على أهل الأرض جميعا من أدباء وعلماء» وفلاسفة وحكماء؛ ومن 
مشرعين وعباقرة أن يأنوا.مثل هذه العلوم والمعارف, وفي هذا الوجه من وجوه إعجاز القرآن حجة 
دامغة» وبرهان ساطعء يقصم ظهر كل أفاك مُعاند» يزعم أن ما جاء به محمد إن هو إلا تعاليم 
الكتب السابقة» استمدها محمد من بعض أهل الكتاب في عصره. ثم نسبها إلى ربه؛ ليستمد من 
هذه النسبة قدسيتها: «كيرث كَلِمَةتَحْوْجمِْأَْوَاحِهمْ إن يَفُولُونَ إلا كذب (لكهف:ه) 

ونحن نقول لهؤلاء العْمِي : كيف يكون القرآن نسخة عن الكتب السابقة» وقد جاء منكرا على 


معجزات القر آن العلمية 5" العقيدة الإسلامية 
أهلهاء مخالفا لأكثرهاء بل حاء مبطلا وهادما لأصول أفكارها وعقائدها بسبب ما دحل فيها 
من تحريف وتبديل؟ 
وكيف بمكن أن تتفق عقيدة "التوحيد" مع عقيدة "التثليث"» وبينهما كما بين السماء والأرض؟ 
ألم يسمعوا الحكم القاطع الحازم في فيهم بأنهم كفرة فجرة يعبدون أحبارهم ورهباهم من دون 
الله: طوَقالتٍ الْيَهُود ريد الله وَقالَتِ النَصَارَى الْمَسِيحُ ابن الله لِك قله يواهم يُضَاهُِونَ قَوْلَ 
لين كفرُوا مِن قبل قائلهُم اله أنى يُؤْفَكونَ © انَحَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونٍ الل 
وَالْمَسِيحَ ابْنَمرْيمَوَمَا أُمِرُوا لا يدوا لها وَاجدا لا لهل هو سُبْحَائه عَما يُشْ كوت (النوية: .0100). 
حاء القرآن بالعلوم المتنوعة؛ والمعارف المتعددة في العقائد والعبادات» والتشريع والتنظيم» وق 
الألاق والمعاملات» وفي حقول شيئ: في التربية والتعليم» وفي السياسة والاقتصادء وفي 
الفلسفة والاحتماع؛ وكذلك في القصص والأخبار» وف أصول المناظرة والجدل. 
ولاشك أن هذا الوجه من أظهر وجوه الإعجازء فكيف يستطيع رجحل أمي لم يقرأ ولم يكتب» 
ولا نشأ في بلد علم وتشريع» ولا في مدينة ذات حضارة ومدنية: أن يأني ,مثل ما في القرآن 
من هذه العلوم والمعارف تحقيقا وكمالاء مؤيدا بالحجحج والبراهين بعد أن قضى معظم حياته 
لا يعرف شيئا عنهاء ولم ينطق بقاعدة أو أصل منهاء ولا حكم بفرع من فروعها إلا أن يكون 
ذلك وحيا من الله تعالىي؟ وأحب أن أقتصر هنا على مثل من هذه العلوم المتنوعة العديدة» وهو 
بحث "العقيدة في القرآن"» وأن أقارن بين تعاليم الإسلام» وتعاليم اليهودية والنصرانية على 
عهد نزوله؛ ليتبين الصبح لذي عينين» ويظهر ضياء الحق الساطع؛ ونوره الباهر» وكما قيل: 
'وبضدها تتميز الأخياء". 

العقيدة الإسلامية: 
جاء القرآن بعقيدة سمحة صافية» بيضاء نقية في ذات الله تبارك وتعالى» وفي حق رسله الكرام؛ 
فالله رب العالمين واحد أحد, فرد صمدء ليس له والد ولا ولد؛ له جميع صفات الكمالء 


معجرات القرآن العلمية حي العقيدة اليهودية 
ومنزه عن حووناك النقص: "لا ذاته تشبهها الذوات» ولا حكت صفاته الصفات": 
ليس كمِثله ه شيْءٌ وَهَوَ و السَمِيع الْمَصِيرُ # (الشورى:١١)‏ وهو جل وعلا قيوم إلا َأَحذةُ 
سنّة وَلا نوم (البقرة:0؟) ولا يشغله شأن عن شأن: : لَه مَافِي السَّمَاوَاتِ وَما فِي الْأَرْضٍ 
وما بِيْنَهِمَا وما تحت التررَى وطه:ى)... هو الخالق المتفرد بالخلق والإيجاد» وبيده ناصية 
العباد» يضل من يشاءء ويهدي من يشاء لوَهوَ عَلَى كل ٠‏ شَيْءٍ قدِير 4 (المائدة: )11٠١‏ الكل حلقه 
والجميع عبيده: «إإِنْ كل مَنْ في السَّمَارَاتِ وَالْأْرْضٍِ ل آتِي الرَّحْمَن عَبْدا4 مرع:4) اقرأ إن 
شكت هذه الآيات الروائع في صفات الله عزوجل: 
3 إن إلَهَكهْ لاعن رب السمارات وَالْأَرْضٍ وَما يَيَهُمَاوَرَبُ الْمَشَارِقٍ (الصافات:0,4). 
١‏ ونا على يلاخ وي شوب (طه:ئمة). 
ع طقل ادْعُوا الل أ و ادعوا الرحمن أ ل 
الو ا م وَل الْحَمْد بت لَذِي لم يِذ ولد ولويكن له 
رك ف المُلْك ولَمْيَكنْلهُ وا الال وَكبَرْهُ تكبير أ (الإسراء: .)١1761 1٠‏ 
1- يا يها اتام : نشم الف قرَاء إِلَى اللَّهِوَاَههوَ الْعَنُِ الْحَمِيد إن شا لدلكى وَيَأتِ بحَلقٍ 
جَدِيدٍ وَمَاذْلِكَ على الله بعَرِيزٍ © (فاطر: 6 107-1). 
العقيدة اليهودية: 
وضل اليهود بعد موسى علتلا فعبدوا بعلاء وزعموا أن لله ابنا هو الغزير علِك» وشبهوا الله 
بالإنسان» فزعموا أنه تعب من خلق السماوات والأرض» فاستراح يوم السبت» واستلقى على 
قفاه» وركبوا رؤوسهم, فقالوا: إنه - جل وعلا - ظهر في صورة إنسان» وصارع إسرائيل؛ 
فلم يستطع أن يغلبه» ولم يتخلص منه الرب حى باركه وذريته» فأطلقه عند ذلك يعقوب» 
وادّعوا أنهم الشعب المختار من بين الشعوب» وأنهم أبناء الله وأحباؤه؛ وأن الدار الآخرة خالصة 


معجزات القرآن العلمية 7 ؟ العقيدة النصرانية 
هم من دون الناسء وأن النار لن تمسهم إلا أياما معدودة» هي مدة عبادتهم العجل أربعين يوما 
كما افتروا على السيد المسيح "عيسى"”؛ فزعموا أنه ابن زناء وأن أمه زانية» وأفهم صلبوه؛ 
ليطهّروا بن إسرائيل من هذه الجرعة الشنيعة. 
كل هذا - وأمثاله كثير - من أباطيل وأضاليل اليهودء جاء القرآن هادما لما وحربا عليهاء 
فكيف يزعمون أن القرآن نسخة عن التوراة؟ 

العقيدة النصرانية: 
وضل النصارى» فزعموا أن لله ولداء وذهبوا إلى عقيدة معقدة من الإبمان بالتثليث: "الأب»ء 
والابن» وروح القدس”", وسموها بالأقانيم» فعيسى هو "الأقنوم" الثاني من الثالوث الإلحي الذي 
هو عين الأول والثالث» وكل منهما عين الآرء الثلائة واحد» والواحد ثلاثة» وخلعوا على 
رجال كهنوتهم ما هو حق لله وحده من التشريع والتحليل والتحريم» وزعموا أن "ابن الإله" 
صلب؛ ليخلص الإنسان من خطيئته» ويطهره من أوزاره؛ والأعجب من هذا: أن كثيرين منهم 
يعتقدون بأن "عيسى بن مرب" هو الله نزل إلى الأرض بصورة بشر. إلى غير ذلك من الأباطيل 
والمخازي الى نسبوها إلى الله تعالى: لسْبْحَانه وَتعَالى عَمَا يقَولُونَ علو كبير )4 (الإسراء: 17). 
فانظر مدى البون الشاسع بين الحق الذي جاء به القرآنء وبين الباطل الذي جاء به هؤلاء 
وهؤلاء على أن القرآن الكريم لم يكتف بسرد هذه الأباطيل والإخبار يما عن تحريف أهل 
الكتاب» بل رد على أولئك ببراهينه الساطعة» وأدلته القاطعة. 
استمع إليه وهو يقول عن أهل الكتاب "النصارى": «إيا أَمْلَالْكتَابٍ لا تَغْلُوا في دينكمْ وَلا تقَولُوا 
ا 00 


وَرُسْلِهِ ولا تقولوا ثَلانّة انتَهوا خيراً لكم نما الله إِلَهُ وَاحِدَ سبْحَاتَهُ أن يكون له وَلْد لَه مَا في 


السَّمَاوَاتِ وما فِي الَْرْض وَكَفَى باللَه وَكيلاً © لَنْ يُسْتَدْكف الْمَسِيحٌ أَنْ يكون عَبْدابلَّه ولا الْمَلائْكة 


معجرات القرآن العلمية ٠5‏ وفاؤه غغاحات البشر 
المع روت ور تسد يسسنَكف عن عِبَادَيَه ويس يستَكبر' 0 : فَسَيَحَشْرْهِو إِليّه 3 جمِيعا# (النساء: .)١7711/1‏ 
واستمع إليه وهو يتكلم عن أهل الكتاب "اليهود". فيقول: «إفيمًا نقضِهم ميثاقهم وَكفرهم 


- 


2 ليم و5 لاع تى لو ليه ا ا 0 3 وه اا 5 
بيات الله وَْلِهِم الَْئياء بير حَق وقَوْلِهِم قلُوبنا عُلْفٌ بل طَبَعَ عليه يكف رهم فَلايوْمِنُونَ إلا قليلاً 57 


ما لوه وَمَا صَلَبُومُوَلَنْ شْبه لَهُْ ون اين احْتَلَُوا فيه لني سَلكٌ مِنْهُمالَّمُْبهِ مِنْ عَم إلا اع 
الظر وَمَا َوه قينا بل رَفعَه الله ليه وَكان اللعَزِيزاً حَكيماً» (النساء: .)١ 68-1١88‏ ْ 
ولقد صرح القرآن بالتحريف الذي وقع عند أهل الكتاب في "التوراة والإنحيل"» وبين أن مهمة 
الرسول إنما هي في تصحيح ما ارتكبه أهل الكتاب من الكذب والبهتان» وفي كشف ما أخحفوه 
من آيات الله في التوراة والانخيل: طم َْلَلتَابٍ قد حَاحُم َسُوثنا م كم رامنا حك 
ُحْفُونَ من الكتَابٍ وَيَحْفُو عَنْ كثيرٍ قد حَاءَكُمْمِنَ الور وَكِتَابٌ مين 2 يَهَدِي به اللهمنِ نَع ِضوَانَهُ 
سبل السّلام ويُْحْرِجُهُمْمِنَ الظلْمَاتٍ إلَى الثور بِذْنهِ ديهم إِلَى صِرَاطٍ مُسْتقيمٍ)» ولاهدةنه13:1). 
فهل بعد هذا البرهان من حجة أوضح على صدق سيد المرسلين؟ ا الله "البوصيري" 
حيث يقول: 
كفاك بالعلم في الأمي عتيدرة في الجاهلية والتأديب في اليتم 

8 - وقاوّه بحاجات البشّر: 
وهذا الوحه من وجوه الإعجاز ظاهر حلي؛ يدركه كل متأمل في شريعة الإسلام» فقد جاء 
القرآن الكريم بحدايات تامة كاملة» شاملة واسعة» تفي بحاحات البشر في كل زمان ومكانء 
ويتجلى ذلك إذا استعرضت المقاصد النبيلة الي رمى إليها القرآن في هدايته وإرشاده وهي بإيجاز: 

١‏ - إصلاح الأفراد. ؟- إصلاح امجتمعات. ١‏ ” - إصلاح العقائد. 

؛ - إصلاح العبادات. ه - إصلاح الأخلاق. 5- إصلاح الحكم والسياسة. 





/ - إصلاح الشؤون المالية. 8 - إصلاح الشؤون الحربية. 4 - إصلاح الثقافة العلمية. 
٠‏ - تخرير العقول والأفكار من اللخرافات. 
ولقد أحسن من قال: 

شريعة الله للانسان تبيان وكل شيء سوى القرآن خخسرا 


١) 
د‎ 


٠‏ - تأثير القرآن في القلوب: 

ومن وجوه إعجاز القرآن ذلك التأثير البالغ الذي أحدثه في قلوب أتباعه وأعدائه» حى لقد 
بلغ من شدة التأثير أن المشركين أنفسهم كانوا يخرحون في جنح الليل يستمعون إلى تلاوة 
القرآن من المسلمين» وحى تواصوا فيما بينهم ألا يستمعوا إلى القرآن» وأن يرفعوا أصواتهم 
بالضحيج حينما يتلوه محمد؛ لثلا يؤمن به الناس: لإوَقالَالَذِينَكَمَرُوا لانَسْمَعُوا لهذا الَْْآنٍ 
وَالْمَوْا فيه ََلَكُهْ ُو (فصلت:17). 

ولقد بلغ من تأئير القرآن في القلوب أن يفيء إلى ظلاله أشد الناس عداوة له وأعظمهم 
عناداء فيسلم كثير من هؤلاء الزعماءء وعلى رأسهم عمر بن الخطاب» وسعد بن معاذ 
وأسيد بن حضير ّمه وغيرهم من القادة والرؤساءء هذا هو عمر بن النطاب الذي يبلغ من 
شدة قسوته على المسلمين أن يقول فيه أحدهم: "والله لن يسلم حي يسلم حمار الخطاب". 
والذي يبلغ من شدة عدائه أن يتقلد سيفه بالظهيرة» ثم يخرج ليفتش عن محمد 25 
ليقتلهءثم لا يأتي المساء إلا وقد رحع معتنقا للاسلام بسبب بضع آيات سمعها في بيت أخته 
من "سعيد بن زيد" ذه والقصة مشهورة. 

وتأمل كيف أسلم سعد بن معاذ دنه - سيد قبيلة الخزرج - هو وابن أخيه أسيد بن حضير. 
تروي كتب السيرة: أن رسول لله وي حين كان في مكة جاءه وفدٌ المدينة الذين بايعوه بيعة العقبة: 


"© من قصيدة للأستاذ وليد الأعظمي. 





فأرسل معهم مبعوثين جليلين يعلمافهم الإسلام والقرآن» وهما : "مصعب بن عمير وعبدالله بن 
أم مكتوم ضقّباء فلما وصلا المدينة أخذا يعلمان الناس القرآن» فبلغ ذلك سعد بن معاذ ن#ه 
- سيد القبيلة -: فقال لابن أحيه أسيد بن حضير: ألا تذهب إلى هذين الرجلين اللذين جاءا 
يسفقهان ضعفاءناء فتنهاهما وتزجرهما عن هذا الصنيع؟ 

فسار إليهما أسيدء فلما انتهى إليهما قال لهما: ما جاء بكما؟ جئتما تسقهان ضعفاءناء ثم 
توعدهما وهددهما فقال: اعتزلانا إن كانت لكما في أنفسكما حاحة؟ 

فقال له مصعب وه : أو تجلس فتسمع؟ فإن رضيت أمرا قبلته» وإن كرهته كففنا عنك ما تكره. 
فجلس أسيد وجعل مصعب «ه يقرأء وهو يسمعء فما انتهى من بجلسه حى أسلمء ثم كر 
راجعا إلى سعد فقال له: والله ما رأيت بالرحلين بأساء وأحفى أمامه إسلامه» فغضب سعد وقام 
بنفسه ثائرا مهتاحاء فقال لهما: ما حاء بكما؟ أجنتما تسفهان ضعفاءنا؟ اعتزلانا. 

فقال له مصعب ذيه: أو تحلس فتسمع؟ فإن رضيت أمرا قبلته مناء وإن كرهته كففنا عنك 
ما تكره. فقال: أنصفتماء فجعل مصعب ذه يتلو القرآن عليه» وسعد يستمع. 

يقول مصعب دنه: والله! لقد كان وجه سعد يشرق بالإبمان وهو يستمع القرآن» فما انتهى 
مصعب من القراءة حي أعلن سيد الأوس إكانه» ثم كر راجعاء فجمع قبيلته وقال لهم: كيف 
تعدون فيكم؟ قالوا: سيدنا وابن سيدناء فقال لهم سعد: كلام رحالكم ونسائكم علي حرام 
حّ تسلموا .بمحمد» فدخلوا جميعا في الإسلام... رضي الله عن سعد وأرضاه. 

هكذا كان تأثير القرآن في قلوب الأولياء والأعداء» ولا تنس قصة الوليد بن المغيرة» وعتبة بن 
ربيعة وغيرهما ممن تأروا بالقرآن» ولولا حب الزعامة» ولولا حب الحاه والسلطان لدخلوا 
جميعا في دين الله ولكن الهداية بيد الله لإيْضِل مَنْ يَشَاء (الرعد:7؟) وليَهِدِي مَنْ يَسَاءُ وَهِوَ 
َعْلَمبالْمُهَْدِينَ4 (القصص:”5). 

ذكر صاحب تفسير المنار أن فيلسوفا من فلاسفة فرنسا ألّف كتابا ردَّ فيه - ما زعمه دعاة 


جزات القرآن العلمية /ا6 آن من التناقض 
النصرانية من أن محمدا وك نم يأت .مثل آيات موسى» وعيسى عليهما السلام» ولم يكن له من 
الآيات الخوارق ما كان لمن قبله - فقال ذلك الفيلسوف: 

"إن محمدا كان يقرأ القرآن خاشعا مولها مدلهاء صادعا ومتضرعاء فيفعل في جحذب القلوب 
إلى الإبمان به فوق ما كانت تفعله جميع آيات الأنبياء السابقين”©.وذكر الرافعي كلمة قيّمة 
في كتابه "إعجاز القرآن" هذه الكلمة نقلها عن الأمير شكيب أرسلان: "أن "لوثير" و"كلفين" 
المصلحين المعروفين في التاريخ المسيحي» ذكرا مرة أمام "فولتير" فيلسوف فرنساء فقال: "إنهما 
لايليقان حذاءين لنعال محمد كك" . 





سلامته من التناقض: 

وأخيرا فإن من وجوه الإعجاز في القرآن الكريم سلامته من التناقض والتعارضء خلافا الجميع كلام 
البشر» وصدق الله حيث يقول: ولو كان مِنْعِنْدِ غير الله لوَحَدَوا فيه اختلافا كني )4 (النساء: 85). 
هذه بعض وجوه الإعجاز في القرآن؛ وهناك وجوه أرى ضربنا عنها صفحا حشية التطويل. 

ولا يزال الزمن يكشف عن أسرار إعجاز القرآن» فكلما تقدم الزمن تحلت نواح من نواحي 
إعجازه» وقام البرهان القاطع أنه تنزيل الحكيم الحميدء ومع ذلك فإن هذه الأسرار الي 
ذكرها العلماء» إن هي إلا قطرة من بحر علوم القرآن» ومهما اتسع القول وعظم البيان» فإن 
كلام الله تعالى لا يحيط به أحد» كما لا يحيط أحد بعظمة ذاته» وجليل صفاته. 

دفع شبهة القول بالصرفة: 

وإذ قد انتهينا من وحوه إعجاز القرآن الكريم نرى لزاما علينا أن ندفع تلك الشبهة الي ذهب 
إليها بعض المعتزلة وبعض الشيعة» وهي: "شبهة القول بالصرفة". 


وخلاصتها: أن الله عرّ وحل صرف العرب عن معارضته على حين أنه لم يتحاوز في بلاغته 


4 6ه‎ ١ 


معجزات القرآن العلمية 4 ؟ شبهة القول بالصرفة 
المستوى الذي يعجز عنه البشرء ولولا أن الله صرف همهم عن معارضته لاستطاعوا أن يأتوا 





فأنت ترى أصحاب هذا القول يذهبون إلى أن القرآن ليس معجزا بذاته» وإِنما كان إعجازه 

بسبب أمرين: 

الأول: الصارف الإلهي الذي زهدهم ف المعارضة» فكسلوا وقعدوا. 

الثائي: العارض المفاجيء الذي عطل مواهبهم البيانية وقدرقم البلاغية. 

وهذا القول -بشقيه- باطل» لا يثبت أمام البحثء ولا يتفق مع الواقع» وذلك لعدة أسباب: 

أولا: لو كان هذا القول صحيحاء لكان الإعجاز في "الصرفة" لا في القرآن نفسهء وهذا 

باطل بالإجماع. 

انيا: لو صح القول بالصرفة لكان ذلك "تعجيزا" لا "إعجازا"؛ لأنه حينئذ يشبه ما لو قطعنا 

لسان إنسان, ثم كلفناه بعد ذلك بالكلام فهذا ليس من باب العجزء وإنما هو من باب التعجيز. 
ألقاهٌ في اليم مكثوفا وقال له إَِّاك إيّاك أن تَبتل بالماء 

الغا: لو كان هناك صارف زهدهم في المعارضة من "كسل أو ملل" لما وقفوا في وجه نبي 

الإسلام» ولما آذوهء وأصحابه ولما عذبوا المسلمين وشردوهم؛ ولما قاطعوا الرسول وعشيرته. 

وحاصروهم ف الشعب ح أكلوا ورق الشجرء ولما فاوضوه وساوموه على أن يترك الدعوة 

ثم اضطروه إلى الهجرة هو وأصحابه الكرام إلى غير ما هنالك من دوافع وبواعث» جعلتهم 

يسلكون كل سبيل للقضاء على الإسلام. 

رابعا: لو كان هناك عارض مفاجىء عطل مواهبهم البيانية لأعلنوا ذلك في الناس؛ ليلتمسوا 

العذر لأنفسهم, وبالتالي؛ ليقللوا من شأن القرآن» ولكانوا بعد نزول القرآن أقل فصاحة 

وبلاغة منهم قبل نزوله» وهذا باطل واضح البطلان. 

خامسا: لو كان هذا العارض المفاحىء صحيحا لأمكننا نحن الآن» وأمكن المشتغلين بالأدب العربي 


معجزات القرآن العلمية 26 حاول أحد معارضة القرآن 
في كل عصر أن يعارضوا القرآن» وأن يتبينوا الكذب في دعوى إعجازه» وكل هذه الأشياء 
باطلة» فهل يرضى عاقل لنفسه أن يقول بعد ذلك كله: إن العرب كانوا مصروفين عن معارضة 
القرآن وني القرآن» وأفهم كانوا مخلدين إلى العجز والكسلء زاهدين في النزول لذلك الميدان؟ 
وهل يصح لإنسان يحترم نفسه وعقله أن يصدّق ,مثل هذا الافتراء» القول "بتعطيل المواهمب 
والحواس" بعد أن يستمع إلى شهادة لد الأعداء من صناديد قريش وهو "الوليد بن المغيرة" حين 
قال كلمته المشهورة: "والله لقد سمعت آنفا كلاما ليس من كلام بشرء ليس بشعرء ولا نثرء 
ولا كهانة» والله إن له لحلاوة» وإن عليه لطلاوة» وإن أعلاه لمثمرء وإن أسفله لمغدق». وإنه 
ليعلو وما يعلى"؟ 

والفضل ما شهدت به الأعداء.... وأحتم هذه الكلمة بما ذكره العلامة القرطبي في 
تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" حيث قال: "فهذه عشرة وجوهء ذكرها علماؤنا طد في 
إعجاز القرآن» وهناك قول آخر ذكره النظام: أن وجه الإعجاز هو المنع من معارضته. 
والصّرفة عند التحدي .مثله» وأن المنع والصرفة هو المعجزة دون ذات القرآن» وذلك أن 
الله تعالى صرف هممهم عن معارضته مع تحديهم بأن يأتوا بسورة من مثله؛ وهذا فاسد؛ 
لأن إجماع الأمة أن القرآن هو المعجزء فلو قلنا: "إن المنع والصرفة هو المعجز لخرج 
القرآن أن يكون معجزرا. 0) 

والصحيح أن الإتيان .كثل القرآن لم يكن قط ف قدرة أحد من المخلوقين» ويظهر لك قصور 
البشر في عجزهم عن الإتيان.كثل سورة من أقصر سور القرآن مع التحدي اللاذع. 

هل حاول أحد معارضة القرآن؟ 

أجمع رواة التاريخ والآئار على أن أساطين البلغاء وفحول الشعراء من مشركي العرب لم تحدثهم 
أنفسهم .معارضة القرآن» ول ينقل عن أحد منهم أنه حاول أن يأ .معارضة للقرآن مع شدة 





)0 انظر تفسير القرطي: 61 ,. 


معجرزات القرآن العلمية 51 حاول أحد معارضة القرآن 





حرصهم على صِدّ الناس عن الإسلام؛ والتكذيب برسالة محمد ك. 

ولكن نقل عن بعض السفهاء الحمقى أنهم حاولوا معارضة القرآنء» فكان ما أتوا به لا 
يخرج عن أن يكون محاولات مضحكة, أخجلتهم أمام البشرء وجعلتهم أضحوكة لدى العقلاء 
فباءوا بغضب من الله وسخط من الناس» وكان مصرعهم هذا كسبا جديدا للحق» وبرهانا 
ناصعا على أن القرآن كلام الله الذي لا يستطيع معارضته إنسان. 

أ- فمن أولئكك: "مسيلمة الكذاب" الذي ادعى النبوّة» وزعم أنه شريك لرسول الله في 
شأن النبوة» وقد كتب إليه في السنة العاشرة للهجرة يقول: "أما بعد! فإني قد شوركت في 
الأرض معكء وإنما لنا نصف الأرضء ولقريش نصفهاء لكن قريشا قوم يعتدون". 
وقد زعم مسيلمة أن له قرآنا نزل عليه من السماء. ويأتيه به ملك يسمى "رحمن". وها نحن 
ننقل طائفة من أقواله وهّذيانه؛ ليظهر كذب هذا الأحمق الدجال» ويتضح أمرهء فكفاه ذلك 
الوصف أنه كذاب. 
قال - أحزاه الله - معارضا سورة العاديات: 
(والطاحنات طحناء والعاجنات عجناء والخابزات خيزاء والثاردات ثرداء واللاقمات لقماء 
إهالة وسمنا... لقد فضّلتم على أهل الوبرء وما سبقكم أهل المدّرء ريفكم فامنعوهء والمقبر 
فآووهء والباغي فناوئوه) وقال: "والشاءٍ وألوافاء وأعجبها السود وألبافهاء والشاة السوداءء 
واللبن الأبيض» إنه لعجب محضء وقد حرم الَذَق فما لكم لاتمجعون). 
ومن قرآنه المفترى: (الفيل ما الفيل» وما أدراك ما الفيل» له ذنب وبيل» وخرطوم طويل...) 
الح. وقوله: (يا ضفدع بنت ضفدعين» نقي ما تنقين» نصفك في الماء ونصفك في الطين» لا 
الماء تكدرين» ولا الشارب تمنعين). 


وقد زعم أنه عارض سورة الكوثر» فخرج إلى الناس يهذا الحذيان: 


معجزات القرآن العلمية 51" حاول أحد معارضة القرآن 
(إن أعطيناك الجماهرء فصل لربك وجاهرء إن شائئك هو الكافر). 

وكل كلامه على هذا النمط واه سخيف لا ينهض ولايتماسكء وأنت خبير بأن مثل ذلك 
الإإسفاف ليس من المعارضة ف قليل ولا كثير. 

يقول الرافعي من : "إن مسيلمة لم يرد أن يعرض للقرآن من ناحية "الصناعة البيانية"» وإنما أراد 
أن يأحذ سبيله إلى استهواء قومه من ناحية أخرى» ظتها أهون عليه وأقرب تأثيرا ف نفوسهم, 
وذلك أنه رأى العرب تعظم الكهّان في الجاهلية» وكانت عامة أساليب الكهان من هذا 
السجع القلق, الذي يزعمون أنه من كلام الجن كقوهم: "يا جليح؛ أمر بجيح؛ رحل فصيح, 
يقول: لا إله إلا الله", فجعل يسجع؛ ليوهم أنه يوحى إليه على أنه لم يفلح في هذه الحيلة إذ 
كان أشياعه يعرفونه بالكذب والحماقة» ويقولون: إنه لم يكن ف تعاطيه الكهانة حاذقاء ولا 
في دعوى النبوة صادقاء وإنما كان اتباعهم إياه على حد قول قائلهم: كذاب ربيعة أحبٌ إلينا 





من صادق مضر . 

ب- ومنهم: "الأسود العنسي" اذّعى النبوة في اليمن» وكان يزعم أن الوحي ينزل عليه 
فيخفض رأسه إلى الأرض» ثم يرفعه» فيقول: قال لي كذا وكذا - يعيئ شيطانه الذي يوحي 
إليه - وكان حباراء ولكنه كان فصيحا معروفا بالكهانة والسجعء والخطابة» والشعر, 
والنسب. ولم يذكر أنه حاول المعارضة للقرآن. وإنما اكتفى بدعوى النبوة» وبنزول الوحي 
عليه ون السيَاطِينَليُوحُونَ إلى ويام (الأنمام:١010.‏ 

ج- ومنهم: طليْحّة بن خويلد الأسدي" ادّعى النبوة وكان يزعم أن "ذا النون" يأنيه 
بالوحي» ولكنه لم يذّع لنفسه قرآنا؛ لأن قومه كانوا من الفصحاءء ولكنهم تابعوه عصبيّة وطلبا 
للجاه والشهرة» وقد ذكر صاحب "معجم البلدان" أن له كلاما كان يزعم أنه نزل عليه بالوحي؛ 
ولم يظفر من كلامه إلا على هذه المقالة (إن الله لايصنع بتعفير وجوهكمء وقبح أدباركم شيئاء 
فاذكروا الله قياماء فإن الرغوة فوق الصريح) يريد: لاتركعوا ولاتسجدواء واكتفوا بالصلاة قياماء 





وبذكر الله في حالة القيام» وقد أرسل له أبوبكر جيشا بقيادة حالد بن الوليدء فلما التقى 
الجمعان» قتل عدد كبير من أتباعه. وتزمل هو بكساء ينتظر الوحي» فقال له '"عيينة": هل أتاك 
بعد؟ فقال وهو من تحت الكساء: لا واللّه! ما جاء بعل فقال له عيينة: لقد تركك أحوج ما 
كنت إليه» ثم قال: يا بئ فزارة! هذا كذاب ما بورك لنا وله فيما يطلبء ثم انمزم طليحة ولحق 
بنواحي الشام. ويقال: إنه أسلم بعد ذلك» وكان له في القادسية بلاء حسن. 

د- ومنهم: "النضر بن الحارث"» وهو من صناديد ا ورؤساء الكفر والضلالة» وهو 
لم يدّع النبوّة ولا الوحي» ولكته زعم أنه يعارض القرآن» فلفق أخبارا من حوادث الفرس 
وملوك العجم» وكان يجلس إلى قريش» فيحدثهم هذه الأساطير, م يقول ذهم: هذا حير ثما 
أنزل على محمد. 

ه- ويروى أن "أبا العلاء المعرّي" و"لمتيي"» و"ابن المقفع" حاولوا معارضة القرآن» 
ولكنهم ما كادوا يبدأون هذه المحاولة حى خحلوا واستحيواء فكسروا الأقلام» ومرّقوا 
الصحف. وقد ذكرنا فيما مضى محاولة "ابن المقفع", وأنه بعد أن عزم على المعارضة» وبدأ يما 
فعلاء سمع صبيا يقرأ قوله تعالى: لإوَقِيلَ يا زه ضن ابلعي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أقلعي وَغْيضَ الْمَاءُ وَقضِيّ 

أغ ست على لود وق لال الطليم» مه (هود: 4 4). 
البشر أن يأتوا.كثلهء وهذه القصة عن ابن المقفع يذكرها ليه ثم يعقب عليها بقوله: 
"إن ابن المقفع من أبصر الناس باستحالة المعارضة» لا لشيء من الأشياء؛ إلا لأنه من أبلغ 
الناس» وإذا قيل لك: إن فلانا يزعم إمكان المعارضة: ويحتج لذلك وينازع فيه؛ فاعلم أن فلانا 
في الصناعة أحد رحلين اثنين: إما جاهل يصدق في نفسهء وإما عالم يكذب على الناس»؛ 
ولن يكون ثالث ثلانة" 010 


7 انظر إعجاز القرآن للرافعي. 


معجزات القرآن العلمية نال شبهات حول الإعجاز 
فالرافعي ينكر صحة هذه الرواية عن ابن المقفع كما ينكرها على المعرّي فكلاهما في نظره 
باطل وافتراء عليهما. 

و- وتحدثنا الأيام القريبة أن زعماء "البهائية والقاديانية" وضعوا كتبا يزعمون أنهم 
يعارضون ها القرآن» ثم حافوا - أو حجلوا - أن يظهروها أمام الناس» فأحفوها على أمل أن 
يأ الوقت المناسب» فيخرحجوها بعد أن يكثر الجهل ويطيش العقل. 
شبهات حول إعجاز القرآن والرد عليها: 
الشبهة الأولى: يقول أعداء الإسلام في معرض الطعن ف القرآن» وف بي القرآن: إن محمدا 25 
قد تلقى هذا القرآن من "بحيرا الراهب"» ونسبه إلى الله عزوجل؛ ليوهم البشر قدسيته. 
واللجواب: أن هذه فرية ما فيها مرية» وهؤلاء الخبئاء من الصليبيين وأعوافهم من الملاحدة. إنما 
يروحون مثل هذه الأباطيل؛ ليشوشوا على المثقفين من أبناء المسلمين» ويفسدوا عليهم عقائدهم 
بأمثال هذه الشبهات والافتراءات» وهذه الشبهة باطلة لعدة أمور: 
أولا: إن الرسول يقد لم يثبت عنه أنه سافر إلى الشام إلا مرتين: مرة في صغره مع عمه "أبي 
طالب" ومرة في شبابه مع "ميسرة" غلام السيدة خديجة «#ماء ولم يحدثنا التاريخ إنه سمع من 
"حيرا" أو تلقّى عنه درسا واحدا. وإنها غاية الأمر أن "حيرا الراهب" رأى سحابة تظلل 
الرسول يد فحدّث عمّه بأن هذا الغلام سيكون له شأنء ثم طلب منه أن يعيده إلى مكة نحوفا 
عليه من اليهود ثم هل يعقل والرسول يد في سن الصغر أن يتلقى هذه العلوم والمعارف؟ أو أن 
عثل هذا القرآن المعجزء وهو لم يتجاوز بعد سن العاشرة؟ وف المرة الثانية: كان غرضه التجارة» 
ولم يثبت أنه التقى بأحد من الرهبان في هذه السفرة» فمن أين لهم هذا البهتان والافتراء؟ 
ثانها: من المستحيل عقلا على أي إنسان أن يصبح في هذه المرتبة "أستاذ العام" بحرد مصادفته 
لراهب من الرهبان مرتين؛ مع أنه كان في الأولى صغيراء وف الثانية تاجراء وأن يأي بهذا 
الكتاب المعجز وهو أميّ حرد التقائه بأحد الرهبان مرة أو مرتين. 


قرآن العلمية 5325 شبهات حول الإعجاز 
ثالغا: لو كان هذا الراهب المسمّى "بحيرا" هو مصدر هذا القرآن» لكان هو الأحرى 
بالنبوءة والرسالة» أو لكانت عبقريته تفوق عباقرة الدنيا؛ لأنه أتى بكلام أعجز فيه الأولين 





والأخحرين. 

رابعا: نقول: إن المشركين من كفار قريش كانوا أعقل وأسلم تفكيرا من هؤلاء المحانين؛ لأنهم 
- مع شدة حرصهم على تكذيب الرسول وتبهيته - لم يقبلوا على أنفسهم مثل هذا الكذب 
الرخيص؛ ولم يفكّروا أن يقولوا إنه تعلّم من "بحيرا الراهب" بحرد الالتقاء به مرتين؛ لأن العقل 
لا يستسيغ ذلك. 

الشبهة الثانية: يقولون: هذا القرآن من تعليم "جبر الرومي", تعلم منه الرسول ل 2 
مكة... إلخ. 

والجواب: أن هذه الشبهة قد تولى الله عزوحل الردٌّ عليها بأبلغ حجة وأنصع بيانء فقال عر 
من قائل: ولد تلم أنّهُمْ َقُونُونَ نما يعلَمُهَُمَرْ لِسَانُ الَِّي يُلْحِدُونَ ليه َعْجَمِيّ وَهَذَا 
كاد عرب مُبِينٌ#» (لنحل:7٠0.‏ فهذا الرحل الذين ينسبون إليه تعليم محمد 2ه هو رومي 
أعجمئ لا يعرف اللسان العربي» فكيف يعلمه القرآن؟ وقد كان "حبر" هذا حدادا يمتهن 
الحدادة» وقد أسلم فكان ابي علد كثيرا ماكر عليه» فيجلس عنده؛ فقال المشركون: والله! 
ما يعلم محمدا هذا القرآن إلا حبر الرومي» وكان سيده يضربه ويقول له: أنت تعلم محمداء 
فيقول: لا والله! بل هو يعلمئ ويهديئ... 

ومن الغريب أن هذه التهمة قد لاقت استحسانا عند بعض الأفراد مع أنها في منتهى الغرابة 
والهزل؛ إذ كيف يكون الأستاذ عبدا حدّادا أعجمياء لا يفقه شيئا من اللغة العربية» ثم يعلّم 
الرسول لغة الضادء وهل من المعقول أن يكون هذا الرومي الأعجمي مصدرا لهذا القرآن الذي 
هو أبلغ نصوص العربية» بل هو معجزة المعجزات ومفخرة العرب واللغة العربية؟ ولهذا كان رد 
القرآن مفحما وقاطعا: لإلِسَان الذي حون نه نحي وهذا لاعتو تي 4ه فصر 


جحزات القرآان العلمية 5126 بهات حول الإعجاز 
الشبهة الثالثة: إن محمدا عبقرية فذة» وهذه العبقرية الخارقة» لماذا لا يمكن أن تكون هي منبع 
هذه الأحبارء وأن يكون هذا القرآن من تأليف محمد وترتيبه؛ لأنه ذو شخصية رائعة؟ 
والجواب: إن هذا الكلام إنما يصدر عن حاهل لا يعرف شيئا عن حياة البي كد ولا عن 





تاريخ عشيرته وقومه» فالرسول 5ٌُُ عاش أربعين سنة بين قومه وهو يشار إليه بالبئان في 
صدقه. وأمانته» ونبله» وفضله حي كان المشركون يلقبونه ب"الصادق الأمين"» فهل يعقل 
بعد هذه الحياة الشريفة الطاهرة أن يأقٍ بأعظم يبمتان؟ فيزعم أن هذا القرآن من عند الله وأنه 


وشول الله 

وبداية الإنسان تدل على فايته» فكيف يتفق هذا مع تاريخ الرسول الشريف الطاهرء وحياته 
الفاضلة العطرة؟ 

وحين سأل "هرقل" ملك الروم أبا سفيان عن رسول الله و "هل كنتم تتهمونه بالكذب 
قبل أن يقول ما قال؟ 


أحابه أبو سفيان بقوله: لا» بل هو عندنا الصادق الأمين. 

فقال له هرقل: لم يكن ليدع الكذب على الناس ويكذب على الله! 

ومن ناحية ثانية فقد ثبت في التاريخ ثبوتا قاطعا أن محمدا لد كان أميا لا يعرف القراءة 
والكتابة» وقد أكد هذا القرآن بقوله عز من قائل: وورعا تت كار يز ددرا كاب ولا لله 
بِيَمِينِكَ إذاً لَارْتَابَ الْمُبَطِلونَ» «لسكبرت:م؛)» فمن أين لرسول الله معرفة أخبار الأولين من 
الأنبياء والمرسلين؟ ومن أين له معرفة دقائق التاريخ» وأحوال الأمم الغابرة» وأنباء من سبق من 
البشر على وجه الدقة والتفصيل؟ وهو بعد لم يقرأ كتابا» ولم يدرس علماء ولم يتلق هذه الأنباء 
عن أحد من علماء أهل الكتاب؟ 

ثم مهما كانت عبقرية الإنسان فذة» ونبوغه عظيماء وذكاؤه وافراء فمن أين له معرفة أمور 
الغيب» وأحوال المستقبل» وهل يمكن لبشر مهما ما أن يخبر عن الغيب بحيث لا يشذ عن أخباره 


معجزات القرآن العلمية 515 شبهات حول الإعجاز 
واحدة من هذه المغيبات إلا أن يكون رسولا صادقا يوحى إليه من عند الله؟ 

إن العقل ليجزم بأن هذا ليس في طوق البشرء ومهما بلغت العبقرية من النبوغ والذكاء 
ومهما كانت الشخصية قوية ومثالية» فلن تستطيع أن تخرق أستان الغيب أو تخبر بما ليس في 
مقدورهاء وصدق الله: لإكَدَلِكَ تفص عَلَيْكَ مِنْأَْبَاِمَاقَدْ سَبَقَ ود آتيْناك ْنَا كرا (طهنه. 
الشبهة الرابعة: يقولون: إن عجز البشر عن الإتيان .بمثل هذا القرآن لا يدل على أنه كلام الله 
وما هذا إلا كمثل عجزهم عن الإتيان مثل "الكلام النبوي"؛ فهل يكون كلام الرسول من 
عند الله؟ أو يقال إنه كلام الله؟ 

والجواب: أن الحديث النبوي إن عجز عامة الناس عن الإتيان .كثله فلن يعجز أحد الخاصة عن 
الإتيان .كثل بعضه: ولو بمقدار حديث واحد أو سطر واحد من كلامه» وكلام الرسول كل وإن 
كان في الذروة العليا من الفصاحة والبلاغة» إلا أنه لا يخرج عن كونه كلام بشرء وقد يشتبه 
كلام البشر بعضهم مع بعض ححن لنجد تشابها بين كلام النبوة» و كلام بعض المخواص من 
الصحابة هّمه ونسمع الحديث فيشتبه علينا أمره: أهو مرفوع ينتهي إلى النبي أم هو موقوف 
عند الصحابي طق أي: من كلامه؟ أم مقطو ع عند التابعي رك؟ 

ولا نستطيع أن نميز حى يرشدنا السند إلى عين قائله. 

ومن أوقى حاسة بيانية يدرك هذا الشبه كثيراء وقد يلتبس علينا الأمر حين نسمع كلاما رائعا 
بليغا لأحد الفصحاءء فنظنه من كلام الرسول يك فإذا قد يكون هناك بعض الشبه بين كلام 
أفصح من نطق بالضادء وبين كلام بعض النبغاء» واستمع مثلا إلى هذه الحملة الرائعة "المعدة 
بيت الداءء والحمية رأس كل دواءء وعودوا كل جسم ما اعتاد" فإن الإنسان إذا سمع هذه 

م يستبعد أن تكون حديثا للحمالهاء وصحتهاء وأسلوها الأخاذ» وربما جزم بأها حديث 
شريف مع أنها ليست بحديث,. إنما هي من كلام طبيب العرب المشهور "ابن كندة". 

وأما القرآن فذاك له شأن آخرء لا يلتبس مع غيره من الكلام؛ ولن تستطيع أن جد له شبيها 


معجزات القرآن العلمية /51 ضشبهات حول الإعجاز 
أو ندا؛ لأن الذي صنعه على عينه لن تستطيع أن تحد له شبيها أو نداء فكيف يقاس القرآن 
الكريم بالحديث الشريف في هذا المقام؟ 

ثانيا: ومن ناحية ثانية لو كان هذا القرآن من تأليف محمد يد لكان ينبغي أن يكون الأسلوب 
في "القرآن والسئة" واحدا ضرورة أنهما صادران عن شخص واحدء استعداده واحد» ومزاجه 
واحدء مع أننا جد الفرق بينهما واضحاء والبون شاسعاء فأسلوب القرآن ضرب وحده 
تظهر عليه سمات الألوهية والربوبية ال تل عن المشايمة والمماثلة» وأسلوب الحديث الشريف 
ضرب آخرء لا يجل عن المشاقة والمماثلة» بل هو محلق ف جو البيان بقدر الأساليب البشرية 
الرفيعة» ولا يستطيع بحال أن يصعد إلى سماء إعجاز القرآن» وهذا يدركه كل إنسان إذا ما 
قارن بين الأسلوبين ن بأبسط نظرة وصدق الله حيث يقول: 

لوَلوْ أَنمَا في الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ 1 اده سبْعَة أَبحُر مَاتَقِدَتْ كَلِمَاتُ 
عزيز حكيم 4 (لقمن: 1 7). 

وصدق الله: قل لبن ددا امن والش على أن باثز بمئل هذا الْقَرْآنٍ لا ينون بمثْلِه وَلَوْ كَانَ 
بَعْضع بعْضْهُمْ لِبَعْضٍ ظهير أ (الإسراء:.88) . 


يو 
ت الله إن الله 


ء 
- 


+ خا جد د 


الفصل الحادي عشر 14 أحاديث وضعت في فضل سور القرآن 
الفصل الحادي عشر: 
في التنبيه على أحاديث وضعت في فضل سور القرآن 


قال العلامة القرطبي ف مقدمة تفسيره "الجامع لأحكام القرآن" في باب التنبيه على الأحاديث 
الموضوعة في فضل سور القرآن ما يلي: 

"لا التفات لما وضعه الواضعون» واحتلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة» والأخبار الباطلة 
في فضل سور القرآن» وغير ذلك من فضائل الأعمال. قد ارتكبها جماعة كثيرة» احتلفت 
أغراضهم ومقاصدهم في ارتكاها. 

-١‏ فمنهم قوم من الزنادقة مثل المغيرة الكوثي» ومحمد الشامي المصلوب وغيرهما وضعوا 
أحاديث» وحدثوا يبما؛ ليوقعوا بذلك الشك في قلوب الناسء منها ما رواه الشامي عن أنس 
ابن مالك به عن رسول الله يعد أنه قال: "أنا عاتم النبيين لا ني بعدي إلا ما شاء الله" فزاد 
هذا الاستثناء؛ لما كان يدعو إليه من الالحاد والزندقة. 

؟- ومنهم جماعة وضعوا الحديث "هوى" يدعون الناس إليه» قال شيخ من شيوخ 
الخوارج بعد أن تاب: "إن هذه الأحاديث دين» فانظروا عمن تأحذون دينكمء فإنا كنا إذا 
هوينا أمرا صيّرناه حديثا". 

*- ومنهم جماعة وضعوا الحديث "جِسْبّة" كما زعمواء يدعون الناس إلى فضائل الأعمال 
كما روي عن أبي عصمة المروزي قيل له: من أين لك عن عكرمة عن ابن عباس ما في فضل 
سور القرآن سورة سورة؟ 
فقال: إني رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن» واشتغلوا بفقه أبي حنيفة» ومغازي ابن إسحاق» 


فوضعت هذا الحديث حسبَة () 


أي لوجحه الله وترعييا قُ الدين. 


التبيه على أحاديث وضعت... لمن بيان أغراض الواضعين 
قال ابن الصلاح: وهكذا الحديث الطويل الذي يروى عن أَيّ بن كعب عن البي وه في 
فضل القرآن سورة سورة» وقد بحث باحث عن مخرحه حي انتهى إلى من اعترف بأنه وجماعة 
وضعوهء وإن أثر الوضع عليه لبيْن» وقد أخطأ الواحدي المفسّر ومن ذكره من المفسرين في 
إيداعه في تفاسيرهم. 

4- ومنهم قوم من السّؤال”'؟ يقفون في الأسواق والمساحد؛ فيضعون على رسول الله ع 
أحاديث بأسانيد صحاح قد حفظوهاء فيذكرون الموضوعات بتلك الأسانيد. 
قال جعفر بن الطيالسي: 
"صلى أحمد بن حنبل» وييى بن معين في مسجد الرّصافة» فقام بين أيديهما قاص (محلاث) 
فقال: حدثنا أحمد بن حنبل» وييى بن معين: قالا: أنبأنا عبد الرزاق» قال: أنبأنا معمر» عن 
قتادة» عن أنس #ه قال: قال رسول الله عم "من قال: لا إله إلا الله» يخلق من كل كلمة 
منها طائر» منقاره من ذهب» وريشه مرجان. وأخذ في قصه نحوا من عشرين ورقة» فجعل 
أحمد ينظر إلى يحجى» ويحجى ينظر إلى أحمدء فقال: أنت حدّئته بمذا؟ فقال: والله! ما سمعت به إلا 
هذه الساعة» فسكتا حي فرغ من قصصه. فقال له يحيى: من حدثك بمذا الحديث؟ فقال: 
أحمد بن حنبل» ويبى بن معين, فقال: أنا ابن معين» وهذا أحمد بن حنبلء ماسمعنا يهذا قط في 
حديث رسول الله يك فإن كان ولا بد من الكذب فعلى غيرنا. فقال له: 
أنت ييى بن معين؟ قال: نعم قال: لم أزل أسمع أن ييى بن معين أحمق» وما علمته إلا هذه 
الساعة, فقال له يى: 
وكيف علمت أن أحمق؟ قال: كأنه ليس في الدنيا يجى بن معين وأحمد بن حنبل غيركماء 
كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل غير هذاء قال: فوضع أحمد كمه على وجهه. وقال: 
دعه يقوم» فقام كالمستهزئ بهما". 


جمع سائل الذي يسأل التاس المعونة. 


التنبيه على أحاديث وضعت... ارين هل في القرآن ألفاظ غير عربية 
قال القرطي: "فهؤلاء الطوائف كذبة على رسول الله كل ومن يجري بجحراهم... ثم قال: فلو 
اقتصر الناس على ما ثبت في الصحاح والمسانيد وغيرهما من المصنفات الى تداوها العلماء, 
ورواها الأئمة الفقهاء, لكان لهم ف ذلك غنية» وحرجوا.عن تحذيره يد حيث قال: 
"من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار". 
فحذار ثما وضعه أعداء الدين» وزنادقة المسلمين في باب الترغيب والترهيب وغير ذلك. 
وأعظمهم ضررا أقوام من المنسوبين إلى الزهدء وضعوا الحديث حسبة فيما زعمواء فتقبل 
الناس موضوعاتهم, ثقة منهم يمم؛ وركونا إليهم» فضلوا وأضلُوا". 0" 
هل ف القرآن ألفاظ غير عربية؟ 
من المقطوع به أن القرآن نزل بلسان العرب؛ وأنه كتاب عربي» نزل على أمة عربية بلسان 
عربي مبين؛ ليكون منهاجا لحياقهم» ودستورا محتمعهمء وليعتبروا به ويذكروا .ما فيه: طلديروا 
آياته ولِيتَدَكرَ أُوُو الْأَلَبَاب» (ص:٠0.‏ وقد تضافرت النصوص القرآنية الكثيرة على أن القرآن 
'عربي" في نظمه؛ وف لفظهء وفي أسلوبه» وف تركيبه» وأنه ليس فيه ما يخالف طريقة العرب 
في المفردات والجمل والأسلوب والخطاب من هذه النصوص الكرعة ما يلي: 

-١‏ قوله تعالى: لبلِسَانٍ عَرَبِيٌ مين (الشعراء:15). 

١‏ - وقوله تعالى: فكِتَاب فَصَلَتْ آيائهُ قا نأعرييالِقوْم يَشلَمُونَ» (فصلت:7). 

- وقوله حل ثناؤه: ٍن ننه نياكم و4 (يوسف:1). 

5 - وقوله جل وعلا: «فرآ نعي غير ذي عوج عله يتَقَونَ؟» (لزسر:م. 
وقد أجمع العلماء على أن القرآن عربي ولكن اختلفوا هل فيه ألفاظ مفردة من غير كلام 
العرب؟ على مذهبين: 
المذهب الأول: مذهب الجمهور وعلى رأسهم القاضي أبوبكر ابن الطيب» وشيخ المفسرين 


"© انظر تفسير القرطي: ١‏ /ىلا. 


النبيه على أحاديث وضعت... حيديا أدلة الجمهور 
ابن جرير الطبري؛ والباقلاني» وغيرهم من العلماء الأعلام قالوا: إن القرآن عربي كله وليس فيه 
ألفاظ أو مفردات من غير كلام العرب» وما وجد فيه من الألفاظ الي تنسب إلى سائر اللغات» 
فإنما اتفق فيها أن تواردت اللغات عليهاء فتكلمت با العرب والفرس, والحبشة وغيرهم. 
المذهب الثاني: مذهب طائفة من العلماء قالوا: إن في القرآن بعض ألفاظ ليست عربيةء وأن 
تلك الألفاظ - لقلّتها - لا تُخرج القرآن عن كونه عربيا مبيناء فمثلا لفظ: "المشكاة" بمعى 
الكُوّة» ولفظ: "الكفل" بمعئ الضعفء ولفظ: "قسئورة" بمعين الأسدء كل هذه الألفاظ هي 
بلسان الحبشة وهي ألفاظ غير عربية. 

وكذلك لفظ: "القسطاس" .معين الميزان» بلسان الروم. 

ولفظ: "السجيل".معئ الحجارة والطين بلسان الفرس. 

ولفظ: "الغساق" بمعين البارد المنتن بلسان الترك. 

ولفظ: "اليم" .معيئ البحرء و"الطور" .,عين الجبل بلسان السر 

قال ابن عطية: "فحقيقة العبارة أن هذه الألفاظ في الأصل "أعجمية" لكن العرب استعملتها 
وعرّبتهاء فهي عربية بهذا الوجه. وقد كان للعرب مخالطة لحيرافهم من سائر الألسنة» فعلقت 
العرب بألفاظ أعجمية؛ استعملتها في أشعارها ومحاوراتها حي جرت مجرى العربي الصحيح.: 
وعلى هذا الحد نزل يما القرآن" () 

أدلة الجمهور: 

وقد استدل الجمهور ببعض الأدلة الي تُثبث أن القرآن عربي» وليس فيه ألفاظ غير عربية» وفيه 
أسماء أعلام لمن لسانه غير لسان العرب» مثل: "إسرائيل" و"جبرئيل" و"عمران” و'نوح" 
و"لوط". وقد استدل اللجمهور هما يلي: 


”2 انظر تفسير القرطبي: 58/١‏ بتصرف. 


التنبيه على أحاديث وضعت... خض أدلة الجمهور 
أولا: الآيات القرآنية السابقة الي أثبتت أن هذا القرآن عري كله ف لفظه وأسلوبه» ونظمه 
وتركيبه» فقد أخبر الله عزوحل عن القرآن بأنه عربيء فقال تعالى: «إقزاناً عَرَييا؛ وتكرر 
هذا اللفظ ف آيات عديدة» ومعلوم أن لفظ القرآن عام» يشمل جميع السور والآيات» ويشمل 
كل الألفاظ والمفردات. 

ثانها: إن القرآن نزل بلغة العرب ليفهموه ويعقلوه؛ ويتدبروا معانيه» ويستحيل أن يخاطب الله 
تعالى قوما مما لا يعلمون» كيف والآيات صريحة في إنزاله بلغة العرب للاعتبار والعمل: إن 
زناه قْآناعَرَييالعَلَكُمْتَْقَُونَ» (يوسف:١)‏ ولق آنأعرَييا قوم يَعْلَمُونَ4 (فصت:7)» وهذا ينفي 
أن يكون فيه ألفاظ غير عربية. 

ثالثا: إن الله تعالى قد رد على المشركين حين زعموا أن محمدا كه تلقى هذا القرآن عن بعض 
أهل الكتاب "جبر الرومي"» وأقام الحجة عليهم باختلاف اللسانين» قال تعالى: 

«وَلَقَد تَعله آنه يُقولُون إِنَمَا يُمَلَمّهُ بَشَهِ لقان لدي يلجدون لله عشي وهدا لجان عو 
مبِينٌ#” ' (النحل:١٠0.‏ فالقرآن عربي» وذاك أعجميء وشتان بينهما؟ 

رابعا: لو كان في هذا القرآن شيء ليس من لغة العربء أو لا يفهمه العرب. أو ألفاظ "أعجمية" 
غير عربية» لأعلن المشركون اعتراضهم على القرآن» واحتجوا بذلك على عدم صدق الرسول؛ 
كما قال تعالى: إوَلَوْ جَعَلْنَاهُ قزْآناً أَعْجَمِيًا َالو لَوْلا فلت آيائه جم وَعَرَبٌ )© (فصات:»4). 
خامسا: إن ما وجد في القرآن من ألفاظ تنسب إلى سائر اللغات» فإنما هو من باب "توارد 
اللغات واتفاقها" .معن أنه هذه اللفظة تكلم بها العربء؛ وتكلم بما الفرس والعجم؛ وتكلم بما 
غيرهمء فهي ثما اتفقت عليه اللغات؛ لا يعن أن هذه الألفاظ غير عربية» فإذا تكلم يما العرب 
ومعين الأية: لو أنزلنا القرآن بغير لغتهم, وجعلناه باللغة الأعجمية؛ لقالوا: هلا بينت آياته ونزلت كلماته 


بلغتنا العربية؛ لنتفهمه ونتدبره؟ (أعربي وعحمي؟) أي رسول عربي وقرآن عجميء, كيف يكون ذلك؟ وكيف 
ينزل القرآن الأعجمي على الرسول العربي؟. 


التنبيه على أحاديث وضعت... يفص الترجيح 
فهي عربية» وإذا تكلم بها غيرهم أو استعملها الأعاحم فلا يخرجها عن كوها عربية. 


الترجيح: 
والصحيح ما ذهب إليه الطبري وجمهور العلماء من أن القرآن كله عربي» وهو ما تشهد له 
النصوص الكثيرةء والحجج الدامغة القوية الي احتج بها العلماء. 
وقد انتصر العلامة القرطي لرأي الجمهورء ورد الرأي الثاني» وقال -- بعد أن ذكر المذهبين-: 
"إن الأول أصح.ء فإن العرب لا يخلو أن تكون تخاطبت يما أو لاء فإن كان الأول فهي من 
كلامهم, ولا يبعد أن يكون غيرهم قد وافقهم على بعض كلماتقم. 

وإن لم تكن العرب تخاطيت بماء ولا عرفتها استحال أن يخاطبهم الله بما لا يعرفون» 
وحيئئد لا يكون القرآن عربياء ولا يكون الرسول مخاطبا لقومه بلسافهه".7) 


تفسير القرطبي: 594/١‏ 


بحث ترجمة القرآن 594 معنى الترجمة وأنواعها 


بحث ترجمة القران 


معئ الترجمة: 

ترجمة القرآن معناها: نقل القرآن إلى لغات أجنبية أخرى غير اللغة العربية» وطبع هذه الترجمة 
في نسخ؛ ليطلع عليها من لا يعرف اللغة العربية "لغة القرآن"؛ ويفهم مراد الله عزوحل من 
كتابه العزيز بواسطة هذه الترجمة. 

أنوا ع الترجمة: 

وتنقسم هذه الترجمة إلى قسمين: 

الأول: الترجمة الخرفية. 

الثاني: الترجمة التفسيرية. 

والمراد بالقسم الأول: "الحرفية" أن يترجم القرآن بألفاظه ومغرداته وجمله وتركيبه» ترجمة طبق 
الأصل إلى اللغة الإنحليزية» أو الألمانية» أو الفرنسية - مثلا - فيقال: "القرآن باللغة الإنحليزية" 
أو "القرآن باللغة الألمانية"» وهكذا ... فهي تشبه وضع المرادف مكان مرادفهء وبعض الناس 
يسمي هذه الترجمة "ترجمة لفظية". 

وأما القسم الثاني: "التفسيرية" فهو أن يترجم معين الآيات الكريمة» بحيث لا يتقيّد الإنسان 
باللفظء وإنما يكون همه المعيى» فيترجم القرآن بألفاظ لا يتقيد بما بالمفردات والتراكيب» وإنما 
يعمد إلى الأصل فيفهمه؛ ثم يصبه في قالب يؤديه من اللغة الأخرى» ويكون هذا المعين موافقا 
لمراد صاحب الأصل من غير أن يكلف نفسه عناء البحث والوقوف عند كل مفرد من 
المفردات» أو لفظه من الألفاظ» وهذا النوع يسمى "الترجمة الحرفية" أو الترجمة المعنوية. 


بحث ترجمة القرآان ُّظثظظتظ5 شروط الترجمة 


شروط الترجمة: 
ويشترط للترجمة سواء كانت حرفية» أو تفسيرية» شروط عدة؛ نوجزها فيما يلي: 
١‏ - أن يعرف المترحم بككسر الحيم اللغتين معا: لغة الأصلء ولغة الترجمة. 
- أن يكون ملما بأساليب وحصائص اللغات الى يؤد ترجمتها. 
*- أن تكون "صيغة الترجمة" صحيحة بحيث يمكن أن تحل محل الأصل. 
؛ - أن تفي الترجمة يجميع معاني الأصل ومقاصده وفاء كاملا. 
كما يشترط للترجمة "الحرفية" زيادة على هذه الشروط شرطان آخران: 
الأول: وجحود مفردات كاملة ف لغة الترجمة: مساوية للمفردات الى هي لغة الأصل. 
الثاني: تشابه اللغتين في الضمائر المستترة» والروابط الي تربط الحمل لتأليف التركيب. 
هل بحوز الترجمة الحرفية للقرآن؟ 
وعلى ضوء ما سبق من تقسيم الترجمة إلى حرفية وتفسيرية» ومعرفة معيئ كل منهماء والشروط 
ال ينبغي أن تتوفر في الترجمة يتضح لنا أن الترجمة الحرفية غير جائزة» وغير صحيحة. وذلك 
للأسباب الآنية: 
أولا: أنه لا يحوز كتابة القرآن بغير أحرف اللغة العربية؛ لثلا يقع التحريف والتبديل. 
ثانيا: إن اللغات - غير العربية - ليس فيها من الألفاظ والمفردات والضمائر ما يقوم مقام 
الألفاظ العربية. 
ثالثا: إن الاقتصار على الألفاظ قد يفسد المعيئ» ويسبب الخلل في التعبير والنظم. 
ولنضرب بعض الأمثلة على ذلك؛ ليتوضح الأمرء فنقول: 
لو أردنا ترجمة الآية الكريمة وهي قوله تعالى: «إوّلا تَحَعَليَدَكَ مَعْلُولة إلى عُنْقِكَ ولا تَِسُطهها كل 
الْبَسْطٍ فتَقَعُدَ مَلُوماً مَحْسُورا) (لامراء:0» فإذا أردنا ترجمتها ترجمة حرفية؛ فإن الترجمة تكون 


بحث ترجمة القرآن 5 ترجمة القرآن بالمعنى 
كالآق: لا تمعل يدك مربوطة إلى عنقك» ولا تمدّها كل المد إلى آخره» وهو معين فاسد لم يقصده 
القرآن الكريم» بل قد يستنكر المترحّمُ له هذا الوضعء فيقول: لاذا ينهانا الله عن ربط اليد 
بالعنق» أو مدّها غاية المد؟. 

فالتعبير الذي جاء في القرآن إنما هو من باب التمثيل؛ لبيان عاقبة الإسراف أو الشحء وهو معن 
من أروع المعاني» لا يدركه إلا مَن فهم أساليب العرب في التخاطب بالأسلوب البليغ. 

وكذلك قوله تعالى: «وَاحْفِضْ لهم جَمَاحَ اذل مِنَ لجَحْمَةِ) ولإسراء:»؟» فإن هذا اللفظ لا بمكن 
ترجمته ترجمة حرفية لوحود نوع خاص من التعبير البليغ يسمى ب"الاستعارة المكنية"» وهذا 
لا يوحد في غير اللغة العربية» ومثله قوله تعالى: «إقدمَ صِدقِيٍ عِنْد رَبّهم# «برس:0» وقوله: 
«تَجْرِي عاك «تسر:0» ومثله كذلك قوله تعالى: هن لَِاسَ لَكمْ وَأكُمْ ليا لمن 
(البقرة:1410)» فإذا ترجمناها ترجمة حرفية يفسد المع تماماء ويصبح ضربا من الحذيان في الكلام» 
وأمثال هذا كثير» وفساده واضح. 

ترجمة القرآن بالمعئ: 

أما ترجمة القرآن بالمعين فهي جائزة بالشروط المتقدمةء وهي لا تسمى "قرآنا"» وإنما تسمى 
تفسيرا للقرآن وذلك؛ لأن الله تعبّدنا بألفاظ القرآن» ولح يتعبدنا يغيره من الكلام. 

فكلام الرسول 2 تحوز روايته بالمعين بأن يقول: قال رسول للّه: ما معناه» ولكن القرآن لا يجوز 
روايته بالمعيىء فلا يصح أن نقول: قال الله تعالى ما معناه» بل لا بد من تلاوة النص يحروقه 
وألفاظه؛ لأنه موحى به من عند الله» ولأنه معجز بلفظه ومعناه. 

فالترجمة في الحقيقة ههنا ليست ترجمة للقرآن» وإنما هي ترجمة لمعاني القرآن» أو ترجمة 
لتفسير القرآن. 


وقد أنزل الله كتابه إلى الخلق أجمعين؛ ليكون مصدر هداية وإرشاد» وإسعاد لهمء فلا مانع لنا 


بحث ترجنان القرآن ؟ ترجمة القرآن بالمعنى 
أن ننقل معان القرآن إلى الأمم الأخرى من لا يعرفون اللغة العربية؛ ليستنيروا بهذا القرآن» 
ويقبسوا من هديه وإرشاده؛ وهذا بلا شك غرض من أغراض القرآن: إن هذا الْقرَآن يهُدِي 
لِلتِي ِي أفرم (الاسراءنه). 

فترجمة القرآن يبهذا المعئى يجيزها العلماء» بل هي واحبة على المسلمين؛ ليبلغوا الناس دعوة الله 
ويحملوا إليهم هداية القرآن. وبغير هذه الترجمة لا يمكن أن يدرك الناس عظمة هذه الشريعة» 
وروعة هذا الدين» وجمال هذا القرآنء والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. 

انتهى الكتاب بعونه سبحانه وتعالى 


والحمد لله في البدء والذتام 


فهرس التبيان احيق في علوم القران 


فهرس التبيان في علوء القران 


ا موضوع الصفحة الموضوع الصفحة 
مقدمة الطبعة الرابعة للمؤلف 8 كيف نزل القرآن الكريم 0 
مقدمة الطبعة الثالئة للمؤولف 0 حكمة نزول القرآن منجما او 016 
الفصل الأول المرحلة الأولى اا 
علوم القرآن المر حلة الثانية 0 0 
تمهيد 0101 ا المر حلة الثالثة و ع ايم 217 
ما المقصود بعلوم القرآن ا ا 1 المر حلة الرابعة ا 
تعريف القرآن 00000000 كيف تلقى البي يلد القرآن با ا" 
فضائل القرآن 0 هل السنة النبوية بوحي من الله 0 
الآيات الكريعة 0 00 الفصل الثالث 
الأحاديث الشريفة 0 0 أسباب النزول 
أسماء القرآن 0 0 فوائد معرفة أسباب النزول 00 000ل 
وجه التسمية ل ا أمثلة على معرفة أسباب الترول 01 
من ابتدأ نزول القرآن ا م ١1‏ توضيح لعي الآية الكريعة 6 
رواية البخحاري 0 ا ماهو سبب النزول لط او ل 11 
أول ما نزل وآععر ما نرل ا كيف يعرف سبب النزول 1 
آية المائدة متأحرة في النتزرول 0 هل يتعدد سبب التزول 001 
تنبيه 001 00 هل العبرة بعموم اللفظ أو بخصوص 
ويجاب عن هذا الحديث بأحوبة دا المسبب 0 
أول ما نزل في القتال والخمر والأطعمة ...2 ١٠١‏ الفصل الرابع 
الفصل الثاني نزول القرآن على سبعة أحرف 
حكمة نزول القرآن مفرقا والقراءات المشهورة 


نزول القرآن الكرم 0 تمهيد 000001011 00 


فهر م التبيان مرق في علوم القران 


الموضوع الصفحة الموضوع الصفحة 

أدلة نزول القرآن على سبعة أحرف 21 أبن كثير ا 0 
الحكمة من نزول القرآن على سبعة أحرف.. ‏ 57 عاصم الكوفٍ ا 0 
معيئ نزول القرآن على سبعة أحرف 0ه أبو عمرو ل 7 
اختلاف العلماء ف تفسير الأحرف ا أ حمزة الكوفي الجخ اليو ابام الوا اعد “ا 
الترجيح عام ولا و مجو عا و لالم بر 10ت نافع ع وحنو ءاوضا لي 17 
هل الأحرف السبعة موحودة في الكسائي 0 0000 اا 
المصاحف الان ا اه 
حجتهم (جماعة من الفقهاء والقراء) 65 الفصل الخنامس 
مناقشة مذهب الطبري 9 النسخ في القرآن. الكريم 
الرد عليه لوم ا اه وحكمته التشريعية 

بعض الشبهات الواردة على كلمة لطيفة في النسخ للقاسمي 1010 

سبعة أحرف والرد عليها هه تعريف النسخ لغة واصطلاحا يه 
الشبهة الأولى 0003131322018 0 00 سبب الترول لآية النسخ 0 
الشبهة الثانية قو ا عو 0111 هل النسخ واقع ف الشرائع السماوية عند ا 
القراءات المشهورة اذه أدلة الجمهور 0 0 0 0 0 0 0 
تعريف القراءات كني دما مخفا موتياو ا “ياه كلام الإمام القرطي في جامع الأحكام... ‏ 54 
هل كان في عهد الصحابة قراء نه يو لزه أقسام النسخ في القرآن الكريم االطدة مييوام 07 
ونعود ونقول كيف نشأت القراءات الا© الحكمة من نسخ الحكم مع بقاء التلاوة  ..‏ "ا 
عدد القراءات وأنواعها 0 هل ينسخ القرآن بالسنة النبوية المطهرة  ...‏ ”“" 
أول من صنف في القراءات ا 0 هل يقع النسخ في الأخبار 0 ا 
مي اشتهرت قراءة السبعة 0001 الفصل السادس 
م دونت القراءات 0 جمع القرآن الكريم 
طريقته ا جمع القرآن في عهد النبوة يي 01 
القراء السبعة المشهورون ادن مع 1 جمع القرآن في الصدور 7س م م 6 
القراء السبعة 1 جمع القرآن في السطور 0 الا 


فهرس التبيان ضف في علوم القران 


الموضوع الصفحة الموضوع الصفحة 
جمع القرآن في عهد أبي بكر ذه 0 القسم الثاني 
رواية البخاري وا ااام 75 التفسير بالدراية أو بالرأي 1٠٠‏ 
تساؤلات حول جمع القرآن 9 مع التفسير بالرأي د33 000 
الخطة الرشيدة في جمع القرآن سن 81 أنواع التفسير بالرأي ز [ ا 07 
مزايا مصحف أبي بكر الصديق وه 2 أمهات التفسير 0 
لماذا لم يجمع القرآن في مصحف واحد.... “م العلوم الى يحتاجها المفسر الا نا 
جمع القرآن في عهد عثمان ذه ةي :1 قصة لطيفة لي اا 
سيب جمع عثمان للقرآن الكريم الا ب 28 مراتب التفسير “0 
الفرق بين جمع أبي بكر وجمع عثمان 85 المرتبة الدنيا 0 
الفصل السابع أو جه التفسير 000000000111 ل 
التفسير والمفسرون أقوال العلماء في حواز التفسير بالرأي .... ٠١5‏ 
لماذا نفسر القرآن ماسنواة و دوجم ال4 ١.‏ آولة الائفين ل ا 
الفرق بين التفسير والتأويل 0 لذ أدلة امحيزين للتفسير بالرأي 0000000 دن 
مععئ التأويل ا الرد على أدلة المانعين ا ليل 
أقسام التفسير دوو جوع وود و لطع وروي ٠‏ 11 كلمة الإمام الغزالي 15 
القسم الأول كلمة الراغب الأصفهاني 07 لام 
اللشتي بالرواية للانور ' 017 كلمةالإمام القرطي لل لظم 
أسباب ضعف الرواية بالمأثور 4ه القسم الثالث 59 
أي الزرقاى ف مناهل العرفاد 8 
رأي الزرقاني في مناهل العرفان 3 التفسير الاشاري وغرائب التفسير 18 
أشهر المفسرين من الصحابة 00 
معئ التفسير الإشاري فوم موه عدم وموعدووروودء ه١١‏ 
عبد الله بن عباس ف 31 
آراء العلماء قي التفسير الإإشاري وفمةوقووهة ١١15‏ 
رواية البخاري ام ا ا 5 
أدلة النميزين ا ا 
شيوخ ابن عباس د نك نه لهم فا د ا 50 
0 طائفة من أقوال العلماع 0000 
تلامدة ابن عباس لاو وا لهاع ل ا - 6 2507 525 55 
عبد الله بن مسعود و#ه .................. 0 89 لزر كشي في البرهان ا 


كلمة النسفي والتفتازاني و لا 


فهرس التبيان شف في علوم القران 


ا موضوع الصفحة الموضوع الصفحة 
كلام السيوطي في الإتقان موا ا ١1‏ تفسير اللجواهر بل و ا ١10‏ 
معيئ الحديث الوارد قي التفسير الإشاري.. ١١89‏ تفسير السيوطي الود عاد ناسو وستمواي 1187 
شروط قبول التفسير الإإشاري 0 مشاهير كتب التفسمير بالدراية ١‏ 
كلمة قيمة للشيخ الزّرقاني خا 1 أشهر كتب التفسير بالدراية "بالرأي" .... ١5‏ 
كلمة حجة الإسلام الغزالي 1 التعريف بكتب التفسير بالرأي م١‏ 
أمثلة على التأويل الإشاري الفاسد و ١01‏ تفسير الفخخر الرازي ا 0000ل 
خلاصة البحث ااا 0 تفسير البيضاوي ا ا 
غرائب التفسير ا اوم الم 11014 تفسير الخازن ا 
أمثلة على هذه الغرائب 1 تفسير النسفي 0 0 ا 
نماذج عن تفسير الشيعة 00 تفسير النيسابوري اذ[ 1 ا 
من تفسيرات الشيعة الاثنا عشرية ا تفسير أبي السعود ا ا 
من تفسيرات السبيئة ااا تفسير أبي حيان 0 
تنفسيرات الباطنية 0 تفسير الالوسي ا 
وهم فرق متعددة نذكر أهمها مر ١11‏ أشهر تفاسير آيات الأحكام ال 18 
نماذج عن تفسير الباطنية 0 أشهر كتب التفسير الإشاري 14 
أشهر كتب التفسير أشهر تفاسير المعتزلة والشيعة 11 
بالرواية والدراية والإشارة ١‏ أشهر كتب التفسير في العصر الحديث ... ١47‏ 

أشهر كتب التفسير بالمأثور 1 الفصل الثامن 

التعريف بكتب التفسير بالمأثور ١١‏ المفسرون من التابعين 

تفسير أبن حرير 117 00 الطبقة الأولى 111 
مزايا هذا التفسير اا بجاهد بن جبر ا 11 
تفسير السمرقندي ا عطاء بن أبي رباح 00 
تفسير اله ل 0 عكرمة مولى ابن عباس 0 000 00 
تفسير البغوي 1 0 ا 00 طاوس بن كيسان اليماني ةلل مرءة.. 0 ١46‏ 
تفسير ابن عطية 0 سعيد بن جبير ا 1[ [ [ [ [ ا 0 


فهرس التبيان شف في علوم القرآذ 


الموضوع المفحة الملوضوع الصفحة 
محمد بن كعب القرظي م ان الأسلوب العجيب 000 
أبو العالية الرياحي ووو م ب ١‏ خصائص أسلوب القرآن 110161 
زيد بن أسلم لا أمثلة توضيحية على خصائص أسلوب القرآن ... ه78١‏ 
طبقة أهل العراق مم ا نا الإيجاز الرائع اك اق طس اكس يي ا 
الحسن البصري م 121 قصة الحارية والأصمعي 1 
مسروق بن الأجدع طاو قا التشريع الإغهي الكامل سل ل ا 
قتادة بن دعامة 0009 0 00 0 0000 أمثلة من واقع الحياة اللاو وم ا 
عطاء الخراساني اع دع الاو 10 118 الإخبار عن المغيبات اش وا ع لاا 
مرة الهمذاي ا ل عدم التعارض مع العلم بالحديث ليل 
تنبيه تاد فوع ا نا سال اخ و 18177 الفصل العاشر 
الفصل التاسع معجزات القرآن العلمية 
إعحاز القرآن أولا وحدة الكون كد 001313 ا 0 
العناية بدراسة القرآن العظيم ها ثانيا نشأة الكون لا 
القرآان معحزة محمد الخالدة وق ١98.‏ ثالثا تقسيم الذرة ا 
معن إعجاز القرآن ا زابعا تقض الأو كتينين م ا ا 
مين يتحقق الإعحاز 0000 امسا الزوحية منبثة ف كل شيء 1و١‏ 
أسلوب القرآن في التحدي م ل لا سادسا أغشية اجنين الم 
أنواع التحدي 00 00 سابعا التلقيح بواسطة الرياح علولا 
مثل على إعحاز القرآن و 17 ثامنا الحيوان المنوي 0 0 ا 
شروط المعجزة الإلية ا تاسعاً احتلاف بصمات الإنسان ١‏ 
بم كان إعحاز القرآن و م الوفاء بالوعد لو ل قو لس ل لقنا 
مذهب أهل الصرفة 0 العلوم والمعارف اق خداط وت وق جني 62 
آراء العلماء في الإعحاز الحم ١‏ العقيدة الإسلامية 0000 
وجوه إعحاز القرآن الكريم ١174‏ العقيدة اليهودية 0 ااا 
النظم البديع ا العقيدة النصرانية 11 1 0 


أمثلة من التاريخ ولام طشن م 131 وفاؤه بحاحات البشر موا ع و 114 


فهرس التبيان لها في علوم القران 


الموضوع الصفحة الملوضوع الصفحة 
تأثير القرآن في القلوب ل ا أدلة الجمهور ا اا 
سلامته من التناقض 0 0 اا 00 الترحيح ا ااا 
دفع شبهة القول بالصرفة ا ل بحث ترجمة القران لقف 
هل حاول أحد معارضة القرآن 1 معن الت رجمة اا و ا 11 
قال معارضا سورة العاديات 11 أنواع الترجمة 1 اا 
شيهات حول إعجاز القرآن والرد عليها.. »١7‏ شروط الترجمة اع ور ل 3 
الفصل الحادي عشر هل بحوز الترجمة الحرفية للقرآن 1 
في التنبيه على أحاديث وضعت ترجمة القرآن بالمعئ ا 
في فضل سور القرآن 
هل في القرآن ألفاظ غير عربية عع ماو 16 


#* #*# <6 * 


1 كر ع و2 >“ 14 
و 5 0 1 1 ١‏ (ث 
ع و لياسر 9 





سبق رضكجي كيبا لامي بالتانت 
مجلدة ملونة كرتون مقوي 
الجامع للترمذي المحيح لمسلم | شرح عقود رسم المفتي | السراجي 
الموطأ للإمام محمد | الموطأ للإمام مالك | متن العقيدة الطحاوية | الفوز الكبير 
مشكاة المصابيح الهداية متن الكافي تلخيص المفتاح 
التبيان في علوم القرآن | تفسير البيضاوي © | المعلقات السبع مبادئ الفلسفة 
شرح نخبة الفكر تفسير الجلالين هداية الحكمة هروس البلاغة 
المسند للإمام الأعظم | شرح العقائد كافية تعليم المتعلم 
ديوان الحماسة آثار السئن مبادئ اللأصول هداية الحو مع شمارن 
مختصر المعاني الحسامي زاد الطالبين المرقات 
الهدية السعيدية 2 أ ديوان المحني 2 أهدايةالنحو (معداول) | ايساغوجي 
رياض الصالحين نور الأنوار شرح مائة عامل عوامل الدحو 
القطي فو الجامي المنهاج في القواعد والاعراب 
المقامات الحريرية | كنز الدقائق ستطبع قريبا بعون الله تعالى 
أصول الشاشي نفحة العرب ملونة مجلدة 
شرح تهذيب مختصر القدوري | الصحيح للبخاري 
علم الصيغه نور ال[يضاح 
65 !8 01165 تأوتاع2ظا مز كامون8آ 
زو 8/0010 !]) (لعزجمهج5) «رههتاع5 دن 0وبرنط (3 ,2 ,1 .إهلا) أمهد(الا-هلهاة1 
(3617773) /4811:5ه- ]رهد 1-8 (3 ,2 ,1 .أملا) هلا -ان-588:1نا 
(7778/1/© ©)) 8/73015 جات 1كاه]7اناأي (3 ,2 ,1 .أولا) صقن اند-موهذة ا رركا 


طقللة قتاقهآ] اللتمطك 0عطعناطنام عط 10" 
(60ناهأ20) (إلع80غ) ‏ ١القمقان-‏ نزم 


(8170179 .اغ) (عو18) «صعفاب داف 
(/و/ن00 دلقت )  )57778//(‏ «7قتفران تع طزمقم 





١‏ حمبمش اناعد 
وده ىلعف ب يش ل تست (رص ف اكاك بالسنات 


درل نظا فى اروومطبوعارت 





يرن الفلم فل 

أسسان اصول فق 

تيس انط 

فصول كبرق 

علم الصرف (اولدن وخر بين ) 
عر مفو ا مصادر 

عمال القرآن 

مر 

ميزان ومفشعب ( الصرف ) 
تحدم الاسام( كنل ) 

على نيال نكا سان تاعره 
3/4 

ينأ مم 

عر لييامعلم (او لما جبارم ) 
ولخو (خو ) 

ديات لمان 

أعليم العتقا نر 


الاغجارات الحفيد 5 
كن الاصول 
اكير 

جارج اسلام 
لمأنو 

ورمع لم 

مرن هر 

تمس رالالواب 
مر 
“ميل البتدى 
فاري نيا كا ساك قاعره 
كربا 


كليدجد يدع لىكامحلوم ديري م أ ف 


ير اله ين 


لان القرآن (اول سوم ) 


مفرارح لساان القرة ان (دول سوم ) | سم سصحابيات 


لق زلور( تن حت ) 


ويلرا رووططبوىارت 
ترآن بيد يندروسطرق(مال) | كاده 


ُ عورم 


كيار (درى) 





نوراق تاعرم 

إخرارى تاعرم 

قيرع 

فى لام وق 

حياة لصحا بم 

مرت الى سََ 

سول اش بعتن 


تبلغ من ( امغر الى يوظلش )| اكرام ا سليين /حتوق لط ريع 


علا ماري فيا مرك 
جزاءالامال 

0 

منزل 

لحز ب كفم (.م نبوا تل ) 
اعمال قرا 

مثايات تقول 


فشكل امح يي 
نب احادهث 

ناز 

داز 

0 زلور( قل 


روضة الادب 


داور بها 
اسلا ى)سياستك 
آرا ب تعيشع 
ص تين 
لحز ب للم ( موقتل ) 
زا والسعير 

مستون دما بل 

فشائ ل صرقات 

تشائل دروو رليف 

نشائل يع 

جوامرا كم هث 

آسالنماز 

نازلل 

مع لاح 


خطيات الا جام جمحات العام 


رو كتقش راوع اما :كرارق سنروءيتها ب » ا واه